156

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

Genres

يَمْنَعْه حَقًّا وَجَب له فَتَزُول صِفَة العَدْل، وإنّما مَنَعَهُم مَا كَان لَه أن يَتفَضَّل به عَليهم لا مَا وَجَبَ لهم (^١). مُلخَّص جواب القرطبي: ١ - أنَّ بَعض الآية في الآخِرة، وبَعْضَها في الدُّنيا، أي: نَذَرهم في الدُّنيا في طُغْيانهم ويوم القيامة نُقَلِّبُ أفئدتهم وأبْصَارَهم على حَرِّ النَّار. ٢ - نَحُولُ بَينهم وبَين الإيمان لو جَاءتهم تلك الآية، كما حُلْنَا بَينهم وبَين الإيمان أوَّل مَرّة لَمَّا دَعَاهُم النَّبي ﷺ وأظْهَر لهم الْمُعْجِزَة. ٣ - ونُقَلِّبُ أفْئدَة هَؤلاء كَيلا يُؤمِنوا. ٤ - في الكَلام تَقْدِيم وتَأخِير، أي: أنها إذا جَاءتْ لا يُؤمنون كَمَا لم يُؤمِنُوا أوَّل مَرَّة. مُقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء: ذَكَر ابن جرير الأقْوال في مَعْنَى قوله تعالى: (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [البقرة: ١٥] ثم قال: وأوْلى هَذه الأقْوال بالصَّواب في قَوله: (وَيَمُدُّهُمْ) أن يَكُون بِمَعْنى يَزِيدهم عَلى وَجْهِ الإمْلاء والتَّرْك لهم في عُتُوِّهم وتَمَرُّدِهم، كَمَا وَصَف رَبّنا أنه فَعَل بِنُظَرَائهم في قَولِه: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)، يَعْنِي نَذَرُهم ونَتْرُكهم فِيه، ونُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إثْمًا إلى إثْمِهم (^٢). وقال في آية "الأنعام":

(^١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (١/ ٢٣٣). (^٢) جامع البيان، مرجع سابق (١/ ٣١٩، ٣٢٠).

1 / 156