La révolution culturelle chinoise : une très brève introduction
الثورة الثقافية الصينية: مقدمة قصيرة جدا
Genres
وضع برنامج الصين للأسلحة النووية بهدف توفير قدر من الحماية حين أخفقت الجهود الدبلوماسية في تقليل الضغط من جانب القوتين العظميين، وبدت الصين أمام العالم مثلما تبدو بيونج يانج أو طهران اليوم: دولة معزولة، محاصرة، تصنع قنابل من أجل مواجهة النقد من القوى النووية الحالية. كان الإعلام الغربي يصور الصين كدولة موتورة ولا يمكن التنبؤ بأفعالها، ولكن أسلحة الصين النووية تتوافق إلى حد كبير مع سياسة «الواقعية السياسية». وتزايد القلق جراء مقترحات القيام بقصف اتقائي أمريكي سوفييتي مشترك للمنشآت النووية للصين، إذ عادت لذاكرة القادة الصينيين ما حدث لهيروشيما والتهديدات النووية الأمريكية المتكررة منذ الحرب الكورية.
فشلت جهود الصين للإفلات من الحصار بشكل حاسم بحلول عام 1969، وانتهاء المرحلة الراديكالية من الثورة الثقافية، وانطلقت حاملة طائرات عسكرية عبر سماء الصين (خاصة جزيرة هاينان) ومعها حصانة في طريقها لقصف فيتنام، على الرغم من إسقاط الصين للعديد من طائرات التجسس. وكانت وكالة الاستخبارات المركزية تدفع أجرا سنويا للدالاي لاما من أجل ضمان استمرار الضغط على الصين من قبل المنفيين التبتيين، على الرغم من أن إمدادات الأسلحة للمتمردين في التبت انتهت على ما يبدو في عام 1965. وظلت ذكريات الغزو الأخير لتشيكوسلوفاكيا حية حين تقاتلت القوات الصينية والسوفييتية على حدود نهر أشوري في مارس عام 1969. وقد ساهمت هذه المعركة في ارتفاع أكبر لهيبة واعتبار لين بياو والجيش، ولكنها دفعت ماو نحو إعادة النظر في موقف الصين الجريء المشوب بالعزلة. وبحلول عام 1970، لم تحص الصين سوى بضع حكومات صديقة إلى جانب فيتنام، وكوريا الشمالية، وباكستان، والجزائر، وألبانيا، فاعتمدت الصين على حب «شعوب» العالم، وليس حكوماتها، ولكن الشعوب ليس لها سيطرة على الجيوش أو التجارة. (3) ميل ماو نحو الولايات المتحدة
تراءت لماو خطوة جريئة، تمثلت في إحداث تقارب مع الولايات المتحدة من شأنه أن يحدث مزيدا من الانقسام بين القوتين العظميين. كانت الولايات المتحدة قد منيت بهزيمة في فيتنام؛ فعرضت الصين الصلح من أجل مواجهة الاتحاد السوفييتي بشكل أفضل، وأرسلت الصين إشارة بذلك من خلال دعوة الصحفي الأمريكي إدجار سنو للوقوف بجانب ماو في العرض العسكري بمناسبة العيد القومي في 1 أكتوبر عام 1970. كان سنو قد قام بتأليف الكتاب الأكثر مبيعا «نجمة حمراء فوق الصين» في عام 1937، وهو كتاب ساهم في تقديم الحركة الشيوعية الصينية للعالم، ولما اتهم بالشيوعية وتعرض للنفي إلى سويسرا في الخمسينيات، رحب سنو بالدعوة بداعي تبرئة ساحته والدفاع عن نفسه، ولم يكن يدرك أن ماو كان يعتقد أنه عميل لوكالة الاستخبارات المركزية. وفي إطار اتباع دبلوماسية «الشعب للشعب»، جاءت تلك الزيارة التي قامت بها إحدى فرق تنس الطاولة الأمريكية، والتي سبقت رحلة هنري كيسينجر السرية كمستشار للأمن القومي في يوليو عام 1971. وكان كيسينجر، الذي ادعى أنه مريض وفي باكستان، قد تفاوض من أجل رحلة ريتشارد نيكسون لبكين في فبراير من عام 1972.
فازت بكين بمقعد الصين في الأمم المتحدة، مما عزز ما قام به ماو من إعادة تنظيم استراتيجية لأوراقه، وقادت دول العالم الثالث حملات في الجمعية العامة لطرد ممثلي شيانج كاي شيك. تسببت هذه الإجراءات في إحراج الولايات المتحدة، لكنها فشلت في حصد عدد كاف من الأصوات حتى أكتوبر من عام 1971.
