Le Phare du Chemin Expliquant le Guide
منار السبيل في شرح الدليل
Chercheur
زهير الشاويش
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
السابعة ١٤٠٩ هـ
Année de publication
١٩٨٩م
Genres
المجلد الأول
مقدمة
...
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الذي شرح صدر من شاء من عباده للفقه في الدين، ووفق لاتباع آثار السلف الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ند ولا معين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الأمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فهذا شرح على كتاب: "دليل الطالب لنيل المطالب" الذي ألفه
الشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي
تغمده الله برحمته، وأباحه بحبوحة جنته، ذكرت فيه ما حضرني من الدليل والتعليل، ليكون وافيًا بالغرض من غير تطويل، وزدت في بعض الأبواب مسائل يحتاح إليها النبيل، وربما ذكرت رواية ثانية أو وجهًا ثانيًا لقوة الدليل، نقلته من كتاب الكافي لموفق الدين عبد الله بن ًاحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي.
1 / 3
من شرح المقنع الكبير لشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة وغالب نقلي من مختصره، ومن فروع ابن مفلح وقواعد ابن رجب وغيرها من الكتب.
وقد أفرغت في جمعه طاقتي وجهدي، وبذلت فيه فكري وقصدي، ولم يكن في ظني أن ًاتعرض لذلك، لعلمي بالعجز عن الخوض في تلك المسالك، فما كان فيه من صواب فمن الله، أو خطأ فمني، وأسأله سبحانه العفو عني، ولما تكففته من أبواب العلماء وتطفلت به على موائد الفقهاء تمثلت بقول بعض الفضلاء:
أسير خلف ركاب النجب ذا عرج ... مؤملًا كشف ما لا قيت من عوج
فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا ... فكم لرب الورى في ذاك من فرج
وإن بقيت بظهر الأرض منقطعًا ... فما على عرج في ذاك من حرج
وإنما علقته لنفسي، ولمن فهمه قاصر كفهمي، عسى أن يكون تذكرة في الحياة، وذخيرة بعد الممات، وسميته "منار السبيل في شرح الدليل" أسأل الله العظيم أن يجعله لوجهه خالصًا، وإليه مقربًا، وأن يغفر لي ويرحمني والمسلمين، إنه غفور رحيم.
1 / 4
مقدمة صاحب المتن مع شرحها
بسم الله الرحمن الرحيم
"الحمد لله رب العالمين" ابتدأ كتابه بالبسملة ثم بالحمدلة اقتداء بكتاب الله ﷿، وعملًا بحديث "كل أمر ذي بال، لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر"، أي ذاهب البركة، رواه الخطيب والحافظ عبد القادر الرهاوي، وبحديث "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع" وفي رواية: "بحمد الله". وفي رواية: "بالحمد". وفي رواية "فهو أجذم". رواها الحافظ الرهاوى في الأربعين له.
"وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مالك يوم الدين" قال ابن عباس ومقاتل: قاضي يوم الحساب، وقال قتادة: الدين الجزاء. وإنما خص يوم الدين بالذكر مع كونه مالكًا للأيام كلها، لأن الأملاك يومئذ زائلة فلا ملك ولا أمر الا له.
"وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبين لأحكام شرائع الدين" بأقواله وأفعاله وتقريراته، والدين هنا الإسلام، قال تعالى ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينًا﴾ [المائدة: ٣] وقال ﷺ في حديث عمر: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم".
"الفائز بمنتهى الإرادات من ربه" كالحوض المورود، والمقام المحمود،
1 / 5
وغير ذلك من خصائصه. قال تعالى: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى١﴾، والفوز والنجاة والظفر بالخير، قاله في القاموس.
"فمن تمسك بشريعته" بفعل المأمورات، واجتناب المنهيات.
"فهو من الفائزين" في الدنيا والآخرة.
"صلى الله وسلم عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين" حكى البخاري في صحيحه عن أبي العالية الصلاة من الله تعالى ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى وقيل الرحمة، وقيل رحمة مقرونة بتعظيم. وتستحب الصلاة عليه ﷺ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا٢﴾ ولقوله ﷺ: "أكثروا علي من الصلاة" وتتأكد في ليلة الجمعة ويومها، وعند ذكره، وقيل تجب لقوله ﷺ: "البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي" وحديث: "رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي" وهي ركن في التشهد الأخير وخطبتي الجمعة كما يأتي - والنبي إنسان أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، فإن أمر بتبليغه فهو رسول.
