Tazkiyat an-Nafs
تزكية النفوس
Maison d'édition
دار العقيدة للتراث
Lieu d'édition
الإسكندرية
Genres
وقال ابن مسعود ﵁: " كفى بخشية الله علمًا وكفى بالاغترار جهلًا".
ولذلك قيل: ليس الخائف من يبكى ويمسح عينيه، بل من يترك ما يخاف أن يعاقب عليه، وقيل لذى النون المصرى: متى يكون العبد خائفًا؟ قال: " إذا نزل نفسه منزلة السقيم الذى يحتمى مخافة طول السقام ".
وقال أيو القاسم الحكيم: " من خاف شيئًا هرب منه، ومن خاف الله هرب إليه ".
وقال الفضيل بن عياض: " إذا قيل لك: هل تخاف الله فاسكت فإنك إن قلت: نعم، كذبت، وإن قلت: لا، كفرت ".
والخوف يحرق الشهوات المحرمة فتصير المعاصى المحبوبة عنده مكروهة، كما يصير العسل مكروهًا، عند من يشتهيه إذا عرف أن فيه سمًا، فتحرق الشهوات بالخوف، وتتأدب الجوارح، ويحصل فى القلب الخضوع والذلة والاستكانة ويفارقه الكبر والحقد والحسد، بل بصير مستوعب الهم بخوفه، والنظر فى خطر عاقبته، فلا يتفرغ لغيره، ولا يكون له شغل إلا المراقبة والمحاسبة والمجاهدة، والضنة بالأنفاس واللحظات، ومؤاخذة النفس بالخطرات، والخطوات والكلمات، ويكون حاله حال من وقع فى مخلب سبع ضار، لايدرى أنه يغفل عنه فيفلت، أو يهجم عليه فيهلك، فيكون بظاهره وباطنه مشغولًا بما هو خائف منه لا متسع فيه لغيره، فهذا حال من غلبه الخوف.
1 / 109