لم تكن العلاقة الجديدة بين الصين والولايات المتحدة لتتحقق دون بعض الصعوبات؛ فقد كان لزاما إقناع المعادين الدائمين للإمبريالية والشيوعية بتنحية القناعات الأيديولوجية جانبا من أجل الحصول على مكاسب استراتيجية. ولم يكن لأحد أن يستطيع تصميم هذا التقارب الذي حدث دون مخاطر سياسية سوى معاد حماسي للشيوعية مثل نيكسون، والملحوظة نفسها تنطبق على ماو، أبرز المعادين للإمبريالية.
لم يكن لين بياو داعما لما يحدث، ولكن أية مقاومة من قبل الجيش انتهت بالنهاية العنيفة التي لاقاها لين بياو. انبثقت معارضة أمريكية أيضا من تلك القوى التي كانت تستثمر في وضع الحرب الباردة الراهن. وأصر جيمس جيسوس أنجلتون، رئيس المخابرات المضادة بوكالة الاستخبارات المركزية لفترة طويلة، على أن الشقاق الصيني السوفييتي الذي استمر على مدار العقد من الزمان كان خدعة دبرتها موسكو لحمل الغرب على التخلي عن حذره.
كانت صفقة الصين مع الولايات المتحدة غامضة في تفاصيلها، ولكنها كانت مفيدة لكلا الطرفين؛ فقد انصرفت الولايات المتحدة والصين عن حلفائهما في حرب فيتنام، واتحدتا معا للتصدي للاتحاد السوفييتي، ووافقت الولايات المتحدة على سحب قواتها والاعتراف الدبلوماسي من تايوان. وعلى الأرجح أن الصين كانت تعتقد أن التوحد السياسي مع تايوان سيأتي عما قريب، ولكنها ظلت محبطة، غير أن سحب القواعد العسكرية الأمريكية من تايوان مكن الصين من إعادة توجيه الاستثمارات نحو المناطق الساحلية وإنهاء برنامج الجبهة الثالثة المكلف تدريجيا. وفي نتيجة غير متوقعة، أدى إنهاء الدعم العسكري الأمريكي لحكومة الأحكام العرفية الكومنتانج إلى فتح الطريق للتحول الديمقراطي لتايوان، مما باعد أكثر بين الجزيرة وبين التوحد.
استمرت الصين في مهاجمة الإمبريالية، إلا أنها ربطتها باستنكار لسياسة «الهيمنة» للاتحاد السوفييتي، وارتجل ماو تعريفا جديدا أخرق «للعوالم الثلاثة» للسياسة العالمية؛ فشكلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي العالم الأول، وتألف العالم الثاني من «العناصر المتوسطة مثل اليابان، وأوروبا، وأستراليا، وكندا»، وهي الدول التي «لا تملك الكثير من القنابل الذرية وليست في ثراء دول العالم الأول، ولكنها أكثر ثراء من العالم الثالث.» أما العالم الثالث، فكان يضم أفريقيا، وآسيا (دون اليابان)، وأمريكا اللاتينية؛ أي الشعب. كان اقتصاد ماو سيئا، ولكن حس الاستراتيجية العالمية لديه كان قويا. لقد كانت الصين بحاجة إلى إزاحة الحلفاء بعيدا عن الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. (4) تعديلات خرقاء
لم تكن النقلة الدبلوماسية الصينية الأمريكية الرائعة ديمقراطية ولا تشاركية؛ فقد اتخذ هذا القرار النخبوي في سرية بعيدا عن الدول الأخرى، وبعيدا حتى عن الساسة في كل من الصين والولايات المتحدة. وفيما رحب الكثير من الصينيين والأمريكيين بالتغيير، انزعج آخرون؛ فقد كانت جميع الأطراف بحاجة لمناقشة ممتدة لتنفيذ هذا التعديل الأيديولوجي الكبير، الذي حول عدو الأمس اللدود إلى حليف اليوم ضد الاتحاد السوفييتي.
صدم القادة اليابانيون، الذين كانوا مؤيدين مخلصين للخط الصارم الذي اتبعته الولايات المتحدة في شرق آسيا، حين وجدوا السياسة تنقلب رأسا على عقب دون التشاور معهم. وعرفت الحكومة الأمريكية الصورية في جنوب فيتنام أن نهايتها باتت قريبة، فيما واجهت تايوان الأنباء بإنكار مصحوب بالذهول.
Page inconnue