"وعلى آل كل وصحبه أجمعين" وآل النبي أتباعه على دينه الصحيح عندنا، وقيل أقاربه المؤمنون، والصحب اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابي، وهو من اجتمع بالنبي ﷺ مؤمنًا ومات على ذلك. وجمع بين الآل والصحب ردًا على الشيعة المبتدعة، حيث يوالون الآل دون الصحب.
_________
١ الضحى -٥.
٢ الأحزاب – ٥٦.
1 / 6
"وبعد" يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر استحبابًا، في الخطب والمكاتبات، لفعله ﵇.
"فهذا مختصر" وهو ما قل لفظه وكثر معناه، قال علي ﵁: خير الكلام ما قل ودل ولم يطل فيمل.
"في الفقه" وهو لغةً الفهم، واصطلاحًا معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل أو بالقوة القريبة.
"على المذهب الأحمد مذهب الإمام أحمد" بن محمد بن حنبل الشيباني ﵁ وأرضاه، ولد ببغداد في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، ومات بها في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين، وفضائله ومناقبه شهيرة.
"بالغت في إيضاحه رجاء الغفران" من الله جل وعلا.
"وبينت فيه الأحكام أحسن بيان" والأحكام خمسة: الوجوب، والحرمة، والندب، والكراهة، والإباحة.
"لم أذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهل التصحيح والعرفان وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيح والإتقان" من المتأخرين.
"وسميته بدليل الطالب لنيل المطالب والله أسأل أن ينفع به من اشتغل به من المسلمين"
"وأن يرحمني والمسلمين إنه أرحم الراحمين" آمين.
1 / 7
كتاب الطهارة
مدخل
مدخل
...
كتاب الطهارة
[وهي رفع الحدث] أي زوال الوصف القائم بالبدن، المانع من الصلاة ونحوها.
[وزوال الخبث] أي النجاسة، أو زوال حكمها بالاستجمار أو التيمم [وأقسام الماء ثلاثة، أحدها طهور وهو الباقي على خلقته] التي خلق عليها سواء نبع من نبع من الأرض، أو نزل من السماء، على أي لون كان.
[يرفع الحدث ويزيل الخبث] لقوله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: ١١] وقول النبي ﷺ: "اللهم طهرني بالماء والثلج والبرد" متفق عليه، وقوله في البحر "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" رواه الخمسة، وصححه الترمذي.
وهو أربعة أنواع:
١ -[ماء يحرم استعماله ولا يرفع الحدث ويزيل الخبث وهو ما ليس مباحًا] كمغصوب ونحوه، لقوله ﷺ، في خطبته يوم النحر بمنى "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا" رواه مسلم من حديث جابر.
٢-[وماء يرفع حدث الأنثى لا الرجل البالغ والخنثى، وهو ما خلت به المرأة المكلفة لطهارة كاملة عن حدث] لحديث الحكم بن عمرو الغفاري
1 / 8
﵁ أن رسول الله ﷺ "نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة" رواه الخمسة. وقال أحمد: جماعة كرهوه. وخصصناه بالخلوة، لقول عبد الله بن سرجس: توضأ أنت ها هنا وهي ها هنا، فأما إذا خلت به، فلا تقربنه.
٣ -[وماء يكره استعماله مع عدم الاحتياج إليه وهو ماء بئر بمقبرة] قال في الفروع في الأطعمة: وكره أحمد ماء بئر بين القبور، وشوكها وبقلها. قال ابن عقيل: كما سمد بنجس والجلالة، انتهى.
[وماء اشتد حره أو برده] لأنه يؤذي ويمنع كمال الطهارة.
[أو سخن بنجاسة أو بمغصوب] لأنه لا يسلم غالبًا من صعود أجزاء لطيفة إليه، وفي الحديث "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه النسائي والترمذي وصححه.
[أو استعمل في طهارة لم تجب] لتجديد وغسل جمعة.
[أو في غسل كافر] خروجًا من خلاف من قال: يسلبه الطهورية.
[أو تغير بملح مائي] كالملح البحري لأنه منعقد من الماء.
