منهج الأشاعرة في العقيدة - الكبير
منهج الأشاعرة في العقيدة - الكبير
Maison d'édition
دار منابر الفكر
Genres
(١) مثال ذلك صفة (اليد): فإن المعتزلة طبقوا ما أسلفنا أعلاه ابتداء من فصل القرآن عن السنة حيث ورد النص النبوي صريحًا في مثل حديث: (كتب التوراة بيده). انظر كتاب التوحيد لابن خزيمة «١) /١٢٦)، ومرورًا بفصل الآية عن المنهج، فإن آية ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: (٦٤)] جزءٌ من منهج الإيمان بصفات الله الكلي القطعي، وهم قطعوا النظر عن هذا المنهج بالكلية. ثم اجتزاء اللغة كما في قولهم: إن اليد في اللغة تأتي بمعنى النعمة والقدرة. ثم الرد إلى المعنى المتشابه أو قواعد البلاغة مثل قولهم: إن قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ [الإسراء: (٢٩)] مجازٌ؛ لأن المراد الإنفاق، فكذلك قوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾، وتجاهلوا أن الآية المتعلقة بالإنسان لا تتفي أن يكون للإنسان يد، بل لفظة (اليد) فيها حقيقية، وإن كان المعنى الكلي للآية يتعلق بالإنفاق. فكذلك اليدان في قوله تعالى: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ هي صفةٌ حقيقيةٌ لله، مع أن المعنى الكلي للآية في الإنفاق. ثم التسعف في تطبيق اللغة نفسها، فإن التثنية في قوله: ﴿بَلْ يَدَاهُ﴾، وقوله: ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: (٧٥)] لا تحتمل المجاز - أي القول بأنها النعمة أو القدرة - لأن المصدر لا يثنى. ولهذا قال الإمام الدارمي: إن اليهود أثبتوا يدين مغلولتين، والله تعالى أثبت يدين مبسوطتين، فجاء المعطلة (من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة) فقالوا: ليس له يدان أصلًا. وقل مثل ذلك في قولهم: إن القرآن مخلوق، ثم استدلالهم بكلمة (جعل) في قوله: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [الزخرف: (٣)]. ومثله نفيهم للاستواء، واستدلالهم بالبيت السائب: قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف أو دم مهراق واستدلالهم على نفي الرؤية بأنهم وفّقوا بين القواطع العقلية وين قوله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣] ونحوها. وهكذا في كل الصفات ..
1 / 74