ومنها: جواز التخليف على فعل ما يجب في المستقبل كأن يحلف المدين ليسلم ما عليه في المستقبل، وقد حكي هذا في مجموع علي خليل عن الهادي -عليه السلام- قال: وعند المؤيد بالله أنه لا يحلف على الأمور المستقبلة، وفي سورة الممتحنة في قوله تعالى: {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك...} إلى آخر الآية دلالة على الجواز.
قوله تعالى:
{وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء}
اختلف المفسرون ما الوجه في كون يعقوب نهاهم عن الدخول من باب واحد؟ فعن ابن عباس, والحسن، وقتادة ,والضحاك، والسدي, والأصم، وأبي مسلم ,: أنه خاف عليهم العين؛ لأنهم كانوا ذوي هيبة وكمال، وقد اشتهر إكرام الملك لهم، وكانوا مظنة إلى أن يطمح إليهم الأنصار [الأنظار].
وقيل: خاف عليهم حسد الناس، وأن يرفع إلى الملك قوتهم وبطشهم فيقتلهم أو يحبسهم.
وقيل: خاف عليهم الغوائل إذا كانوا مجتمعين، فرأى أن التفرق أسلم، وهذان مرويان عن أبي علي؛ لأنه أنكر العين .
وعن النخعي: أمرهم بالتفرق ليصل ابنه بنيامين إلى يوسف.
ولهذه الجملة ثمرة:
وهي استحباب البعد عن مضار العباد، والحذر منها.
فأما فعل الله تعالى :فلا يغني الحذر منه، ولهذا قيل: لا ينفع الحذر إذا جاء القدر.
وقال يعقوب -عليه السلام-: {وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله} ولهذه الفائدة تكميل وهي بيان ما قيل في العين.
Page 80