[أو بما لا يمازجه، كتغيره بالعود القماري، وقطع الكافور والدهن] على اختلاف أنواعه لأنه تغير عن مجاوره لأنه لا يمازج الماء وكراهته خروجًا من الخلاف، قال في الشرح: وفي معناه ما تغير بالقطران والزفت والشمع لأن فيه دهنية يتغير بها الماء.
[ولا يكره ماء زمزم إلا في إزالة الخبث] تعظيمًا له ولا يكره الوضوء والغسل منه، لحديث أسامة أن رسول الله ﷺ "دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ" رواه أحمد عن علي،
1 / 9
وعنه يكره الغسل لقول العباس "لا أحلها لمغتسل". وخص الشيخ تقي الدين الكراهة بغسل الجنابة.
[وماء لا يكره إستعماله كماء البحر] لما تقدم.
[والآبار والعيون والأنهار] لحديث أبي سعيد قال: قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة - وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن - فقال ﷺ: "الماء طهور لا ينجسه شئ". رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وحديث "أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شئ؟..".
[والحمام] لأن الصحابة دخلوا الحمام ورخصوا فيه، ومن نقل عنه الكراهة علل بخوف مشاهدة العورة أو قصد التنعم به، ذكره في المبدع. وروى الدارقطني بإسناد صحيح عن عمر أنه كان يسخن له ماء في قمقم فيغتسل به. وروى ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يغتسل بالحميم.
[ولا يكره المسخن بالشمس] وقال الشافعي: تكره الطهارة بما قصد تشميسه لحديث "لا تفعلي فإنه يورث البرص" رواه الدارقطني وقال: يرويه خالد بن إسماعيل، وهو متروك، وعمرو الأعسم، وهو منكر الحديث، ولأنه لو كره لأجل الضرر لما اختلف بقصد تشميسه وعدمه.
[والمتغير بطول المكث] وهو الآجن قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه أن الوضوء بالماء الآجن جائز سوى ابن سيرين. وكذلك ما تغير في آنية الأدم والنحاس، لأن الصحابة كانوا يسافرون
1 / 10
وغالب أسقيتهم الأدم وهي تغير أوصاف الماء عادة، ولم يكونوا يتيممون معها، قاله في الشرح.
[أو بالريح من نحو ميتة] قال في الشرح: لا نعلم في ذلك خلافًا.
[أو بما يشق صون الماء عنه كطحلب، وورق شجر ما لم يوضعا] وكذلك ما تغير بممره على كبريت وقار وغيرهما، وورق شجر على السواقي والبرك، وما تلقيه الريح والسيول في الماء، من الحشيش والتبن ونحوهما، لأنه لا يمكن صون الماء عنه، قاله في الكافي.
[الثاني طاهر يجوز استعماله في غير رفع الحدث وزوال الخبث، وهو ما تغير كثير من لونه أو طعمه أو ريحه، بشئ طاهر] غير اسمه حتى صار صبغًا، أو خلًا، أو طبخ فيه فصار مرقًا، فيسلبه الطهورية، قال في الكافي: بغير خلاف لأنه أزال عنه اسم الماء فأشبه الخل.
[فإن زال تغيره بنفسه: عاد إلى طهوريته، ومن الطاهر ما كان قليلًا واستعمل في رفع حدث] لأن النبي ﷺ "صب عليه جابر من وضوئه" رواه البخاري. وفي حديث صلح الحديبية: "وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه" ويعفى عن يسيره. وهو ظاهر حال النبي، ﷺ وأصحابه، لأنهم يتوضؤن من الأقداح.
[أو انغمست فيه كل يد المسلم المكلف، النائم ليلًا نومًا ينقض الوضوء قبل غسلها ثلاثًا بنية وتسمية وذلك واجب] لقوله ﷺ: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه، قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثًا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" رواه مسلم. ويفتقر
1 / 11
للنيًة لحديث عمر "إنما الأعمال بالنيات" وللتسمية قياسًا على الوضوء قاله: أبو الخطاب.
[الثالث نجس يحرم استعماله إلا للضرورة، ولا يرفع الحدث، ولا يزيل الخبث، وهو ما وقعت فيه نجاسة وهو قليل] لحديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض، وما ينو به من السباع والدواب فقال: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث" رواه الخمسة وفي لفظ ابن ماجه وأحمد لم ينجسه شئ يدل على أن ما لم يبلغهما ينجس. وقول النبي ﷺ: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات" متفق عليه يدل على نجاسة من غير تغير، ولأن الماء اليسير يمكن حفظه في الأوعية، فلم يعف عنه. قاله في الكافي. وحمل حديث بئر بضاعة على الكثير جمعًا بين الكل. قاله في المنتقى.
