بسم الله الرحمن * الرحيم (1)
الحمد لله الذي أبدأ العالم وابتدعه واخترع ما أنشأه * فاتقن (2) بالحكمة ما اخترعه وأودعه أصناف الأمم وغرائب الحكم فيا حسن ما أودعه. وجعل ابتدائه منه وإليه مرجعه الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وهداه بلطفه سبيلي التعلم والتعليم. وأوضح له طرق معرفة الصحيح والسقيم. وأرشده إلى دفع الداء بنفع الدواء ذلك تقدير العزيز العليم. والصلاة على نبيه محمد الذي أظهر الحق بعد استتاره وشيد الدين بعد دثور آثاره. وحث على طلب العلوم * وحرض على (3) تعلمها وفضل بعضها على بعض على قدر تفاوت حكمها. فقال وهو رب التبيين والبيان: "العلم علمان علم الأبدن وعلم الأديان." * فصلى الله عليه (4) وعلى آله الذين هم جوهر ومن سواهم عرض وولاهم صحة لا يتطرق إليها مرض. وبعد: فإنني لما من الله سبحانه وتعالى علي بإظهاري من علم الطب على كنوزه وكشف مشلاته وحل رموزه، وجب علي أن أوضح لطالبه أسرار مطالبه، وأبين لمتعلمه غوامض حكمه. ورأيت كتاب الفصول لأبقراط يحل من هذا العلم محل عضوه الرئيس. لا، بل هو منه كالنفس لا يقاس * إليها (5) جوهر نفيس. وقد شرحه جماعة من العلماء وعدة PageVW0P002A من كبار الحكماء، إلا أنهم ركبوا فيه طريق البلاغة والإنجاز، * وسلكوا (6) نهج التغريب والإعجاز. وأفهام المتعلمين في زماننا هذا محتاجة إلى أن * يتلطف (7) المعلم إليها ويتوصل بالحيل إلى إيضاح الحكم لديها * لقصور الهمم (8) لوفور الهموم وفساد الشيم لكساد العلوم. فأجبت أن أشرحه لطالبيه شرحا ينشط إلى الرغبة فيه. وأجمع في لفظه بين البيان * والتباين (9) ، وفي معناه بين الدقة والتوصل إلى الأذهان. ولم أصنف هذا الكتاب بما أدى إليه عقلي. بل بما أوردته من محفوظي ونقلي. فلهذا أقدمت * على ذلك (10) وقد كنت من عقلي * في (11) PageVW1P006A أمان وتجسرت على أن جعلت نفسي هدفا لكل لسان. وجدير بالواقف عليه ستر ما يجده من ذلك * من زلل (12) وإصلاح ما يطلع عليه من خطأ أو خلل. وسميته كتاب "تيسير الوصول إلى تفسير الفصول." وخدمت به الخزانة * مولانا السلطان المعظم المالك الملك المظفر العالم العادل المجاهد المؤيد المنصور فخر الدنيا والحق والدين غياث الإسلام والمسلمين سيد الملوك والسلاطين محيي العدل في العالمين منصف المظلوم من الظالمين ملك المعالي ملك أمر الشرق والغرب. أعز الله نصره وانفذ في الخافقين نهيه وأمره (13) التي هي معدن الفضل والإفضال ومحط PageVW0P002B رحال الأمال. فالله تعالى يديم دولته دواما لا ينقطع أمده ولا * يحصى (14) عدده. فهي الدولة التي تضرب الأمثال بعدم مثلها، وتحلى أجياد الأيام بجواهر عدلها. فهي في وجه الزمان غرة، وبين أصداف الدول درة، * وبعدلها (15) * تكسى (16) القلوب قرارا والعيون قرة، * وتضاعف في الحسنات (17) ولا يظلم أحد مثقال ذرة. لو عاين العمر أن يسيره عدلها لتمنيا أن يخلقا في ظلها أو لو رأى كسرى مناقبها غدا خجلا وأذعن بالخضوع لفضلها في فرعها السلطان شيد آخر إما شاد أرتق أولا في أصلها والرغبة إلى الله تعالي في أن يجعلها دولة مخلدة، * ويقرنها (18) بسعادة مؤبدة، ويديم ما أفاض على العالم سحائب نعمها وفائض جودها * العميم (19) وكرمها * بمنه وكرمه (20) . * وفي ذلك أعتمد على القديم الأزل معلل العلل، عليه أتوكل وإليه أنيب (21) .
[المقالة الأولى]
1
[aphorism]
قال أبقراط: العمر قصير والصناعة طويلة والوقت ضيق والتجربة * خطر (22) والقضاء عسر.
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P003B ذكر العلماء في ذلك وجوها. أحدها أنه كان غرضه الصد لطالبي هذه الصناعة من المتعلمين والرد * لهم (23) * من الصادرين (24) والواردين. وهذا وجه لا أرتضيه ولا أجيل الفكرة فيه. فإن مثل ذلك الإمام العالم لا يشح بعلمه ولا يبخل على أحد بفهمه. وقال "من يركن إليه ويعتهمد عليه إنما كان غرضه بذلك القول الحث على تعلمها والتحريض على * معرفة (25) صحتها وسقمها." وقال آخر "إنما كان غرضه اختبار الحريص والدفع لمن غرضه الكسرة ولبس القميص ليختبر الناشط من الكسلان والنائم من اليقظان." وقال "العمر قصير": أراد به ثلاثة أوجه. أحدها، وهو المطلوب، مصاحبة PageVW1P006B النفس الجسد * والمقام (26) في أول بلد. * والثاني (27) المعيشة ما صلح منها وما فسد. وقال "الصناعة طويلة" بالنسبة إلى عمر الإنسان. فإن * عمره (28) يقصر عن استيفاء كلياتها وجزئياتها والوقوف على أسبابها وعلاماتها. فإن مبنى هذه الصناعة على * الحدس (29) * والتخمين (30) ، والظن لا يدفع به اليقين. PageVW0P003B والوقت ضيق لأن وقت الإنسان لا يتفرغ فيه إلى ما يتوخاه من مصالحه فضلا عن تعلم هذه الصناعة. فإنه إذا أخلى خاطره * وأصفى (31) ضمائره وصرف نفسه عما سواها، لم يحصل له مبدؤها فضلا عن منتهاها. التجربة خطر لأن موضوع هذه الصناعة أشرف موضوع وأجل مصنوع، وليس * هو (32) كموضوع باقي الصنائع لأن * موضوع كل (33) صناعة إذا أفسده صانعه وأتلفه واضعه، أقام غيره مقامه. والجسد إذا فسد لا يقام مثله، إلا بقدرة إلهية والصنعة معنيوية. "والقضاء عسر" * والقضاء هو (34) القياس، وهو أمر عسر فهمه وعن علي * عارفيه (35) رسمه.
[commentary]
قال أبقراط: وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخي * فعل (36) ما ينبغي دون أن يكون ما PageVW0P004A يفعله المريض ومن يحضره كذلك * وللأشياء (37) التي من خارج.
[commentary]
قال الشارح: من عادة العلماء وخصوصا الحكماء النصح لكل أحد والإصلاح لكل ما فسد. فإذا كانوا بهذه الصفة، * فالأولى أن ينصحوا (38) لتلاميذهم. فلأجل هذا، نبههم لأمر لا يدخل عليهم منه الضرر. فقال توصية لتلاميذه: ينبغي لك أيها الطبيب أن لا تعالج مريضا * لا (39) يطيعك فيما تأمره به، ولا لمن لا يكون له خادم شفيق ولا لمن لا يحضر عنده أدوية جيدة تطلبها منه لئلا تنسب إلى القصور وتقع في * كل محذور (40) . وقد قال جالينوس في شرح ذلك-وقيل الرازي-"إذا كان الطبيب حاذقا والمريض قابلا والخادم مشفقا والدواء موجودا، فما أقل * مكث (41) العلة." وقال "الأشياء التي من خارج" قال: بعض المفسرين أراد بها إصلاح الأهوية والمساكن. فإن كل فصل من فصول السنة يكون له مسكن يليق به. وقال غيره "الأشياء التي من خارج هي ما يرد على المريض مما يسره أو يضره،" وهو الأوفق. فإنني جربته وصح معي في عدة مواضع PageVW1P007A أذكر بعضها. وذلك أني كنت في خدمة بعض الملوك رحمه الله تعالى. وكان له مملوك جميل منظره مليح مخبره. وكان PageVW0P004B له به عناية عظيمة. فوقع في مرض صعب علاجه وضاق علي منهاجه. وكان كثيرا ما يهجر في مرضه بطيب بلده. ويرى * عند (42) نعاسه وغوصه أنه في بلده. فعلمت شدة محبته لبلده، وأنه قد عظم عليه مفارقته. فجئت إلى مخدومه بعد ما آيست من علاجه فقلت: "يا مولاي، قد بقي عندي في مداواته * فرد قضية (43) . إن كان مولانا يعاونني عليها، يتوقع له الراحة والعافية من الله تعالى. فقال: "وما هي؟" قلت: "يأمر مولانا من يدخل عليه ويفوض أمره إليه، ويقول قد * رسم (44) السلطان بأن تمشي إلى بلدك وتحضر * عنده (45) من متاع * البلد (46) الذي هو فيه ما يصلح أن يهديه." فأجاب إلى ذلك. فأحضرنا هدية سنية وأدي الرسالة. فصح ذلك عنده وداخله من السرور ما أزال عنه كل محذور. وقام كناشط من عقال بعد ما رثت به الأحوال كأنه قد بلغ نهاية الآمال، مع أن أعضاءه ما توآتيه من شدة آلم هو فيه. وقويت نفسه بعد ما كانت قد أضمحلت، وتراجعت قوته بعد ما كان قد تولت وكلت. وقام * إلى الحمام (47) بعد ما كان أنهكه المرض، واستولى على جوهره العرض، وهان علاجه وطاب مزاجه وذهبت الأسقام والآلام. ودخل الحمام وكان قد قاربه الحمام. فينبغي أن يسمع PageVW0P005A المريض ما يسره سماعه وتزول به أوجاعه ليتراجع بذلك قوته وتقوى منته وتتباعد * أمنيته (48) .
2
[aphorism]
قال أبقراط: إن كان ما يستفرغ من البدن عند استطلاق البطن والقيء اللذين يكونان طوعا * لك (49) من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن، نفع ذلك وسهل احتماله. وإن لم يكون كذلك، كان الأمر على * الضد. (50)
[commentary]
قال الشارح: إن أبقراط قال في هذا الفصل قولا كليا * قال (51) جميع ما يبرز من البدن * لا (52) * يخلو (53) إما أن يكون من فعل الطبيعة أو من الطبيب. فإن فعلت الطبيعة في ذلك الواجب، فلا ينبغي للطبيب معارضتها ولا مساعدتها. وإن كان من فعل الطبيب، فيجتهد في استفراغ الخلط المؤذي الموجب للمرض ونفيه عن البدن. ويكون ذلك من العضو الذي قد مالت المادة إليه. فإن بذلك يكون زوال المرض.
[commentary]
* قال أبقراط (54) : فينبغي أن تنظر في الوقت الحاضر من أوقات السنة وفي البلد * وفي (55) السن * وفي (56) الأمراض هل يوجب استفراغ ما هممت باستفراغه أم لا.
[commentary]
* قال الشارح (57) : ينبغي إذا غزم الطبيب على استفراغ البدن أن * ينظر (58) في فصول السنة وفي البدل والسن PageVW0P005B والأمراض. * إن (59) كانت هذه معينة له ومساعدة، فيقدم على الاستفراغ ولا يحجم. وإن لم يكن مساعدة، فيؤخر ذلك. وصورة الإعانة إن كان الوقت * صائفا (60) والسن سن الشباب والبلد شديد الحرارة، فليكن الاستفراغ من فوق بالقيء لقول أبقراط وقيئنا في الصيف لأن الفضول * تطفو (61) وأسهلنا في الشتاء لأن الفضول ترسب. وإن كان الوقت خريفا أو شتاء، فليكن الاستفراغ بالإسهال في غالب الأوقات. وإن كان ربيعا، فبإخراج الدم في أكثر الأوقات لأن كل فضل يولد بطبعه. وليكن الاستفراغ من أقرب الطرق من الجهة التي مالت المادة إلى ناحيتها إن مال إلى * ناحيته (62) . * إن (63) مال إلى فم المعدة، * بالقيء (64) ؛ أو إلى الكبد والأحشاء، فبالإسهال؛ أو إلى العروق، فبالفصد. وعلى هذا القياس.
3
[aphorism]
قال أبقراط: خصب البدن المفرط لأصحاب الرياضة خطر إذا كانوا قد بلغوا منه الغاية القصوى * إلى آخره (65) * ه (66)
[commentary]
قال الشارح: قد شبه أبقراط في هذا الفصل البدن بالبستان المدغل وبالدار * الشثة (67) . فإن البستان إذا كثر دغله وعشبه، لا يجري الماء في سواقيه إلى أشجاره ومزدرعاته ولا يصل إلى كل شجرة منه مستحقها من الماء. وكذلك إذا فسدت PageVW0P006A ماذيانات الدار، ينعكس الماء ويقف فيها، فتنفتح له أماكن لم يكن جريانها فيها واجبا ولا مصلحة، فيؤول أمرها إلى الخراب. والبدن إذا كان عبلا مفرطا تمتلئ أوعيته فتضيق على الروح مسالكها وكذلك على الدم والحار الغريزي. ولهذا قال أبقراط من كان بدنه غليظا جدا بالطبع، فالموت إليه أسرع منه إلى القضيف، وخصوصا لأصحاب الرياضة لكثرة حركاتهم وحملهم الثقيل. فلا يؤمن عليهم أن ينصدع لهم * عرق (68) في الصدر أو ينقطع بعض الشرايين. فينبغي إذا عبل البدن عبالة مفرطة أن تنقص كمية مقداره بغير توقف ليسلك الدم في مسالكه وتتسع المجاري على الأرواح التي فيه، ويصل إلى كل عضو من الغذاء مستحقه وينقى البدن من المؤذي. ولا يبالغ في الاستفراغ خيفة إجحاف القوة وخمود الحار الغريزي. وليكن * استفراغك للبدن (69) بقدر احتمال القوة. وقال قولا كليا وكذلك أيضا كل استفراغ تبلغ فيه الغاية القصوى فهو خطر. وكل تغذية أيضا هي عند الغاية القصوى فهي خطر. ففي كل * مرض (70) يكون استفراغ البدن بقدر احتمال القوة خيفة على ضعفها. وكل تغذية أيضا يغذى بها البدن يكون بقدر احتمال القوة له * كيلا (71) يكثر الغذاء على الحار الغريزي فيغمره ويطفئه.
4
[aphorism]
PageVW0P006B قال أبقراط: التدبير البالغ في اللطافة عسر مذموم في جميع الأمراض المزمنة لا محالة * إلى لآخره (72) .
[commentary]
قال الشارح: من عادة أبقراط أن يكرر المعنى في كتبه في عدة PageVW1P008B * مرار (73) لا سهوا ونسيانا لكن إيضاحا وتبيانا وتنبيها لقارئ كتبه وتأكيجا * كيلا (74) * يزيغ (75) عن قوله ولا يحيد. ويجعل ذلك له إماما به يهتدي وبقوله يقتدي. ومعنى الكلام كل مرض لا * يخلو (76) إما أن يكون حادا أو مزمنا. وعنى بالحاد القريب المنتهى السريع الزوال إلى أحد الطرفين. والمزمن بضده. وقسم التدبير إلى ثلاثة أقسام. فقال التدبير * البالغ (77) في الغاية القصوى هو منع الغذاء وماء * العسل (78) لأن في الزمن الأول لم يكن لهم سكر وكان * التدبير (79) في * الغاية (80) ماء العسل والتدبير اللطيف جدا ماء الشعير وحده والتدبير اللطيف كالمزاوير وبيض النميرشت. وجعل كل غذاء مخصوص لمرض مخصوص. فالتدبير البالغ في الغاية للمرض الحاد في الغاية والتدبير اللطيف جدا للمرض الحاد المتوسط في الحدة والتدبير الذي هو أغلظ منه للمرض الحاد لا في الغاية. وهذه الثلاثة * الأقسام (81) من التدبير في الأمراض المزمنة * رديء (82) استعمالها خطر مآلها إلى الغاية لبعد منتهاها. وأن القوة لا تفي بها إلى منتهى المرض. وكذلك الأمراض الحادة PageVW0P007A إن لم تحتمله القوة، فاستعمالها فيها خطر. فقصارى هذا القول إن كان منتهى المرض قريبا، يدبر بالتدبير اللطيف جدا. وإن كان منتهاه متوسطا، * كان (83) الغذاء من اللطافة والغلظ. وإن كان بعيد المنتهى، يدبر بالتدبير الغليظ وينقص من الغذاء * بين اللطافة والغلظ (84) قرب المنتهى المرض بحسب لين المرض ونقصانه.
5
[aphorism]
قال أبقراط: في التدبير اللطيف قد يخطئ المرضى على أنفسهم خطأ يعظم ضرره عليهم. وذلك أن جميع ما يكون منه أعظم خطأ من الغذاء الذي له غلظ يسير. ولذلك صار التدبير البالغ في اللطافة أعظم خطرا من التدبير الذي هو أغلظ منه قليلا.
[commentary]
قال الشارح: إن * المرضى (85) يخطؤوون على أنفسهم بالتدبير اللطيف خطا يعظم منه الضرر عليهم لأن الخطأ العارض من استعمال الغذاء الغليظ يؤدي إلى طول مدة المرض وعسره. واستعمال التدبير اللطيف جدا يؤدي إلى ضعف القوة وسقوطها وذبول الحرارة الغريزية وهبوطها. والضرر الحاصل من سقوط القوة أعظم خطرا من طول PageVW1P009A مدة المرض وعسره.
6
[aphorism]
قال أبقراط: أجود التدبير في الأمراض التي في الغاية القصوى التدبير الذي في الغاية * القصوى (86) .
[commentary]
قال الشارح: قد تبين فيما تقدم أن التدبير في المرض الذي في الغاية القصوى هو منع PageVW0P007B الغذاء. والمرض * الذي (87) في الغاية القصوى من الحدة لا يتجاوز منتهاه اليوم الرابع من مرضه ويستوفي فيه الأوقات الأربعة * المبتدأ (88) * والتزيد (89) والانتهاء والانخطاط كالهيضة وحمى يوم وما شاكل ذلك. ومنع الغذاء في هذا واجب لقرب منتهى المرض. فمنع الغذاء فيه حق واجب لأن القوة لا تخاف عليها ولئلا تشتغل الطبيعة بالغذاء عن مقاومة المرض.
7
[aphorism]
قال أبقراط: وإذا كان المرض حادا جدا فإن الأوجاع التي في الغاية القصوى تأتي فيه بديا ويجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة * إلى آخر الفصل (90) .
[commentary]
قال الشارح: لا يخلو المرض من أن يكون حادا في الغاية وهو الذي تبتدئ الأعراض الهائلة فيه في أوله أو لم يكن كذلك. فإن كان الأول، فمنع الغذاء فيه واجب لما سبق من قوة القوة وثباتها إلى وقت المنتهى وقرب المنتهى. وإن لم يكن كذلك، فيعطى من الغذاء بحسب احتمال القوة وحدة المرض. وهذا المعنى قد كرره كثيرا واعتذرنا عنه فيما تقدم.
8
[aphorism]
قال أبقراط: إذا بلغ المرض منتهاه، فعند ذلك يجب ضرورة أن * تستعمل (91) التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة.
[commentary]
قال الشارح: الواجب في استعمال العلاج بالاتفاق أن المرض ما دام في الزيادة إلى أن يبلغ منتهاه يمنع من الغذاء، * وخصوصا (92) عند المنتهى، وهو PageVW0P008A التدبير اللطيف في الغاية القصوى لأن المنتهى على ما قال بعضهم هو البحران التام، وهو جهاد الطبيعة مع المرض. فمتى أعطى المريض الغذاء في ذلك الوقت، اشتغلت الطبيعة عن الجهاد بهضهم الغذاء. فينبغي للطبيب في ذلك الوقت أن يكون * كالمعون (93) مع الساعي يرشح PageVW1P009B القوة بالغذاء اللطيف في الغاية إلى وقت المنتهى ترشيحا يسيرا بحيث تقوى على هضمه، ولا تثقلها وتترحج به على مقاومة المرض.
9
[aphorism]
قال أبقراط: وينبغي أن تزن أيضا قوة المريض فتعلم إن كانت تثبت إلى وقت منتهى المرض * إلى آخره (94) .
[commentary]
قال الشارح: ينبغي للطبيب أن يختبر قوة المريض بنبضه وبالأعراض * الصادرة (95) * فيرجح (96) في ذهنه هل قوته باقية إلى وقت منتهى المرض أو لا * تبقى (97) . فإن كانت تبقى، فيمنع من الغذاء أصلا لما ذكر آنفا. وإن كانت لا تبقى إلى وقت المنتهى، فينبغي أن يدبرها بما هو أغلظ من ذلك.
10
[aphorism]
PageVW0P008B قال أبقراط: * والذين (98) يأتي منتهى بديا، فينبغي أن يدبروا بالتدبير اللطيف بديا. والذين يتأخر منتهى مرضهم، فينبغي أن يجعل تدبيرهم في ابتداء مرضهم أغلظ ثم ينقص من غلظه قليلا قليلا كلما قرب منتهى المرض وفي وقت منتهاه بمقدار ما تبقى قوة المريض عليه.
[commentary]
قال الشارح: المرض * الحاد (99) الذي يأتي منتهاه في أوائله * هو (100) اليوم الرابع من مرضه ولا يتجاوز السابع. والذي يكون بهذه الصفة يدبر بالتدبير اللطيف في الغاية. * والذي (101) يأتي منتهاه من الحادي عشر إلى الرابع عشر يكون تدبيره * كماء (102) * الشعير (103) . فإن كانت قوته ضعيفة وخيف عليه، يكون ماء الشعير مع كشكة، وبعد المنتهى يغلظ التدبير وعند المنتهى يجب المنع بالكلية.
11
[aphorism]
قال أبقراط: وإذا كان للحمى أدوار، فامنع من الغذاء في أوقات نوائبها. فإن الزيادة فيه مضرة.
[commentary]
PageVW0P009A * قال الشارح (104) : عند أحد نوبة الحمى يتنزل بمنزلة منتهى المرض. وكما أننا منعنا في منتهى المرض الغذاء، كذلك نمنع في وقت أخذ النوبة لئلا تشتغل الطبيعة به عن مقاومة الحمى. ووجه آخر أن الحمى في وقت أخذها للبدن تتجلب الأخلاط من الأعضاء إلى فم المعدة. فإذا وافى PageVW1P010A الغذاء ، استحال إليها وامتلأت المعدة من الكيموسات الرديئة المنصبة إليها، فقويت شديدا، فأثقلت القوة وأوهنتها * فانحازت (105) القوة وزاد المرض.
12
[aphorism]
قال أبقراط: إنه يدل على نوائب المرض ومرتبته ونظامه الأمراض أنفسها وأوقات السنة وتزيد الأدوار بعضها على بعض * إلى آخره (106) .
[commentary]
قال الشارح: الذي يدل على معرفة الأمراض أنفسها وأوقات السنة PageVW0P009B وتزيد الأدوار وما يبرز من البدن. مثال ذلك أن الحمى الغب * الحالصة (107) مدة أخذها أثنا عشرة ساعة وتأخذ يوما ويوما * لا (108) ، وانقضاءها أكثر ما يكون في سبعة أدوار وأكثر ما يعرص في الصيف. وحمى الربع أكثر ما يعرض في فصل الخريف ودورها يوم ويومان لا، ومكثها * أربع (109) وعشرون ساعة والنائبة في كل يوم ولها * ثماني عشرة (110) ساعة وأكثر ما يعرض في الشتاء. وسونوخس لازمة مطبقة، وأكثر ما يعرض في الربيع. وما يبرز من البدن إن وجد البدن تعقبه خفة وراحة وكان في يوم باحوري، * فهو (111) علامة للبرؤ. وإن وجد البدن بعده تعبا وكلالا ولم يبرز في يوم باحوري، كان علامة الهلاك. * مثاله (112) ما يعرض في ذات الجنب. فإنه إن ظهر النفث في ابتدائها، دل على النضج وكان المرض قصيرا. وإن تأخر ظهوره، كان المرض طويلا. وكذلك * كل ما (113) يبرز من البول والبراز والعرق ونحو ذلك.
13
[aphorism]
PageVW0P010A قال أبقراط: المشايخ أحمل الناس للصوم ومن بعدهم الكهول * إلى آخره (114) .
[commentary]
قال الشارح: المشائخ أصبر عاى الجوع من الكهول. والكهول أصبر عليه من الشباب. والشباب أصبر عليه من الفتيان. والفتيان أصبر عليه من الصبيان. وذلك بسبب كثرة الحار PageVW1P010B الغريزي في أبدانهم وضعفه. فإنه في الصبيان أزيد ما يكون. والدليل عليه ما يتلوه في الفصل الذي بعده. وفي سن الشباب أحد كيفية من الصبيان * والكهول الحار فهم ضعيف (115) لكن قواهم باقية، وفي سن المشايخ أضعف ما يكون. والدليل عل ذلك قلة ظهور الحمى في أبدانهم.
14
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأبدان في النشوء، فالحار الغريزي فيهم على غاية ما يكون من الكثرة * إلى آخره (116) .
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P010B أجمع المفسرون من جالينوس وغيره أنه كان ينبغي أن لا يفصل بين هذا الفصل وبين الذي قبله وكان الواجب أن يقول بعد قوله "وأقل الناس احتمالا للصوم الصبيان لأن ما كان من الأبدان في النشوء، فالحار الغريزي فيهم على غاية يكون من الكثرة" فيكون دليلا على ما قاله قبل، غير أن حرارة الشباب أحد كيفية وأقل كمية على ما قال بعضهم. وبعضهم من * جعلهما (117) شيئا واحدا وحرارة الصبيان أكثر كمية وأقل كيفية. فإاذ كانوا بهذه الصفة، كانت حاجتهم إلى الغذاء أمس. وحاجة الصبيان أكثر من الشباب لقوة هضمهم * ولنشوء (118) أبدانهم وكثرة حركاتهم. والشباب يحتاجون إلى الغذاء * ليخلف (119) ما يتحلل ولم يبق لهم نشوء. والشيخ الفاني يحتاج إلى غذاء يسير في دفعات كثيرة لا ينقطع عنه لئلا تطفئ حرارته، كالسراج إذا PageVW0P011A قل * دهنها (120) * وضعفت (121) نارها * تمسك (122) بالدهن. وإلا، طفئت.
