212

Le Bio Authentique et Complet du Prophète

الجامع الصحيح للسيرة النبوية

Maison d'édition

مكتبة ابن كثير

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Lieu d'édition

الكويت

Genres

وإن كنت شابًّا عاملًا فاقرأ سيرته ﷺ، وهو يرعى الغنم! وإن كنت قاضيًا أو حكمًا فانظر إليه ﷺ حين قصد الكعبة ليضع الحجر الأسود في محله، وقد كاد رؤساء مكة يقتتلون، ثم ارجع البصر إليه مرة أخرى، وهو في فناء مسجد المدينة، يقضي بين الناس بالعدل، يستوي عنده الفاقد والواجد، الفقير المعدم والغني المثري، والقريب والبعيد! وإن كنت زوجًا فاقرأ السيرة الطاهرة، والحياة النظيفة العفيفة النزيهة للرسول ﷺ في البيت! وإن كنت أبًا فتعلم ما كان عليه الرسول ﷺ، وكيف كانت الحياة المثاليّة! وأيًّا من كنت، وفي أي شأن كان شأنك، فإنك مهما أصبحت وأمسيت، وعلى أي حال بتّ أو أضحيت، فلك في حياة الرسول ﷺ الأسوة الحسنة، والقدوة الصالحة، تضيء لك بنورها دَياجي الحياة، وينجلي لك بضوئها ظلام العيش، فتُصلح ما اضطرب من أمورك، وتثقف بهديه أوَدك، وتُقوِّمُ بسنته عوجك، وصدق الله العظيم: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١)﴾ [الأحزاب]! إن هذه الآية الكريمة -كما أسلفنا- تحمل في ألفاظها القليلة معاني كثيرة جليلة غزيرة، فقد أرشدت إلى الاقتداء بالرسول ﷺ، وأومأت إلى أنه أقوم الخليقة منهجًا، وأشرفهم حالًا، وأطيبهم كلامًا، وأفضلهم أعمالًا! وتدعو إلى التأسي به ﷺ في أخلاقه وأفعاله، فيما هو مطلوب منا أن نتأسى به، في ثباته في الشدائد وهو مطلوب، وصبره على البأساء والضراء وهو مكروب لا يخور في شديدة، ولا يستكين لعظيمة أو كبيرة، ولقد لقي ما لقي مما يشيب النواصي، وهو مع الضعف يصابر صبر المستعلي، ويثبت ثبات المستولي!

1 / 217