282

الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

Enquêteur

د. ولي الدين بن تقي الدين الندوي

Maison d'édition

دار البشائر الإسلامية للطباعة

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

Genres

من جملة معجزاته، ثم رجَّح الحافظ رواية الرفع فقال: والترجيح هنا متعين لاتحاد القصة، ورواية الرفع لا إشكال فيها، وهي التي ثبتت عن الأكثر فترجَّحَتْ، وإن كان للأخرى توجيه، وقد رجَّح شيخُنا البُلقينيُّ بأن فاعل "بلغ" هو الغط، والتقدير: بلغ مني الغطُّ جهدَه، أي: غايته، فيرجع الرفع والنصب إلى معنى واحد، وهو أولى، انتهى.
ثم التثليث إشارة إلى أن المؤدِّب لا يزيد الضربَ على ثلاثة مرَّات، حكاه السُّهيلي (^١) عن شريح القاضي التابعي، وقيل: الغطة الأولى للتخلي عن الدنيا، والثانية للتفرغ لما يوحى إليه، والثالثة للمؤانسة، كذا في "القسطلاني" (^٢).
والأوجه عندي أن الأولى لحصول النسبة الإلقائية، والثانية لحصول النسبة الإصلاحية، والثالثة: لحصول النسبة الاتحادية، فالتوجه عند العارفين أربعة أنحاء: انعكاسي، وإلقائي، وإصلاحي، واتحادي، وتفصيل هذه التوجهات الأربعة في هامش "اللامع" (^٣) بذيل هذا الحديث جدير بأن يُنْظَر.
ولم يحتَجْ ﷺ إلى الأولى؛ لأنها حصلت بمجرد لقاء جبرئيل ﵇ لصفاء قلبه ﷺ بالخلوة في حِراء ستة أشهر، ولا يقال: إِنه يلزم منه فضل جبرئيل ﵇ على رسول الله ﷺ؛ لأنه أمر ابتدائي، وأول أحواله ﷺ، ثم ترقَّى النبي ﷺ بعد ذلك كل يوم حتى سبق على جبرئيل بمراحل، إلى أن قال جبرئيل:
اكَر يك سر موـ> برتر برم … فروغِ تجلي بسوزد برم
فلما ارتقى ﷺ إلى هذه المرتبة العليَّة قبل الهجرة بكثير، فما ظنك فيما ارتقى ﵊ بعد ذلك.
وقد يقال: إنهم ذكروا ثلاث عوالم: الأول: عالم الناسوت، والثاني: عالم الملكوت، والثالث: عالم اللاهوت.

(^١) انظر: "الروض الألف" (٢/ ٤٠٠).
(^٢) انظر: "إرشاد الساري" (١٤/ ٤٧٩).
(^٣) "لامع الدراري" (١/ ٥٠٠).

2 / 292