15
[aphorism]
قال أبقراط: الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما تكون بالطبع والنوم أطول ما يكون * إلى آخره (123) .
[commentary]
قال الشارح PageVW1P011A : الفصل الأول كان في الأسنان وهذا في فصول السنة لأن الحار في الشتاء والربيع يغور إلى داخل البدن بملاقاة الهواء البارد فيسخن الباطن ويبرد الظاهر. والنوم في هذين الوقتين كثير إلى غاية لطول الليل وقصر النهار. وإن الظلمة وطول الليل سببان جالبان للنوم، فيقوى الهضم بالنوم وبانعكاس الحار، فتكون الحاجة إلى الغذاء أكثر. والصيف والخريف * يبرد (124) الباطن ويسخن الظاهر ويطول النهار ويقصر الليل فيضعف الهضم وتقل الحرارة في هذين الفصلين، فتكون * حاجة الغذاء (125) فيهما قليلة. والدليل على ذلك أمر الأسنان وأصحاب الرياضة. وذكر من أصحاب الرياضة المصارعين لقوة قواهم وكثرة حركاتهم.
16
[aphorism]
قال أبقراط: الأغذية الرطبة توافق جميع المحمومين لا سيما الصبيان وغيرهم ممن قد اعتاد أن يغتذي بالأغذية الرطبة.
[commentary]
قال الشارح: هاهنا مباحث. لا شك أن قواعد الطب مبنية على أن الصحة تحفظ بالشبه وترد بالضد. والحمى * فهي (126) زوال الصحة، فينبغي PageVW0P011B أن ترد بالضد وهي حارة يابسة، فشفاءها بالبارد الرطب. فقوله توافق جميع المحمومين هو استغراق لجنس الحمى فيدخل في هذا القول جميع أجناس الحميات. ولا شك أن النائبة * السبب (127) الموجب لها هو البلغم وهو بارد رطب. فإن قلتم : بعغنه صار حارا يابسا، قلنا: برده ورطوبته ذاتي وحره ويبسه عرضي. والذاتي من شأنه أن يثبت والعرضي من شأنه أن * يحول (128) ويتغير، فيبقى شفاء البارد الرطب بالبارد الرطب * وتغير (129) ما كان قد تقرر ووقع عليه * الاتفاق. (130)
17
[aphorism]
قال أبقراط: * وينبغي (131) أن يعطى بعض المرضى غذاءهم في مرة واحدة وبعضهم في مرتين. ويجعل ما يعطونه منه * أكثر وأقل (132) وبعضهم قليلا قليلا. وينبغي أن يعطى الوقت الحاضر من أوقات السنة حظه من هذا والعادة والسن.
[commentary]
قال الشارح PageVW1P011B : إعطاء * الغذاء للمريض (133) على قدر حال القوة. فإن كانت * قوته (134) قوية، فيعطى الغذاء في مرة واحدة بقدر احتمالها. وإن كانت ضعيفة وحال البدن حال ذبول ونقصان، فيعطى في مرار كثيرة فليلا فليلا لتقوى القوة على هضمه ويقوم * البدن (135) بإيراده كحال السراج الذي قاربت الانطفاء إن * وضع (136) الدهن * فيه (137) مرة واحدة، خنقها * وغمرها (138) . وإن فرغ الدهن، طفئت. كذلك PageVW0P012A حال البدن إن أعطى الغذاء دفعة واحدة، خنق الحرارة * وغمرها (139) . وإن قطع الغذاء * عنها (140) ، ذبل ونقص. وتراعى أحوال فصول السنة كما تقدم. * إن (141) كان الفصل شتاء أو ربيعا، يكون الغذاء كثيرا لكمون الحرارة في داخل البدن. وإن كان صيفا أو خريفا، يقلل البرد الباطن وسخونة الظاهر. وكذلك السن إن كان صبيا أو فتيا، يكثر له الغذاء. وإن كان كهلا أو شيخا، يقلل الغذاء لضعف الحرارة فيهما، وكذلك العادة.
18
[aphorism]
قال أبقراط: أصعب ما يكون احتمال الطعام على الأبدان في الصيف والخريف وأسهل ما يكون احتماله عليها في الشتاء ثم * من بعده (142) في الربيع.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم شرح هذا الفصل فيما تقدم في قوله "وينبغي أن يعطى الوقت الحاضر من أوقات السنة حظه."
19
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت نوائب الحمى لازمة لأدوارها، فلا ينبغي في * أوقاتها (143) أن يعطى المريض شيئا * أو يضطر (144) إلي شيء. لكن ينبغي أن ينقص من الزيادات من قبل أوقات الانفصال.
[commentary]
قال الشارح: إذا كانت الحمى ذات أدوار، فلا ينبغي عند أخذ النوبة أو قبل أخذها بقليل أن يغذي المريض لأن في * وقت (145) النوبة تتجلب الأخلاط فتنصب إلى فم المعدة من الأعضاء فتشتغل القوة بأخذ النوبة ويزيد القلق والعطش PageVW0P012B والكرب، فيستحيل الغذاء إلى الأخلاط المنصبة فيكثر الامتلاء وتعجز الطبيعة عن هضمه فتقهر القوة ويستولي المرض عليها. وقوله «أو يضطر إلي شيء» له معنيان. أحدهما * أن (146) "أو" بمعنى "حتى" في العربية هاهنا، وفي المنطق تستناب مناب "إلا"، والمعنيان واحد. إلا أن يضطر إلى شيء لأن في الحميات حميات يتبعها * الغشي (147) وسقوط القوة. ويكون ذلك لقربها من القلب أو لرقة الأخلاط PageVW1P012A أو فسادها. فإذا دعت الحاجة * إليه ودعت الضرورة (148) ، يعطى شيئا من الغذاء كالخبز المبلول * في ماء (149) الرمان أو السويق بشراب الحماض. وفي المرضى من * عادته (150) لا تحتمل ترك الغذاء، فتطلب تلك العادة. ومن المفسرين من قال بعكس هذا الكلام. وقال معناه يمنعون من الغذاء، ولو اضطروا إليه. والوجه الأول أولى من * الثاني (151) . وقوله «من قبل أوقات الانفصال» أراد به المنتهى في يوم باحوري. وقال بعضهم انفصال النوبة، وهو الأولى. وقالوا * يراد (152) به زيادة الأخلاط وانصبابها.
20
[aphorism]
قال أبقراط: الأبدان التي يأتيها أو قد أتاها بحران على الكمال لا ينبغي أن تحرك ولا يحدث فيها حدث لا بدواء مسهل ولا بغيره من * التهيج (153) لكن يترك.
[commentary]
قال * الشارح (154) : في هذا الفصل عدة * معان (155) . أحدها أن الطبيب عون للطبيعة ومساعد لها وخادم. PageVW0P013A فإذا كانت مستظهرة على المرض وفعلت فيه الواجب، فلا يجب للطبيب أن يتعرض إليها ولا يصرفها عما هي مشتنغلة بسببه لاستظهارها. فإن وقع منها تقصير في فعلها واستظهر المرض عليها، * ينبغي (156) للطبيب في ذلك الوقت مساعدتها ومعاونتها وبذل جهده معها. وقوله «الأبدان التي يأتيها أو قد أتاها بحران على الكمال» فلا يخلو إما أن يكون قد جاء البحران على التمام، فلا ينبغي للطبيب * التعرض إلى المرض (157) كما تقدم لفعل الطبيعة الواجب أو يكون قد * وقع (158) من البحران الإنذاري بوصول البحران التام. فلا ينبغي أن يتعرض الطبيب إلى فعل إلا بعد * انقضاء (159) البحران ليتحقق استظهار القوة على المرض أو تقصيرها عنه. فإن كانت مستظهرة، * يتركها (160) ولا يحدث فيها حدثا . وإن كانت مقصرة، يساعدها مهما أمكنه.
21
[aphorism]
قال أبقراط: الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ يجب أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أميل بالأعضاء التي تصلح لاستفراغها.
[commentary]
قال الشارح: ينبغي للطبيب عند استفراغ البدن بالدواء * المسهل (161) يجتذب المادة من الجهة التي مالت إليها ويجتذبها من الطرق التي ينبغي اجتذابها منها. فإن كانت * مالت (162) إلى الكبد، فيجتذبها من المعاء بالإسهال. وإن مالت PageVW0P013B إلى الكلى، * فبالمدرات (163) . وإن مالت PageVW1P012B إلى المنخرين واللهوات، فبالغراغر والتسعط. وإن مالت إلى سطح الجلد، فبالعرق، وإن مالت إلى العروق فبالفصد. وإن مالت إلى عضو شريف، يمال بها عنه إلى جهة * أخرى (164) كميل مادة الكبد إلى الصدر والقلب والرئة.
22
[aphorism]
قال أبقراط: إنما ينبغي لك أن تستعمل الدواء والتحريك بعد أن ينضج المرض. فأما ما دام نيا وفي أول المرض، فلا ينبغي أن تستعمل ذلك إلا أن يكون المرض مهتاجا. وليس يكاد في أكثر الأمر أن يكون المرض مهتاجا.
[commentary]
قال الشارح: المرض لا يخلو من أن يكون حادا أو مزمنا. وقد * فسر (165) الحاد بقرب المنتهى وبظهور الأعراض الهائلة في مبدأه. والمرض المزمن بعكسه. * فإذا (166) كان حادا، كانت أخلاطه هائجة متحركة * منصبة (167) من عضو إلى عضو غير ساكنة. فينبغي أن يبادر إلى * الإسهال (168) لقول أبقراط ما دام المرض في ابتدائه، فإن رأيت أن تحرك شيئا فحرك. وإن كان مزمنا، فلا ينبغي * أن تقدم على الإسهال والخلط فج إلا بعد الإنضاج واستعمال النضج. فلا ينبغي (169) الإقدام على الاستفراغ إلا بعد الإنضاج المستكمل غاية النضج كأمراض البلغم والسوداء. فلا ينبغي الإسهال فيها إلا بعد النضج التام.
23
[aphorism]
قال أبقراط: ليس ينبغى أن يستدل على المقدار الذي يجب أن يستفرغ من البدن من كثرته PageVW0P014A لكنه ينبغي أن * يستغنم (170) الاستفراغ ما دام الشيء الذي ينبغي أن يستفرغ هو الذي يستفرغ * يحتمله المريض (171) بسهولة وخفة وحيث ينبغي، فليكن الاستفراغ حتى يعرض الغشي. وإنما ينبغي أن يفعل ذلك متى كان المريض محتملا له.
[commentary]
قال الشارح: إن الاستفراغ المحمود هو الذي يكون من نفس المادة الموجبة للمرض لا من غيرها . فإن كان الدم هو الغالب، فبالفصد * وخصوصا (172) في الربيع. وإن كان من الصفراء، فلا يخلو إما أن يكون في فم المعدة، فبالقيء؛ أو في قعرها، فبالإسهال وخصوصا في الصيف. * وإن (173) كان شتاء أو خريفا، فبالإسهال. أما في الخريف، فبالإسهال للسوداء. * وإن كان شتاء (174) ، فبإخراج البلغم * على (175) الأكثر. ومتى ما عرف الخلط الموجب للمرض وكانت القوة قوية والفصل * مؤات (176) والأخلاط مطاوعة، فيقدم الاستفراغ ولا يؤخر بغير خوف ولا حذر PageVW1P013A إلى أن يعرض الغشي. * فحمى (177) سونوخس بفصد فيها يعرض الغشي * لو لا (178) يكون الغشي بسبب خوف المريض ولا بسبب ما ينجلب إلى المعدة من الأخلاط الرديئة إلا بسبب كثرة الاستفراغ. وكلما يبرز من البدن ويكون لعقب خروجه خفة وراحة سواء كان من الطبيعة أو من الطبيب، يبادر إلى إخراجه ونفيه عن البدن.
24
[aphorism]
قال أبقراط: قد يحتاج في الأمراض الحادة في الندرة PageVW0P014B إلى أن يستعمل الدواء المسهل في أولها وينبغي أن يفعل ذلك بعد أن يتقدم فيدبر الأمر على ما ينبغي.
[commentary]
قال الشارح: إن أبقراط أمر أن يسقى الدواء في أوائل الأمراض الحادة جدا. وذلك لأن الأخلاط تكون هائجة. وإذا كان الخلط هائجا، ساعد الطبيعة هيجانه على خروجه. وقل أن يكون هائجا، فلذلك قال "في الندرة." وقال متى فعلت ذلك، ينبغي أن تدبر الأمر على ما ينبغي كما قال أولا كل بدن تزيد تنقيته، فينبغي أن تجعل ما يزيد إخراجه منه يجري فيه بسهولة لأن من كان به سدة أو تقدمه تخمة أو في بعض أحشائه ورم، فينبغي أن يدبر أولا بإصلاح ذلك ثم يسقى المسهل. ولا شك أن الأخلاط في أوائل الأمراض الحادة تكون هائجة. وفي الزمن القديم كانت الأدوية المسهلة حارة جدا لأنهم كانوا يسقون المفردات من الأدوية كالخربق وأمثاله. فكانوا يخافون حدة الأخلاط وحرارة الأدوية المسهلة. فكانوا يتأبون الإسهال ولا يقدمون عليه. وفي هذا الزمان الأدوية المسهلة يغلب عليها الرطوبة وبعضها باردة، فلا يخاف من إسقائها. وبعضها يصلح بعضا، فينبغي أن يقدم عليها في أوائل الأمراض الحادة ولا يخاف غائلتها .
25
[aphorism]
قال أبقراط: * إن (179) استفراغ البدن PageVW0P015A من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن، نفع ذلك واحتمل بسهولة. وإن كان الأمر على ضد، كان عسرا.
[commentary]
قال الشارج: تقدم شرح هذا الفصل في صدر الكتاب. وإنما قصد بتكرار هذا المعنى لأنه الأصل في العلاج لأن كل خلط يستفرغ من غير النوع الذي يجب استفراغه * بجحف (180) القوة PageVW1P013B ويضعف البدن * فيحذر (181) على البدن من ضعف الاستفراغ وبقاء الخلط الموجب للمرض.
PARATEXT|
تمت المقالة الأولى من كتاب * الفصول (182)
المقالة الثانية من * الكتاب (1)
1
[aphorism]
قال أبقراط : إذا كان النوم في مرض من الأمراض يحدث وجعا، فذلك من علامات الموت. وإذا كان النوم ينفع، فليس ذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: لا شك * ولا خفاء (2) أن في وقت النوم تنعكس الحرارة الغريزية * داخل (3) البدن وتقوي القوى الطبيعية على المرض وتستولى عليه. وأراد بقوله "وجعا" أي ضررا لأنه قابلة بالنفع فيما بعده. فمتى حدث عقيب النوم ضرر، يدل على أن الآفة عظيمة وأن المرض في غاية الشدة لأن القوة في مقاومة المرض ولها * مساعدان (4) * تخلي (5) القوى * وانعكاس (6) الحرارة إلى باطن البدن. فمتى * لم (7) يتخلص بهذين المساعدين، دل على الهلاك. وأعقيه PageVW0P015B بقوله متى سكن النوم اختلاط الذهن، فتلك علامة صالحة * مما (8) يؤيد هذا القول ويشيده. وخص العلامات الجيدة بصحة الذهن من دون العلامات لأنه متى سكن النوم اختلاط الذهن، يدل على سلامة الدماغ وصحة الحواس الخمس التي فيه. والدماغ على مذهب الأكثر هو العضو الرئيس دون القلب ما خلا كبير الفلاسفة فإنه * يرى (9) القلب. وإذا كان العضو الرئيس سليما، دل على سلامة البدن. وقد قال بعض المحققين أن الدماغ صموعة الحواس.
2
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
3
[aphorism]
قال أبقراط:النوم * والأرق (10) إذا جاوز كل واحد منهما المقدار القصد، فتلك علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: كل أمر يجاوز المقدار الطبيعي، فهو رديء * في (11) النوم واليقظة والشبع والجوع وغيرهم. وذلك لأنه متى خرج عن * الأمر (12) الطبيعي، تضمن زوال الصحة لأن النوم سكون طبيعي للحيوان من غير عجز للطبيعة عن دفع السبب المحدث له. فإذا تجواز ذلك * المقدار (13) وعجزت الطبيعة عن دفع السبب المحدث له، كان سباتا. والأرق المعتدل يكون عن اعتدال المزاج PageVW1P014A واعتدال الرطوبة واليبس. فإذا تفاقم اليبس * ونقصت (14) الرطوبة الغريزية، كان من ذلك * مرض (15) كالليثغرس والوسواس وأشباههما.
4
[aphorism]
قال أبقراط PageVW0P016A : لا الشبع ولا الجوع ولا غيره من جميع الأشياء بمحمود إذا كان مجاوز المقدار الطبيعي.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول في أن كل * ما (16) تجاوز المقدار الطبيعي، فهو غير محمود. ولا شك أن الجوع المجاوز * الحد (17) يكون من برد فم المعدة أو من كثرة انصباب المرة السوداء إليها كما يحدث في الشهوة الكلبية. وأما الشبع المجاوز * الحد (18) فيكون من أضداد هذه الأسباب المذكورة أو من حرارة المعدة * ومن (19) التحلل. وهذه الأسباب * جمعها غير (20) محمودة.
5
[aphorism]
قال أبقراط: الإعياء الذي لا يعرف له سبب ينذر بمرض.
[commentary]
قال الشارح: الإعياء هو الكلال المعروف بالتعب. وهذا لا يخلو إما أن يكون له سبب أو لا يكون. فإن كان، فهو ظاهر. وإن لم يكن له سبب ظاهر، فسببه فضول كثرة نثقل القوى والأعضاء. وسببه كما قيل ثلاثة أصناف: القروحي والتمددي والورمي. فالقروحي سببه خلط لذاع، والتمددي سببه خلط أو ريح، والرمي سببه أثقال الفضول للبدن وامتلاؤه. وكل واحد من هذه موجب للمرض.
6
[aphorism]
قال أبقراط: من يوجعه شيء في بدنه ولا يحس بوجوعه في أكثر حالاته، فعقله مختلط.
[commentary]
قال الشارح: متى كان في البدن ألم ولم يشعر به صاحبه ولا يحس به، * فذلك دليل (21) على اختلاط العقل. وحس الألم لا يدرك بالعقل، بل * بحله (22) . * وإذا (23) كان * الحل (24) مريضا PageVW0P016B تعدى ذلك إلى * العقل (25) * والحس (26) اللاحق * بالحل (27) . فإذا تأذى المحل، تعدى الضرر إلى الحال فيه. ووجه آخر أن القوة الحساسة إذا لم تدرك الألم، دل على اختلاط العقل.
7
[aphorism]
قال أبقراط: الأبدان التي * تضمر (28) في زمان طويل، فينبغي أن تكون عادتها بالتغذية إلى الخصب بتمهل. والأبدان التي تضمر في زمان يسير، ففي زمان * يسير (29) .
[commentary]
قال الشارح: الأبدان التي تهزل في مدة طويلة تكون إعادتها إلى ما كانت عليه من الخصب في زمان PageVW1P014B طويل لأن الأعضاء الأصلية قد ذبلت واضمحلت وآلات الغذاء قد ضعفت وكذلك القوى الطبيعية الخوادم. والحرارة الغريزية قد نقصت، فينبغي أن تعاد إلى ما كانت عليه بالتدريج. والأبدان التي تضمر في زمان يسير تعاد إلى ما كانت عليه في زمان يسير لأن الحرارة الغريزية باقية والقوى الطبيعية وآلات الغذاء قوية ولم ينقص من البدن سوى الأخلاط والرطوبات كالحال في الهيضة وحمى يوم والأمراض القريبة المنتهى.
8
[aphorism]
قال أبقراط:الناقه من المرض إذا كان ينال من الغذاء وليس يقوي، دل ذلك على أنه * يحمل (30) على بدنه من الغذاء أكثر مما يحتمل. فإن كان ذلك وهو لا ينال منه، دل على أن بدنه يحتاج إلى * استفراغ (31) .
[commentary]
قال الشارح: إذا كان الناقه يحظى من الغذاء ولا يزداد صلاحا ولم يقو به PageVW0P017A ، يدل على أنه * يحمل بدنه (32) من الغذاء أكثر مما يحتمل لأن قوته * وقواه (33) تعجز عن حمله وهضمه. فينبغي أن ينقص من غذائه ويأخذ بقدر الكفاية. فإن كان ما ينال منه أكثر من المقدار المعتدل ولا يزداد صلاحا، يدل على أن بدنه يحتاج إلى استفراغ لأن في بدنه اخلاطا كثيرة فاسدة ينقلب الغذاء إليها فتملئ الأعضاء ويكثر العفن. فيجب الإستفراغ كما قال البدن الذي ليس بالنقي كلما غذوته، زدته شرا.
9
[aphorism]
قال أبقراط: كل بدن يريد تنقيته فينبغي أن يجعل ما تريد إخراجه منه يجري فيه بسهولة.
[commentary]
قال الشارح: * لا شك أنه (34) ينبغي للطبيب إذا عزم على سقي الدواء المسهل أن يغلظ رقيق الأخلاط كإعطاء الثلج عند * إسهاله (35) الصفراء بشراب الورد ترقيق الأخلاط الغليظة * اللزجة (36) سواء كان الاستفراغ من فوق أو من أسفل وتوسيع المجاري وتفتيح السدد وترطيب البدن بالغذاء والإمراق الدسمة * لتنطاع له الأخلاط ويسمع بها البدن ويخرج بسهولة (37) لئلا يقع بين الطبيعة والدواء منازعة يتأذى بها شارب الدواء.
10
[aphorism]
قال أبقراط: البدن الذي ليس بالنقي كلما غدوته، * زدته شرا (38) .
[commentary]
قال الشارح: لا شك أن البدن إذا لم يكن نقيا من الأخلاط وورد عليه الغذاء، لا يخلو إما أن يكون الغذاء جيدا لكيموس أو رديئة. فإن كان رديئا PageVW0P017B ، كان المتولد منه رديئا لا محالة، واستحال إلى طبيعة ذلك الخلط * المتخلف (39) في البدن، فيزداد به شرا. وإن كان PageVW1P015A جيد الكيموس، تكثر المواد بغير فساد، فتزداد كمية الأخلاط في البدن. وقد قال الرازي إن كان جيد الكيموس، يصلح الفاسد من الأخلاط، ورد على أبقراط بهذا الأعراض. * أجبنا (40) عنه وقلنا من شأن الغذاء أن يقلبه البدن إلى طبيعة * وما (41) من شأنه أن يفعل في البدن. بل من شأن البدن أن * يفعل (42) ، وهذا الفعل للدواء لا للغذاء. فلا يرد الشك على أبقراط.
11
[aphorism]
قال أبقراط: لأن يملاء البدن من الشراب أسهل من أن يملاء من الطعام.
[commentary]
قال الشارح: لا شك أن الشراب أسرع انهضاما من * الغذاء (43) للطفه وحرارة مزاجه وهو يذرق الغذاء وينفذه سريعا ويهضمه سريعا قبل استحكام نضجه. فالهاضم للشيء أولى بسرعة * هضم (44) نفسه. وقد قيل من أراد أن يخصب بدنه، يقلل من غذائه ويكثر من شرابه لأنه يغذو كثيرا وينحدر سريعا ولا * تكد (45) القوى ولا الآت الغذاء ويولد الدم المتين، خصوصا ما كان منه * أحمر (46) غليظا، فهو أكثر في تخصيب البدن.
12
[aphorism]
قال أبقراط: البقايا التي تبقى من * الأمراض (47) بعد البحران من عادتها أن تجلب عودة من المرض.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول في الفصل الذي مضى "الناقه من المرض إذا كان ينال من الغذاء وليس تقوى، دل على أنه يحمل على بدنه من الغذاء PageVW0P018A أكثر مما يحتمل. فإن كان لا ينال منه المقدار الكثير، يدل على أن بدنه يحتاج إلى استفراغ." فإن الناقه إذا لم ينق بدنه في البحران النقاء التام، * تتخلف (48) فيه كيموسات * رديئة (49) فجة. فإذا أخذ الغذاء لشوق الطبيعة إليه لعوض ما يتحلل منه كما يعرض * لي شهوة الناقهين (50) * وقد (51) * قال (52) الصوفية "اللهم ارزقني شهوة ناقه ومعدة صحيحة" --ازدادت كمية أخلاطهم وامتلت معدتهم ونقصت حرارتهم الغريزية * فسارع (53) إليهم العفن لنقص الحرارة الغريزية واستيلاء الحرارة الغريبة، فعاودتهم الحمى وهذا هو المعروف بالنكس. فينبغي ان * يبادر (54) إلى استفراغه ونفيه عن البدن.
14
[aphorism]
قال أبقراط: عند استطلاق البطن قد ينتفع باختلاف ألوان البراز إذا لم يكن تغيره إلى أنواع منه رديئة.
[commentary]
PageVW1P015B قال الشارح: الاستفراغ سواء كان من الطبيعة أو من الطبيب ينتفع باختلاف ألوانه كاستفراغ * (55) المرار * المحرق (56) وغلبة الأخلأط. وهذا يدل على قوة الطبيعة ودفعها للمؤذي عن البدن فينتفع البدن بخروجه. فإن كان الاستفراغ من الأنواع الرديئة، كان ذلك رديئا مؤديا إلى العطب، كالغسالي والرائحة المنتنة والكثير الدهنية والزنجاري والأسود اللون. * كان ذلك رديئا (57) لأن الغسالي يدل على ضعف الكبد، وشديد النتن يدل على شدة العفن، والدهني على ذوبان الأعضاء والزنجاري على السمية والأسود PageVW0P018B على نهوك البدن وضعف القوة.
13
[aphorism]
قال أبقراط: إن من يأتيه البحران قد يصعب عليه مرضه في الليلة التي قبل نوبة الحمى التي يأتي فيها البحران، ثم في الليلة التي بعدها يكون أخف على الأمر الأكثر.
