وللمؤيد بالله قولان في الوقف على الفقراء هل يحمل على الجنس أو في أقل الجمع، وهو كالنذر فهذه دلالة اللفظ.
وأما دلالة المعنى ففي ذلك نكتتان:
الأولى: في ماهية الفقير.
والثانية: من يخرج من عموم اللفظ.
أما الأولى وهي ماهية الفقير الذي له أخذ الزكاة ففي ذلك أقوال:
الأول: إطلاق أهل المذهب أنه الذي لا يملك إلا المنزل وثياب الأبدان والخادم، وسواء بلغ النصاب أم لا.
قيل: وزيادة لا يبلغ النصاب، وآلة جهاد عام أوخاص من فرس، ودرع ونحو ذلك، بلغ النصاب أم لا.
القول الثاني: يحكى عن الناصر والشافعي أن المانع من أخذ الزكاة أن يملك الكفاية إلى الدخل، وقد تخرج للمرتضى وأبي طالب .
وفي النهاية: عن الشافعي المانع أقل ما يقع عليه الاسم من الغنى.
وعن مالك: يرجع في حد الغنى إلى الاجتهاد؛ لأنه يختلف باختلاف الحاجات، والأشخاص والأمكنة.
وفي التهذيب: عن الثوري من ملك خمسين درهما، ورواه في الترمذي عن الثوري، وأحمد وإسحاق، وعبد الله بن المبارك.
وقيل: من ملك أربعين درهما، وقيل: بحسب أحوال الناس من غير تقدير، وهو اختيار القاضي.
وقيل: المال الكثير لا يمنع إذا لم يكن له كسب.
إن قيل: من أين نشأ هذا الخلاف وبماذا تعلق هؤلاء في أقوالهم؟
قلنا: من قال بالنصاب الشرعي جعل ذلك من اعتبار الشرع، وقد ورد قوله -عليه السلام-: ((أمرت أن أخذها من أغنياءكم وأردها في فقرائكم)) وإذا كان الأغنياء هم أهل النصاب وجب أن يكون الفقراء ضدهم.
ومن لم يعتبر النصاب رجع إلى المعنى اللغوي، ثم اختلفوا فمن قال :أقل ما يقع عليه الاسم من الغنى مانع، قال: أطرده: بمعنى أن النصاب مانع ولو لم يكفه هو ومن يمون إلا مدة يسيرة.
ومن قال هو غير مقدر بل يختلف بالحالات من الأشخاص والأماكن والمؤن الكثيرة، والقليلة جعل لكل غنى.
Page 12