وبِمِثْل ذَلك قال النَّسَفيّ: وكَرَّرَ (يَسْأَلُونَكَ) و(إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ) للتَّأكِيد، ولِزِيَادَة (كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا)، وعَلى هذا تَكْرِير العُلَمَاء في كُتُبِهم لا يَخْلُوَنَّ الْمُكَرَّرُ مِنْ فَائدَة (^١).
وبِمِثْلِه قال الشوكاني: أمَرَه اللهُ سُبحانه بأن يُكَرِّر مَا أجَاب بِه عَليهم سَابِقا، لِتَقْرِير الْحُكْمِ وتَأكِيدِه. وقِيل: لَيْس بِتَكْرِير، بَلْ أحَدُهُما مَعْنَاه الاسْتِئْثَار بِوُقُوعِها، والآخَر الاسْتِئْثَار بِكُنْهِها نَفْسِها (^٢).
ورَجَّح ابن كثير أنَّ مَعْنى الآيَة: كَأنك بِها عَالِم.
فإنه ذَكَر الأقْوَال في الآية ثم قَال: وقال عَبد الرحمن بن زَيد بن أسْلم: (كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا): كَأنك بِهَا عَالِم، وقَد أخْفَى الله عِلْمَها عَلى خَلْقِه، وقَرأ (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) [لقمان: ٣٤] الآيَة. وهَذا القَول أرْجَح في الْمَعْنى مِنْ الأوَّل (^٣).
رأي الباحث:
لَيْس في الآيَة تِكْرَار، لأنَّ قَولَه: (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي) لِوُقُوعِها، وقَولَه: (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ) لكُنْهِها وحَقِيقَتِها.
أوْ أنَّ التِّكْرَار في الآية للتَّأكِيد.
وأنَّ في الآية تَقْدِيمًا وتَأخِيرًا: والْمَعْنَى: يَسْأَلونَك عَنها كَأنك حَفِيّ بِهِمْ.