[commentary]
قال الشارح: البحران تفسيره ملحمة ومعركة * بين الطبائع، وهو تغير عظيم، وهو جهاد (58) يقع بين الطبيعة والمرض. ومعنى قوله "قد يصعب مرضه في الليلة التي قبل نوبة الحمى" معناه أن ليلة الثالث أصعب من الرابع وليلة السادس أصعب من السابع وعلى هذا القياس. فإن الليلة التي قبل ليلة البحران تقوم الطبيعة غاية القيام في المجاهدة لعمل الواجب وترسل الأخلاط إلى المواضع التي قد مالت إليها، كالثفل إلى الأمعاء والبول إلى الكلى المثانة والعرق إلى سطح الجلد وتدحو الأخلاط من الأعضاء الرئيسة إلى الأعضاء الخسيسة. فيجد المريض عند ذلك إضطرابا قويا وكربا وقلقا * بجهاد (59) الطبيعة فيما هي * بصدده (60) . وفي ليلة البحران يكون قد استراحت الطبيعة وخف الثقل عليها. وأما تخصيصه بالليل دون النهار لأن المريض يتفرغ بنفسه ولم * يحضره (61) في الغالب من يشاغله ولا من يسكن إليه. * وأيضا (62) فإن من شأن الليل النوم لألف الطبيعة بذلك. ومن عادة النوم انعكاس الحار إلى داخل البدن * واستلاء (63) القوى الطبيعية على مقاومة المرض * وتفرغها (64) PageVW0P019A لجهاده فيكون الإنضاج أقوى فيزداد القلق والكرب ويصعب تلك الليلة * بالمريض (65) وبعدها PageVW1P016A يكون * أكثر ذلك أخف (66) .
15
[aphorism]
قال أبقراط: متى اشتكى الحلق أو خرجت في البدن بثور أو خراجات، فينبغي أن تنظر وتتفقد ما يبرز من البدن. فإن كان الغالب على ذلك المرار، فإن البدن مع ذلك عليل. وإن كان ما يبرز من البدن * مثل (67) ما يبرز من البدن الصحيح، * فكن على ثقة من التقدم (68) على أن يغذى البدن.
[commentary]
قال الشارح: هذا القول تبنيه من أبقراط متى ينبغي أن يكون الاستفراغ. قال إن * اشتكاء (69) الحلق يكون من مواد منصبة من الدماغ مجتازة على الحلق بقوة من الطبيعة تألم الحلق * لمرها (70) عليه. فإن كانت المواد كثيرة، تبقى في البدن منها بقية فيجئ البراز ومعه مرار. فيكون البدن ممتلئا قد دفع بعضها إلى خارج وبقي * الباقي (71) داخل البدن. وإن لم يكن في البراز شيء وكان مثل براز الأصحاء، فتقدم بثقة على تغذية البدن لنقائه. وظاهر القول أن أبقراط قال من تقدمه مرض واشتكى حلقه تمام الفصل.
16
[aphorism]
قال أبقراط: متى كان بإنسان جوع فلا ينبغي أن يتعب.
[commentary]
قال الشارح: عنى بالجوع هاهنا افتقار البدن إلى الغذاء. وعنى بالتعب الحركة المجاوزة للرياضة. فقال بسبب هذين السببين تقل الرطوبة الغريزية ويستولي اليبس على البدن وتضعف الحرارة PageVW0P019B الغريزية بنقصان مركزها التي هي الرطوبة الأصلية، وتأخذ الحرارة في الرطوبة الأصلية بسبب * بدل (72) ما يتحلل. فلا يؤمن أن يقع في الدق أو الذبول أو لذوبان.
17
[aphorism]
قال أبقراط: متى ورد على البدن غذاء خارج عن الطبيعة كثيرا فإن ذلك يحدث مرضا ويدل على ذلك برؤه.
[commentary]
قال الشارح: قول أبقراط في هذا الفصل يتضمن أحد معنيين يعرفهما النحويون إن قرئ * "كثير" (73) بالرفع في قوله "غذاء خارج عن الطبيعة * كثير (74) "، كان صفة * لغذاء (75) . وإن قرئ بالنصب، كان قوله "غذاء خارج عن الطبيعة خروجا * كثيرا (76) ." وكل واحد من هذين القولين * يكون (77) له معنى غير ألآخر. أما الأول فيتضمن امتلأين أحدهما امتلاء بحسب الأوعية والآخر امتلاء بحسب القوة. ويحتمل المعنيين جميعا إلا أنه أولى وأحرى بالمعنى الثاني لأن المعدة تمتلئ من الغذاء وتقبل عليه وتستمر * به (78) ، لكن القوة تعجز عن هضمه. وقد أجمع الأطباء على الاستفراغ على الامتلاء بحسب القوة دون PageVW1P016B التنقية، إما بالفصد لكونه استفراغا كليا وإما بالاستفراغ وإما بالرياضة بجميع أنواع الاستفراغ ليخف على الوة ما ثقل عليها. وإن قرئ بالنصب أعني خروجا كثيرا ولم يكن صفة * للغذاء (79) لأن الأعضاء إنما تغتذي بها هو مناسب ومشاكل لها. وإذا لم يكن كذلك، أحدث مرضا وأثقل PageVW0P020A الطبيعة بزيادة مقداره. فإن كان في القوة زيادة، نهضت لدفع المؤذي عن البدن وكان * ذلك برؤه (80) . وإن كانت ضعيفة، أعانها الطبيب، فنقي البدن ووقع * الشفاء (81) .
18
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأشياء يغذو سريعا دفعة، فخروجه أيضا يكون سريعا.
[commentary]
قال الشارح: الشيء الذي يغذو البدن سريعا هو الطعام اللطيف الجوهر الذي يميل إلى الحرارة أكثر * كالخمر (82) ولهذا قال "لأن يملأ البدن من الشراب أسهل عليه من أن يملأ من الطعام" لسرعة انحداره ونفوذه وعجلة طبخه وخروج ثفله عاجلا. واعترض على أبقراط بأن قيل الثفل يخرج سريعا ولا يغذو ولا ينضج. وهذا يكون من ضعف القوة الماسكة كما يكون في علة الزلق أو من ورود الطعام كثير العجز القوة عن هضمه فيخرج بلا تغذية ولا نضج. وقد لا يبرز سريعا مع تغذيته سريعا ويكون ذلك لقلته أو لقلة ما يفضل عنه. وليس يوجد هذا الاعتراض قادحا في قول أبقراط في * أن ما (83) يخرج ويغذو سريعا، يخرج ثفله سريعا.
19
[aphorism]
قال أبقراط: إن التقدم بالقضية فى الأمراض الحادة بالموت كانت أو بالبرؤ * وليست (84) تكون على غاية الثقة.
[commentary]
قال الشارح: الأمراض الحادة تنقسم ثلاثة أقسام. منها الحادة في الغاية وهي التي بحرانها من الرابع PageVW0P020B إلى السابع. والحادة جدا وهي التي يأتي منتهاها من الحادي عشر إلى الرابع عشر. ومنها الحادة لا مطلقا وهي التي يأتي منتهاها إلى الأربعين. * فالقسمان الأولان (85) لا يحكم * فيهما (86) بخير ولا شر لسرعة تغير أحوالهما ولانصباب المواد من عضو إلى عضو لشدة هيجانها لأن الأمراض الحادة في الغالب أكثر ما تكون موادها دموية * وصفراوية (87) سيالة حادة. فربما كانت المواد بعيدة عن الأعضاء الريئسة فتتبين الأعراض الصادرة عن المريض PageVW1P017A جيدة صحيحة سليمة كما * قيل (88) "صحة الذهن في كل مرض علامة جيدة،" فيحكم بالصلاح. ثم أن المادة لسرعة تنقلها تعود إلى الأعضاء الرئيسة كالقلب والدماغ فتصدر عنه أعراض رديئة مؤذنة بالعطب. فلا يبقي يوثق بحكم الطبيب ولا بعلمه ويشك الطبيب في نفسه ويقدح في عمله لالتباس الأمر عليه في ذلك. فقال أبقراط إشفاقا على متعلمي هذه الصناعة وإندارا لهم لدنيه وعمله ومعرفته بثقة عمله لئلا يدخل عليهم في ذلك ضرر.
20
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بطنه في شبابه لينا، فإنه إذا شاخ يبس بطنه. ومن كان في شبابه يابس البطن، فإنه إذا شاخ، لان بطنه.
[commentary]
قال الشارح: إنما أراد أبقراط في هذا الموضع الأسنان لا ذكر التدبير. فقال لين البطن في الشباب من قبل PageVW0P021A أربعة أسباب. أحدها ضعف القوة الهاضمة بسبب كثرة الرطوبة في سن الشباب. فلا ينفذ الغذاء من المعدة إلى الكبد. ويكون ذلك بسبب كثرة الغذاء الوارد على المعدة لكثرة الشهوة * تبرد (89) فمها. وفي سن الشيخوخة يتفاقم البرد ويخرج عن المجرى الطبيعي، * فتذهب (90) الشهوة ويقل تناول الغذاء، فيبس البطن. والسبب الثاني كثرة الصفراء المنحدرة إلى المعاء في سن الشباب وقلتها في سن الشيخوخة. والسبب الثالث قوة الشهوة * في (91) الشباب وجودة الهضم وضعفهما في سن الشيخوخة. والسبب الرابع ضعف * القوة (92) الماسكة التي في المعدة بسبب كثرة الرطوبة الغريزية في سن الشباب ونقصانها في سن الشيخوخة. وسبب كثرة الرطوبة في سن الشباب كثرة المرة الصفراء. فإنها تذيب الرطوبات التي في البدن بحرارتها. والسبب في يبس البطن في سن الشباب شدة الحرارة التي في * الكبد (93) تتبس رطوبة الغذاء، فيقل البراز ويشتد. وفي سن الشيخوخة تقل الحرارة وتكثر الرطوبة * الغريبة (94) فيلين البطن.
21
[aphorism]
قال بقراط: شرب الشراب يشفي الجوع.
[commentary]
* قال الشارح: عنى بالجوع هاهنا الشهوة الكلبية وهو الكلب على اشتهاء الطعام بسبب خلط بارد حامض ينصب إلى فم المعدة. (95) فلا يزال الاشتهاء قويا. وقد يكون سببه برد PageVW0P021B فم المعدة ويبسه. والخمر تشفي من الأمرين PageVW1P017B جميعا * من برد فم المعدة ومن تقطيع الأخلاط الغليظة والحامض اللزج المنصب إليها. ويجب (96) أن يضاف إلى الشراب * شيء (97) من الأمراق الدسمة، * فيرطب (98) يبس المعدة. فإن الماء لا يمكث فيها وينحدر عنها سريعا والأشياء الدهنية ترطب يبسها وتكسر سورة الخلط الحامض، فيشفي الجوع بذلك.
22
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأمراض يحدث من الامتلاء فشفاؤه يكون بالاستفراغ. وما كان منها يحدث عن الاستفراغ فشفاؤه ويكون بالامتلاء. وشفاء سائر الأمراض يكون بالمضادة.
[commentary]
قال الشارح: أجمع الأطباء * على (99) * حفظ (100) الصحة بالشبة وإعادتها إذا زالت بالضد فيداوي الحار بالبارد والبارد بالحار والرطب باليابس واليابس بالرطب. واعترض عليه بأن قيل كف تسقون الأدوية الحارة في الحمى والمخدرات في القولنج والقولنج بارد والمخدرات جميعها باردة ويعالج المحمومين * بالنطل (101) بالأدوية الحارة ويسقي المسهل من الأدوية الحارة اليابسة في حرارة الحمى كالسقمونيا في حمى الصفراء؟ قلنا: هذا الاعتراض لا يرد عليه لأن المخدرات في وجع القولنج تعطى لئلا تنحل القوة بشدة الألم لا المضادة. وأما معالجة الحمى بالحار اليابس، فإنا نعالج PageVW0P022A بذلك السبب الوجب * للحمى (102) * لا نفس الحمى. ومع هذا فإذا سقيت المحموم عن الصفراء السقمونيا أزلنا السبب الموجب (103) وهو الصفراء، فحصل التبريد والترطيب بطريق العرض بإزالة السبب الموجب.
23
[aphorism]
قال أبقراط: إن البحران يأتي في الأمراض الحادة في * أربعة (104) عشر يوما.
[commentary]
قال الشارح:قد حكم الأطباء أن أوقات الأمراض الحادة تابعة لحركات القمر. * وكما (105) أن القمر يكون ابتداؤه وتزيده * وانتهاؤه (106) وانحطاطه إلى مدة أربعة عشر يوما، كذلك الأمراض الحادة تستوفي أوقاتها الاربعة في مدة * أربعة (107) عشر يوما. * وإذا (108) * جاء (109) البحران، تقضي إما بالسلامة أو إلى حال أجود من المرض أو * إلى العطب (110) . * والبحران (111) تغير يحدث بغتة في الأمراض الحادة، فينذر بقهر الطبيعة للمرض أو بقهر المرض للطبيعة. فإن قهرت الطبيعة المرض PageVW1P018A قهرا شافيا، كان البحران تاما كاملا وحصلت العافية. وإن لم يكن قهرا تاما، * كان حالا (112) أجود من المرض وأبعد عن العطب. وإن قهر المرض الطبيعة، * إن (113) كان قهرا تاما، أدى إلى الهلاك. وإن لم يكن تاما، كان منه حال أجود من الهلاك وأردأ من المرض. وعنى بالأمراض الحادة التي يكون تزيدها مستمرا من أول المرض إلى * منتهاه (114) . وما كان من الأمراض بهذه الصفة، فإن الطبيعة لا تزال مجاهدة له من أول المرض إلى آخره. وما يتأخر منتهاها من PageVW0P022B الرابع عشر إلى السابع عشر أو فيما دون ذلك من الحادي عشر إلى التاسع إلى السابع إلى الرابع. وإن وقع البحران فيما بين هذه الأيام كاثالث والخامس، لم يكن البحران بذلك المحمود. وأبقراط يسمي هذه الأمراض "حادة" بقول مطلق. وما كان من الأمراض يبتدئ بفتورثم يشتد ثم يتراخى ثم يشتد، لم يسمها "حادة" مطلقا، وبحرانها من العشرين إلى الأربعين، فلم يسمها حادة بقول مطلق.
24
[aphorism]
قال أبقراط: الرابع منذر بالسابع وأول الأسبوع الثاني اليوم الثامن. والمنذر * اليوم (115) الحادي عشر لأنه الرابع من الأسبوع الثاني واليوم السابع عشر أيضا يوم إنذار لأنه اليوم الرابع من اليوم الرابع عشر واليوم السابع من اليوم الحادي عشر.
[commentary]
قال الشارح:إن أبقراط ذكر شرح هذا الفصل من البحارين وقسمها قسمين: إنذارية وتمامية. فالإنذارية تنذر بما يأتي البحران التام به من خير وشر وعلمنا ذلك. وقسم الأمراض إلى قسمين: حادة ومزمنة. فجعل أوقات الأمراض الحادة تابعة لحركات القمر في زيادته ونقصانه. وجعل أوقات الأمراض المزمنة تابعة لحركات الشمس لبطؤ مسيرها. وإنه يتوقع برؤ الأمراض المزمنة عند كل فصل من فصول السنة، جعل الأمراض الحادة في الأرابيع والسوابيع، وجعل منتهاها وانقضاءها في كل ربع من أجزاء ملء القمر PageVW0P023A وتمام نوره. وأقامنا على حد الأربعة عشر يوما لأن كمال القمر تم فيها. ثم قسمها على أربعة أجزاء أولها اليوم الرابع لأنه ربع الأربعة عشر يوما لأن نصف السبعة ثلاثة ونصف وهو اليوم الرابع. ولهذا جعل الرابع منذر بالسابع لأن الربع الثاني يكون في السابع لأنه نصف الأربعة عشر يوما. ثم أستأنف السبعة الأيام الأخر من اليوم الثامن فقال رأس السبعة الأخر اليوم الثامن ثم جعل النظر في يوم الحادي عشر تمام الثلاثة الأرابيع لأنه رابع السبعة الثانية وفيه علامة الأربعة عشر كمثل علامة السبعة من الأيام الأول وإنه آخر الأربعة في الأربعة عشر يوما. وقال للقمر أربعة أشكال من حين ابتدائه إلى منتها كماله يعرف كل شكل منها في ربعه من الأربعة عشر يوما. فيكون في اليوم الرابع هلالا بينا وفي اليوم السابع فلقة قمر وفي اليوم الحادي عشر ذا حدبتين وفي الأربعة عشرة بدرا كاملا. وفي هذه الأيام يصح الحكم في الأمراض الحادة لأن فيها تقوى القوة الطبيعية على المرض وزاد بعد الأربعة عشر جزءا آخر استفصاء للطبيعة في ذلك اليوم ما تخلف من المواد في البدن من بقايا المرض، وهو السابع عشر لأنه الرابع من اليوم الرابع عشر والسابع PageVW0P023B من اليوم الحادي عشر. وقد يجيء البحران فيما بين هذه الأيام وليس هو بفرج صاحق يقضى به مثل الخامس والسادس والثالث، وخلاف ذلك ويكون بحرانا رديئا خبيثا. وقد شبه الأطباء الطبيعة والمرض بخصمين احتكما وشبهوا الطبيب بالقاضي والبحارين بالعدول المزكاة واللامزكاة. وكما أن القاضي لا يمكنه الحكم إلا بعدول مزكاة، كذلك الطبيب لا يمكنه الحكم بالإنذاري حتى يأتيه من يزكيه وهو البحران التام. فعند ذلك يصح الحكم بما يظهر فيها من العلامات الجيدة والرديئة.
25
[aphorism]
قال أبقراط: إن الربع الصيفية في أكثر الأمر تكون قصيرة والخريفية تكون طويلة لا سيما متى اتصلت بالشتاء.
[commentary]
قال الشارح: قد ضرب أبقراط في جميع الأمراض المزمنة في فصول الستة مثلا واقتصر على حمى الربع لطول مدتها وعسر نضجها. فقال الربع الصيفية قصيرة لأن الصيفية في الغالب تكون عن احتراق المرة الصفراء وهي ألطف الأخلاط. والصيف أحر الفصول، فيسرع انضاجها ويذيب أخلاطها ويفتح مسام البدن ويدر العرق. فلهذا تكون قصيرة المدة. وقال إن الخريفية طويلة لأنها تكون عن عن اختراق السوداء وكل فصل يولد بطبعه. فالخريف مولد للسوداء. فتكثر كمية خلطها وهو بارد يابس بطيء النضج رديء الوقت مجمد للكيموس. PageVW0P024A فإن اتصلت بالشتاء، غلظ موادها وكثفها وسدد مسام البدن وأبطأ بالنضج. فلا يتوقع منها خلاض إلى حين فصل الربيع.
26
[aphorism]
قال أبقراط: لأن تكون الحمى بعد التشنج خيرا من أن يكون التشنج بعد الحمى.
[commentary]
قال الشارح: التشنج نوعان: امتالائي واستفراغي. والإمتلائي هو الذي يعرض للبدن بغتة. وسببه خلط غليظ يملأ الأعصاب يلحج فيها . فإذا جاءت الحمى بعده، حللت مواده ولطفتها وأذابتها. والتشنج الذي يكون بعد الحمى تكون من اليبس المفرط المستولي على البدن لأن الحمى تقدمته فحفقت أعصابه ونقصت رطوبته بشدة حرارتها. فتنحل القوة وتذهب الرطوبة الغريزية. فيؤول أمر المريض إلى التلاف.
27
[aphorism]
قال أبقراط: لا ينبغي أن تغتر بخفة يجدها المريض بخلاف القياس، ولا تهولك أمور صعبة تحدث على غير القياس. فإن أكثر ما يعرض من ذلك ليس بثابت ولا يكاد يلبث ولا تطول مدته.
[commentary]
قال الشارح: كل علامة تجيء على غير قياس لا ينبغي أن يغتر بها ولا يحكم فيها بحكم سواء كانت من علامات الخير أو علامات الشر. وهذا هو الفرق بين الطبيب الجاهل والعالم. فإن الجاهل ربما رأى للمريض علامات لا ينبغي أن نغره فحكم بها. والعالم لا يغتر يأمر يجيء على غير قياس PageVW0P024B إلا بعلامة يثق بها ودليل يعتمد عليه ويثق به بما يصدر عن البحران التام من الاستفراغ والنضج ونقاء البدن أو من قهر المرض اللطبيعة واستيلائه عليها بأن المريض يحصل له قلق وكرب وغشي ويزول ذلك سريعا ولم يكن عن أصل. وقد تقدم القول قبل هذا الفصل PageVW1P020A في قوله إن التقدم بالقضية في الأمراض الحادة بالموت كانت أو بالبرؤ ليس تكون على غاية الثقة.
28
[aphorism]
قال أبقراط: من كانت به حمى ليست بالضعيفة جدا فأن يبقى بدنه على حاله ولا ينقص شيء أو يذوب * فذلك رديء بأكثر مما ينبغي (116) لأن الأول ينذر بطول من المرض والثاني يدل على ضعف من القوة.
[commentary]
قال الشارح: لا يخلو المحموم الذي حماه متوسطة بين القوة والضعف أن ينقص بدنه كثيرا أو يبقى على حاله ولا تغير الحمى في بدنه شيئا من النقص. وهذان الأمران مذمونان ريئان لأن الأول يدل على كيموسات غليظة بطيئة النضج لزجة ولعدم نضجها وطول مكثها في البدن لا * تغير البدن (117) وتدل على طول من المرض لعجز الطبيعة عن انضاجها ونفيها عن البدن. والوجه الآخر وهو أن يذوب البدن أكثر مما ينبغي، فيدل على فساد الأخلاط ورداءتها وضعف القوة عن مقاومتها وضعف الحرارة الغريزية.
29
[aphorism]
قال بقراط PageVW0P025A : ما دام المرض في ابتدائه فإن رأيت أن تحرك شيئا، فحرك. فإذا صار المرض إلى منتهاه، فينبغي أن يستقر المريض ويسكن.
[commentary]
قال الشارح: ذكر الأطباء في ذلك وجهين. أحدهما أنه قال ذلك يكون في الأمراض الحادة لأن أخلاطها تكون هائجة رقيقة سيالة * ولا (118) تحتاج إله إنضاج. فتقدم بالإسهال لأن القوة موائية لم ينهكها المرض. وكان قد قال قبل هذا الفصل إنما ينبغي أن تستعمل الدواء والتحريك بعد أن ينضج المرض. وهذا قاله في الأمراض المزمنة. فلا يتوهم أن قوليه يوجبان التناقض. والوجه الآخر أنهم قالوا إن أبقراط كان يأمر في برؤ المرض بالاستفراغ لأن الكيموسات تثقل القوة والأعضاء تثقل وتضعف بثقل الكيموسات عليها. * وشبهوا (119) * ذلك إلى رجل (120) به صرع. فإذا وقع، يحتاج إلى من يعينه في قيامه والرفق به. فقالوا وكذلك حال المريض تغمره * الكيموسات (121) وتثقل بدنه * وتختنق (122) حرارته * الغريزية (123) . فيحتاج إلى من يخفف عنه ثقل ذلك لتتراجع قوته ويخف * عن (124) البدن ويقل الامتلاء فتستولي الطبيعة على المرض تقهره. فإذا صار المرض PageVW1P020B إلى منتهاه، تكون القوة ضعيفة والبدن منهوكا بالمرض. فلا تحجف القوة بالاستفراغ. ولا شك أن الوجه PageVW0P025B الأول * أولى وأصح (125) وأجود في العلاج. فما عني به سوى الأمراض الحادة. وأما الإسهال في أوائل الامراض المزمنة، فهو رديء لم يذهب إليه أحد لأنه يخرج اللطيف ويبقي الكثيف وينهك البدن.
30
[aphorism]
قال أبقراط: إن جميع الأشياء في أول المرض وآخره أضعف وفي منتهاه أقوى.
[commentary]
قال الشارح: هذا * القول (126) عام في جميع الأشياء في الأمراض وغيرها. وعنى بالأشياء الأعراض الصادرة عن المريض مثل الصداع والقلق والاضطراب في بدء الأمراض الحادة. وسبب ذلك أن الأخلاط في الابتداء لم يكن هيجانها في الغاية، فلا تكون الأعراض قوية. وإذا تكامل النضج وبلغ حده، قويت الأعراض واشتدت ووقع الجهاد بين الطبيعة والمرض وظهرت علامات تدل على السلامة والعطب. هذا في منتها المرض وفي آخره يكون قد سكن هيجان الأخلاط وانحط المرض وظهرت القوة * واستراحت (127) من الجهاد. وأما قوله في جميع الأشياء وخص بها المرض لأن كلامه فيه. * وأما (128) جميع الأشياء * كمثل الشجر (129) * والنبات (130) يكون في أوله * وآخره نشوؤه ضعيف وأخره منهدم وقوته في (131) وسطه. وكذلك الشمس والقمر عند ظهورهما * يكون نورهما ضعيفا وفي وقت غروبهما (132) وفي الوسط يكمل نورهما ويشتد * ويتكامل (133) . وكذلك PageVW0P026A الإنسان في سن الطفولية والشيخوخة تكون أحواله ناقصة وفي وسط عمره تكون أفعاله في غاية الكمال * وقوته (134) .
31
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان الناقه يحظى من الطعام ولا يتزيد بدنه شيئا، فذلك رديء.
[commentary]
قال الشارح: قد مضىى شرح هذا الفصل في الفصل المتقدم في قوله الناقه من المرض إذا كان ينال من الغذاء وليس يقوى، * دل ذلك (135) على أنه يحمل على بدنه من الغذاء أكثر مما يحتمل إلى * أخر الفصل (136) .
32
[aphorism]
قال بقراط: إن في أكثر الحالات جميع من حاله رديئة ويحظى من الطعام في أول الأمر، فلا يتزيد بدنه به شيئا، فذلك رديء * إلى آخر الفصل (137) .
[commentary]
قال الشارح: أراد بقوله من حاله رديئة المريض الذي قد أبل من مرضه وهو الناقه. وهذا لا يخلو إذا أبل إما أن يشتهي الطعام ويهضمه جيدا ويستمر به، أو لا * يشتهي (138) . فإن اشتهى وتناول الغذاء ولم * يردد (139) به بدنه خيرا، فذلك رديء لأن شهوته تكون أجود من هضمه. فعند ذلك يكثر الامتلاء في بدنه * بسبب (140) سوء هضمه * وتمتلئ (141) أعضاؤه ويكثر * العفن (142) . فيؤول * أمره (143) بعد ذلك إلى أن لا يشتهي الطعام. وإن تناول منه شيئا فلا ينهضم، وإن * كان ما يشتهي في أول مرضه وانتفع (144) من الغذاء، فيكون قد PageVW0P026B * بقي (145) في بدنه خلط * وفي معدته (146) ، * فترك (147) المأكول ولا يتناول من الغذاء شيئا * فتقوى (148) الحرارة الغريزية على إنضاج ذلك الخلط وترققه وتذيبه * فتدحو (149) الطبيعة به وتنفيه عن البدن، فيؤول حاله إلى الصلاح وتقوى شهوته ويجود هضمه.