[أو كان كثيرًا وتغير بها أحد أوصافه] قال في الكافي: بغيرخلاف. وقال في الشرح: حكاه ابن المنذر إجماعًا.
[فإن زال تغيره بنفسه أو بإضافة طهور إليه أو بنزح منه ويبقى بعده كثير طهر] أي عاد إلى طهوريته.
[والكثير قلتان [من قلال هجر] ١ تقريبًا، واليسير ما دونهما] وإنما خصت القلتان بقلال هجر، لوروده في بعض ألفاظ الحديث، ولأنها كانت مشهورة الصفة، معلومة المقدار. قال ابن جريج: رأيت قلال هجر، فرأيت القلة تسع قربتين وشيئًا، والاحتياط أن يجعل الشئ نصفًا، فكانت
_________
١ ما بين القوسين أدخل تصحيحا على متن الشارح وليس في الأصول المخطوطة.
1 / 12
القلتان خمس قرب تقريبًا، والقربة مائة رطل بالعراقي، والرطل العراقي تسعون مثقالًا.
[وهما خمسمائة رطل بالعراقي، وثمانون رطلًا وسبعان ونصف سبع بالقدسي، ومساحتهما] [أي القلتان]
[ذراع وربع طولًا وعرضًا وعمقًا. فإذا كان الماء الطهور كثيرًا ولم يتغير بالنجاسة فهو طهور، ولو مع بقائها فيه] .
لحديث بئر بضاعة السابق، رواه أحمد وغيره.
[وإن شك في كثرته فهو نجس]
[وإن اشتبه ما تجوز به الطهارة، بما لا تجوز به الطهارة لم يتحر ويتيمم بلا إراقة] لأنه اشتبه المباح بالمحظور، فيما لا تبيحه الضرورة، فلم يجز التحري، كما لو كان النجس بولًا أو كثر عدد النجس، أو اشتبهت أخته بأجنبيات، قاله في الكافي.
[ويلزم من علم بنجاسة شئ إعلام من أراد أن يستعمله] لحديث "الدين النصيحة".
1 / 13
باب الانية
مدخل
...
باب الآنية
[يباح اتخاذ كل إناء طاهر واستعماله ولو ثمينًا] في قول عامة أهل العلم، قاله في الشرح لأن النبي ﷺ اغتسل من جفنة وتوضأ من تور من صفر وتور من حجارة، ومن قربةً وإداوة.
[إلا آنية الذهب والفضة والمموه بهما] لما روى حذيفة أن النبي ﷺ قال: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا، ولكم في الآخرة" وقال "الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" متفق عليهما. وما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال كالطنبور، ويستوي في ذلك الرجال والنساء، لعموم الخبر.
[وتصح الطهارة بهما وبالإناء المغصوب] هذا قول الخرقي. لأن الوضوء جريان الماء على العضو، فليس بمعصية. إنما المعصية استعمال الإناء.
[ويباح إناء ضبب بضبة يسيرة من الفضة لغير زينة] لما روى أنس ﵁ أن النبي ﷺ انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. رواه البخاري.
[وآنية الكفار وثيابهم طاهرة] لأن النبي ﷺ أضافه يهودي بخبز وإهالة سنخة رواه أحمد وتوضأ من مزادة
1 / 14
مشركة وتوضأ عمر ﵁ من جرة نصرانية. ومن يستحل الميتات والنجاسات منهم فما استعملوه من آنيتهم فهو نجس لما روى أبو ثعلبة الخشني قال: قلت يارسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم قال: "لا تاكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها ثم كلوا فيها" متفق عليه. وما نسجوه، أو صبغوه، أو علا من ثيابهم، فهو طاهر، وما لاقى عوراتهم، فقال أحمد: أحب إلي أن يعيد إذا صلى فيها.
[ولا ينجس شئ بالشك ما لم تعلم نجاسته] لأن الأصل الطهارة.
