منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
Genres
مُقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء:
قال ابن جرير: اخْتَلَفَ أهْل التَّأويل في تَأويل ذلك؛ فقال بعضهم: تَأويل ذلك: ولَقَد خَلَقْنَاكُم في ظَهْر آدَم أيها النَّاس، ثم صَوَّرْنَاكُم في أرْحَام النِّسَاء خَلْقًا مَخْلُوقًا، ومِثَالًا مُمَثَّلًا في صُورَة آدَم.
ثم رَوى - بإسْنَادِه - عن ابن عباس في قَولِه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) قَولَه: (خَلَقْنَاكُمْ) يَعني آدَم، وأمَّا (صَوَّرْنَاكُمْ) فَذُرِّيَّتَه.
ورَوى - بإسْنَادِه - عن الرَّبيع بن أنس في قَوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) يَقول: (خَلَقْنَاكُمْ) خَلْق آدَم، (ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) في بُطُون أمَّهَاتِكُم.
وقال آخَرُون: بل مَعْنَى ذلك: ولَقَد خَلَقْنَاكُم في أصْلاب آبائكُم، ثم صَوَّرْناكُم في بُطُونِ أمَّهَاتِكُم.
وقال آخَرُون: بل مَعْنَى ذلك: (خَلَقْنَاكُمْ)، يَعْني، آدَم. (ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ)، يَعْني في ظَهْرِه.
وقال آخَرُون: مَعْنى ذلك: ولَقَد خَلَقْناكُم في بُطُون أمَّهَاتِكُم، ثُمّ صَوَّرْناكُم فِيها ثم ذَكَر ابن جرير اخْتِيَارَه فَقَال:
وأوْلَى الأقْوَال بالصَّواب قَول مَنْ قَال: تَأوِيله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ) ولَقَد خَلَقْنا آدَم، (ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) بِتَصْوِيرِنا آدَم، فَقَوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) مَعْنَاه: ولَقَد خَلَقْنا أبَاكُم آدَم ثُمَّ صَوَّرْناه.
ثم عَلَّل اخْتِيَارَه بِقَولِه:
وإنما قُلنا هَذا القَول أوْلى الأقْوال في ذلك بالصَّواب لأنَّ الذي يَتْلُو ذلك قَوله: (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) [الأعراف: ١١]، ومَعْلُوم أنَّ الله ﵎ قَدْ أمَرَ الْمَلائكَة بالسُّجُود لآدَم قَبْل أنْ يُصَوِّر ذُرِّيَتَه في بُطُون أُمَّهَاتِهم، بَلْ قَبْل أنْ يَخْلُق أُمَّهَاتِهم، و(ثُمَّ)
1 / 169