La révolution culturelle chinoise : une très brève introduction
الثورة الثقافية الصينية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
ومنذ عام 1962 وحتى عام 1966، نظم ماو وأتباعه العديد من البرامج النموذجية التي أصبحت تعرف فيما بعد بالثورة الثقافية، وتم الإعداد لكتاب ماو «الكتاب الأحمر الصغير» («مقتطفات من أعمال ماو تسي تونج») بواسطة الجيش في عام 1963 لنشر القيم الراديكالية بين الجنود من خلال دراسة سياسية إجبارية، وتم البدء في إعادة توطين شباب المدن في الريف في إطار برنامج جاد تم تعديله لتخليص المدن من الحرس الأحمر المزعج بحلول عام 1968. وبدأ التقديس الماوي للجندي المثالي لي فينج في عام 1963. وقدمت وحدة إنتاج دازهاي، وهو النموذج الماوي للمنظمة الريفية، أوراق اعتماده السياسية في عام 1964، وكذلك فعل حقل داتشينج النفطي، الذي يعتبر النموذج المعادل في قطاع الصناعة. وفي عام 1964 تم إطلاق حملة «الجبهة الثالثة» للتنمية الاقتصادية، والتي تم على أثرها إنشاء صناعات جديدة في مناطق داخلية آمنة، وإن كان ذلك قد تم في سرية.
ليس المقصود بذلك الإيحاء بأن البداية الحقيقية للثورة الثقافية كانت قبل سنوات عديدة من تاريخها الذي نعرفه، ولكن ماو وأنصاره كان لديهم بالفعل برنامج متكامل للصين. وكان مما ساهم بشكل جزئي في تأجيج الاضطرابات السياسية بعد عام 1966 إخفاقاتهم في تنفيذ هذه المبادرات اليسارية في ظل مقاومة نخبة بيروقراطية محترفة، كانت منشغلة بتطوير نظام أكثر استقرارا وروتينية. وكان مما أضافه ماو في عام 1966 لإشعال الثورة الثقافية التعبئة الضخمة للجماعات التي لم يكن لها نشاط في السياسة الصينية فيما سبق.
ولشعور ماو بأن خصومه هم من يهيمنون على تنظيم الحزب، وخوفه من منافسيه، راح يبحث عن حلفاء خارج نطاق الحزب. ومثلما قام بتجنيد قادة جدد من أجل قضيته، اتجه إلى ناشطين غير حزبيين، أولئك «المتمردين» الذين لبوا نداءه من أجل «ثورة بروليتارية ثقافية عظيمة». وقد لمست مناشدات ماو وترا لدى الكثيرين ممن كانوا يرون أن الحياة في الصين غير عادلة، وأنها لم ترق لمثل الثورة.
التقى ماو تسي تونج بالروائي الزائر ووزير الثقافة الفرنسي أندريه مارلو في عام 1965، وقد أخبره ماو بأن «الفكر، والثقافة، والعادات، التي أوصلت الصين لما وجدناها عليه لا بد أن تختفي، وأن فكر، وعادات، وثقافة الصين البروليتارية، التي لم توجد بعد، لا بد أن تظهر.» كذلك كان ماو يعتقد أن وصول الشيوعية قضية خطيرة، وليس مسعى نظريا مجردا. وقد انتقد رئيس الوزراء السوفييتي أندريه كوسيجين في تهكم لقوله إن ««الشيوعية تعني ارتفاع معايير المعيشة» بالطبع! والسباحة طريقة لارتداء سروال السباحة!» (4) الثورة الثقافية من الصعود إلى السقوط، دراما من فصلين
على الرغم من أن الأحد عشر عاما مدة الثورة الثقافية تعامل في العادة كحقبة واحدة مترابطة، فإن بوسعنا أن نفهمها بشكل أفضل إذا ما قسمت إلى مرحلتين شديدتي الاختلاف. اندلعت الحركة بانفجار مفاجئ وحاد للراديكالية من جانب الحرس الأحمر، والعمال المحبطين، وصغار المسئولين الطموحين، فيما بين عامي 1966 و1967. وقد نجحت هذه المرحلة من التعبئة الحاشدة للثورة الثقافية في الإطاحة بخصوم ماو من الحكم. أما المرحلة الثانية للثورة الثقافية، فقد استمرت من عام 1968 حتى عام 1976، وعززت نظاما ماويا جديدا من خلال اللجوء للمفاوضات والقوة لإخضاع الجماعات المتمردة للسيطرة. وهكذا أعقب الثورة حركة قمع مع قيام حزب أعيد تشكيله من جديد بقمع متمردي 1966. وقد توقفت هذه الفترة الثانية في عام 1971 بعد الوفاة الشنيعة للين بياو الذي كان مرشحا لخلافة ماو. فقد أثارت هذه الفضيحة معظم الصينيين، مما أدى بالحركة إلى الاستمرار لفترة طويلة تحت قيادة زعيمه المريض ماو الذي كان يشرف من بعيد وبأسلوب عقيم على الانشقاق الحزبي حتى وفاته في عام 1976. (4-1) الحماس الراديكالي: 1966-1967
اندلعت الثورة الثقافية عندما شعر الزعيم ماو بالإقصاء من جانب الرفاق الأكثر محافظة، وحارب لفرض نفوذه من جديد. بدأت الثورة الثقافية العظمى رسميا في مايو من عام 1966، وكانت مختلفة عن جميع الحملات التي أطلقت خلال السبعة عشر عاما الماضية؛ لأنها كانت موجهة ضد الحزب الشيوعي الحاكم نفسه.
