L'Ornement des marchés dans les nouvelles des amoureux
تزيين الأسواق في أخبار العشاق
ولم يزل شوقه ينمو ووجده يسمو حتى لزم الوساد، وتوفي على ما ذكر في النزهة قبل عام الفيل بأربعة أعوام، وكان سبب وفاته على الأصح أنه قصد هندًا وقد تزوجت في نمير وهي قبيلة من عامر، وكان بينهم وبين بني نهد ثارات ودماء كثيرة، فحذره أبوه من ذلك ومناه الاجتماع بعكاظ في الأشهر الحرم حيث تكف الجاهلية عن الحرب.
فأبى وخرج سرًا حتى أتاها، فرآها جالسة على حوض وزوجها يسقي إبلًا له، فلما تعارفا شد كل منهما على صاحبه ودنا منه حتى اعتنقا وسقطا إلى الأرض. فجاء زوجها فوجدهما ميتين.
وقيل أن عجوزًا دخلت عليه في مرضه فأخبرتهم أنه عاشق وأن يطبخوا له شاة ويرفعوا قلبها ويقدموها إليه، ففعلوا فجعل يحاولها بضعة بضعة فقال أما لشاتكم قلب فقال له أخوه أعاشق أنت ولم تدر، فتأوه ومات. وقيل رأى زوج هند يطوف وعليه ثوب فيه كف كالذي في ثوبه، حين جاذبته فمات، وقيل أنه ترنم بهذه الأبيات يومًا ومد بها صوته فمات وهي:
ألا أن هند أصبحت منك محرمًا ... وأصبحت من أدنى حموتها حما
فأصبحت كالمقمور جفن سلاحه ... يقلب بالكفين قوسًا وأسهما
وقيل أن هذه الأبيات لمسافر بن عمرو أنشدها حين ولع بهند بنت عتبة وأراد زواجها، فخرج إلى النعمان بن المنذر بالحيرة ليطلب مهرها، وقيل أنها حملت منه فخرج هاربًا، وأصابه من عشقها مرض كبر معه فاستحضر له النعمان أطباء العرب فأجمعوا على كيه فكوي وبرىء، فقدم أبو سفيان أو هو غيره فسأله عن مكة.
فلما انتهى إلى زواج هند شهق فمات، وقيل خرج فمات في الطريق، وقيل هي يعني الأبيات للمغيرة في أسماء النهشلية والصحيح أن أبيات المغيرة هي:
تحدثنا أسماء أن سوف نلتقي ... أحاديث طسم إنما كنت حالما
ألا أصبحت أسماء حجرًا محرمًا ... وأصبحت من أدن حموّتها حما
ولابن عجلان أشعار كثيرة من محاسنها قوله:
قد طال شوقي وعاد لي طربي ... من ذكر خود كريمة الحسب
غرّاء مثل الهلال صورتها ... أو مثل تمثال صورة الذهب
ومنها:
ألا بلغا هندًا سلامي وإن نأت ... فنلبي منشطت بها الدار مدنف
ولم أر هندًا بعد موقف ساعة ... بأنعم من أهل الديار تطوّف
أتت بين أتراب تمايسن إذ مشت ... دبيب القطا أوهن منهن ألطف
يباركن مرات خليًا وداده ... ذكيًا وبالأيدي مدال ومسوف
أشارت إلينا في حياء وراعها ... سراة الضحى مني على الحي موقف
وقال تباعد يا ابن عم فإنني ... منيت بذي صول يغار ويعنف
ومنها:
خليلي زورا قبل شحط النوى هندًا ... ولا تأمنا من دار ذي لطف بعدا
ولا تعجلا لم يدر صاحب حاجة ... أغيًا يلاقي في التعجل أم رشدا
ومر عليها بارك الله فيكما ... وإن لم تكن هند لوجهيكما قصدا
وقولا لها ليس الضلال أجازنا ... ولكننا جزنا لنلقاكم عمدا
غدًا يكثر الباكون منا ومنكم ... وتزداد داري من دياركم بعدا
أخبار ذي الرمة وصاحبته مي
هو غيلان بن معدي بن عمرو الكناني القحطاني أو هو سعدي وقيل إبن عقبة بن يهوس ابن ربيعة يتصل من عبد مناف بالياس بن مضر وهو الأصح أديب شاعر رقيق النظام جزل الكلام وافر الحظ من الفصاحة والشعر ورقة المزاج خبير بأحوال العشق والرمة بالضم وتكسر قطعة حبل تجعل في عنق البعير ووهب طريف بن غطفان بعير الشخص بالحبل الذي في عنقه فقيل أعطاه برمته فضرب مثلًا لمن يعطي الشيء جميعه وبالكسر العظام البالية، وسمي بذلك لأنه كان كثيرًا ما يجعل في عنقه أو على عاتقه الحبل أو أنه سمي بذلك لشدة نحوله في العشق.
ومي هي بنت طلابة بن قيس بن عاصم الغساني أحد ملوك العرب ووالده قيس نظير المنذر بن ماء السماء كان ذا حظ في الملك تميل إليه العرب ويعطي القياد حتى ضربت به الأمثال، قال طرفة بن العبد بعد اشتكاء سوء حظه: ولو شاء ربي كنت قيس بن عاصم. يعني في ارتفاع الجد وسعة الملك قال في النزهة وكان ذو الرمة لطيف المنظر حسن الهيئة طويلًا إلى رقة وبياض واسع الصدر عجل المشية.
1 / 64