منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
Genres
النبي ﷺ عَقَل ابن الْحَضْرَمِي، وحَرَّم الشَّهْر الْحَرَام كَمَا كَان يُحَرِّمه، حَتى أنْزَل اللهُ ﷿: (بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [التوبة: ١].
وكَان عَطاء يَقُول: الآيَة مُحْكَمَة، ولا يَجُوز القِتَال في الأشْهُر الْحُرُم، ويَحْلِف على ذَلك، لأنَّ الآيَات التي وَرَدَتْ بَعْدَها عَامَّة في الأزْمِنة، وهَذا خَاصّ، والعَامَّ لا يَنْسَخ الْخَاصّ باتِّفَاق. ورَوى أبو الزبير عن جابر قَال: كَان رَسُول الله ﷺ لا يُقَاتِل في الشَّهْر الْحَرَام إلَّا أن يُغْزَى (^١).
مُلخَّص جواب القرطبي:
١ - أنَّ الآيَة مَنْسُوخَة عِنْد جُمْهُور الْمُفَسِّرِين، وهو ما اخْتَارَه القُرْطبي.
٢ - اخْتُلِف في النَّاسِخ لَها عَلى أقْوال ثَلاثَة، ضَعَّف الثَّالِث مِنها، وهو أنه "نَسَخَها بَيْعَة الرِّضْوَان على القِتَال في ذِي القَعْدَة".
٣ - أنَّ الآيَة مُحْكَمَة في قَول عَطاء.
مُقارنة جوابه وجَمْعه بين الآيات بجَمْع غيره من العلماء:
رَوَى ابن جَرير الطَّبَرِي بإسْنَادِه إلى الليث قال: ثَنا أبو الزَّبير عن جَابر قال: لَم يَكُنْ رَسُول الله يَغْزُو في الشَّهْر الْحَرَام إلَّا أن يُغْزَى، أوْ يَغْزُو حَتى إذا حَضَر ذلك أقَام حتى يَنْسَلِخ (^٢).
(^١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٣/ ٤٣، ٤٤)، وسيأتي قول جابر ﵁ عند ابن جرير. (^٢) جامع البيان، مرجع سابق (٣/ ٦٤٨، ٦٤٩)، والحديث رواه أحمد (ح ١٤٥٨٣) من طريق الليث به. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير - وهو محمد بن مُسْلِم بن تَدْرُس - فَمِنْ رجال مسلم، والراوي عنه هو ليث - وهو ابن سعد - وهو لا يَروي عن أبي الزبير إلّا مَا عَلِم أنه سَمِعه مِنْ جَابر.
1 / 65