33
[aphorism]
قال أبقراط: صحة الذهن في كل مرض علامة جيدة وكذلك الهشاشة للطعام. وضد ذلك علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: أراد بهذا القول أن صحة الذهن تدل على صحة الدماغ وسلامته. وهو * على أكثر مذاهب (150) الأطباء العضو الرئيس، وفيه القوى النفسانية. وأراد بجودة الشهوة وصدقها صحة المعدة والكبد. فقال متى كانت الأعضاء الرئيسية سليمة، يكون النبض صحيحا. فيدل أيضا على صحة * القلب (151) وتكمل السلامة في الأعضاء الرئيسية. واعترض * عينه (152) بعض المعترضين، فقال إن المسلولين والمدقوقين يزال ذهنهما صحيحا إلى وقت الموت، وشهوتهما جيدة وهما من الأمراض التي لا تتوقع فيها سلامة ولا يزجي لها برؤ، وقوله في كل مرض يعم جميع الأمراض. أجيب عنه بأن قيل الحكم يقع على الأمر الأكثر. وينبغي أن يفهم من قوله صحة الذهن وصدق الشهوة يكون منذرة PageVW0P027A بالسلامة في أكثر الأمراض. وأراد بهذين العلامتين رجاء الخير وضدهما على وقوع العطب.
34
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان المرض ملائما لطبيعة المريض وسنه وسخنته والوقت الحاضر من أوقات السنة، فخطره PageVW1P021B أقل من خطر المرض إذا كان ليس بملائم * لواحد (153) من هذه الخصال.
[commentary]
قال الشارح: إنما أراد هاهنا بطبيعة المريض المزاج الأصلي لأن اسم الطبيعة يقال على أربعة * أضرب (154) . أحدها مزاج البدن، والثاني هيئة البدن، والثالث القوة المدبرة، والرابع حركة النفس. فهاهنا أراد به المزاج الأصلي. مثال ذلك إذا كان المريض شابا والزمان * قيظا (155) والمريض قضيف البدن ومرض مرضا حارا، كان ذلك مناسبا لهذه الأحوال، فيكون قليل الخطر. فإن كانت هذه الأحوال بهذه الصفة ومرض مرضا بلغميا، كان الخروج غير مناسب لهذه الأحوال، وكانت الآفة عظيمة، وكان المرض قد خرج خروجا كثيرا مباينا لهذه الأسباب. فيكون الخطر أشد والآفة أعظم.
35
[aphorism]
قال أبقراط: إن الأجود في كل مرض أن يكون ما يلي السرة والثنة له ثخن. ومتى كان رقيقا * جدا (156) منهوكا، فذلك رديء. وإذا كان أيضا PageVW0P027B كذلك، فالإسهال معه خطر.
[commentary]
قال الشارح: في هذا الفصل مباحث واعتراضات. قوله "الثنة له ثخن" يريد به ما حول السرة من فوق وأسفل من تحت الحجاب إلى السرة ومن تحت السرة إلى العانة. قال بلاذيوس إنما أراد بذلك الأمراض المزمنة دون الحادة لأن المرض المزمن ينهك قوة صاحبه. * وإن (157) * كانت (158) أخلاطه صفراوية أو سوداوية محترقة أو * بلغما مالحا (159) ، أرسلت * الطبيعة (160) الأخلاط إلى البطن. وإن كان شرب مسهل ، فتكون * تيك (161) المواضع رقيقة قليلة الثخن لا يؤمن فيها أن تنهك أو تنسحج أو تنجرد لرقها وضعفها. ولمعترض أن يعترض على أبقراط في قوله "إن الأجود في كل مرض أن يكون ما يلي السرة والثنة له ثخن،" وجميع الأمراض لا ينبغي أن يسهل، مثل مرض يكون عن فساد الأخلاط ولا يكون من كميتها. فالثنة سواء كانت رقيقة أو ثخينة * لغير الإسهال ما لها ثم نفع (162) ، فإن عنى بهذا القول * زيادة الأمراض (163) التي تكون عن زيادة الكمية، صح. وإن عنى بها جميع الأمراض التي تكون عن الاستفراغ، صح. وإن أطلق القول، فيكون هذا القول غير واجب. وقال بعضهم PageVW0P028A إنما عنى بها أمراض PageVW1P022A الإسهال.
36
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بدنه صحيحا، فأسهل أو قيء بدواء مسهل أسرع إليه الغشى. وكذلك من يغتذي بغذاء رديء.
[commentary]
قال الشارح: يعني بالصحيح البدن الذي لم تكن الأخلاط فيه زائدة في كميتها ولا فاسدة في كيفيتها. فإذا اضطر إلى * يسير (164) من دواء * هذا (165) حاله، لم يجد الدواء في البدن أخلاط زائدة يحتاج إلى خروجها * يخرج (166) من * نفس (167) الخلط المحمود، فيقع بين الدواء والطبيعة منازعة. فتضعف القوة ويحدث الغشى والكرب والقلق. وكذلك من كان يغتذي بغذاء * رديء (168) يولد كيموسا رديئا في البدن يعرض منه * الغشى (169) والقلق والكرب، * وخصوصا (170) إن كان في البدن خلط يناسب ذلك المأكول. فتزيد كميته مع فساده، فحدث الكرب والقلق والغشى. وجميع الأعراض الرديئة كحال من * تناول (171) في السنين المجدبة أغذية رديئة كالفطر وخبز البلوط وغيره.
37
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بدنه صحيحا، فاستعمال الدواء فيه يعسر.
[commentary]
قال الشارح:تقدم شرح هذا الفصل في الفصل الذي قبله كما ذكر قبل أن من لم يكن في بدنه أخلاط يحتاج إلى خروجها * يستجدب (172) * من (173) الدواء الأخلاط الصالحة من البدن PageVW0P028B ، فتقع المنازعة والغلبة وتعرض الأعراض الرديئة.
38
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الطعام والشراب أخس قليلا إلا أنه ألذ، فينبغي أن يختار على ما هو منهما أفضل إلا أنه أكره.
[commentary]
قال الشارح: الطعام والشراب اللذيذان تقبل القوة عليهما وتهضمهما وتسيغهما وتقبل المعدة والكبد عليهما بغير كد والإستكراه، * فيحدثان (174) في البدن خفة وراحة، وإن كان نفعهما أقل. واللذان هما كثير أن المنافع الكريهان تنفر الطبيعة منهما ولا تقبلهما القوى الطبيعية ولا تهضمهما المعدة ولا * تسيغهما (175) * فيكون (176) إذا هما أكثر مع كثرة منافعهما * مما (177) يحدثان من كراهتهما.
39
[aphorism]
قال أبقراط: الكهول في أكثر الأمر يمرضون أقل مما يمرضون الشباب، إلا أن ما يعرض لهم من الأمراض المزمنة على الأكثر الأمر يموتون وهي بهم.
[commentary]
قال الشارح: سن الكهول هو إلى الستين. ولا شك أن أصحاب هذا السن يكون دمهم أقل حدة من دم الشباب ويولد المرار الأصفر فيهم أقل وتناولهم للغذاء أقل ونهمهم أقل. فتكون PageVW1P022B فضلاتهم المتولدة في أبدانهم قليلة. وليس هم أسرى شهواتهم كالشباب وعقلهم أغزر وتجاربهم أكثر وجماعهم أقل وتجنبهم لأغذية الرديئة أكثر PageVW0P029A . فلأجل هذه الأسباب هم قليلو الأمراض بالنسبة إلى الشباب. لكن حارهم الغريزي أضعف من الشباب وهضمهم أقصر وقواهم أضعف وسنهم أبرد. فإذا أصابتهم الأمراض الباردة كالفالج واللقوة والإسترخاء والخدر لم تكن حرارتهم مقاومة لتلك لأمراض لبردها وغلط خلطها * ولزوجته (178) وضعف حرارتهم الغريزية فيموتون وهي بهم.
40
[aphorism]
قال أبقراط: * إن ما (179) يعرض من البحوحة والنزل للشيخ الفاني * ليست (180) تنضج.
[commentary]
قال الشارح: أراد بالنزل ما ينزل من الدماغ من الفضلات لأن مزاج الدماغ في الأصل بارد رطب لما تقرر. فإذا وصل إلى سن الشيخوخة، تفاقم برده وضعف الحار الغريزي فيه إلى * حد (181) غاية. والدماغ من المشايخ كثير الفضول، فينصب منه إلى المنخرين والحلق. فإن انصب على اللهاة، كان منه الزكام. وإن انصب إلى عصب الأوداج، كان بحة. وإن نزل إلى الصدر، كان منه السعال. وإن تحدر إلى البطن، كان منه مادة البطن. وكل عضو يصل إليه يحدث * مرضا (182) بحسبه لضعف الحار الغريزي والقوة جميعا. فتعجز عن الإنضاح لهذه * المواد (183) لغلظها ولزوجتها. وقوله "الشيخ الفاني" احترازا عن الكهول. فإن الكهول يتبقى فيهم حرارة ينضج بعض الإنضاج * والشيخ (184) PageVW0P029B الفاني فلا.
41
[aphorism]
قال أبقراط: من يصيبه مرارا كثيرة غشي شديد من غير سبب ظاهر، فهو يموت فجأة .
[commentary]
قال الشارح: قيد أبقراط هذا الفصل بثلاثة قيود. أحدها قوله "من غير سبب ظاهر،" والثاني "غشي شديد،" الثالث"مرارا كثيرة." أما الأول، فإنه متى كان من سبب ظاهر، لا يحكم عليه بالموت إلا أن يكون من ألم فادح. أما مثل من دخل الحمام وغلبت عليه بتراكم الأبخرة أو كان الأتان قد أكثر الوقيد بزبل رديء كنوى الزيتون وورق الفجل وما أشبه ذلك، فلا يحكم عليه بالموت، أو كان ضعيف القوة أو من انصباب خلط رديء كالمرار الأصفر المنصب إلى PageVW1P023A فم المعدة. فهذه لا يحكم فيها بالموت. وأما إن كان الغشي من غير سبب ظاهر وأصابه * مرار (185) كثيرة، فيكون ذلك لانحلال القوة الحيوانية أو من انسداد مسلك الشريان الوريدي، وهو الذي تسلك فيه الهوى من الريئة إلى القلب والأبخرة الدخانية من القلب إلى الريئة، أو من انسداد مسلك الأبهر، وهو الذي تسلك فيه الروح من القلب * إلى جميع البدن (186) . والقلب على مذهب * كثير (187) الفلاسفة هو أشرف الأعضاء الرئيسية، فلا يتنزل منزلة باقي الأعضاء كالدماغ. فمتى لحقه الألم، مات PageVW0P030A فجأة.
42
[aphorism]
قال بقراط: السكتة إن كانت قوية، لم يمكن أن يبرأ صاحبها منها. وإن كانت ضعيفة لم يسهل أن يبرأ.
[commentary]
قال الشارح:هذا الفصل ذكر فيه المرض المختص بالدماغ وقبله الذي يختص بالقلب. وكلاهما عضوان رئيسان ومراده أن المرض متى * لحق (188) العضو الرئيس ووصل إليه، وقع الهلاك، * ولأن (189) الغشي في القلب والسكتة في الدماغ. وأومأ في هذا الفصل أن القلب أشرف من الدماغ بقوله "يموت صاحبه فجأة." وقال في الدماغ "إن كانت قوية، لم يمكن أن برأ." وبينهما فرق، والسكتة بطلان الحس والحركة من جميع البدن. وسببها إما ورم في الدماغ أو انسداده برطوبة بلغمية يمتنع بسببها الروح النفساني من النفوذ إلى ما دون * الدماغ (190) ، فيعدم الحس والحركة ما خلا حركة الحجاب بالتنفس. فأبقراط عنى بهذه السكتة لا السكتة الدموية، لأن الدموية قد تنحل كثيرا بحرارة الدم. وإنما صار القوى من السكتة لا تبرأ الآفة الداخلة على النفس من بطلانه ونقصانه، ولأن قوة المرض لا تمهل كثيرا لبطلان * التنفس (191) . وقوله "الضعيفة لم يسهل أن يبرأ" لأن الدماغ يغتذي بكيموس بارد رطب والمرض حادث من هذا. فهو يحيل ما يرد عليه من الغذاء PageVW0P030B إلى جوهره. وتعتبر قوة العلة وضعفها من النفس، فما عدم فيها النفس، كان أقواها. وكذلك ما كان معها باستكراه، فهو دونه. وأضعفها وأهونها ما لا تكون النفس فيها باستكراه، إلا أنه غير لازم لنظام واحد. وأخفها ما كان النفس فيها لازما لنظام واحد. وإنما كان الحجاب يتحرك من دون سائر الآلات الأخر لمساس الحاجة PageVW1P023B إلى تحريكه في بقاء الحياة بتوسط الصدر للتنفس تيقظ * (192) النفس لذلك.
43
[aphorism]
قال بقراط: الذين يختنقون ويصيرون إلى حد الغشي ولم يبلغوا إلى حد الموت، فليس يفيق منهم من يظهر في فيه زبد.
[commentary]
قال الشارح: معنى هذا الفصل أن المخنوقين إذا حل عنهم الخناق * لا (193) يخلو إما أن يزبدوا أولا. فإن أزبدوا، فلا تطمع في برئهم. وإن لم يزيدوا، فيرجى برؤهم. وذلك لأن الزبد يكون * من (194) ريح يخالط رطوبة، فيقع الاشتباك بينهما. فينقسمان إلى أجزاء كبار وصغار، فيصير المجموع * منهما (195) عببا. وسبب الاشتباك بينهما حركة مستكرهة إما من الجهتين كليهما، أو من أحدهما. * أما (196) من الهواء فكالتموج الحادث من الرياح الهابة. وأما من الماء، فالشيء الحادث من شيء * تخضخضه (197) . وأما منهما جميعا، * فالقدور (198) التي تغلى، فإن الحرارة تحرك PageVW0P031A الجهتين معا وتحملها على الاشتباك. * فالزبد (199) الذي يخرج من فم المصروع، * فسببه (200) حركة * الهواء من (201) مستكرهة. والزبد الذي يخرج من فم الغضبان يكون سببه الحرارة. * والذي (202) يظهر من فم المجنون، * فسببه (203) الأمران جميعا لأن الروح الذي فيهم إذا * حبست (204) بالخنق، * اشتبك (205) برطوبات الجسد، فجاءت تزبد. * ولذلك (206) يكون الزبد في الخيل التي تعدو من الريح والرطوبة أيضا. وسبب الزبد الذي يخرج من فم المخنوقين أنه ينذر بالموت لأنه يكون من كثرة تزداد الروح في الجوف * يحس الخنق أياها (207) ، * فتقبل (208) تارة وتدبر أخرى ولا تجد منفسا فترجع على الرئة فتجففها * وتذبها (209) لأنها بيت النفس. ولذلك خلقت متخلخلة فتذوب الرئة بحرارتها، * واذا (210) ذابت الرئة، وقع الموت سريعا.
44
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بدنه غليظا جدا بالطبع، فالموت إليه أسرع منه إلى القضيف.
[commentary]
قال الشارح: عنى أبقراط بالغليظ جدا السمين المفرط في عبالته بالطبع من أصل خلقته لا أن يكون ذلك مكتسبا. وإذا كان الأمر هكذا، فتكون عروقه ضيقة والدم فيها والروح قليلين وحرارته الغريزية فيها مخنوقة بكثرة اللحم والشحم فيهم. فإذا طعنوا في السن، برد مزاجهم كثيرا وضعفت حرارتهم PageVW0P031B وآل أمرهم إلى الموت. بخلاف قضيفي PageVW1P024A الأبدان والمهزولين لأن عروق أولئك تكون واسعة وتكون الروح والدم فيهم كثيرا. فهم أبعد عن الموت لكن أقربهم * المدقوقون (211) * والمسلولون (212) * والمتوسطون (213) بين هؤلاء أحسن حالا كما قيل "خير الأمور أوساطها."
45
[aphorism]
قال بقراط: صاحب الصرع إذا كان حدثا * فبرؤه (214) يكون خاصة بانتقاله في * السن (215) والبلد والتدبير.
[commentary]
قال الشارح: عنى بالصرع هاهنا * الصرع (216) عن البلغم لا الصرع الكائن عن الدم لأن البلغمي يحتاج أن يميل التدبير من البرد والرطوبة إلى الحرارة واليبس والمزاج بالطبع يميل إليهما، كانتقال سن الحداثة إلى سن الشباب وكالنقلة من البلد البارد الرطب إلى البلد الحار اليابس.
46
[aphorism]
قال بقراط: إذا كان وجعان * معا (217) وليسا هما في موضع * واحد (218) ، فإن أقواهما يخفي الآخر.
[commentary]
قال الشارح: عنى بالوجع تأثير المحسوس في الحاس. وإذا كان كذلك فلا * يتبين (219) الضعيف مع * القوي (220) لأن قوة الحس بأسرها تنجذب إلى جهة الألم الأقوى كاختفاء نور القمر مع ظهور نور الشمس، وكاختفاء * ضوء (221) الكواكب مع * نور (222) القمر. فإن القوي يخفي الضعيف في الألم غيره. وكذلك في الأحداث النفسانية، فإن من كان عنده PageVW0P032A همان من سببين مختلفين، اشتغل بالأقوى عن الأضعف. وكان التأثير للأقوى والعلة في ما ذكره ابن أبي صادق رحمه الله * تعالى (223) أن الحسوس هو الفاعل في الحاس والحاس منفعل به. فالمحسوس الأقوى تأثيرا اشتغل الحاس بقبوله. فيخفى أثر * الحاس (224) الذي هو أضعف تأثيرا.
47
[aphorism]
قال بقراط: في وقت تولد المدة يعرض الوجع والحمى أكثر مما يعرضان بعد * تولدها (225) .
[commentary]
قال الشارح: عند استحالة * الدم (226) إلى القيح عرض له شيء شببه بالغليان فتتأدى حارارته إلى القلب، فتحدث حمى ويشتد الوجع ويحصل التهاب شديد. فإذا استحكم العفن وصار الدم قيحا، نقصت الأعراض وهدأت الحمى وسكن الوجع عما كان عليه. وهذا يشاهد بالحس.
48
[aphorism]
قال أبقراط: في كل حركة يتحركها البدن فإراحته منها حين يبتدئ به الإعياء يمنعه من أن يحدث به الإعياء.
[commentary]
قال الشارح: الرياضة نافعة للجسد مجودة للهضم تدحو بالمواد إلى ظاهر الجسد * متى (227) كانت جارية على المجرى الطبيعي. فإذا تجاوزت ذلك، أضرت بالبدن وحللت منه أكثر مما ينبغي PageVW1P024B . فإذا أحس الإنسان عند الرياضة بالإعياء، فينبغي أن يريح بدنه لئلا يدخل عليه عارض من تجاوز حد الرياضة ليسكن ما كان نال بدنه PageVW0P032B من الإعياء.
49
[aphorism]
قال بقراط: من اعتاد تعبا ما فهو وإن كان ضعيف البدن أو شيخا فهو أحمل لذلك التعب الذي اعتاده ممن لم يعتده وإن كان قويا شابا.
[commentary]
قال الشارح: قالت العرب "كادت العادة أن تكون مزاجا." وقال سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله أجمعين: "عودوا كل جسد ما اعتاد." وقال في الأمثال وقيل * هو (228) من كلام الحكماء "العادة طبع * ثان (229) ." * فالذي (230) هو معتاد * التعب (231) والنصب، وإن كان شيخا ضعيفا، فهو أحمل له ممن لم يعتده، وإن كان قويا شابا، لألف بدنه به، وأنه قد استمر عليه وصار له ملكة.
50
[aphorism]
قال أبقراط: ما قد اعتاده الإنسان منذ زمان طويل وإن كان أضر عليه مما لم يعتده، فأذاه له أقل. فقد ينبغي أن ينتقل الإنسان إلى ما لم يعتده بالتدريج.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل مناسب للفصل الذي قبله. ومعانه مثل معانه، إلا أنه * أعم (232) . وذلك * أنه (233) قال من اعتاد عادة واستمر عليها زمانا طويلا، وإن كانت تلك العادة مضرة به أكثر ضررا من شيء لم يعتده، فأذاه له أقل لأن النفس والقوى والجسد تألف تلك العادة. فلو انتقل إلى ما هو أنفع له من تلك، وجد بذلك ضررا لألف بدنه بها واستمراره عليها. فينبغي PageVW0P033A للإنسان أن لا يدوم على حالة مستمرة وإن * كانت (234) جيدة لأنه متى عدمها وألجأته الضرورة إلى تركها، وجد بذلك ألما عظيما. وقد شاهدنا من كان له عادة للجماع كثيرا وكبر سنه إلى أن نيف على الستين ولم * يكن (235) قوي البنية بل كان ضعيف * السحنة (236) متخلخل البدن. وقد علمنا الضرر الداخل على البدن بكثرة الجماع وكان يجد بتركه خلاف ما يجد من فعله.
51
[aphorism]
قال أبقراط: استعمال الكثير بغتة مما يملأ البدن أو يستفرغه أو يسخنه أو يبرده أو يحركه بنوع آخر * من (237) الحركة أي نوع، كان خطر. وكلما كان * كثيرا (238) ، فهو مقاوم للطبعية * ومتى (239) كان * قليلا (240) ، فمأمون متى أردت * انتقالا (241) من شيء إلى غيره * أو (242) أردت غير ذلك.
[commentary]
قال الشارح: لم يهمل أبقراط شيئا من الأمور، وذكر جميع ما ينبغي للطبيب الوقوف عنده. فقال كل PageVW1P025A ما يستعمل من المأكول والمشروب والامتلاء والاستفراغ والتسخين والتدبير والحراكات * جميعها (243) مما يجاوز المقدار الطبيعي، فهو مذموم. وقيد القول بقوله "بغتة" من أحسن القيود، فإنه لو استعمل ذلك في دفعات قليلة، لم يبن أثر ضرره. والكثير مقاوم للطبيعة ومساو لها. فإن كان أكثر من المقدار الطبيعي، كان قاهرا لها، فينبغي اجتنابه.
52
[aphorism]
قال أبقراط PageVW0P033B : إن أنت فعلت جميع ما ينبغي أن تفعل على ما ينبغي ولم يكن ما ينبغي أن يكون، فلا تنتقل إلى غير ما أنت عليه ما دام ما رأيته منذ أول الأمر ثابتا.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل من وصايا أبقراط للأطباء. معناه إذا عرفت المرض وتحققت سببه الموجب له وعالجته بما ينبغي من أنواع العلاج الصحيح ولم * يبن (244) لك أثر الإصلاح فيه، فدم على ما أنت عليه. فإن الماء بلطفه يؤثر في الصخر مع كثافته بالدوام فيه. فبالأحرى أن يؤثر الدواء في مادة المرض. وتأخر ذلك يكون لغلظ المادة ولزوجتها وقصور الحار الغريزي عن إنضاجها. فبالمداومة يلطف الخلط ويحصل النضج. وبقي من تمام هذا البحث شيء آخر وهو أن أبقراط أمر أن لا ينتقل، وخالفه * الإمام (245) الشيخ الرئيس في قوله ولهذا يؤمر المعالجون بأن لا * يقيموا (246) في تبديل المزاج إذا لم ينجع. وليس بين * أحد (247) القولين تناقصن. فإن الانتقال في الأدوية لا يكون باختلاف أمزجتها، بل بتبديلها في أنواعها وهي باقية على مزاج ذلك الدواء.
53
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بطنه في شبابه لينا فهو أحسن حالا ممن * كان (248) بطنه * يابسا (249) . ثم تؤول حاله عند الشيخوخة إلى أن تصير أردأ. وذلك أن بطنه يجف إذا شاخ على الأمر الأكثر.
[commentary]
قال الشارح: معنى هذا الفصل تقدم، وهو قوله من كان PageVW0P034A بطنه في شبابه لينا، فإنه إذا شاخ يبس بطنه. وهذا الفصل عرفنا فيه أيهم * يكون (250) أحسن حالا. فقال لين البطن في الشباب تستفرغ فيه الفضلات الرديئة ويخف الثقل فيه عن البدن وتحسن حاله. ففي سن الشباب لا يزال حاله مستمرا على الصلاح، وفي حال الشيخوخة تصير أردأ لأن الفضلات تختقن في بدنه يضعف حاره الغريزي ويقصر هضمه عن نضج الأغذية فتصبر حاله أردأ.
54
[aphorism]
PageVW1P025B قال أبقراط: عظم البدن في الشبيبة * لا (251) يكره بل يستحب إلا أنه عند الشيخوخة يثقل ويعسر استعماله ويكون أردأ من البدن الذي هو أنقص * منه (252) .
[commentary]
قال الشارح: أجمع مفسروا هذا * الكتاب (253) أنه أراد هاهنا بعظم البدن طوله * حسب (254) لا العرض وغيره. وذلك * أن (255) طول القامة يستحسن في سن الشبيبة ويستحلى ويجمل * منظره (256) . وقد مدح الشعراء الطول فقيل في هذا * المعنى (257) :
[commentary]
ولما التقى الصفان واختلف الوغى نهالا وأسباب المنايا نهالها
[commentary]
تبين لي أن القماة ذلة وأن أعز الرجال طوالها.
[commentary]
وفي سن الشيخوخة يعجز عن انتصاب قامته، فيقع به الانحناء إلى مقدم بدنه لأن خرز الظهر يمنعه عن الانحناء إلى خلف ويبقي قبيح المنظر سيئ الحال PageVW0P034B ضعيف البدن.
PARATEXT|
تمت المقالة * الثانية (258)
المقالة الثالثة من كتاب الفصول
1
[aphorism]
قال * أبقراط (1) : * إن (2) انقلاب أوقات السنة مما يعمل في توليد الأمراض خاصة إذا كان في الوقت الواحد منها التغير الشديد في البرد * والحر (3) ، * وسائر (4) * الحالات (5) على هذا القياس.
[commentary]
قال الشارح: فسر بعضهم قول أبقراط «إن انقلاب أوقات السنة» أراد به الخروج من فصل إلى فصل كالخروج من الشتاء إلى * الربيع (6) ومن الصيف إلى الخريف. وهذا الخروج لا يخلو إما أن يكون خروجا طبيعيا أو لا يكون. فإن كان * طبيعيا (7) كان ما يحدث فيه من الأمراض سليما جيدا. وإن كان غير طبيعي كان ما يحدث فيه * من (8) الأمراض رديئا مذموما. وقال * غيره (9) أراد بقوله «انقلاب * أوقات (10) السنة» أن يجيء * الصيف (11) وقد كان مزاجه الأصلي حارا يابسا باردا رطبا والشتاء مزاجه * الأصلي (12) باردا رطبا حارا يابسا. وكذلك باقي الفصول فخير الفصول ما جاء على واجبه كما قال الشيخ الرئيس فإنه متى جاء على واجبه كانت السنة سليمة عاقبة ما يحدث فيها من الأمراض سليما جيدا محمودا * منتظم (13) البحران.
