149

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

Genres

ثم ذَكَر في بَيان الطَّرِيق الأوْلى - إجْراء الآية على ظَاهِرها - تِسْعَة أوْجه، منها على سَبيل الاخْتِصَار: ١ - مُتَمِّم عُمُرك، فحينئذ أتَوَفَّاك فَلا أتْرُكُهم حتى يَقْتلوك، بل أنا رَافِعُك إلى سَمَائي. قال: وهذا تَأويل حَسَن. ٢ - مُمِيتُك، وهو مَروي عن ابن عباس ومحمد بن إسْحاق. ٣ - الوَاو في قوله: (مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) تُفِيد التَّرْتِيب، فالآية تَدُلّ على أنه تعالى يَفْعَل به هذه الأفْعال، فأمَّا كَيف يَفْعَل؟ ومَتَى يَفْعَل؟ فالأمْر فيه مَوقُوف على الدَّلِيل، وقد ثَبَت الدَّلِيل أنه حَيّ. ٤ - أنَّ التَّوفِّي أخْذ الشَّيء وَافِيًا، وهُو دَالّ عَلى أنه رُفِع بِرُوحِه وجَسَده، أي تَامًّا. ٥ - أجْعَلُك كَالْمُتَوفَّى؛ لأنه إذا رُفِع إلى السَّمَاء وانْقَطَع خَبَرُه وأثَرُه عن الأرْض، كان كَالْمُتَوفَّى. ٦ - أنَّ التَّوفِّي هو القَبْض. وقال في الطريق الثاني: "وهُوَ قَول مَنْ قَال: لا بُدّ في الآية مِنْ تَقْدِيم وتَأخِير مِنْ غير أن يَحْتَاج فيها إلى تَقْدِيم أوْ تَأخِير. قالوا: إنَّ قَوله: (وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) يَقْتَضِي أنه رَفَعَه حَيًّا، والواو لا تَقْتَضي التَّرْتيب، فلم يَبْقَ إلَّا أن يَقول فيها تَقْديم وتَأخير، والْمَعْنى: إنِّي رَافِعُك إليَّ ومُطَهِّرُك مِنْ الذين كَفَرُوا، ومُتَوفِّيك بَعد إنْزَالي إياك في الدّنيا، ومِثْله في التَّقْدِيم والتَّأخِير كَثير في القُرآن. ثم أشَار إلى الرَّاجِح، فقال: واعْلَم أنَّ الوُجُوه الكَثيرة التي قَدَّمْنَاها تَغْنِي عن الْتِزَام مُخَالَفَة الظَّاهِر (^١).

(^١) التفسير الكبير، مرجع سابق (٨/ ٦٠، ٦١) باختصار وتَصَرّف، وتَركتُ ذِكْر طَرِيقين، لأن أحَدهما ضَعيف، كما قال ابن عطية، والثاني إشَارِيّ!

1 / 149