[وعظم الميتة وقرنها وظفرها وحافرها وعصبها وجلدها نجس. ولا يطهر بالدباغ] في ظاهر المذهب لقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ ١ والجلد جزء منها. وروى أحمد عن يحيى بن سعيد عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله ﷺ في أرض جهينة وأنا غلام شاب أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب قال أحمد: ما أصلح إسناده.
[والشعر والصوف والريش طاهر] لقوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا﴾ ٢ والريش مقيس عليه، ونقل الميموني عن أحمد: صوف الميتة لا أعلم أحدًا كرهه.
[إذا كان من ميتة طاهرة في الحياة ولو غير مأكولة كالهر والفأر. ويسن تغطية الآنية وإيكاء الأسقية] لحديث جابر أن النبي ﷺ
_________
"١" المائدة – ٣.
"٢" النحل – ٨٠.
1 / 15
قال: "أوك سقاءك، واذكر اسم الله وخمر إناءك، واذكر اسم الله، ولو أن تعرض عليه عودًا" متفق عليه.
باب الاستنجاء وآداب التخلي مدخل ... باب الاستنجاء وآداب التخلي [الاستنجاء هو ازالة ما خرج من السبيلين بماء طهور أو حجر طاهر مباح منق] قال في الشرح: والاستجمار بالخشب والخرق وما في معناهما مما ينقي جائز في قول الأكثر، وفي حديث سلمان عند مسلم: نهانا أن نستنجي برجيع أو عظم وتخصيصها بالنهي يدل على أنه أراد الحجارة وما قام مقامها. [فالإنقاء بالحجر ونحوه أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء] بأن تزول النجاسة وبلتها، فيخرح آخرها نقيًا لا أثر به. [ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات تعم كل مسحة المحل] لقول سلمان نهانا - يعني النبي ﷺ أن نستنجي باليمين، وأن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، وأن نستنجي برجيع أو عظم رواه مسلم. [والإنقاء بالماء عود خشونة المحل كما كان، وظنه كاف] دفعًا للحرج. [ويسن الاستنجاء بالحجر ونحوه، ثم بالماء] لقول عائشة ﵂ مرن أزواجكن أن يتبعوا الحجارة بالماء من أثر الغائط والبول، فإني أستحييهم، وإن النبي ﷺ كان يفعله صححه الترمذي.
باب الاستنجاء وآداب التخلي مدخل ... باب الاستنجاء وآداب التخلي [الاستنجاء هو ازالة ما خرج من السبيلين بماء طهور أو حجر طاهر مباح منق] قال في الشرح: والاستجمار بالخشب والخرق وما في معناهما مما ينقي جائز في قول الأكثر، وفي حديث سلمان عند مسلم: نهانا أن نستنجي برجيع أو عظم وتخصيصها بالنهي يدل على أنه أراد الحجارة وما قام مقامها. [فالإنقاء بالحجر ونحوه أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء] بأن تزول النجاسة وبلتها، فيخرح آخرها نقيًا لا أثر به. [ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات تعم كل مسحة المحل] لقول سلمان نهانا - يعني النبي ﷺ أن نستنجي باليمين، وأن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، وأن نستنجي برجيع أو عظم رواه مسلم. [والإنقاء بالماء عود خشونة المحل كما كان، وظنه كاف] دفعًا للحرج. [ويسن الاستنجاء بالحجر ونحوه، ثم بالماء] لقول عائشة ﵂ مرن أزواجكن أن يتبعوا الحجارة بالماء من أثر الغائط والبول، فإني أستحييهم، وإن النبي ﷺ كان يفعله صححه الترمذي.
1 / 16
[فإن عكس كره] نص عليه لأن الحجر بعد الماء يقذر المحل.
[ويجزئ أحدهما] أي الحجر أو الماء لحديث أنس كان النبي ﷺ يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوةً من ماء وعنزةً فيستنجي بالماء متفق عليه. وحديث عائشة مرفوعًا "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه" رواه أحمد وأبو داود.
[والماء أفضل] لأنه أبلغ في التنظيف ويطهر المحل. وروى أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعًا "نزلت هذه الآية في أهل قباء ﴿فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا﴾ ١ قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية".
[ويكره استقبال القبلة، واستدبارها في الاستنجاء] تعظيمًا لها.
[ويحرم بروث وعظم] لحديث سلمان المتقدم.