2
[aphorism]
قال أبقراط: إن من الطبائع ما يكون حاله PageVW0P035A في الصيف أجود وفي الشتاء أردأ وبالعكس.
[commentary]
قال الشارح: قوله «إن من الطبائع» يريد المزاج، ولا شك أن الفصول والأهوية والبلدان PageVW1P026A لها تأثيرات في الأمزجة. فبعض الفصول يوافق بعض الأمزجة، * وبعضها (14) يضر * بعضها (15) وذلك يشاهد بالحس. وأصحاب الأمزجة المعتدلة * توافقهم (16) الفصول المعتدلة، * وأصحاب (17) الأمزجة الخارجة عن الاعتدال * توافقهم (18) الفصول المضادة لها * وتضرهم (19) المناسبة لها لأن المناسب لها يزيدها خروجا عن * الاعتدال (20) والمضاد يعدلها فإن * صاحب (21) المزاج الحار اليابس ينتفع بالفصل البارد الرطب وصاحب المزاج البارد اليابس ينتفع بالفصل الحار الرطب. * ولمعترض (22) أن يعترض ويقول قلتم إن الصحة تحفظ بالمثل وترد بالضد فننبغي أن يكون الصيف موافقا لأصحاب الأمزجة الحارة اليابسة والشتاء موافقا لأصحاب الأمزجة الباردة الرطبة، والجواب عن ذلك أن نقول * ليس (23) من شأن الهواء أن يستحيل إلى جوهر البدن فيحتاج أن يكون مشاكلا له بل شأنه أن يعدل مزاجه كالحال في أمر الدواء فلذلك يحتاج أن يكون مضادا له وصاحب المزاج المعتدل * اعتداله (24) محفوظ عليه PageVW0P035B فلا يوافقه سوى المعتدل. وأما الأغذية فمن * شأنها (25) أن تتشبه بالبدن وتصير جزءا منه فإن الحار * اليابس (26) يحتاج إليه المزاج البارد * الرطب (27) فإنه إذا صار غذاء باللفعل انقلب مزاجه من البرد والرطوبة إلى الحر واليبس فشاكل * جوهر (28) البدن فيكون حفظ الصحة بالمثل في * التحقيق (29) ولا يتوهم أنه بالضد.
3
[aphorism]
قال أبقراط: كل واحد من الأمراض فحاله عند شيء دون شيء أمثل وأردأ وأسنان ما عند أوقات من السنة وبلدان وأصناف من التدبير.
[commentary]
قال الشارح: معنى هذا الفصل هو أن كل مرض من الأمراض وكل سن من الأسنان * فحاله (30) عند شيء من أوقات السنة * ومن (31) البلدان * وأصناف (32) التدبير * يكون (33) مرة * أمثل (34) وأشبه ومرة أردأ. مثال ذلك: أما الأمراض * فحالها (35) * أمثل (36) بسبب الهواء؛ أما في وقت الحدوث * فعند (37) أوقات المشابهة لها. وأما في حال الزوال فعند أوقات المضادة لها * والتي (38) يكون حالها أردأ * هو (39) أن يكون على البدل من هذا. وأمأ الأسنان فعلى ما تقدم في الفصل الأول وحال البلدان حال الأوقات فإن البلد يفعل ما يفعله بسبب مزاج الهواء. وكذلك التدبير.
4
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P036A متى كان في وقت من أوقات * السنة (40) مرة حر ومرة برد فتوقع حدوث أمراض خريفية.
[commentary]
قال الشارح: إنما * قال (41) هذا لأن الخريف مزاجه هكذا * يوما (42) حر * ويوما (43) PageVW1P026B برد وساعة حر وساعة برد. فإذا شابهه وقت من الأوقات يحدث فيه أمراض مشابهه لأمراض الخريف.
5
[aphorism]
قال أبقراط: الجنوب تحدث ثقلا في السمع وغشاوة في البصر وثقلا في الرأس وكسلا واسترخاء فعند قوة هذه الريح وغلبتها تعرض للمرضى هذه الأعراض، وأما الشمال فتحدث سعالا * ووجعا (44) في الحلوق والبطون اليابسة وعسر البول والاقشعرار ووجعا في الأضلاع والصدر فعند غلبة هذه الريح وقوتها ينبغي أن يتوقع في الأمراض حدوث هذه الأعراض.
[commentary]
قال الشارح: * ريح (45) الجنوب حارة رطبة وهي الريح اليمانية وهي محل العفن عند هبوبها تملأ بطون الدماغ فضلات * لتراقى (46) الأبخرة الحارة الرطبة إليه عند تصاعدها تحدث ثقلا في الرأس ويصل الضرر إلى * الرأس (47) فيغشى البصر ويثقل السمع وينحدر إلى عامة البدن فيثقل الأعصاب فيحدث كسلا واسترخاء. فعند * قوة (48) هذه الريح تعرض هذه الأعراض ويقوى تزيدها. وأما الشمال PageVW0P036B فمزاجها بارد يابس عند هبوبها تصدم * عضلات (49) الصدر وتضر بالأعصاب بسبب * بردها (50) ويبسها فيكثر يبس العصب وبرده فيحدث السعال وتحدث أوجاع في الحلق، وبسبب يبس الرطوبات يحدث السعال اليابس، * وبقوة (51) السعال ودوامه يحدث الوجع في الحلق. وكذلك في * البطون (52) . وربما عنى بوجع الحلوق ما يحدث من النزلات مما يوجبه برد الشمال من تغليظ المواد التي تتحلل * وانحصار (53) الفضلات في الجوف لأن الريح تخقنها في الأجواف فيطول مكثها وتنشف الرطوبات * ويتضاعف (54) الجفاف في البطون. وأما عسر البول فلأن المثانة عضو بارد يابس عصباني قليل الدم يستضر بالبرد واليبس. وأما الاقسعرار فبسبب البرد واليبس فيستضر الصدر وآلاته وعضلاته فيحدث فيه وجع ويعرض أكثر هذه الأعراض عند هبوبها وغلبتها.
6
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان الصيف شبيها بالربيع * فتوقع (55) فى الحميات عرقا * كثيرا (56) .
[commentary]
قال الشارح: إذا كان الصيف مشابها للربيع كثرت فيه الرطوبات * فامتلأت (57) الأبدان فضولا واستولت عليها حرارة الصيف فحللتها وفتحت المسام ودحت بالفضلات إلى سطح الجلد فيكثر العرق وخصوصا في PageVW1P027A البحارين.
7
[aphorism]
قال أبقراط: إذا احتبس المطر حدثت حميات حادة، فإن كثر ذلك PageVW0P037A الاحتباس في السنة ثم حدث في الهواء حال يبس فينبغي أن يتوقع في أكثر الحالات هذه الأمراض وأشباهها.
[commentary]
قال الشارح: سبب حدوث الحميات * الحادة (58) قلة العفن بسبب قلة المطر لأن المواد تبقى أكثر حدة وأشد لذعا فلأجل * هذا (59) قال حميات حادة. فإن كان ذلك الاحتباس كثيرا وجب أن يحدث في الهواء حال يبس لعدم البلة فبالضرورة تحدث هذه الأمراض المذكورة. وهذا الفصل يوهم أنه يناقض قوله إن من حالات * الهواء (60) في السنة بالجملة قلة المطر أصح من * كثرته (61) وأقل موتا، وليس بينهما تناقض لأن القلة غير الاحتباس * والاحتباس (62) عدم الشيء والقلة وجود الشيء مع * قلته (63) .
8
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت أوقات السنة لازمة لنظامها وكان في كل وقت منها ما ينبغي أن يكون فيه كان ما يحدث فيها من الأمراض حسن الثبات والنظام حسن البحران، وإذا كانت أوقات السنة غير لازمة لنظامها كان ما يحدث فيها من الأمراض غير منتظم سمج البحران.
[commentary]
قال الشارح: إذا وردت فصول السنة على واجبها وكانت لازمة لنظام PageVW0P037B واحد * من (64) غير اختلاف ولا اختلال كانت الأمراض الحادثة * فيها (65) محمودة غير مذمومة. وإذا لم ترد على واجبها وكانت غير لازمة للنظام كانت الأمراض الحادثة فيها غير منتظمة سمجة البحران.
9
[aphorism]
قال أبقراط: إن في الخريف تكون الأمراض أحد ما تكون وأقتل في أكثر الأمر ، * وأما (66) الربيع فأصح الأوقات وأقلها موتا.
[commentary]
قال الشارح: قد تقرر أن مزاج الربيع معتدل والفصل المعتدل يوافق الأمزجة المعتدلة ويحفظ صحتها عليها ويميل مع اعتداله إلى الحرارة والرطوبة، وتكون الأبدان قد خرجت من برد الشتاء ولقيها الربيع، فأذاب المواد الرديئة * ودفعها (67) عن الأعضاء الرئيسة إلى الأعضاء الحسيسة ونفاها عن البدن وأنعش الحرارة الغريزية وأنماها. ولمعترض أن يعترض في هذا الفصل ويقول * جزم (68) أبقراط بقوله «الربيع أصح الأوقات وأقلها موتا»، وقال بعد ذلك فقد يعرض في الربيع الوسواس السوداوي والجنون والصرع * والسكتة (69) وانبعاث * الدم (70) وغير ذلك، فإذا جزم بصحته كان الأولى أن لا يحدث فيه مرض، وقد عد من جملة * هذه (71) الأمراض الواقعة فيه السكتة، وقال لا يمكن برؤها إن كانت قوية ولا يسهل برؤها إن كانت PageVW0P038A ضعيفة، والصرع وهو * مرض (72) يموت صاحبه به إذا تجاوز الخمس * والعشرين (73) سنة. والجواب عن هذا * الاعتراض (74) أنه قال * فقد (75) يعرض في الربيع، والثاني * وإن (76) عرضت هذه الأمراض بسبب حدوثها كما تقدم القول فيرد الربيع * والأبدان (77) مملوءة من الأخلاط الحاصلة في * الفصل (78) الشتاء وهي جامدة من برده، ومن عادة الربيع أن يدحو بالأخلاط من داخل إلى خارج وينقى البدن ويدفع بها من الأعضاء الرئيسة إلى الأعضااء الحسيسة، * فيكون (79) سبب حدوث هذه الأمراض * نقاء (80) البدن من الأخلاط الرديئة ودوام صحته، * وقد (81) قيل فربما صحت الأجساد بالعلل. وأما الخريف فمزاجه بارد يابس * يكون (82) يوم حر ويوم * برد (83) وساعة حر وساعة برد وتارة يذيب الأخلاط وتارة يجمدها وهو مولد للسوداء وهي أعسر الأخلاط. وهذا الفصل غير قابل للصحة عديم النضج رديء * الكيموس (84) فهو اشر * الفصول (85) وأقلها.
10
[aphorism]
قال أبقراط: الخريف لأصحاب السل رديء.
[commentary]
قال الشارح: السل يطلق على حمى الدق وعلى قرحة الرئة، والخريف مضر بهما. أما حمى الدق * فإنه (86) يزيدها يبسا وجفافا وموجبها تشبث * الحرارة (87) بالرطوبة الأصلية وفناءها. وإن عنى * به (88) قرحة الرئة فهو مضر * بها (89) PageVW0P038B غاية الضرر لأنه تارة حر وتارة برد كما تقدم. وقد * قال (90) أبقراط أكثر ما يكون * السل (91) فيما بين خمس وعشرين سنة إلى * الثلاثينن (92) فيكون سبب القرحة * موادا (93) حادة لذاعة محترقة صفراوية أو دموية. فإذا ورد عليها الخريف زادها رداءة ويبسا * ووغل (94) فيها * وجمد (95) ما فيها فيعسر على صاحبها النفث ببرده ويبسه. وقد قال أبقراط «فإذا احتبس البصاق مات صاحب العلة (vii.16)» ويورث الأبدان جفافا ويبسا ويهيج السعال ويضر بالأعصاب وآلات * التنفس (96) وعضلات الصدر وهو مضر بجميع الأمراض خصوصا بالسل.
11
[aphorism]
قال أبقراط: فأما في PageVW1P028A أوقات السنة فأقول إنه متى كان الشتاء قليل المطر شماليا وكان الربيع مطيرا جنوبيا وجب ضرورة أن تحدث في الصيف حميات حادة ورمد واختلاف الدم وأكثر ما يعرض * اختلاف (97) الدم للنساء ولأصحاب الطبائع الرطبة.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول منه في الأمراض التي تحدث في الشتاء الشمالي وهي الأوجاع التي ذكرها عند مهب ريح الشمال وهي السعال ووجع الحلوق وعسر البول. فلهذا أهمل ذكرها في هذا الفصل ولم يذكر الأمراض التي تكون PageVW0P039A في الربيع المطير الجنوبي بعد الشتاء. وذلك لأن رطوبة الربيع * الجنوبي (98) تعدل يبس الشتاء الشمالي فتكون الأمراض * حدوثها (99) قليلا. فإن دام الربيع على رطوبته وورد عليه حر الصيف ووجد الأبدان ممتلئة حللها وأثر فيها وأحدث العفن فحدثت عقبة الحميات الحادة لأن الرطوبة مادة للعفن والحرارة فاعلة فيها. وأكثر ما يكون * ذلك (100) في النساء وأصحاب الطبائع الرطبة لرطوبة أبدانهم ورطوبة الربيع وحرارة الصيف المؤثرة فيها. فإن * كان (101) * ميل (102) المادة إلى فوق * أحدثت (103) الرمد وما أشبهه. وإن * مالت (104) إلى أسفل * أحدثت (105) اختلاف الدم * وغيره (106) .
12
[aphorism]
قال أبقراط: * ومتى (107) كان الشتاء جنوبيا مطيرا دفيئا وكان الربيع قليل المطر شماليا فإن النساء اللواتي تتفق ولادتهن نحو الربيع يسقطن من أدنى سبب، * واللاتي (108) يلدن منهن يلدن أطفالا ضعيفة الحركة مسقامة أبدانهم حتى أنهم إما أن يموتوا على المكان وإما أن يبقوا * منهوكين (109) * مسقامين (110) طول * حياتهم (111) ، وأما سائر الناس فيعرض لهم اختلاف الدم والرمد اليابس، وأما الكهول فيعرض لهم من النزلات ما يفنى سريعا.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل عكس الفصل * المتقدم (112) متى كان الشتاء قليل البرد وكان مطيرا * وكان (113) مهب ريح * الجنوب (114) * فيه (115) كان PageVW0P039B دفيئا . وإذا كان بهذه الصفة فإن الأبدان ترتخي فيه ويكثر فيها التحلل والتخلخل وتميل إلى اللين وخصوصا أبدان النساء لرطوبتها ولينها. وإذا ورد عليها الربيع وهو بارد يابس لقلة المطر ومهب الشمال غاص البرد بسبب التخلخل إلى أعماق البدن فحصل للنساء الإسقاط بسبب ذلك. * وإن (116) سلموا من الإسقاط وعاش الطفل * عاش (117) ضعيفا منهوكا مسقاما طول * مدة (118) حياته. وأما اختلاف الدم فيعرض PageVW1P028B بسبب انحدار الفضلات إلى أسفل، وسبب ذلك أن الدماغ يمتلئ من رطوبة الشتاء ومهب * ريح (119) الجنوب. فإذا انحدر فلا يخلو من أن تكون المادة * إما (120) مالحة أو حلوة أو حامضة. فإن كانت بلغمية مالحة أحدثت اختلاف الدم وسببه الحرارة الفاعلة فيه من مهب ريح الجنوب الحارة الرطبة. * وإذا (121) ملثت في * المعاء (122) أحدثت السحج والجرد واختلاف الدم والنزلات * بسبب (123) نزول الفضلات من الرأس وتكون قليلة النضج لمهب ريح الشمال فيمنعها من النضج البرد واليبس الحاصل من المهب ريح الشمال. فإن حدثت بالكهول تكون حرارتهم الغريزية قاصرة عن نضجها فيطول بهم * ويهلكون (124) منها.
13
[aphorism]
قال أبقراط: فإن كان * target="G"> 40a (125) * الصيف (126) قليل المطر شماليا وكان الخريف مطيرا جنوبيا عرض فى الشتاء صداع شديد وسعال وبحوحة وزكام وعرض لبعض الناس السل.
[commentary]
قال الشارح: هذه الأمراض التي ذكر لا يعرض في الخريف منها شيء لأن الصيف يابس والخريف رطب فيقع الاعتدال. فإذا ورد الشتاء وقد * كثرت (127) الفضلات في الدماغ والبدن PageVW0P040B من رطوبة الخريف ومهب ريح الجنوب حصرها برد الشتاء في الرأس والبدن، أحدثت الصداع في الرأس بسبب * حقن (128) الفضلات. فإن انحدر منها شيء إلى الصدر حدث سعال واجتازت بقصبة الرئة * فيحدث (129) بحة. فإن مالت إلى الرئة أحدثت قرحة.
14
[aphorism]
قال أبقراط: فإن * كان (130) شماليا يابسا كان موافقا لمن كانت طبيعته رطبة وللنساء، وأما سائر الناس فيعرض لهم حميات حادة وزكام مزمن ومنهم من يعرض * لهم (131) الوسواس العارض من السوداء.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل يقول فيه وهو تبع لما قبله: فإن كان الخريف شماليا يابسا كان هذان الفصلان يابسين فينتفع بهما النساء لرطوبة * أمزجتهن (132) وأصحاب الطبائع الرطبة لأن * أمزجتهم (133) تعتدل * بين (134) اليبس والرطوبة فإذا ورد عليهم الشتاء لم يجد في أبدانهم فضلة. وأما سائر الناس فتعرض لهم هذه الأمراض لأن * الفضلات (135) المائية * الرقيقة (136) تجف في أبدانهم وتبقى الفضلات الغليظة العسرة التحلل. فإن تراقت الأبخرة المتصاعدة منها أحدثت الرمد اليابس لأنه عن بخار متصاعد. وأما حدوث الحميات الحادة فلأن المائية الرقيقة قد جفت وبقي ما غلظ منها. وأما PageVW0P041A الزكام فلانحدار الفضلات من الدماغ إلى المنخرين. وأما PageVW1P029A حدوث الوسواس السوداوي فلأن الأبخرة المتصاعدة شديدة اليبس لجفاف الفضلات الرطبة. وهذا يكون * لمن (137) مزاجه * مستعد (138) لقبوله.
15
[aphorism]
قال أبقراط: إن من حالات الهواء في السنة بالجملة قلة المطر * أصح (139) من كثرة المطر وأقل موتا.
[commentary]
قال الشارج: إنما كانت قلة المطر توجب الصحة أكثر من كثرته لأن اليبس المعتدل يقوي الأبدان ويجود * حركاتها (140) ويقلل العفونة فيها، وكثرته ترخي الأبدان وتكثر العفونة وتملئ الأبدان فضلات وتغمر الحار الغريزي بكثرة الفضلات وتسرع العفونة وتبطئ النضج * وتمتلئ (141) الأوعية.
16
[aphorism]
قال أبقراط: وأما الأمراض التي تحدث عند كثرة المطر في أكثر * الحالات (142) فهي حميات طويلة واستطلاق البطن وعفن وصرع وسكات وذبحة، * وأما (143) الأمراض التي تحدث عند قلة المطر فهي سل ورمد ووجع المفاصل وتقطير البول واختلاف الدم.
[commentary]
قال الشارح: قد عد أبقراط في هذا الفصل الأمراض الواقعة في كثرة المطر والأمراض الواقعة في * قلته (144) . وذكر في هذا الفصل أن قلة المطر أصح في الأبدان من PageVW0P041B كثرته ونعم ما ذكر. فإن كثرة الأمطار توجب كثرة العفن وتملئ الأبدان والأدمغة فضلات. ومتى حصل الامتلاء وقع السبب السابق. ومتى وقع السبب * السابق (145) وقع السبب الواصل وهو * الحمى (146) فتكثر الحميات الطويلة لكثرة المادة وحصول العفن وإبطاء النضج وضعف الحار الغريزي بكثرة الرطوبة الغريزية وغمرها الحار الغريزي وأكثر ما تكون هذه الحمى بلغمية بطئة النضج عسرة التحلل لغلظها ولزوجتها. وأما استطلاق البطن لأن الحمى العفنية متى تحلل الخلط المحدث لها ونضج انحدر إلى أسفل أوجب استطلاق البطن. وأما حدوث العفن والصرع فلامتلاء بطون الدماغ، وكذلك السكات أيضا. * فإن (147) مرت بالحلق وكان فيها شيء حاد أحدثت الذبجة. وأما الأمراض التي عددها عند قلة المطر فهي سل ورمد ووجع المفاصل وتقطير البول واختلاف الدم. أما حدوث هذه الأمراض فلأن المواد المتولدة عند قلة المطر * تكون (148) مرارية حادة لذاعة أو دموية محتدة محرقة قليلة الرطوبة. فإن * بخرت (149) إلى الرأس PageVW1P029B أحدثت رمدا يابسا. وإن انحدرت إلى الرئة * قرحتها (150) . وإن نزلت إلى الرباطات مددتها فحدث وجع المفاصل. وإن انصبت إلى المثانة وهي عضو عصباني قليل الدم PageVW0P042A أضعفتها وأنكتها فحدث تقطير البول. وإن مالت إلى * المعاء (151) * ومكثت (152) فيها * أنكتها (153) وسحجها وجردتها فحدث اختلاف الدم. وجالينوس استبعد حدوث السل عند قلة المطر. * وقال (154) إن حدث فيكون سبب حدوثه برد يقرع بعض عروق الرئة * فينكيها (155) . وقال حدوث السل يكون من حرارة ورطوبة تملئ بطون الدماغ وتنزل منصبة إلى الرئة فتقرحها فكيف تحدث من قلة المطر. فإن عنى بالسل حمى الدق لا قرحة الرئة فهو صحيح. وقال لا يكون وجع المفاصل مع قلة المطر إلا أن يكون أراد به عسر حركتها لأن وجع المفاصل * قال (156) يكون من تجلب المادة إلى المفاصل فيوجب ذلك ثقلا فيحدث وجع المفاصل، وهذا لا يكون عند قلة المطر. وقال غيره أراد به أن وجع المفاصل إذا وقع عند قلة المطر يكون سببه فناء الرطوبات الأصلية فتتحاكك المفاصل بسبب * شدة (157) اليبس فيحدث * ألم (158) .
17
[aphorism]
قال أبقراط: فأما حالات الهواء في يوم يوم فما كان منها شماليا فإنه يجمع الأبدان ويشدها * ويقويها (159) ويجود حركتها ويحسن ألوانها ويصفي السمع منها ويجفف البطن ويحدث فى الأعين لذعا، وإن كان في نواحي الصدر وجع متقدم هيجه وزاد فيه؛ PageVW0P042B وما كان منها جنوبيا فإنه يحل الأبدان * ويرخيها (160) ويرطبها ويحدث ثقلا في الرأس وثقلا في السمع * وسدرا (161) في العينين وفي البدن كله عسر الحركة * ويلين (162) البطن.
[commentary]
قال الشارح: * تقدم (163) القول إن ريح الشمال باردة يابسة وعند * مهبها (164) تنعكس الحرارة الغريزية إلى داخل البدن وتقوى القوى الطبيعية وتجود الهضم فتقوى الأبدان وتجود حركتها وتحسن ألوانها * ويصفو (165) السمع منها. وذلك بسبب اجتماع الحار الغريزي وغوره إلى أعماق البدن. وأما صفاء السمع فهو * لقلة (166) الرطوبات والبخارات الكثيرة المتصاعدة. وجفاف البطن * بسبب (167) PageVW1P030A يبس الرطوبات * فتيبس (168) الأثفال ويقل بروزها. وأما حدوث اللذع في العين فلأنه عضو ذكي الحس كثير التخلخل فهبوب الهواء اليابس ينكيه ويضر بآلات الصدر وآلات التنفس والجنوبية تفعل أضدادها فتملأ بطون الدماغ وتكدر الحواس وترخي الأبدان.
18
[aphorism]
قال أبقراط: فأما في أوقات السنة ففي الربيع وأوائل الصيف يكون الصبيان والذين يتلونهم فى السن على أفضل حالاتهم وأكمل الصحة، وفي باقي الصيف وطرف من الخريف يكون المشائخ أحسن حالا، وفي باقي الخريف وفي * الشتاء (169) يكون PageVW0P043A المتوسطون بينهما في * السن (170) أحسن حالا.
[commentary]
قال الشارح: أما قوله «فأما في أوقات السنة ففي الربيع وأوائل الصيف يكون الصبيان والذين يتلونهم فى السن على أفضل حالاتهم» وذلك لأن * من (171) شأن الربيع إذا لاقى أبدانا * صحيحة (172) حفظها على ما هي * عليه (173) * فإن (174) الفصل المعتدل ملائم لمعتدلي المزاج مناسب لهم موافق لأمزجتهم. وقوله «وأوائل الصيف» لأن أول كل فصل فهو من جنس الفصل الذي قبله فأول الصيف محسوب من فصل الربيع. * وقوله (175) * «باقي (176) الصيف * وطرف (177) من الخريف يكون المشائخ أحسن حالا» لا شك * أن (178) الصيف بحرارة مزاجه * موافق (179) أبدان المشائخ لبردها. وقول «طرف من الخريف» يريد به أوائل الخريف لأنه محسوب من الصيف. لكن بقي من تمام هذا البحث شيء آخر وهو يبس الصيف ويبس الخريف ويبس أبدان المشائخ، فإن * اعتدال (180) الحر بالبرد يزداد اليبوسة فلم يكن موافقا على الإطلاق. وقوله «باقي الخريف والشتاء يكون المتوسطون بينهما فى السن أحسن حالا» أراد * بهم (181) الشباب * المتناهين (182) في سن * الشباب (183) لأن هذين الفصلين باردان فلهذا سن الشباب على أكمل ما يكون من الحرارة وأفضل البلدان البلد الحار في الشتاء والبلد البارد في الصيف.
19
[aphorism]
قال أبقراط: والأمراض كلها تحدث في أوقات السنة كلها إلا أن بعضها في بعض الأوقات أحرى بأن يحدث ويهيج.
