212

السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

Édition

الأولى

Année de publication

سنة ٢٠٠٠ م

Genres

عاصم النبيل من أصحاب زفر وليس عاصم بن النبيل) - توفي سَنَةَ ٢١٢ وعمره ٩٠ سَنَةً» (١) - «مَا رَأَيْتُ الصَّالِحَ يَكْذِبُ فِي شَيْءٍ أَكْثَرَ مِنَ الْحَدِيثِ». ويقول مثل ذلك يحيى بن سعيد القطان (١٩٢ هـ) ويقول وكيع عن زياد بن عبد الله البكَّائي: «إِنَّهُ مَعَ شَرَفِهِ فِي الحَدِيثِ كَانِ كَذُوبًا» ولكن ابن حجر يقول في " التقريب " «ولم يثبت بأنَّ وكيعًا كذَّبهُ»، ويقول يزيد بن هارون: إنَّ أهل الكوفة في عصره ما عدا واحدًا كانوا مُدَلّسِينَ، حتى السفيانان ذُكِرَا بين المُدَلِّسِينَ. وقد شعر المُسْلِمُونَ في القرن الثاني بأنَّ الاعتراف بِصِحَّةِ الأحاديث يجب أنْ يرجع إلى الشكل فقط، وأنه يوجد بين الأحاديث الجَيِّدَةِ الإسناد كثير من الأحاديث الموضوعة»، وساعدهم على هذا ما ورد من الحديث: «سَيَكْثُرُ التَحْدِيثُ عَنِّي فَمَنْ حَدَّثَكُمْ بِحَدِيثٍ فَطَبِّقُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ فَمَا وَافَقَهُ فَهُوَ ِمنِّي، قُلْتُهُ أَوْ لَمْ أَقُلْهُ».
هذا هو المبدأ الذي حدث بعد قليل عند انتشار الوضع، ويمكن أن نتبين شيئا من ذلك في الأحاديث الموثوق بها، فمن ذلك ما رواه مسلم من أن النَّبِيَّ ﷺ أمر بقتل الكلاب إلاَّ كلب صيد أو كلب ماشية فأخبر ابن عمر أنَّ أبا هريرة يزيد «أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ» فقال ابن عمر: «إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ لَهُ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا». فملاحظة ابن عمر تشير إلى ما يفعله المُحَدِّثُ لغرض في نفسه.
وفي سبيل إثبات القواعد الفقهية طرقوا بابًا آخر غير الروايات الشفوية وذلك بإظهار صحف مكتوبة تُبَيِّنُ إرادة الرسول، وقد وجد هذا النوع تصديقًا في هذا العصر. وإذا ما دار الأمر حول نسخة من هذه الصحف فإنهم لا يسألون عن أصلها المنسوخة عنه. ولا يبحثون عن صِحَّتِهَا، ونستطيع أنْ نَتَبَيَّنَ جُرْأَةَ الوَاضِعِينَ من هذا الخبر. ذلك أنهم في عصر الأُمَوِيِّينَ حاول بعض الناس التوفيق بين عرب الشمال وعرب الجنوب، فأظهروا حِلْفًا كان في عصر تُبَّع بن معد يكرب بين اليمنية

(١) انظر: " تذكرة الحفاظ ": ١/ ٣٣٣.

1 / 218