La culture islamique en Inde
الثقافة الإسلامية في الهند
Genres
هذا، وبين الأشاعرة والسلف طائفة أخرى المعروفة بالماتريدية، أتباع أبي منصور محمد بن محمد بن محمود الماتريدي، وهم طائفة الفقهاء الحنفية؛ من الاختلاف في العقائد ما هو مشهور في موضعه، وهو إذا تتبع يبلغ بضع عشرة مسألة، كان بسببها في أول الأمر تباين وتنافر، وقدح كل منهم في عقيدة الآخر إلا أن الأمر آل آخرا إلى الإغضاء، ولله الحمد، انتهى ملخصا من الخطط والآثار للمقريزي.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن للعلماء في الكلام كتبا كثيرة لا تكاد تحصر، فلا بد لنا أن نذكر بعض الكتب المصنفة في هذا الفن.
فمنها التجريد لنصير الدين الطوسي، وشرحه للأصفهاني وعليه حواش لابن مطهر الحلي والسيد الشريف الجرجاني، وشرحه لعلي بن محمد القوشجي وعليه حواش للدواني والشيرازي، ومنها الطوالع للبيضاوي وشرحه للأصفهاني، ومنها أبكار الأفكار للآمدي وشروحه، ومنها المواقف وجواهر الكلام والعقائد العضدية جميعها للقاضي عضد الدين الإيجي، وللمواقف شروح أشهرها شرح المواقف للسيد الشريف الجرجاني، وللعضدية شروح أشهرها شرح الجلال الدواني، ومنها المقاصد وشرحه للتفتازاني، ومنها تهافت الفلاسفة للغزالي وقواعد العقائد والاقتصاد في الاعتقاد كلاهما له، ومنها العقيدة الحافظية للنسفي وشرحه للتفتازاني وحاشيته للفاضل الخيالي وتكملته ليوسف كوسج، ومنها بدء الأمالي قصيدة في العقيدة، ومنها الفقه الأكبر وشرحه للملا علي القاري، ومنها التمهيد لأبي شكور السالمي، ومنها شرح الصحائف إلى غير ذلك من الكتب. (1) مذاهب أهل الهند والكلام عليها
وأما أهل الهند فمنذ فتحها محمد بن القاسم الثقفي في عهد الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي كانوا قريبي العهد من زمن الصحابة - رضي الله عنهم، لا يعرفون إلا القرآن والحديث، ولا يعملون إلا ما صح عن الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، إلى مدة طويلة، فلما انقطعت سلطة الدولة العباسية من الأقطار البعيدة وغلبت الدولة الإسماعيلية على مصر قدم دعاتهم إلى بلاد السند، وأذعن لهم ملوك ملتان بالطاعة - لعلهم في أيام المستنصر العبيدي - وصار الناس إسماعيليين، ثم تتابعت الفتن وتواترت عليهم الوفود من مصر، ودخل القرامطة في بلاد السند، فتفرق الناس ومال بعضهم إلى مذهب الإسماعيلية وبعضهم صاروا قرامطة، ولم يزالوا على تلك الحالة إلى زمن السلطان محمود بن سبكتگين الغزنوي، فإنه لما ولي المملكة وفتح بعض بلاد الهند سار إلى ملتان وقاتل أهلها فأذعنوا له بالطاعة، ولما ملك السلطان شهاب الدين الغوري قاتلهم ثم أخرجهم إلى بلاد گجرات، فصار الناس متفقين على كلمة واحدة، على مذهب الأشاعرة، والسلطة الإسلامية كانت قوية الشوكة لا يستطيع أحد أن يتفوه بأمر يخالف الأشاعرة إلا في نواحي الهند، فلما اضمحلت السلطة وانحلت، وأصبحت الدولة فوضى وتواترت عليهم الوفود من بلاد الفرس، تكاثرت الأهواء والأقاويل المختلفة فيما بينهم. (1-1) الكلام على مذهب القرامطة والحشيشيين
قد علمت أنهم دخلوا أولا في بلاد السند فدعوا أهلها إلى الإلحاد والزندقة، منهم الشيخ صدر الدين السندي كان من الدعاة، وهو الذي سمى نفسه باسم هندي وصنف كتابا سماه «دساأوتار»، وقال فيه: إن عليا - رضي الله عنه - كان مظهر الألوهية، وهو العاشر من تلك المظاهر، فتبعه خلق من كفار الهند في بلاد السند، ثم دخل گجرات ودعى كفار الهند إلى مذهبه فدخل في دينه خلق كثير، وصنف كتابا آخر وسماه «گناره».
ومن دعاة ذلك المذهب إمام الدين الحسيني الإسماعيلي، قدم گجراتي ودعى كفار الهند إلى مذهبه سرا، وتعلم سنسكرت وصاحب أحبار الهند، وأجاز لكفار الهند أن يلبسوا شعارهم ويعيشوا على مراسمهم، ويعتقدوا بأن الله سبحانه واحد لا شريك له وأن محمدا رسوله، وأن عليا مظهر الألوهية برز فيه كرشن،
1
وأن الإمام نائبه، وحرم عليهم أكل اللحوم وأسقط منهم فرائض الإسلام، وألزمهم بأن يقولوا: لا إله إلا الله، الحمد لله، الله أكبر، قل هو الله أحد ... إلخ سرا في أوقات الصلاة، وأسقط منهم الوضوء وألزمهم الغسل وأن يقدموا لهم العشر، وله كتاب سماه «ست ديني» باللغة الگجراتية منظومة، وبنى لهم المعابد في كل قرية وبلدة وسماها «علي جي كامندر».
2
وتوارثت الإمامة في نسله إلى أيام عالمگير بن شاهجهان الدهلوي، وكان في زمنه السيد شاهجي الگجراتي إماما مطاعا قائما بالدعوة إلى مذهبه، ولم يزل مستورا عن أتباعه، فإذا ألحوا عليه يظهر قدمه لهم من وراء الحجاب فكانوا يقبلونها ويلقون النذور عليها، فلما سمع عالمگير خبره أمر بعض ولاته أن يبعثوه إليه، فأبى ذلك فأراد أن يبعثه قهرا، فخرج من بيته وأكل السم فمات قبل أن يصل إلى الحضرة، فخرج أتباعه من كل ناحية، وقاتلوا وقتلوا.
Page inconnue