[وطعام ولو لبهيمة] لحديث ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: "لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن" رواه مسلم. علل النهي بكونه زادًا للجن، فزادنا وزاد دوابنا أولى لأنه أعظم حرمة.
[فإن فعل لم يجزه بعد ذلك إلا الماء] لأن الاستجمار رخصة، فلا تستباح بالمحرم، كسائر الرخص. قاله في الكافي.
[كما لو تعدى الخارج موضع العادة] فلا يجزئ إلا الماء لأن
_________
١ التوبة – ١٠٧.
1 / 17
الاستجمار في المعتاد رخصة للمشقة في غسله لتكرار النجاسة فيه، بخلاف غيره.
[ويجب الاستنجاء لكل خارج] وهو قول أكثر أهل العلم، قاله في الشرح، لقوله ﷺ في المذي: "يغسل ذكره ويتوضأ" وقال: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه".
[إلا الطاهر] كالمني، وكالريح، لأنها ليست نجسة، ولا تصحبها نجاسة، قاله في الشرح والكافي لحديث: "من استنجى من الريح فليس منا". رواه الطبراني في المعجم الصغير. قال أحمد: ليس في الريح استنجاء في كتاب الله ولا في سنة رسوله.
[والنجس الذي لم يلوث المحل] لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة ولا نجاسة هنا.
فصل مايسن لداخل الخلاء [يسن لداخل الخلاء تقديم اليسرى] لأنها لما خبث. [وقول بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث] لحديث علي مرفوعًا "ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الخلاء أن يقول: بسم الله " رواه ابن ماجه. وعن أنس كان النبي ﷺ إذا دخل الخلاء قال: "اللهمً إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" رواه الجماعة. [وإذا خرج قدم اليمنى] لأنها تقدم إلى الأماكن الطيبة. [وقال غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني] لحديث عائشة كان ﷺ إذا خرح من الخلاء قال: "غفرانك".
فصل مايسن لداخل الخلاء [يسن لداخل الخلاء تقديم اليسرى] لأنها لما خبث. [وقول بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث] لحديث علي مرفوعًا "ستر ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الخلاء أن يقول: بسم الله " رواه ابن ماجه. وعن أنس كان النبي ﷺ إذا دخل الخلاء قال: "اللهمً إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" رواه الجماعة. [وإذا خرج قدم اليمنى] لأنها تقدم إلى الأماكن الطيبة. [وقال غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني] لحديث عائشة كان ﷺ إذا خرح من الخلاء قال: "غفرانك".
1 / 18
حسنه الترمذي. وعن أنس: كان ﷺ إذا خرح من الخلاء يقول: "الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني" رواه ابن ماجه.
[ويكره في حال التخلي استقبال الشمس والقمر] تكريمًا لهما.
[ومهب الريح] لئلا ترد البول عليه.
[والكلام] نص عليه لقول ابن عمر مر رجل بالنبي ﷺ فسلم عليه، وهو يبول، فلم يرد عليه رواه مسلم.
[والكلام والبول في إناء] بلا حاجة نص عليه. فإن كانت لم يكره لحديث أميمة بنت رقية. رواه أبو داود.
[وشق] لأنها مساكن الجن، لحديث قتادة عن عبد الله بن سرجس نهى رسول الله ﷺ أن يبال في الجحر قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر قال يقال إنها مساكن الجن رواه أحمد، وأبو داود. وروي أن سعد بن عبادة بال في جحر بالشام، ثم استلقى ميتًا.
[ونار] لأنه يورث السقم، وذكر في الرعاية: ورماد.
[ولا يكره البول قائمًا] لقول حذيفة انتهى النبي ﷺ إلى سباطة قوم فبال قائمًا رواه الجماعة. وروى الخطابي عن أبي هريرة أن النبي ﷺ بال قائمًا من جرح كان بمأبضه. قال الترمذي: وقد رخص قوم من أهل العلم في البول قائمًا، وحملوا النهي على التأديب، لا على التحريم. قال ابن مسعود: "إن من الجفاء أن تبول وأنت قائم".
[ويحرم استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء بلا حائل] لقول
1 / 19
أبي أيوب قال رسول الله ﷺ: "إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا". قال أبو أيوب: فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله متفق عليه.
