وروح منه، والجنة حق، والنار حق،......................................
قوله: ﴿وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ أي: صار جسده ﵇ بالكلمة، فنفخت فيه هذه الروح التي هي من الله، أي: خلق من مخلوقاته أضيفت إليه تعالى للتشريف والتكريم.
وعيسى ﵇ ليس روحا، بل جسد ذو روح، قال الله تعالى: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ﴾ ١ فبالنفخ صار جسدا، وبالروح صار جسدا وروحا.
وقوله: "منه": هذه هي التي ضل بها النصارى، فظنوا أنه جزء من الله، فضلوا وأضلوا كثيرا، ولكننا نقول: إن الله قد أعمى بصائركم، ﴿فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾، فمن المعلوم أن عيسى ﵇ كان يأكل الطعام، وهذا شيء معروف، ومن المعلوم أيضا أن واليهود يقولون: إنهم صلبوه، وهل يمكن لمن كان جزءا من الرب أن ينفصل عن الرب ويأكل، ويشرب ويدعى أنه قتل وصلب؟ وعلى هذا تكون "من" للابتداء، وليست للتبعيض، فهي كقوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ ٢ فلا يمكن أن نقول: إن الشمس والقمر والأنهار جزء من الله وهذا لم يقل به أحد.
فقوله: "منه"; أي: روح صادرة من الله- ﷿، وليست جزء من الله كما تزعم النصارى.
واعلم أن ما أضافه الله إلى نفسه ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: العين قائمة بنفسها، وإضافتها إليه من باب إضافة المخلوق
١ سورة المائدة آية: ٧٥.
٢ سورة الجاثية آية: ١٣.