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P043B غير خاف أن الأمراض PageVW1P030B تحدث في فصول السنة بحسب الاستعداد إلا أن بعضها أحرى بأن يهيج في وقت منها دون وقت كأمراض الصفراء في فصل الصيف وأمراض السوداء * في (184) الخريف والبلغمية في الشتاء والدموية في الربيع لأن كل فصل يولد بطبعه.
20
[aphorism]
قال أبقراط: * فقد (185) يعرض في الربيع الوسواس السوداوي والجنون والصرع * والسكتة (186) وانبعاث الدم والذبحة والزكام والبحوحة والسعال * والعلة (187) التي * يتقشر (188) الجلد والقوابي والبهق والبثور الكثيرة التي تتقرح والخراجات وأوجاع المفاصل.
[commentary]
قال الشارح: قد ذكر أبقراط ما يعرض في كل فصل من فصول السنة من الأمراض وابتدأ بالربيع لكونه أصح الأوقات وأسلمها. وقال * الأمراض (189) التي تحدث في هذا الفصل ليس حدوثها كحدوث الأمراض التي تعرض في باقي الفصول. وذلك * أن (190) الربيع إذا ورد على الأبدان الصحيحة حفظ صحتها عليها. وإن وجد أبدانا ممتلئة من الفضول دجابها من أعماق البدن إلى ظاهره ومن الأعضاء الرئيسة إلى الأعضاء الحسيسة فيكون حدوث تلك الأمراض سببا لدوام الصحة كما قيل، * وربما (191) صحت الأجساد بالعلل، * وليس (192) كذلك باقي الفصول. ولأجل هذا لا يناقض قوله إن توليد الأمراض PageVW0P044A في هذا الفصل مناقضا لقوله «أما الربيع فأصح الأوقات وأقلها موتا (iii. 9)».
21
[aphorism]
قال أبقراط: فأما في الصيف فيعرض بعض هذه الأمراض * وحميات (193) دائمة * ومحرقة (194) وغب كثيرة وقيء وذرب * ورمد (195) ووجع الأذن وقروح في الفم وعفن في الفرج وحصف.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول إن * أول (196) كل فصل فهو من جنس الفصل الذي تقدمه فأوائل الصيف * مشابهة (197) لآخر الربيع لقربه * منها (198) . * أما (199) حدوث الحميات فلأنها تكون عن عفن المرة الصفراء لأن كل فصل يولد بطبعه، والمحرقة * لقربها (200) من القلب. والمواد المتولدة في الصيف لا تخلو إما أن تطلب فم المعدة وهو الأقرب * لرقتها (201) * والرقيق (202) يطلب العلو فيحدث القيء، وإما أن تكون * محية (203) فتطلب الانحدار ويخالطها بلغم * مالح (204) فتحدث الذرب والرمد لأجل ميل المادة إلى فوق وكثرة PageVW1P031A العرق والعين عضو ذكي * الحس (205) تلذعه * المادة (206) الحادة. وإن * تحدرت (207) المادة نحو الأذن حدث وجع * الأذن (208) ، وقروح الفرج * لكثرة (209) العرق واستماطه فيحدث البثور المتقرحة لأنها * عن (210) مواد صفراوية يخالطها بلغم مالح. * والحصف (211) فمن * تواتر (212) العرق يخرج اللطيف ويبقى الكثيف فيصير ما كثف منه حصفا.
22
[aphorism]
قال أبقراط: وأما في الخريف فيعرض فيه أكثر أمراض الصيف PageVW0P044B وحميات ربع * ومخلطة (213) وأطحلة واستسقاء وسل وتقطير البول واختلاف * الدم (214) وزلق * الأمعاء (215) ووجع الورك والذبحة والربو والقولنج الشديد الذي * يسميه (216) اليونانيون إيلاوس والصرع والجنون والوسواس السوداوي.
[commentary]
قال الشارح: إنما تعرض أمراض الصيف في * أوائل (217) الخريف لأنه من جنسه * بقرب (218) عهده به، وقد تقدم السبب في ذلك. وأما حميات الربع * فلما (219) تقدم * من (220) أن كل فصل يولد بطبعه الخريف مولد * للسوداء (221) فتحدث فيه الأمراض المناسبة له. والمخلطة * لاختلاف (222) هوائه وتغيره فإنه ساعة حر وساعة برد. والأطحلة لامتلائها * من (223) الأخلاط السوداوية لأنها مفرغة للسوداء ولضعف الكبد * ونقصان (224) الحرارة الغريزية. والسل * لبرد (225) الهواء وغلظ المواد الصفراوية * فإن (226) برد الهواء ويبسه يغلظ المواد الرقيقة فضلا عن الغليظة فإذا غلظت المواد الصفراوية تحدرت إلى الرئة لأنها عضو سخيف متخلخل رخو فتقرحها * وتحدث (227) السل. وأما تقطير البول فيحدث بسبب ضعف المثانة بسبب برد الهواء ويبسه فيتفاقم عليها البرد واليبس. واختلاف الدم * لميل (228) المادة * المتخلفة (229) من الصيف ومكثها في المعاء. وأما زلق المعاء فلطلوع البثور الحادثة من المواد الحادة في سطح PageVW0P045A المعدة أو في الأمعاء. وأما وجع الورك فلانحصار الفضلات الغليظة في الورك واحتقانها. والذبحة * لانحدار (230) المواد الحادة من الرأس واجتيازها وممرها بالحلق. والقولنج الشديد * لانحصار (231) الفضلات الغليظة وعدم نضجها وتحللها. والجنون والوسواس السوداوي فلكثرة توليد الأخلاط السوداوية وعفنها وامتلاء الدماغ والبدن منها وتراقي الأبخرة الصاعدة * منها (232) .
23
[aphorism]
PageVW1P031B قال أبقراط: وأما في الشتاء فيعرض ذات الجنب وذات الرئة والزكام والبحوحة والسعال وأوجاع الجنبين والقطن والصداع والسدر والسكات.
[commentary]
قال الشارح: أما حدوث ذات الجنب وذات الرئة * فلانحصار (233) المواد الغليظة المنحدرة من الدماغ ولحوجها في الغشاء المستبطن * الأضلاع (234) وقلة نضجها وعسر تحللها ولما ينال آلات * التنفس (235) من الصدر والضعف بسبب برد الهواء لأنه * ليس (236) يمكن * صيانتها (237) وتوقيها من برد الهواء. وأما الزكام والبحوحة والسعال فلما يدخل على الرأس من تجميد الهواء لانحصار الفضلات فيه فإذا * تراقى (238) البخار * الحار (239) حللها * فتحدرت (240) إلى أسفل فإذا نزلت على المنخرين * صارت (241) زكاما لعسر تحللها. وإن مرت بقصبة الرئة ولحجت PageVW0P045B بها صار بحوحة. وإن نزلت على الصدر حدث * سعال (242) . وأما أوجاع الجنبين والقطن فلبرد الهواء وأضراره بالعصب. وأما الصداع والسدر والسكات فلامتلاء الدماغ من الفضلات البلغمية وعدم نضجها.
24
[aphorism]
قال أبقراط: * فأما (243) في الأسنان فيعرض بعض هذه الأمراض إما الأطفال الصغار حين يولدون فيعرض لهم القلاع والقيء * والسعال (244) والسهر والتفزع وورم السرة ورطوبة الأذنين.
[commentary]
قال الشارح: لما ذكر الأمراض العارضة في فصول السنة انتقل إلى الأمراض العارضة في الأسنان * وذكر (245) كل مرض يختص بسن سن من النشوء إلى آخر * العمر (246) . * أما (247) قوله «يعرض لهم القلاع» لأن الجنين يغتذي في بطن أمة من سرته. فإذا ظهر صار يغتذي من ثديها فيقوى امتصاصه فبقوة المص ينجذب إلى * فمه (248) الفضلات فيحدث القلاع. والقيء * لكثرة (249) * امتصاصه (250) من اللبن * فتمتلئ (251) معدته وهو لبن يتجبن في معدته ويكثر امتلاء * معدته (252) * ولغلظ (253) اللبن ولقوة امتصاصه ولكثرة أكل المرضعة * ولقلة (254) توقيها من الأغذية * الرديئة (255) يعرض عند * ذلك (256) القيء. والسهر * لما (257) يعرض من تغير العوائد من * شد (258) القماط وكثرة تألمه من الشد، ولم يكن له بذلك عادة مستمرة فيصير الوجع سببا للسهر وبكثرة إذا هم من ألم قطع * السرة (259) . PageVW0P046A وأما التفزع * فمن (260) تراقي * أبخرة (261) الصاعدة إلى الدماغ فتتأدى بكثرة تصاعدة القوى النفسانية. وورم السرة * لقرب (262) عهدهم * بألم (263) القطع. * ورطوبة (264) PageVW1P032A الأذنين * لما (265) ينصب إليها من فضلات الدماغ. وذلك لأن رطوبة أدمغتهم كثيرة لما يلحقها من * ألم (266) برد الدماغ * بالهواء (267) لأنهم كانوا دفيين في بطون * أمهاتهم (268) فعند * خروجهم (269) من ذلك * الكن (270) يتأدون ببرد الهواء * فتنجلب (271) الفضلات من أدمغتهم وتسيل إلى * آذانهم (272) ولهواتهم فيجدون بذلك ألما * فادحا (273) .
25
[aphorism]
قال أبقراط: فإذا قرب الصبي من أن تنبت له الأسنان عرض له مضيض فى اللثة وحميات وتشنج واختلاف لا سيما إذا نبتت له الأنياب وللعبل من الصبيان * ولمن (274) * كان (275) منهم بطنه * معتقلا (276) .
[commentary]
قال الشارح: في وقت نبات الأسنان * شق (277) الصلب في اللين فيحدث لهم ألم قوي فيعرض من ذلك الحمى وتهيج المواد لشدة الألم فيحدث اختلاف بسبب هيجان المواد. وقد قيل إنه عنى بالتشنج التواء العصب . وظاهر الأمر أنه أراد به التشنج الامتلائي لهيجان المواد فينغمر الحار الغريزي لضعف القوة * ولكثرة (278) الرطوبة في أبدانهم. وكان ينبغي أن يضيف العبولة والاعتقال إلى الاختلاف كما ذكر ابن أبي صادق.
26
[aphorism]
PageVW0P046B قال أبقراط: فإذا تجاوز الصبي هذا السن عرض له ورم الحلق ودخول خرزة * القفا (279) والربو والحصى والحيات والدود والثآليل المتعلقة والخنازير وسائر الخراجات.
[commentary]
قال الشارح: أما قوله عن هذا السن فإنه عنى به * السن (280) الذي يكون بعد نبات الأسنان وقبل مشارفة الأنياب، وقيل هؤلاء لا يخصهم ورم الحلق دون المولودين فإنه إلى المولودين أسبق من هؤلاء لامتلاء أدمغتهم وكثرة رطوباتهم وغمرها الحار الغريزي الذي فيهم. وأما من تزعزع منهم فتعرض له الذبحة لاندفاع المواد من الرأس إلى الحلق ويكون الحار الغريزي قد نمى * فيهم (281) فيدفع الرطوبات من أدمغتهم إلى أقسام قصبة الرئة فيحدث بهم الربو. وأما دخول خرزة * القفا (282) فسببه ورم يعرض لهم إذا غمر عليه اشتد الوجع وموضعه العضل الداخل من الحنجرة أو * مجاور (283) المريء. وهذان الموضعان يتصل بهما رباطات تنبت من فقار الرقبة، وأعصاب تنبت من النخاع، وهذه تمدد الفقار * والنخاع (284) إلى داخل. ولذلك * يتقصع (285) موضع من خارج وشرها ما كان في الأعالي منها لقربها من الدماغ. وأما تولد الحصى فسببه انحدار الفضلات النية العديمة النضج إلى المثانة والحرارة الضعيفة * تعقدها (286) فيتحلل اللطيف PageVW0P047A ويبقى PageVW1P032B الكثيف فينعقد كالحال في قدور الحمامات. وأما الحيات وهي الديدان الطوال فلقصور هضمهم وشدة نهمهم * فيقصر (287) الهضم عن النضج فتبقى فضلات * للغذاء (288) غير مستحكمة النضج فتتولد عنها أنواع الديدان. وأما الثآليل فمن مادة غير طبيعة تدفعها الطبيعة إلى ظاهر البدن. * والخنازير (289) فمن مواد بلغمية غير نضيجة. والخراجات فمن * مواد (290) تدفعها الطبيعة من أعماق البدن إلى خارجه في اللحم الرخو.
27
[aphorism]
قال أبقراط: وأما من جاوز هذا السن وقرب من أن ينبت له الشعر في العانة فيعرض له كثير من هذه الأمراض وحميات أزيد طولا ورعاف.
[commentary]
قال الشارج: هذه الأمراض تحدث بسبب اختلاف الأمزجة فإن نبات الشعر في العانة يقرب نباته ويبعد بسبب * اختلاف (291) حرارة المزاج وبرده فيعرض لهم بعض ما ذكره من * الأمراض (292) المتقدمة. وسبب الحميات الطويلة المدة امتلاء أبدانهم بسبب * تناولهم (293) الأغذية الكثيرة فيسرع إليهم العفن. ولم تكن حرارة أبدانهم قد استكملت بل هي مغمورة بالرطوبة فلم * تقو (294) على إنضاجها فيبطئ النضج فتدوم الحمى زمانا أطول. وأما الرعاف فلم يعرض لجميع أصحاب هذا السن بل * على (295) طريق الاستعداد لمن مزاجه شديد PageVW0P047B الحرارة فتطلع الحرارة إلى أعالي بدنه * فينفتح (296) له عرق شرياني بسبب غلبة الدم فيه وحرارة المزاج.
28
[aphorism]
قال أبقراط: وأكثر ما يعرض للصبيان من الأمراض يأتي في بعضها البحران في أربعين يوما وفي بعضه في سبعة أشهر وفي بعضه في سبع سنين وفي بعضه إذا شارفوا إنبات الشعر في العانة، * فأما (297) ما يبقى من * الأمراض (298) * ولا (299) ينحل في وقت الإنبات ولا في الإناث في وقت ما يجري منهن الطمث فمن شأنها أن تطول.
[commentary]
قال الشارح: إنما ذكر أبقراط * هذا (300) لأنه أراد أن يعرفنا منتهى الأمراض الحادة ومبتدأ الأمراض المزمنة. ولا شك أن آخر الأمراض الحادة لا على * سبيل (301) الإطلاق الأربعون يوما وهو أول الأمراض المزمنة. فقال متى تجاوز المرض منتهى * الأمراض (302) الحادة ولم يبرأ في بحارينها وقع في بحارين الأمراض المزمنة وكانت بحارينه في السوابيع الشهرية. فإن تجاوزها كان * خلاصه (303) في * السوابيع (304) السنوية. فإن لم يتخلص منها انتظر * به (305) عند طلوع الشعر في العانة لأن الحرارة الغريزية تكون ظهورها وكمالها عندما تشق الرطوبات وتظهر غاية الظهور فتبرئ جميع الأمراض المزمنة. أما في الذكور فبخروج المني PageVW0P048A وهو سن البلوغ. وأما في الإناث فبدم PageVW1P033A الطمث، فإن لم يتخلصوا في ذلك الوقت طال بهم * الأمر (306) ومات أكثرهم * به (307) .
29
[aphorism]
قال أبقراط: وأما الشبان فيعرض لهم نفث الدم والسل والحميات الحادة والصرع وسائر الأمراض إلا أن أكثر ما يعرض لهم ما ذكرنا.
[commentary]
قال الشارح: أمراض الشباب أكثرها حميات حادة لزيادة الأخلاط المرية فيهم ولتوقد الدم واحتداده * وموادهم (308) المنصبة الرقيقة وسيلانها من عضو إلى عضو. والسل * لانصبابها (309) وقبول الرئة لها واستعدادها لكونها عضو سخيف متخلخل وهو مفرغه للصفراء فيتقرح بامتلائها * وسيلان (310) المواد الحادة إليها ولذعها * بها (311) فيحدث السل. وأما جالينوس فقال إن نفث الدم والسل إنما يحدثان لسرعة حركاتهم وزعقاتهم وونباتهم فتنفجر * عروق (312) إما في الصدر وإما في الرئة. وأما الصرع وحدوثه بهم فإن جالينوس أنكره وقال لا يحدث لهم، وإن حدث فيكون نادرا، وقال أبقراط من أصابه الصرع قبل نبات الشعر في العانة فإنه يحدث له انتقال. * وأما (313) من اعتراه وقد أتى عليه من السنين خمس وعشرون سنة فإنه يموت وهو به. فإذا حدث بهم فيكون PageVW0P048B من احتراق الدم وانقلابه إلى السوداء فبهذا الوجه يكون حدوثه * فيهم (314) .
30
[aphorism]
قال أبقراط: فأما من * جاوز (315) هذا السن فيعرض له الربو وذات الجنب وذات الرئة والحمى التي يكون معها السهر والحمى التي يكون معها اختلاط العقل والحمى المحرقة والهيضة والاختلاف الطويل والسحج وزلق الأمعاء وانفتاح أفواه العروق من أسفل.
[commentary]
قال الشارح: هذه الأمراض المذكورة تعرض خصوصا في سن الكهول لأن سن الكهول عند الأطباء هو من الخمسين إلى الستين وبعد الستين إلى آخر العمر هو سن الشيخوخة. ولا شك أن في الخمسين يكون الدم غالبا والخلط الصفراوي * كثير (316) لأن مبتدأ سن الكهول * هو (317) قريب * إلى (318) سن الشباب فأول كل سن هو قريب * من (319) آخر السن الذي يتقدمه، وأمراضه * تشابه (320) أمراضه كما يكون * في (321) فصول السنة * فأوائل (322) الصيف من الربيع * وأوائل (323) الخريف من الصيف فكذلك الأسنان، فلأجل * هذا (324) السبب يعرض لهم ذات الجنب وذات الرئة والحمى المحرقة * التي (325) يكون معها السهر والحمى التي يكون PageVW1P033B معها اختلاط العقل. أما ذات الجنب فسببها مرة غلظت أو دم انقلب إلى السوداء. وأما ذات الرئة فلأنها جسم متخلخل رخو يغتذي PageVW0P049A بالبلغم المالح أو المرار فيوجب ذات الرئة. والحمى التي يكون معها السهر فسببها خلط بلغمي مالح محترق. * والحمى (326) التي يكون معها اختلاط العقل * لامتلاء (327) بطون * أدمغتهم (328) فيصير كالسبات أو كالبهتة مبهوتا. * والحمى (329) المحرقة فسببها بلغم مالح أو مرة محترقة أو دم محترق. والهيضة * تصيبهم (330) * لأن (331) نهمهم كنهم الشباب وهضمهم يقصر عن هضم الشباب لضعف حارهم الغريزي. * والاختلاف (332) الطويل من * كثرة (333) المواد واحتدادها. * والسحج (334) فمن مواد محترقة إما مالحة أو مرية تلذع المعاء * بحدتها (335) . * وزلق (336) المعاء فمن بثور تعرض في سطح المعدة أو * الأمعاء (337) لاذعة بحدتها، ويعرض لهم * البواسير (338) من * احتراق (339) * الدم (340) وغلظه وطلبه إلى * أسفل (341) لكونه من جنس السوداء.
31
[aphorism]
قال أبقراط: وأما المشائخ فيعرض لهم رداءة التنفس * والنزل (342) التي يعرض معها السعال وتقطير البول وعسره وأوجاع المفاصل وأوجاع الكلى والدوار والسكات والقروح الرديئة وحكة البدن والسهر ولين البطن ورطوبة العينين والمنخرين وظلمة البصر والزرقة وثقل السمع.
[commentary]
قال الشارح: إنما تعرض هذه الأمراض للمشائخ وخصهم بها لأن * حرارتهم (343) ضعيفة وقواهم منهوكة ورطوباتهم PageVW0P049B الغريزية نقصت ورطوباتهم الغريبة كثرت، وهذه توجب توليد هذه الأمراض وغيرها. أما رداءة التنفس فذكر طائفة أنه أراد بها فساد رائحة النكهة لما يتخلف * بمعدهم (344) من فضول الأطعمة وحرارتهم قاصرة عن إنضاجه وهضمه وقصور الدافعة عن دفعه فإن جميع القوى الطبيعية يستولي الضعف عليها. وقال غير هؤلاء عنى بسوء التنفس النزلة مع السعال والربو، وإنما يعرض لهم ذلك لامتلاء أدمغتهم من الفضول وبردها وانحدارها إلى أسفل. وأما تقطير البول فيعرض لهم من برد * مثاناتهم (345) وسوء مزاجها وضعف * قواها (346) الماسكة لأن البول يغلظ فيهم لكثرة الفضول المنصبة ولا يخرج مستقيما بل تقطيرا. وعسر البول يعرض لهم من ضعف القوة الدافعة بسبب برد المثانة * وقلة (347) الدم فيها. وربما عرض لهم الحصى في كلاهم لغلظ أخلاطهم وبقائها في الكلى إلى أن يتحجر. وأما أوجاع المفاصل فيعرض لهم PageVW1P034A من تحدر الأخلاط إليها وبرد * آلاتهم (348) المحركة لها. وأما الدوار فسببه تراقي الأبخرة الغليظة إلى رؤوسهم ولثبها فيها وتضطرب * فيها (349) ولا تجد مخرجا، ويكون ذلك لمشاركة المعدة للدماغ أو لانفراد الدماغ دونها. وأما السكات فلغلظ PageVW0P050A المواد واحتقانها في أدمغتهم وعجز القوة والحرارة عن تحليلها وإخراجها وترقيقها. وعنى بالقروح الرديئة * فيهم (350) وعسر برئها * لاستيلاء (351) اليبس على أبدانهم وقلة الدم المتولد فيها، ويكون أيضا لفساد أخلاطهم وميلهم إلى الملوحة أو إلى السوداء المحترقة. والسهر لقلة الرطوبة الغريزية * فيهم (352) واستيلاء اليبس عليها * وفكراتهم (353) الرديئة * الفاسدة (354) * وما (355) يولده لهم * من (356) الهم والغم * وسوء (357) الفكر. * ولين (358) البطن فلضعف قواهم عن الهضم فينهضم الغذاء على غير الاستواء وتمتلئ معدهم رطوبات غريبة وتنقص الحرارة الغريزية فيهم. * ورطوبة (359) العينين والمنخرين * لضعف (360) أدمغتهم وسيلان الرطوبات منها لضعف قواهم. * وظلمة (361) البصر وثقل السمع * يعرضان (362) من غلظ موادهم ونقصان الروح * الباصر (363) فيهم ولكدورة الأبخرة التي تعرض لهم. والزرقة * من (364) إفراط يبس الجليدية.
Page inconnue
المقالة الرابعة
1
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغي أن تسقى الحامل الدواء إذا كانت الأخلاط في بدنها هائجة منذ يأتي على الجنين أربعة أشهر وإلى أن يأتي عليه سبعة أشهر ويكون * التقدم (1) على هذا أقل، فأما ما كان أصغر من ذلك أو أكثر منه فينبغي أن يتوقى عليه.
[commentary]
PageVW0P050B قال * الشارح (2) : علمنا أبقراط أنواع العلاج ولم يهمل شيئا منه. فقال لا ينبغي أن تسقى الحامل الدواء من قبل أربعة أشهر وأمر أن لا تفصد أيضا، لأنها إن * فصدت (3) أسقطت وخاصة إن كان طفلها قد عظم وقد مثلوا الجنين في بطن أمه بالثمرة في الشجرة ففي ابتداء حملها تكون صغيرة وارتباطها * ضعيف (4) فمن أدنى سبب تسقط. وذلك * شاهد (5) بالحس عند هبوب الرياح فترمي الثمار في بدء الحمل وبعد السابع يكون قد كمل * الجنين (6) وطلب الخروج لنفسه PageVW1P034B فبأدنى سبب * يسقط (7) ، وفيما بينهما يكون قويا ورباطاته * قوية (8) وهو على غاية القوة. وقوله «ويكون التقدم على هذا أقل» معناه ترك المسهل في هذه الأيام المحدودة الموصوفة أقل. فإن كان لا بد من سقي * المسهل (9) فيكون بعد الرابع إلى السابع وبعد ذلك يمنع. وليكن * المسهل (10) * مزلقا (11) بغير قوة جاذبة كفلوس الخيار شنبر وما أشبهه. * فمتى (12) كان بقوة جاذبة * دفع (13) * دفعا (14) عنيفا وساعدته القوة الدافعة فتسقط الجنين ويخاف عليه وعلى أمه. فينبغي أن تجتنب الأدوية المسهلة مهما أمكن.
2
[aphorism]
قال أبقراط: إنما ينبغي أن * يسقى (15) من الدواء ما يستفرغ من البدن النوع الذي إذا استفرغ من تلقاء نفسه نفع PageVW0P051A استفراغه، فأما ما كان استفراغه على خلاف ذلك فينبغي أن تقطعه.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل قد كرره في عدة مواضع بمعنى متفق ولفظ مختلف، فلا حاجة إلى شرحه. وزاد فيه فقال «النوع الذي إذا استفرغ من تلقاء نفسه نفع استفراغه». ومعنى هذا الكلام: كلما يستغرغ من البدن من النوع الذي يجب استفراغه فهو محمود سواء كان من فعل الطبيعة أو فعل الطبيب، وإن كان من غير النوع الذي يجب استفراغه فهو مذموم.
3
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
4
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغى أن يكون ما يستعمل من الاستفراغ بالدواء في الصيف من فوق أكثر وفي الشتاء من أسفل؛ بعد طلوع الشعرى * العبور (16) وفي وقت طلوعها وقبله يعسر الاستفراغ بالأدوية.