وبينما كان ماو يعد العدة للثورة الثقافية، وجد بكين تحت سيطرة خصومه، فاتجه لثاني كبرى المدن الصينية، وهي مدينة شنغهاي، بحثا عن الدعم السياسي، وهناك وجد الكتاب الماويون منفذا لمقالاتهم التي لم يكن أحد في العاصمة ليقدم على نشرها، وكرس العديد من الشخصيات ذات الموهبة والطموح أنفسهم لنصرة القضية الماوية.
وبناء على طلب من ماو، قام الكاتب ياو وين يوان من شنغهاي بكتابة نقد لمسرحية «إقصاء هاي روي من السلطة» التي عرضت في عام 1961. وعلى الرغم من أن أحداث هذه المسرحية وقعت في عهد أسرة مينج، فقد كان من الممكن قراءتها بشكل مجازي كدفاع عن المارشال بنج ديهواي لتجرئه على نقد ماو تسي تونج بسبب مشروع القفزة الكبرى. لم يكن كاتب المسرحية، ووهان، حديث العهد بالسياسة، إذ كان نائبا لعمدة بكين. كانت خطة ماو هي عزل قادة الحزب المحافظين بمهاجمة التابعين لهم، ومن ثم، عندما عجز رئيس الحزب الشيوعي في بكين، بنج تسين، عن إيقاف نقد ووهان وحجب هذا العضو المنتمي لبطانته السياسية، أقصي هو نفسه من السلطة. وفي ظل الفوضى التي اجتاحت مكتب الحزب ببكين، وجد ماو سهولة أكبر في مهاجمة ليو شاوشي ودنج شياو بينج.
وبينما كان ماو يكافح من أجل تحسين أوضاع حزبه، تغلب على المقاومة من خلال الاستعانة بحلفاء جدد من خارج المنظومة الحزبية الطبيعية. وعن طريق توسيع نطاق المشاركة السياسية، اتجه ماو بشكل خاص إلى الطلاب، الذين استجابوا بتكوين منظمات «الحرس الأحمر» العشوائية، والتي كانت متلهفة لمواجهة المعلمين، وقادة الحزب المحليين، وأي شخص تقريبا في موقع سلطة. ففي ظل مجتمع مستبد تقل فيه المناسبات التي تتيح التعبير عن الرأي صراحة بلا خوف، شجع ماو المراهقين على مهاجمة أعدائه. وسرعان ما نظم الحرس الأحمر لقاءات جماهيرية، ونشروا صحفا، وقاموا بتعليق «الملصقات ذات الأحرف الكبيرة» في الأماكن العامة، وهاجموا منازل الأعداء الخياليين، بل وأقاموا سجونا للمسئولين المخلوعين. ولم تكن حداثة سنهم وافتقادهم للمسئوليات الاجتماعية وقودا لحراكهم النضالي فحسب، بل شجعا كذلك الانقسامات الداخلية والسلوك غير المسئول.
ومع انهيار التنظيم القائم للحزب، كون الماويون مجموعة مركزية جديدة للثورة الثقافية مخصصة لخدمة أغراضها. في البداية واجهت المجموعة صعوبة في تأسيس سلطتها خارج نطاق بكين. لقد أطاحت «عاصفة يناير» في شنغهاي بالتنظيم المحلي القديم للحزب، إلا أن الراديكاليين وجدوا صعوبة في تعميم هذا النموذج عبر جميع أنحاء الأمة. وراحت منظمات الحرس الأحمر المتناحرة، والتي غالبا ما كانت ترتبط بداعمين مختلفين في الحكومة والإدارة البيروقراطية للحزب، تحارب إحداها الأخرى. حتى مؤيدو ماو صدموا من العنف والفوضى السياسية السائدة. وكان في الإذلال العلني لمن كانوا يوما مسئولين كبارا لهم احترامهم واعتبارهم في لقاءات النقد والهجوم الجماهيرية استفزاز للكثيرين ممن تحالفوا مع الزعيم. وعبر بعضهم عن رفضهم لذلك في سلسلة من اللقاءات في بداية عام 1967، والتي لقبت ب «تيار فبراير المعادي» على سبيل الانتقاد. ولكنهم أوصلوا فكرتهم. تردد الجيش في التدخل في النزاعات القائمة بين الجماعات المتنافسة بزعم الحفاظ على النهج الثوري الحقيقي، ولكن لم يكن هناك مناص من إدخاله في الصراع. فمع بداية عام 1968، تدخل الجيش لاستعادة النظام بمعدل متزايد، خاصة في المناطق التي شنت فيها فصائل الحرس الأحمر حربا أهلية محلية. (4-2) إقامة النظام الثوري: 1968-1976
Page inconnue