Révolution de l'Islam et le Héros des Prophètes : Abou al-Qasim Muhammad ibn Abdallah
ثورة الإسلام وبطل الأنبياء: أبو القاسم محمد بن عبد الله
Genres
وقال إبراهيم وهو يودع زوجته وابنه على لسان القرآن:
ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع
الآية.
ثم انصرف عائدا إلى الشام إلى مقر زوجته الأخرى. وفي الآثار القديمة أن منظر الوداع كان مؤثرا؛ فإن هاجر قالت له: «إلى من تتركني وابني أيها الشيخ الكريم؟»
قال: «إلى الله عز وجل.»
قالت: «رضيت بالله مستودعا وحافظا وأمينا.»
ثم عادت تحمل ابنها تحت الدوحة، فوضعت ابنها إلى جنبها وعلقت شنتها تشرب منها وتدر على ابنها حتى فني الماء فانقطع درها؛ فجاع الولد واشتد جوعه حتى نظرت إليه أمه يتشحط، فحسبت أنه يموت فأحزنها، فقالت: «لو تغيبت عنه حتى لا أرى موته.» وكان سعيها بين الصفا والمروة لا للبحث عن الماء، بل لتخلص من مشاهدة موت ابنها الرضيع؛ لأنها كانت واثقة من جفاف المكان وإجدابه! وكان ما كان من تفجر عين زمزم رحمة من الله بالطفل وأمه، ولكن هاجر ماتت ودفنت بموضع الحجرة ولم تر بناء البيت - وهو الكعبة - وإن كانت قد شهدت نزول جرهم بمائها وموضعها، وأصل ذلك أن ركبا من جرهم مر بالماء، فسألوها: لمن هذا الماء؟ فقالت: هو لي. فلما أذنت لهم نزلوا وبعثوا إلى أهاليهم فقدموا إليهم وسكنوا تحت الدوحة واعترشوا عليها العرش، فكانت معهم هي وابنها حتى ترعرع الغلام، وبذا صدق الله وعده وثقة المرأة الضعيفة به، كما صدق دعوة إبراهيم واستجاب لها، فلما شب إسماعيل زوجوه من عمارة بنت سعيد بن أسامة أحد أعيان قبيلة جرهم، وقصة العتبتين دليل على أن إسماعيل تزوج أكثر من امرأة، وقد طلق الأولى.
توصف الكعبة بأنها أول بيت بني لتوحيد الله؛ وقد جاء في القرآن:
إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين * فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين (سورة آل عمران).
فالحقيقة أنه أول بيت لعبادة الله الواحد الأحد، وإن كان قبله بيوت للأنبياء، فقد عرف نوح البيوت وسكنها قبل إبراهيم، وكان إبراهيم في البيوت في وطنه؛ لأن عبادة الأوثان كانت في معابد وفي مدن آهلة بالمساكن، ولكن الكعبة أول بيت وضع للناس وفيه آيات بينات . «وكانت البناية بسيطة؛ فما بنياه بقصة ولا مدر، ولا كان معهما من الأعوان والأموال ما يسقفانه، ولكنهما أعلماه فطافا به.»
Page inconnue