[commentary]
قال الشارح: وهذا الفصل أيضا يعلمنا فيه أنواع العلاج فقال كل * جزء (17) من فصول السنة * له (18) استفراغ يخصه. ففي الصيف الاستفراغ من فوق أولى لرقة الأخلاط وذوبانها وطلبها للعلو فهي تطفو على فم المعدة كما نرى ذلك بالمشاهدة عند غليان القدور فالرقيق يطلب العلو والكدر يطلب الانحدار إلى الأسفل. وفي الشتاء يكون الاستفراغ من أسفل PageVW0P051B أولى لغلظ الأخلاط وكثافتها وطلبها * الانحدار (19) إلى أسفل. وقد * تقدم (20) أن كل فصل يولد بطبعه فالصيف * للصفراء (21) والشتاء * للبلغم (22) والخريف * للسوداء (23) والربيع * للدم (24) . وقد قال أبقراط وقيأنا في الصيف لأن الفضول تطفو وأسهلنا في الشتاء لأن الفضول ترسب. وقوله «بعد طلوع الشعرى العبور وفي وقت طلوعها» هذه الشعرى العبور هي اليمانية ويقال لها نجم الكلب والحر يقوى قبل طلوعها بمدة عشرين * يوما (25) وكذلك عند طلوعها، PageVW1P035A فإن * طلوعها (26) يكون في منتصف تموز وقيل لعشر مضين من آب. وهذا أمر يرجع فيه إلى أصحاب * النجامة (27) ، ومراد أبقراط بهذا * أن (28) يعرفنا شدة صميم الحر. وقد قيل إن هذا الكوكب يسخن الجو به، وهذا ليس بصحيح ولكن شدة الحر تكون من مسامتة الشمس للرؤوس. وإنما نهى أبقراط عن شرب المسهل في قوة الحر لذوبان الأخلاط وضعف الأبدان وحرارة الدواء المسهل لئلا يجتمع على البدن حر الفصل وتفتيح المسام وضعف البدن وحرارة الدواء المسهل. ووجه آخر وذلك أن المواد لرقتها تندفع إلى ظاهر البدن بتفتيح المسام والأودية تميلها إلى داخل البدن فتقع بين الطبيعة والدواء منازعة يدخل منها الضرر على الأبدان .
5
[aphorism]
with 4
[commentary]
with 4
6
[aphorism]
PageVW0P052A قال أبقراط: من كان قضيف البدن وكان القيء يسهل عليه فاجعل استفراغك إياه بالدواء من فوق وتوق أن تفعل ذلك في الشتاء.
[commentary]
قال الشارح: إنما أمر أبقراط بهذا لأن القضيف البدن تكون أخلاطه رقيقة مرية مؤاتيه للخروج وأكثر ما يتولد في بدنه الصفراء فإذا كان القيء يسهل عليه فينبغي أن يغتنم هذا لأنه ينقي البدن بلا عنف ولاخيفة من غائلة دواء مسهل. فقد قال أبقراط من كان صحيح * البدن (29) فاستعمال الدواء فيه يعسر. وقوله «وتوق أن يفعل ذلك في الشتاء» فإن الصيف تكون الأخلاط فيه رقيقة ويكون الصدر والعروق والعضل والرباطات فيه مسترخية مؤاتية مساعدة على القيء، وفي الشتاء بالعكس تصلب الأعضاء المذكورة وتغلظ المواد والفضل وتسرع إلى أعماق أبدانهم نكاية الهواء لقلة اللحم عليهم وتكون عروقهم أسرع انصداعا، ولهذا يحذر القيء في من كان قضيف البدن ضيق الصدر ناتي الحنجرة مجنح الأكتاف. وصاحب هذه العلامات يكون مستعدا للوقوع في السل.
7
[aphorism]
قال أبقراط: فأما من كان يعسر عليه القيء وكان من حسن اللحم على حالة متوسطة PageVW0P052B فاجعل استفراغك إياه بالدواء من أسفل وتوق أن تفعل ذلك في الصيف.
[commentary]
قال الشارح: كل هذا تعليم من أبقراط لنا في سائر أنواع العلاج من ذلك قوله «من كان متوسطا بين العبالة والقضافة وكان القيء يعسر عليه فينبغي أن يكون استفراغك إياه بالدواء من أسفل»، لأن الإسهال ينبغي أن يكون خروجه بغير عنف PageVW1P035B ولا كد مهما أمكن، فالذي يعسر عليه القيء ويكون متوسطا بين العبالة والقضافة تكون أخلاطه أيضا متوسطة بين الغلظ والرقة فيكون خروجها أعسر من الرقيقة فلا تنطاع للخروج كما يجب فيتأذى الصدر وآلات التنفس فتؤول أمره إلى الضرر فينبغي أن يستفرغ من أسفل لأن ميل المواد إلى أسفل أكثر من ميلها إلى فوق. وقوله في الفصل الأول «من كان قضيف البدن وكان القيء يسهل عليه فاجعل استفراغك إياه بالدواء من فوق وتوق أن تفعل ذلك في الشتاء» لأن الأخلاط تطلب الانحدار لثقلها بالغلظ. وقال هاهنا «اجعل استفراغك إياه بالدواء من أسفل وتوق أن تفعل ذلك في الصيف» لئلا تنعكس المواد فيحصل الضرر ويلزم من ذلك المحذور * الهارب (30) منه.
8
[aphorism]
قال أبقراط: * فأما (31) أصحاب السل فإذا PageVW0P053A استفرغتهم بالدواء فاحذر أن تستفرغهم من فوق.
[commentary]
قال الشارح: هذا القول منه يريد به المستعدين للسل كما تقدم في العلائم المذكورة * في (32) من كانت به كان مستعدا للسل، فإذا * قيء (33) من كان بهذه * العلامات (34) المذكورة * تنصدع (35) العروق التي في صدره ورئته وتضعف آلات الصدر منه فتتعجل بالوقوف فيه. ولم يرد * الذين (36) وقعوا فيه، فإن المسلولين لا ينبغي أن يقوا أصلا ولا * يسهلوا (37) إلا عند الضرورة ويكون دواء مرطبا * مزلقا (38) بغير قوة جاذبة كالفلوس والشيرخشك والترتجبن وأشباههما.
9
[aphorism]
قال أبقراط: وأما من كان الغالب عليه المرة السوداء فينبغي أن تستفرغه * إياها (39) من أسفل بدواء أغلظ إذ يضيف الضدين إلى قياس واحد.
[commentary]
قال الشارح: أمرنا أن نعالج الأمراض التي أخلاطها رقيقة بالدواء من فوق في الأكثر، وأمرنا أن نعالج الأمراض التي أخلاطها غليظة بالدواء من أسفل والخلط السوداوي أغلظ الأخلاط وأقلها وجودا في البدن * فلغلظها (40) ينبغي أن تستفرغ من أسفل، لأن الغليظ * الثقيل (41) يطلب الانحدار ويميل إليه فينبغي أن يستفرغ * الخلط (42) من الجهة التي مال إليها. وليكن PageVW0P053B الاستفراغ له في دفعات غير واحدة، فإنه متى استفرغ في دفعة واحدة * ينبغي (43) أن يكون ذلك الدواء في غاية القوة، وإلا لم يستفرغه؛ ومتى كان شديد القوة يخاف من غائلته فليكن الاستفراغ بالتدريج لينقى البدن ولا تضعف القوة.
10
[aphorism]
قال أبقراط: ينبغي أن يستعمل دواء الاستفراغ PageVW1P036A في الأمراض الحادة جدا إذا كانت الأخلاط * هائجة (44) منذ أول يوم فإن تأخيره في مثل هذه الأمراض رديء.
[commentary]
قال الشارح: أدوية الاستفراغ تنقسم إلى * قسمين (45) مقيئة ومسهلة. فإن لم يعجل بهما في الأمراض الحادة جدا وهي * التي (46) لا يتجاوز بحرانها الرابع والسابع وقع * الضرر (47) ، فإن مثل هذه الأمراض تكون الأخلاط * فيها (48) هائجة جدا. وقد ذكر هذا فيما تقدم من قوله «ما دام المرض في ابتدائه فإن رأيت أن تحرك شيئا فحرك (ii. 29)». وهاهنا أكد القول وجزم به جزما * أن (49) تأخيره رديء، وذلك لهيجان الأخلاط في جميع البدن وانصبابها من عضو إلى عضو ومن الأعالي إلى الأسافل. فإذا كانت بهذه الحال فتكون مساعدة لك على الخروج بغير استعصاء بل طوعا، * وقصد (50) بذلك أحد * أمرين (51) خيفة على القوة أن تضعف إلى وقت منتهى المرض لأن الحمى تتوقد * وتتلهب (52) إلى غاية ما يكون فيخاف من PageVW0P054A سقي الأدوية المسهلة * لحرارتها (53) فتزيد التلهب والقلق والكرب * أو (54) يلحق بالأعضاء الرئيسة فتعظم الآفة ويشتد الألم. والقدماء فما * منعوا (55) من تأخير الإسهال * لكون (56) لم يكن لهم في ذلك الزمان أدوية كهذه الأدوية التي في هذا الزمان لأن أدويتهم كانت مفردة شديدة الحرارة، * وكانوا (57) يخافون أن يجمعوا على الأبدان حرارتين شديدتين حرارة الحمى وحرارة الدواء المسهل وإسخانه.
11
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به مغس وأوجاع حول * السرة (58) وثقل في * الركبتين (59) ووجع في القطن دائم لا ينحل بدواء مسهل ولا بغيره فإن أمره يؤول إلى الاستسقاء اليابس.
[commentary]
قال الشارح: المغس له أسباب ثلاثة كل واحد منها سببه غير الآخر. وذلك * أنه (60) * يكون (61) من مرة صفراوية لذاعة أو من ريح غليظة تمدد وتشبثك. وأما من خلط ني يجتمع فالصفراء تعالج بما يقمع ويبرد ويرطب والريح تمدد * فتعالج (62) بما ينضج ويحلل كالكماد المسخن أو بالحقن اللينة. * وأبقراط (63) عنى بالمغس في هذا الموضع ما يكون عن خلط بلغمي ني، فإنه إن لم يستفرغ آل أمره إلى الاستسقاء الطبلي لأن ذلك البلغم الخام الني الفج يبرد مزاج الكبد فلا يطبخ الغذاء، * ومن (64) أجل ضعف الطبخ تتولد * أرواح (65) غليظة توجب انتفاحا في البطن كإدخال PageVW0P054B الهواء في الزق، وإذا دام ضعف الطبخ أكثر * آل (66) أمره إلى حال PageVW1P036B فاسد. وقال إن كان المغس حول السرة ومعه وجع في القطن وثقل في الركبتين ولا ينحل لا بالدواء * المسهل (67) ولا بالحقن اللينة ولا بالكماد المسخن، دل على أن في لفائف المعاء رطوبة غليطة؛ وإذا لم ينحل شيء مما ذكرنا، دل على * أن (68) الآفة قوية وأن كل ما يرد عليها من الغذاء تحيله إلى جوهرها فتتولد عن ذلك ريح غليطة ويؤول الأمر بعد ذلك إلى الاستسقاء اليابس لأنه لا مادة معه والدليل على المزاج الريء الإحساس بالوجع في القطن وحول السرة لكونه في لفائف المعاء المعروف بقولون. وقال * حنين (69) المغس الذي يؤول أمره إلى الاستسقاء اليابس هو من بلغم خام يجتمع في طبقات المعاء وهو بلغم ني يسد مجاري الكبد ويضعفها ويبردها ويسوء مزاجها فيحدث بسببه الاستسقاء. وقال ابن أبي صادق كان الأولى به أن يبين لم حدث الاستسقاء الطبلي * من (70) دون الزقي فإن العلة التي ذكرها كانت بحدوث الزقي أولى.
12
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به زلق الأمعاء في الشتاء فاستفراغه أياه بالدواء من فوق رديء.
[commentary]
قال الشارح: زلق الأمعاء هو أن يخرج ما يتناوله الإنسان كما أكله لم يتغير ويحدث من قبل ضعف القوة الماسكة في الغاية أو من قبل PageVW0P055A سوء مزاج بارد رطب أو من قبل أن القوة الدافعة تدفع أكثر مما ينبغي. وذلك يكون في المعاء المقرحة من قوة الألم لأن الطعام يلذع القروح فتحتاج القوة الدافعة * أن (71) تدفعه بسرعة لما يحدث لها من الألم. هذه * هي (72) أسباب * الزلق (73) لا غير. وهذه جميعها استفراغها في الشتاء رديء من فوق، لأن زلق الأمعاء إذا كان من بثور حادثة بسطح المعدة أو المعاء فيكون سببها مواد حادة لذاعة كما يحدث في القلاع. فإذا استفرغت عكست المادة من أسفل إلى فوق فأضعفت المعدة * والمعاء (74) * وأنهكتها (75) وجردتها. وإن كان من ضعف القوة الماسكة التي * فيهما (76) أضرتها إضرارا قويا بحركة القيء المزعج لها، ومع هذا القيء في فصل الشتاء في جميع الأمراض رديء وفي الزلق أردأ. وإن كان سببه ضعف * القوة (77) الدافعة فالشتاء بارد رطب ومزاجها أميل إلي البرد والرطوبة فتكون مستقرة والحركة مضرة بها غاية الضرر وحركة القيء عنيفة، فيؤول أمرها إلى الهلاك. وقد تقدم القول لا ينبغي استعمال القيء في فصل الشتاء في جميع الأمراض لغلظ المواد PageVW1P037A وجمودها وسكون الأخلاط وللحركة المزعجة للأعضاء.
13
[aphorism]
قال أبقراط: من احتاج إلى أن يسقى الخربق وكان استفراغه من فوق لا يؤاتيه بسهولة فينبغي أن يرطب PageVW0P055B بدنه * من (78) قبل إسقائه إياه بغذاء أكثر وبراحة.
[commentary]
قال الشارح: إنما خص أبقراط الخربق من دون الأدوية كلها لأنه كان يسقى في زمانه * الخربق (79) ، والخربق نوعان أبيض وأسود فالأبيض من يختص بالاستفراغ من فوق والأسود يختص بالاستفراغ من أسفل. فقال من كان يعسر عليه القيء ولا يقدر عليه واحتاج إلى ما يقيئه من الأدوية المقيئة كالخربق وغيره. فينبغي لنا * أن (80) نرطب بدنه قبل إسقائه * إياه (81) بالأغذية المرطبة كالأمراق الدسمة والاستحمام بالماء العذب ونأمرة بالدعة والسكون، لأن الخربق * يسهل (82) بعنف. ولا ينبغي أن * يسقى (83) لمن بدنه قوي ثابت معتدل بين القضافة السمن وليكن إلى العبالة أميل لأنه يقيئ الأخلاط الغليظة فإذا ترطب البدن بالأدهان والأمراق والاستحمام بالماء العذب وبالراحة سمح بما عنده من الأخلاط وجاد بها، ويؤمن بعد ذلك على شاربه من الخوف والحذر.
14
[aphorism]
قال أبقراط: إذا سقيت إنسانا خربقا فليكن قصدك لتحريك بدنه أكثر ولتنويمه وتسكينه أقل، وقد يدل ركوب السفن على أن الحركة تثور الأبدان.
[commentary]
قال الشارح: من عادة الحكماء عند سقي الأدوية المسهلة أن يأمروا لشاربها من بعد شربها بأمر يسير أن يتحركوا حركة معتدلة لأن PageVW0P056A الحركة تثير الأخلاط وتحركها وتهيجها للاندفاع والنوم يسكن الأخلاط ويهضمها فلا يبقى في شربها فأيده لأن الحاجة إلى شرب المسهل هو نقاء البدن بخروج الأخلاط منه واستدل على أن الحركة تثور الأخلاط ما يظهر للحس * لراكبين (84) البحر من القيء والإسهال. وقال بعضهم يعرض ذلك من الحركة. وقال آخرون هو من رائحة البحر والدليل على أنه من ركوب البحر ما يشاهد من راكبي السفن الصغار في الماء الحلو لمن لم يكن معتادا بركوبه فإنه يرى كأن الدنيا * تدور (85) وكذلك يعرض * لمن (86) يركب الجمل ولم يكن معتادا بركوبه فهذا دليل على أن الحركة بنفسها تثور الأبدان.
15
[aphorism]
قال أبقراط: إذا أردت أن يكون استفراغ الخربق أكثر فحرك البدن وإذا أردت أن تسكنه فنوم الشارب له ولا تحركه.
[commentary]
قال الشارح: الحركة المعتدلة * تحرك (87) PageVW1P037B الأخلاط * وتثورها (88) وتعينها على الخروج، والحركة الخارجة عن الاعتدال تجفف * الأبدان (89) وتحللها وتزيدها جفافا وتجذبها إلى ظاهر البدن فيقل الاستفراغ، والسكون يفعل ضد ذلك. والنوم يقطع الدواء المسهل لأنه يعكس الحار إلى * داخل (90) فيعين على هضم الدواء وينقطع عمله. ولهذا قال * «وإذا (91) أردت أن PageVW0P056B تسكنه فنوم الشارب له ولا تحركه».
16
[aphorism]
قال أبقراط: شرب الخربق خطر لمن * كان (92) لحمه * صحيحا (93) ، وذلك أنه يحدث تشنجا.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل شبيه بالفصل المتقدم وهو قوله «من كان بدنه صحيحا فاستعمال الدواء فيه يعسر (ii. 37)» إلا أن هذا بين ما يحدث فيه من الضرر وأوضحه. فإن الدواء المسهل إذا ورد على البدن ولم يجد خلطا يجب خروجه، أخرج الأخلاط الصالحة * التي (94) ليس لخروجها فائدة وجذب الرطوبات الأصلية وإخراجها * فحدث (95) التشنج.
17
[aphorism]
قال أبقراط: من لم تكن به حمى وكان به امتناع من الطعام ونخس في الفؤاد * وسدر (96) ومرارة في الفم فذلك يدل على * استفراغه (97) بالدواء من فوق.
[commentary]
قال الشراح: كان غرض أبقراط في هذا الفصل أن يعرفنا من أي طريق يجب الاستفراغ فأرانا علائم تستدل بها على ذلك فقال من لم تكن به حمى وعرض له عدم شهوة ولذع في فم المعدة وظلمة في البصر ومرارة في الفم فيجب أن يكون استفراغه بالدواء من فوق. وذلك لانصباب الصفراء إلى المعدة وامتلائها بها.
18
[aphorism]
قال أبقراط: الأوجاع التي فوق الحجاب تدل على الاستفراغ بالدواء من فوق، والأوجاع التي من * أسفل (98) الحجاب تدل على الاستفراغ بالدواء من PageVW0P057A أسفل.
[commentary]
قال الشارح: عنى بالأوجاع العلل التي فوق الحجاب الأمراض التي يحتاج فيها إلى * الاستفراغ (99) . فقال قوم إنه عنى بذلك من فوق المعدة إلى الرأس ومن تحت المعدة إلى أسافل البدن. وقال قوم إنه عنى بالتي فوق الحجاب فم المعدة والمريء فقال الاستفراغ من فوق واجب ليأخذ من أقرب الطرق وقالوا * إن (100) أبقراط لم * يعن (101) بفوق * وأسفل (102) جهتي البدن. وقد شكك الرازي على هذا فقال إن أوجاع المفاصل وعرق النسا * القيء (103) أوفق * لهم (104) وهذه المواضع في * أسافل (105) البدن والإسهال في * الصداع (106) والرمد وأوجاع الحلق أنفع * لهم (107) من القيء. وهذا * يضد (108) ما قاله أبقراط. وقالوا إن أبقراط لم PageVW1P038A يعن * بفوق (109) وأسفل * سوى (110) المعدة فلا يرد هذا * عليه (111) .
19
[aphorism]
قال أبقراط: من شرب دواء الاستفراغ * فاستفرغ (112) ولم يعطش فليس ينقطع عنه دواء الاستفراغ حتى يعطش.
[commentary]
قال الشارح: العطش له أسباب إذا وجدت لا يكون لقطع الدواء بها تعلق. وذلك أن العطش يكون إما لحرارة الدواء أو لحرارة المعدة ويبسها أو لانصباب خلط لذاع مراري ينصب إليها. وهذه الأسباب لا توجب النقاء من الأخلاط بل إذا وقع النقاء يكون الدواء قد استفرغ الأخلاط وجذب PageVW0P057B الرطوبات إلى فم المعدة وأحدر عنها فاقطعت البلة فيبست المعدة فحدث العطش فهذا العطش الذي عنى به أبقراط.
20
[aphorism]
قال أبقراط: من لم يكن به حمى وأصابه مغس وثقل في الركبتين ووجع في القطن فذلك يدل على أنه يحتاج إلى الاستفراغ بالدواء من أسفل.
[commentary]
قال الشارح: هذا يدل على زيادة كمية * الخلط (113) في البدن وميل المادة نحو الأسفل. والسبب الموجب ليس مرار * لاذع (114) بل * خلط (115) فج ني فينبغي أن يقدم النضج في هذا المرض ثم يسهل بعد ذلك. فلو كان ثم حمى اقتنع بها عن النضج. وميل المادة إلى أسفل يدل على أنها مادة غليظة فجة غير نضيجة.
21
[aphorism]
قال أبقراط: البراز الأسود الشبيه بالدم الآتي من تلقاء نفسه كان مع حمى أو غير حمى فهو من أردأ العلامات، وكلما كانت الألوان في البراز أردأ كانت تلك العلامات أردأ، فإذا كان ذلك مع شرب دواء كانت العلامات أحمد، وكلما كانت الألوان أكثر كان ذلك أبعد من الرداءة.
[commentary]
قال الشارح: البراز الأسود يكون إما عكر الدم أو خلط سوداوي محترق عن الدم. وخروج مثل هذا يكون إما لرداءته * بنفسه (116) فلا تقدر الأمعاء على مسكه أو من ضعف القوة الماسكة التي في الكبد أو من ضعف الطحال فلا نجتذب به لضعفه أو PageVW0P058A * لفساد (117) * كيفيته (118) أو زيادة كميته فيخرج من تلقاء نفسه. وهذه جميعها أسباب رديئة. * وإن (119) خرج في ابتداء المرض كان رديئا * إلى (120) غاية ما يكون لأنه لا يخلو إما أن يكون عكر الدم أو خلط سوداوي فإن كان من * عكر (121) فخروجه رديء في الابتداء لأن الطبيعة لا تسمح بخروج الدم * إلا (122) إذا لم يبق في البدن خلط لعنايتها به وشحها عليه. وإن كان * سوداء (123) فالخلط السوداوي PageVW1P038B أقل الأخلاط في البدن وأغلظها فإذا خرج في الابتداء يكون ذلك عن ضعف الطبيعة والقوى الطبيعية. وقد بقي هاهنا اعتراض على أبقراط وهو قوله «خروج الدم من فوق كيف كان علامة رديئة، وخروجه من أسفل علامة جيدة وخصوصا إذا خرج منه شيء أسود (iv. 25)»، ويقول هاهنا «البراز الأسود الشبيه بالدم الآتي من تلقاء نفسه كان مع حمى أو مع غير حمى فهو من أردأ العلامات». وهذا تناقض بين قوليه. وأما إن خرج ذلك في يوم باحوري ووجد البدن بعقبه خفا راحة فهو محمود.
22
[aphorism]
قال أبقراط: أي مرض خرجت في ابتدائه المرة السوداء من أسفل أو من * فوق (124) فذلك * منه (125) علامة دالة على الموت.
[commentary]
قال الشارح: قد تقرر أن المرة السوداء أغلظ الأخلاط وأقلها. فمتى خرحت في ابتداء PageVW0P058B المرض يدل على ضعف القوة أو رداءة * الخلط (126) وفساد كيفيته لأن خروج الأخلاط واندفاعها عن البدن * ينبغي (127) أن يكون بعد نضجها وتمييزها وأن يكون * خروجه (128) في يوم باحوري. فإذا خرج في ابتداء المرض يكون قد خرج من غير نضج لأن المرة * السوداء (129) أعسر الأخلاط تحللا وأبطأها نضجا * وفي (130) شرب المسهلات لا تخرج إلا بعد الأخلاط * العفنية (131) ويكون خروجها بعد تعب من القوة وكد. فإذا خرجت في ابتداء المرض يكون ذلك لآفة عظيمة فتدل على الموت.
23
[aphorism]
قال أبقراط: من كان قد أنهكه * مرض (132) * حاد (133) أو * مرض (134) مزمن أو إسقاط أو غير ذلك ثم خرجت منه مرة * سوداء (135) أو بمنزلة الدم الأسود فإنه يموت من غد ذلك اليوم.
[commentary]
قال الشارح: خروج الدم أو المرة السوداء عقيب البدن المنهوك الذي قد آل حاله إلى الهلاك أردأ ما يكون لأنه لم يخرج إلا وقد * قارب (136) سقوط القوة لأن الطبيعة لا تسمح بالدم إلا في آخر الأخلاط إذا لم يبق في البدن من الأخلاط شيء خرج الدم أو المرة السوداء لانحلال القوة وانخزالها. ومن كان قد أنهكه المرض الحاد أو المرض المزمن وخرج في آخره أحد هذين الخلطين فواجب أن لا يتأخر موته عن يوم واحد. والفرق PageVW0P059A بين الدم والسوداء جمود * الدم (137) وبقاء الخلط السوداوي على حاله والمرة السوداء يكون لها بريق * وغليان (138) وينفر الدباب عنها.
24
[aphorism]
قال أبقراط: اختلاف الدم إذا كان ابتداؤه من المرة السوداء فتلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: PageVW1P039A إن ابتداء الاختلاف * أريد (139) به سحج الأمعاء فهو قتال. وذلك لأن قروح الأمعاء متى ابتدأت من المرة السوداء تكون القرحة سرطانية والقروح السرطانية قل أن تبرأ الرداءة الخلط الحادثة عنه لأنه عسر البرء لغلظه وتعفنه وفساد كيفيته ورداءة مزاجه. * وحيث (140) ابتدأ عن هذا الخلط * فهاهنا (141) يؤول إلى الموت.
25
[aphorism]
قال أبقراط: خروج الدم من فوق كيف كان * هو (142) علامة رديئة وخروجه من أسفل علامة جيدة وخصوصا إذا خرج معه شيء أسود.
[commentary]
قال الشارح: خروج الدم من فوق خروج لم تألفه الطبيعة ولا اعتادت به، وخروجه من أسفل شيء لم تنفر الطبيعة منه. فإن أراد بخروجه من فوق قيء أو نفث فهو صحيح. وظاهر الحال أنه لم يرد به سوى ذلك لأن الرعاف أمر غير منكر والطبيعة تعتاده تألفه. وقيء الدم يكون من الصدر PageVW0P059B أو من الرئة * وكذلك (143) نفثه وهذان رديئان لأنه أمر يؤدي إلى القرحة وفي أيهما كانت فهو رديء بل الصدر أسلم من الرئة. وأما خروجه من أسفل فيكون * منه (144) * أشياء (145) خطره لكن قوله * أمر (146) نسبي يعني خروجه من أسفل بالنسبة إلى خروجه من فوق محمود، فإذا كان أمر نسبي كان الحكم على الأكثر. * وخروج (147) * الذوسنطاريا (148) من أسفل قتال والسحج السوداء قتال وأمراض كبيرة قتالة.
26
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به اختلاف دم فخرج منه شيء شبيه بقطع اللحم فتلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: اختلاف الدم يكون إما من الكبد وإما من المعاء. فإن كان من الكبد فهو قتال لا حاجة إلى الكلام فيه لما تقرر أن الإسهال الكبدي يكون قتالا. وإن كان من المعاء فيندفع منه أولا * فأولا (149) . فإذا آل أمره إلى أن يخرج منه شيء شبيه بقطع اللحم فذلك مميت لأن المعاء ينجرد جردا لا يرجئ معه سلامة وتكون القرحة التي في المعاء قد آل بها التأكل الذي لا برء معه.
