السيرة النبوية - راغب السرجاني

Ragheb El-Sergany d. Unknown
86

السيرة النبوية - راغب السرجاني

السيرة النبوية - راغب السرجاني

Genres

أسباب صبر الصحابة على الأذى في العهد المكي كانت السمة المميزة لجميع الصحابة: الصبر على الأذى وتحمل الاضطهاد في سبيل الله، ورسول الله ﷺ لم يأمر المسلمين أن يردوا عن أنفسهم ذلك الأمر؛ للأمر الصريح من الله ﷿: ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام:١٠٦]، وكان المشركون يعذبون ويشردون ويذبحون والمسلمون صابرون، بل أمروا ألا يردوا إيذاء، ولا يحملوا سلاحًا، ولا يرفعوا ضيمًا، ولا يكسروا صنمًا، ولا يسبوا مشركًا، ﴿وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام:١٠٨]، قتل ياسر وقتلت سمية والرسول ﷺ يمر من أمامهم وهم يقتلون فيكتفي بقوله: (صبرًا آل ياسر إن موعدكم الجنة)، ولم يمسك بيد أبي جهل ولم يجمع الصحابة ليقوموا بثورة أبدًا. نحن نريد أن نقف هنا وقفة، هي: كيف تعلم الصحابة الصبر؟ كيف يمكن لرجل يوضع على النار ويحرق أن يتحمل كل هذه الآلام ولا ينتقم لنفسه، وهو في الأخير جسد وعظم ودم ولحم وروح مثل كل الناس؟! نحن لا ندرس السيرة من أجل أن نحكي حكايات لطيفة عن جيل الصحابة ﵃ وأرضاهم، لا، بل نحن ندرسها حتى نفهم كيف وصلوا إلى هذا المستوى؟ ونعرف كيف نقلدهم؟ هناك طرق سلكها الرسول ﷺ حتى يعلم الصحابة، فدين الإسلام ليس فيه ضلالات أو أوهام، فكل شيء فيه واضح. أنا سأخبركم عن بعض الأساليب والأسباب التي جعلت الصحابة ومن بعدهم يتحملون هذه الآلام المضنية في هذه الفترة العصيبة من تاريخ الدعوة:

7 / 8