[ويكفي إرخاء ذيله] لقول مروان الأصغر أناخ ابن عمر بعيره مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليه فقلت أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بلى إنما نهي عن هذا في الفضاء، أما إذا كان بينك وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس رواه أبو داود.
[وأن يبول، أو يتغوط، بطريق مسلوك، وظل نافع] أو مورد ماء، لما روى معاذ قال: قال رسول الله ﷺ: "اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد وقارعة الطريق، والظل" رواه أبو داود.
[وتحت شجرة عليها ثمر يقصد] لما تقدم. ولئلا ينجس ما سقط منها.
[وبين قبور المسلمين] لحديث عقبة بن عامر مرفوعًا - وفيه - "ولا أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق" رواه ابن ماجه.
[وأن يلبث فوق قدر حاجته] قال في الكافي: وتكره الإطالة أكثر من الحاجة لأنه يقال: إن ذلك يدمي الكبد ويتولد منه الباسور، وهو كشف للعورة بلا حاجة، وروى الترمذي عن ابن عمر مرفوعًا "إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم، إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوهم وأكرموهم".
1 / 20
باب السواك
مدخل
...
باب السواك
[يسن بعود رطب لا يتفتت] ولا يجرح الفم وكان النبي ﷺ يستاك بعود أراك قاله في الكافي.
[وهو مسنون مطلقًا] لقوله ﷺ: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب" رواه أحمد قال في الشرح ولا نعلم في استحبابه خلافًا، ولا نعلم أحدًا قال بوجوبه إلا إسحاق وداود.
[إلا بعد الزوال للصائم فيكره] لحديث علي مرفوعًا: "إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي" أخرجه البيهقي. ولأنه يزيل خلوف فم الصائم، وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، لأنه أثر عبادة مستطاب فلم تستحب إزالته كدم الشهداء.
[ويسن له قبله بعود يابس ويباح برطب] لقول عامر بن ربيعة رأيت رسول الله ﷺ ما لا أحصي يتسوك وهو صائم حسنه الترمذي.
[ولم يصب السنة من استاك بغير عود] وقيل بلى بقدر ما يحصل من الإنقاء. قال في الشرح: وهو الصحيح لحديث أنس مرفوعًا: "يجزئ من السواك الأصابع" رواه البيهقي، قال محمد بن عبد الواحد الحافظ: هذا إسناد لا أرى به بأسًا.
[ويتأكد عند وضوء وصلاة] لقوله ﷺ: "لولا أن
1 / 21
أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة" متفق عليه، وفي رواية لأحمد "لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" وللبخاري تعليقًا "عند كل وضوء".
[وانتباه من نوم وعند تغير رائحة فم] لأن السواك شرع لإزالة الرائحة وقراءة تطييبًا للفم لئلا يتأذى الملك عند تلقي القراءة منه، وعن حذيفة كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك متفق عليه.
[وكذا عند دخول مسجد ومنزل] لما روى شريح بن هانئ قال: سألت عائشة بأي شئ كان يبدأ النبي ﷺ إذا دخل بيته؟ قالت بالسواك رواه مسلم. والمسجد أولى من البيت.
[وإطالة سكوت وصفرة أسنان] لأن ذلك مظنة تغير الفم.
[ولا بأس أن يتسوك بالعود الواحد اثنان فصاعدًا] لأن عائشة ﵂ لينت السواك للنبي ﷺ فاستاك به.
فصل في سنن الفطرة [يسن حلق العانة ونتف الإبط وتقليم الاظافر] لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الابط" متفق عليه. [والنظر في المرآة] وقول "اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي" رواه البيهقي عن عائًشة، ورواه ابن مردويه وزاد "وحرم وجهي على النار". [والتطيب بالطيب] لحديث أبي أيوب مرفوعًا "أربع من سنن المرسلين، الحياء، والتعطر، والسواك، والنكاح" رواه أحمد.
فصل في سنن الفطرة [يسن حلق العانة ونتف الإبط وتقليم الاظافر] لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الابط" متفق عليه. [والنظر في المرآة] وقول "اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي" رواه البيهقي عن عائًشة، ورواه ابن مردويه وزاد "وحرم وجهي على النار". [والتطيب بالطيب] لحديث أبي أيوب مرفوعًا "أربع من سنن المرسلين، الحياء، والتعطر، والسواك، والنكاح" رواه أحمد.
1 / 22