27
[aphorism]
قال أبقراط: من انفجر منه دم كثير من أي موضع كان انفجاره فإنه عندما ينقى فيغذى يلين بطنه * بأكثر (150) من المقدار.
[commentary]
قال الشارح: انفجار كثير * الدم (151) يضعف * الحار (152) الغريزي إلى غاية. PageVW0P060A * وإذا (153) ضعف الحار الغريزي ضعف الهضم إلى غاية ما يكون. وإذا ضعف الهضم انهضم الغذاء على غير الاستواء فينزل * الفضل (154) وهو خام غير PageVW1P039B * نضيج (155) فيلين البطن لأن الحرارة لا تعقد البراز فينزل رقيقا كثيرا متشتتا فينبغي أن يعتني بقوة الكبد وبقوة الحار الغريزي * لئلا (156) يؤول أمره إلى فساد.
28
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به اختلاف مرار فأصابه صمم انقطع * عنه (157) ذلك الاختلاف ومن كان به صمم فحدث * له (158) اختلاف مرار ذهب عنه الصمم.
[commentary]
قال الشارح: عنى بالصمم * ما (159) يكون عرضيا لا ذاتيا لأن الصمم إن كان من أصل الخلقة لا يتغير وإن كان * عارضا (160) بسبب ميل المادة * المرارية (161) إلى أعالي البدن فذلك يزول عند حدوث الاختلاف لأجل انعكاس المادة وطلبها الانحدار إلى أسفل.
29
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه في الحمى في اليوم السادس من مرضه نافض فإن بحرانه نكون نكدا.
[commentary]
قال الشارح: النافض يكون من عدة أسباب إما من داخل وإما من خارج. أما من * خارج (162) فمثل برد الهواء والإطالة في الماء البارد. وأما من داخل فمن خلط مراري ينصب على الأعضاء الحساسة * كمن (163) دخل الحمام وقلب الماء الحار عليه فوجد PageVW0P060B نافضا. وأما من خلط * بارد (164) فيقشعر له البدن ومنها النافض * الذي (165) يحدث عقيب الحميات بسبب خروج المادة المحتبسة من أعماق البدن إلى خارجه. وذلك يكون * على (166) سبيل البحران وقوة الطبيعية. فإن كان في يوم باحوري دل على قوة الطبيع وأنها قد فعلت الواجب * فوقع (167) الشيء في واجبه. وإن كان في غير يوم باحوري دل على قصور من الطبيعة وأنها لم تأت بالشيء في واجبه. فكان البحران نكدا لكونه لم يقع في * واجبه (168) فاليوم السادس والثالث والخامس من الأيام * التي (169) يكون بحرانها منذرا بالخلاص لكن مع عسر ونكد.
30
[aphorism]
قال أبقراط: من كانت لحماه نوائب ففي أي ساعة كان تركها له إذا كان أخذها له من غد في تلك الساعة بعينها فبحرانه يكون عسرا.
[commentary]
قال الشارح: الحمى * اللازمة (170) لدور واحد في ساعة * واحدة (171) تكون عسرة الانقضاء بطيئة الزوال لأنها إذا جاءت في وقت معلوم لا يتقدم ولا يتأخر دل على خلط غليظ بطيء النضج عسر التحلل لا تقدر الطبيعة أن تتصرف فيه ولا تأثر * فيه (172) أثرا لإبطاء * نضجه (173) وعسر تحلله فهو يأخذ في ساعة معينة معروفة. وأما إذا تقدمت النوبة وتأخرت ولا يلزم لنظام * واحد (174) دل على أن الطبيعة قادرة على * التصرف (175) PageVW1P040A فيها حاكمة عليها فتكون مدتها قصيرة PageVW0P061A * وهذا (176) مما يشاهد بالتجربة والعيان.
31
[aphorism]
قال أبقراط: صاحب الإعياء في الحمى أكثر ما يخرج به الخراج في مفاصله وإلى جانب * اللحيين (177) .
[commentary]
قال الشارح: انقضاء المرض وانحطاطه والنقاء منه يكون على وجهين: إما باستيلاء الطبيعة على * المرض (178) وقهرها له وذلك بالاستفراغ إما بالبول وإما بالبراز وإما بالعرق وإما بالرعاف. وهذا يكون إذا كان البحران * بحرانا (179) تاما كاملا. فإن كانت الطبيعة فيها قصور عن مقاومة المرض وكان البحران غير تام يدفع بالفضلة المودبة للمرض إلى بعض أعضاء البدن ويكون ذلك بأن يسترق موضعا * رخوا (180) فيرسل الفضلة إليه فيصير خراجا * ويجمع (181) وينفجر ويكون * ذلك (182) عن عجز من الطبيعة لأنها * لم (183) يتمكن من إخراجه ونفيه عن البدن.
32
[aphorism]
قال أبقراط: من انتشل من مرض * فكل (184) منه موضع من بدنه حدث به في ذلك الموضع خراج.
[commentary]
قال الشارح: إذا أفاق المريض من مرضه ووجد بعد أفاقته في بعض * أعضائه (185) كلالا فإن الطبيعة تسترق ذلك الموضع وتدفع إليه من الفضلة المتخلفة من عقيب المرض لاستيلاء الطبيعة على المرض * وقهرها (186) له ولكن ليس فيها من القوة أن تنفيها عن البدن ببعض PageVW0P061B الاستفراغات فترسلها إلى عضو من أعضاء البدن فتصير خراجا.
33
[aphorism]
قال أبقراط: وإن كان أيضا قد تقدم * بتعب (187) عضو من الأعضاء من قبل أن يمرض صاحبه ففي ذلك العضو يتمكن المرض.
[commentary]
قال الشارح: ذكر المفسرون أن هذه الفضول * الثلاثة (188) * تتقارب (189) معناها بعضها من بعض، وكان الأولى أن يجعلها فصلا واحدا منتظما وليس بينهما تفاوت إلا قبل وبعد، فقال متى تقدم المريض * بتعب (190) عضو أحس فيه تعب أو * كلال (191) . وذلك سبب * موجب (192) من حركة أو انصباب مادة فيكون ذلك العضو قد سخن بالحركة وسخف واتسع. وإن كان عن انصباب مادة فيكون قد ضعف، ومتى ضعف العضو ولحق البدن المرض كان ذلك العضو قابلا لانصباب المواد إليه على الوجهين. وسبب هذين الأمرين عند النقاء من المرض يختلف ما بقي من المادة وتنجلب إلى ذلك العضو.
34
[aphorism]
قال أبقراط: من اعترته حمى وليس في PageVW1P040B حلقه انتفاخ فعرض له اختناق بغتة * فذلك (193) من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: من البين أن الحمى حرارة مؤثرة في البدن غاية التأثير من الضرر. فإذا أعرضت للبدن وأضرت به ولم يكن في الحلق اننفاخ فعرض الاختناق بغتة، دل على أن الحمى شديدة إلى غاية وأنها قد حلت PageVW0P062A موادا كانت في بطون الدماغ فبحرارتها حلت تلك المواد ودفعتها إلى الحلق بغتة، ومن الضرورة تحتاج إلى * تنفس (194) أكثر لإخراج الأبخرة * الحارة (195) عن القلب وإدخال النسيم البارد إليه لئلا تتراكم الأبخرة * الحارة (196) على القلب فتخنقه. وذلك الورم الحاصل في الحلق هو المعروف بالخوانيق يمنع من إخراج * الهواء (197) الحار وإدخال النسيم البارد فتراكم الأبخرة * الحارة (198) على القلب فتخنقه وهو أكبر العلامات * الدالة (199) على الموت.
35
[aphorism]
قال أبقراط: من اعترته حمى فاعوجت معها رقبته وعسر عليه الازدراد حتى لا يقدر أن يزدرد إلا بكد من غير أن يظهر به انتفاخ فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم هذا القول في الفصل المتقدم أن ورم الحلق خطر إلى غاية ومع الحمى فالخطر أولى وأحرى. فإذا حصلت الحمى بحرارتها * فأوجب (200) * بسبب (201) الورم منع التنفس من إدخال النسيم البارد وإخراج البخار الحار وكان الانتفاخ الحاصل من الورم من داخل الحلق لا من * خارجه (202) . وأورام الحلق تنقسم إلى عدة ضروب منها ورم اللزتين وهما لحمتان زائدتان رخوتان في طرف الحلق عند أصل * اللسان (203) ومنها الورم الحاصل في عضل الحنجرة ومنها الورم الخارج عن الحلق لا في نفسه، وهذه جميعها PageVW0P062B تسمى خوانيق وذبحة وهي نوع من أنواعها. ومنها نوع يزول * معه (204) الفقار إلى * داخله (205) ، وذلك إذا كان الورم * يمدد (206) فقار العنق ويجذبه إلى داخل. وذكروا أن هذا يسمى خانوق * الكلب (207) وليس يبرأ إلا برد الفقار إلى موضعه وهو أشر ضروب الخوانيق.
36
[aphorism]
قال أبقراط: العرق يحمد في المحموم إن ابتدأ في اليوم الثالث أو في الخامس أو في السابع أو في التاسع أو في الحادي عشر أو في الرابع عشر أو في السابع * عشر (208) أو في العشرين أو في الرابع * والعشرين (209) أو في السابع والعشرين أو في الثلاثين أو في الرابع * والثلاثين (210) أو في السابع والثلاثين فإن العرق الذي يكون في هذه PageVW1P041A الأيام يكون به بحران الأمراض، وأما العرق الذي لا يكون في هذه * الأيام (211) فهو يدل على آفة أو على طول من * المرض (212) .
[commentary]
قال الشارح: ذكر الأيام التي تنذر * وتنقضي (213) بخير وعددها فابتدأ فيها باليوم الثالث دون الرابع لأنه ذكر الأمراض التابعة لحركات * القمر (214) في الأول * وابتدأ (215) بهذه لأجل حدة المرض يتقدم الرابع في اليوم الثالث للطف المادة ورقتها فيتقدم الثالث على الرابع فينذر بخير يأتي في الرابع، * وابتدأ (216) بعده بالخامس لأنه * يتقدم (217) السادس والسابع لحدة المرض وأن العرق للطف المادة * وحدة (218) المرض * يتقدم (219) الثالث على الرابع والخامس على السابع. وحصرها PageVW0P063A إلى السابع والثلاثين، ولم يصل بها إلى الأربعين لأن العرق لا يكون في الأمراض المزمنة إلا قليلا لأنه لو لا غلظ المادة لما تأخرت إلى الأربعين ولكان انقضى بحرانها من الرابع عشر إلى السابع عشر. وإذا تأخر إلى السابع * والثلاثين (220) يدل على غلظ المادة، ولأجل هذا حصرها في السابع والثلاثين. وقالوا * إن (221) الثالث والخامس أفراد، والتجربة تشهد بأن العرق لا يكون إلا فيها، والرابع لا يكون فيه إلا نادرا. هذا * رأيهم (222) ومذهبهم. والتجربة تشهد بأن الرابع أيضا ينقضي بعرق في * غالب (223) الأوقات. والعرق تقديمه * وتأخيره (224) * فأراه (225) بحسب المزاج والسن والبلد والفصل والتدبير وبميل المادة إلى جهة دون أخرى فلا ينبغي أن يحصر في الأيام.
37
[aphorism]
قال أبقراط: العرق البارد إذا كان مع حمى حادة دل على الموت، وإن كان مع * حمى (226) هادئة دل على طول من المرض.
[commentary]
قال الشارح: إنما كان قول أبقراط * بأن (227) العرق البارد في الحميات الحادة دليل * على (228) الموت لأن الحمى الشديدة التلهب إذا كان العرق فيها باردا فذلك دليل على * فجاجة (229) الخلط وانحصاره في أماكن ضيقة وأن الحرارة الغريزة عاجزة عن إنضاجه والطبيعة قاصرة عنه وأنه يكون قريبا إلى القلب * فبسبب (230) قربه إلى القلب تقوى PageVW0P063B الحمى وتشتد التهابها وبسبب * فجاجته (231) وعدم نضجه يكون العرق باردا. وقد قال أبقراط «إذا كان في حمى لا تفارق ظاهر البدن باردا وباطنه يحترق وبصاحب ذلك عطش * فتلك (232) من علامات الموت (iv. 48)». وقال * حنين (233) الحمى المسماة * لينوفوريا (234) يكون فيها قعر البدن شديد الحرارة وبشرته كالفاترة. وذلك بسبب غلظ الخلط المحدث لها ولزوجته لأن الحرارة لا * تنشر (235) من باطن البدن إلى ظاهره بسهولة PageVW1P041B لكنها تبقى في موضع العفونة محصورة محتقنة، وقوله «وإذا كان مع حمى هادئة دل على طول من المرض» لأن الحمى الفاترة لا تذيب البدن ولا تفعل الحمى الصالبة الشديدة * التلهب (236) والخلط المولد لها أيضا ني والحرارة الغريزية * مقصرة (237) عن * إنضاجه (238) فتطول مدة المرض.
38
[aphorism]
قال أبقراط: وحيث كان العرق من البدن فهو يدل على أن المرض في ذلك الموضع.
[commentary]
قال الشارح: العرق لا يخلو إما أن يكون شاملا للبدن أو * يختص (239) بموضع دون موضع. فإن كان شاملا للبدن كانت المادة مستحوذة على جميع البدن. وإن كان في موضع دون موضع فالموضع الذي يعرق تكون المادة منحصرة فيه وتقوى الطبيعة * والحار (240) على PageVW0P064A إذابة لطيفها فتخرج بالعرق. فإن * كانت (241) المادة لطيفة والقوة قوية كان العرق كثيرا. وإن كانت المادة غليظة والقوة مقصرة خرج اللطيف وبقي الكثيف.
39
[aphorism]
قال أبقراط: وأي موضع من البدن كان حارا أو باردا ففيه المرض.
[commentary]
قال الشارح : هذه الفصول قريبة * بعضها (242) من بعض وغرضه * أن (243) يعرفنا بمواضع المرض في البدن.
40
[aphorism]
قال أبقراط: وإذا كان يحدث في البدن كله تغايير وكان البدن يبرد مرة ثم يسخن أخرى أو يتلون بلون ثم بغيره دل ذلك على طول من * المرض (244) .
[commentary]
قال * الشارح (245) : * وهذه (246) الفصول يعرفنا فيها بمواضع * المرض (247) وبطوله وقصره. * فالعرق (248) يشترط فيه خمس شروط أولا أن يكون شاملا للبدن وأن يكون في يوم باحوري محمود * وأن (249) يكون * حارا (250) لا باردا وأن لا يختلف فيكون مرة حارا ومرة باردا وأن يجد البدن * بعقب (251) خروجه خفا وراحة. فإذا * كملت (252) هذه الشروط الخمس أنذر بالسلامة والعافية. وإن نقص أكثرها أو بعضها ينظر فإن كان النقص في * أكثرها (253) يدل على الموت، وإن نقص * في (254) الأقل يدل على طول من المرض.
41
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P064B العرق الكثير الذي يكون بعد النوم من غير سبب بين يدل على أن صاحبه يحمل على بدنه من الغذاء أكثر مما يحتمل، فإن كان ذلك وهو لا ينال منه فاعلم أن بدنه يحتاج إلى * استفراغ (255) .
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل يطلق على الأصحاء والمرضى فالعرق الذي يكون بعد النوم من غير سبب بين. * والسبب (256) مثل أن يكون كثير الدثار * أو (257) مسكن قليل الهواء كثير PageVW1P042A الدفاء أو من هبوب الأهوية الشديدة الحرارة. فإذا لم يكن شيء من هذه فيكون من قبل * تحمل (258) معدته فوق الطاقة من تناول * الغذاء (259) . فإن لم يكن ذلك فيكون من قبل امتلاء متقادم وفضل مواد محتقنة في البدن فيحتاج بدنه إلى الاستفراغ. وإن لم يستفرغ بدنه يسرع إليه العفن وتحدث الحمى.
42
[aphorism]
قال أبقراط: العرق * الكثير (260) الذي يجري دائما حارا كان أو * باردا (261) فالبارد منه يدل على أن المرض أعظم والحار منه يدل على أن * المرض (262) أخف.
[commentary]
قال الشارح: العرق الكثير الذي يكون في مدة زمان المرض هو هذا العرق المذكور لا العرق الذي يكون في البحران. فإن عرق البحارين تقدم القول فيه، وهذا العرق لا يخلو إما أن يكون حارا أو باردا فالحار منه خير من البارد لأن الحار ينقضي فيه * زمان (263) المرض * سريعا (264) PageVW0P065A لنضج المادة ولطفها والبارد ينذر بطول * مدة (265) المرض لغلظ المادة وبطء نضجها وكلاهما تكون المادة فيهما كثيرة. ولهذا عنى بقوله * الكثير (266) لكثرة المادة.
43
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت الحمى غير مفارقة ثم كانت تشتد غبا فهي أعظم خطرا أو إذا كانت الحمى تفارق على أي وجه * كانت (267) فهي تدل على أنه لا خطر فيها.
[commentary]
قال الشارح: الحمى اللازمة للبدن * التي (268) لا تفارقه لا يزال البدن معها متعوبا مكدودا لا يستريح منها ولا تنهض قواه. فإذا اشتدت غبا أطبقت حمى على * حمى (269) فتنهك القوى وتكد * القوة (270) وتكل الأعضاء والحمى التي تفارق البدن ساعة * ما (271) ترجع قواه إليه وتصفو حواسه * ويتراجع (272) ذهنه وتقوى آلات الغذاء فيعطى في ذلك الوقت شيئا * من (273) اللطيف بقدر احتمال قوته فتقبل عليه المعدة والكبد وتهضمه وتسيغه فتتراجع بذلك قوته وتعود إلى حالها الطبيعي. فإذا عاودت يكون البدن قد استراح * ولا (274) تؤثر فيه ذلك الأثر. * ولهذا (275) يحكم بسلامة حمى الربع لأن تركها أكثر مدة من أخذها وبعدها الغب وأصعبها النائبة التي تنوب كل يوم وأصعب منها وأشد * خطرا (276) اللازمة التي لا تفارق كما ذكره في هذا الفصل.
44
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابته حمى PageVW0P065B طويلة فإنه يعرض له إما خراجات وإما كلال في مفاصله.
[commentary]
قال الشارح: الحميات المزمنة تكون عن مواد غليظة عسرة التحلل بطيئة * نضج (277) الأخلاط. فإذا قارب انقضاؤها وفرجها لا يكون يبقى الخلط ويفنيه عن البدن لغلظ مادتها بل * بأن (278) تسترق الطبيعة موضعا تدفعها إليه يكون في * أسافل (279) PageVW1P042B البدن أو * ضعيفا (280) قابلا لقبول الفضلات كالمفاصل فإنها لكثرة * حركاتها (281) وسخونتها بالحركة تتخلخل وتضعف وتتسع فتقبل انصباب المواد إليها وهي غليظة الكيموس فتعفن * وتصير (282) خراجات أو كلال في * المفاصل (283) تنذر * بالخراج (284) .
45
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه خراج أو كلال في * المفاصل (285) بعد الحمى فإنه يتناول من * الغذاء (286) أكثر مما يحتمل.
[commentary]
قال الشارح: الناقه من المرض هو من الحالة الوسطى و ليس هو صحيح على الإطلاق، وتكون آلات الغذائية منه ضعيفة والحرارة الغريزية ضعيفة وهضمه رديء وتناوله للغذاء * كثير (287) ، وذلك لعوض ما يتحلل منه في المرض. فإذا استعمل الغذاء لم ينهضم كما يجب ومفاصله لكثرة * حركاتها (288) تسخن وتتسع فتقبل انصباب الفضلات فيحدث له إما كلال في مفاصله بسبب انصباب PageVW0P066A المواد، فإن كانت القوة قوية * حللته (289) ؛ وإن لم تكن قوية بقيت المادة * منحصرة (290) فيها وصار ذلك خراجا.
46
[aphorism]
قال أبقراط: إذا * كان (291) يعرض * نافض (292) في حمى غير مفارقة لمن قد * ضعف (293) فتلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: النافض العارض بعد الحمى لمن قد ضعف لا يكون على سبيل البحران لأن البحران إنما يعرض في * الأيام (294) المخصوصة المعدودة وتكون القوة قوية لمقاومة المرض. فأما لمن * قد (295) استولى الضعف على قوته لا يكون به بحران. ولو كان البحران مع * ضعف (296) فإنه يكون * بحرانا (297) مؤديا إلى الهلاك، لأن البحران إن انقضى بغير استفراغ يدل على ضعف من القوة فلا تقدر أن تدفع بالمادة عن البدن، وإن كان ينقضي باستفراغ لمن قد ضعفت قوته زادها الاستفراغ ضعفا وسقوطا وحصل الهلاك.
47
[aphorism]
قال أبقراط: في الحمى التي لا تفارق النخاعة الكمدة والشبيهة بالدم والمنتنة والتي هي من جنس المرار كلها رديئة، فإن انقضت انتقاضا جيدا فهي محمودة، وكذلك الحال في البراز والبول، فإن خرج ما لا ينتفع بخروجه من أحد هذه المواضع فذلك رديء.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول في الأول أن كلما يبرز من PageVW0P066B من البدن ويجد * البدن (298) بعقبه خفا وراحة فهو محمود، وكلما كان على سبيل البحران وكان خروجه على قوة من الطبيعة فهو كذلك. فأما إذا كانت الحمى لازمة غير مفارقة وكان ما * يقذفه (299) المريض من * البصاق (300) * كالنخاعة (301) الكمدة والشبيهة بالدم والمنتنة والتي هي من جنس المرار كلهما رديئة لأن هذه الأنواع تدل PageVW1P043A على مادة رديئة خبيثة فاسدة في كيفتها. فإن قويت الطبيعة وظهرت ونفضتها عن البدن وساعدها السن والفصل والتدبير كان انتفاضا * في (302) يوم باحوري كان ذلك علامة جيدة وكذلك الحال في كل ما يبرز من البدن كالبول * والبراز (303) وما * أشبهه (304) .
48
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان في حمى لا تفارق * ظاهر (305) البدن * باردا (306) وباطنه يحترق وبصاحبه ذلك * عطش (307) * فتلك (308) من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: ذكر الحكماء في ذلك وجوها كثيرة فقالوا سبب ذلك ورم في داخل البدن في * الأحشاء (309) قريب * من (310) الأعضاء الرئيسة. * وقال (311) جالينوس فيها أو في الدماغ فينجذب الدم إلى العضو العليل فيحترق الباطن ويبرد الظاهر. وقال * حنين (312) وغيره سبب ذلك غلظ الكيموس المحدث * لها (313) ولزوجته لأن الحرارة لا تنتشر وتتأدى من باطن * البدن (314) PageVW0P067A إلى ظاهره بسهولة لكنها تبقى في موضع العفونة محصورة * مختنقة (315) . وقال بلاذيوس سبب ذلك كثرة ثفل يخنق الحار الغريزي ويحصره في داخل البدن ويمنعه من الانبساط إلى ظاهره. وقول أبقراط «لا تفارق ظاهر البدن باردا وباطنه يحترق» احتراز * عن (316) الحمى التي لها فترات، فإنها تكون مرة باطن البدن يحترق وتارة ظاهره باردا لكن لا يدوم ذلك، فقال «لا تفارق» يعني أن ذلك العارض * لازم (317) لهذه الحال المذكورة بخالاف الحمى التي تأخذ وتترك والعطش اللازم هو من غور الحار إلى * عمق (318) البدن وسخونته وأن العفن * محصور (319) يخنقه فلأجل ذلك يحدث العطش كثيرا. وهذه الأسباب جميعها رديئة لأن القوة لا تبقى إلى مدة تنضج * الخلط (320) أو * يتحلل (321) الورم أو ينشر الحار الغريزي إلى ظاهر البدن.
49
[aphorism]
قال أبقراط: متى التوت في حمى غير مفارقة الشفة أو العين أو الأنف أو الحاجب أو لم يبصر المريض أو لم يسمع أي هذه كان وقد ضعف البدن فالموت منه قريب.
[commentary]
قال الشارح: الحمى اللازمة التي لا تفارق خطرها شديد وعاقبة أمره إلى الهلاك لأن البدن يستولي عليه الضعف * والقوى (322) الطبيعية أيضا والأعضاء الرئيسة. وقد تقدم القول منه «وإذا كانت الحمى تفارق على أي وجه كانت فهي تدل على أنه لا خطر فيها (iv. 43)» فيلزم أن الحمى اللازمة PageVW0P067B الخطر حاصل فيها. فإذا انضاف إليها ما ذكره من العلامات من التواء الأعصاب، PageVW1P043B دل على أن اليبس قد أثر في البدن * أثرا (323) * وأفنى (324) الرطوبة الغريزية ويبس العصب حتى وقع الالتواء، ولم يحصل ذلك إلا بعد ما * قد (325) نال الدماغ آفة. * أما (326) ورم حصل فيه فتأدى به جميع الحواس حتى لحق بالقوى النفسانية الضرر * فبطل (327) النظر والسمع. وهذه * جميعها (328) أمارات تدل على الموت.
51
[aphorism]
قال أبقراط: الخراج الذي يحدث في الحمى فلا ينحل في أوقات البحرانات الأول ينذر من المرض بطول.
[commentary]
قال الشارح: الخراج في الحمى إذا لم ينحل في أيام البحارين الأول من الرابع إلى الرابع عشر يدل على غلظ المادة وعجز القوة وضعف الحرارة الغريزية عن إنضاجها في أوائل المرض تكون القوة أقوى من أواخره. فإذا لم * ينحل (329) * الخراج (330) في أوائله فبالأولى أن يعجز في أواخره لضعفها وأن المرض قد انهكها. وقد قيل في مثل ذلك من قول الشاعر:
[commentary]
إذا لم يغبر حائط في وقوعه فليس له بعد الوقوع غبار
[commentary]
فيعجز عن إنضاجه فتطول مدة المرض.
50
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث في حمى غير مفارقة رداءة التنفس واختلاط في العقل فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: هذه العلامات لا ينبغي أن يقطع فيها بالموت PageVW0P068A قطعا كليا جازما إلا أن يشترط فيها لزوم الحمى، فإن لزوم الحمى علامة دالة على الموت لما تقرر أولا. فإذا انضاف إلى ذلك اختلاط الذهن ورداءة التنفس كانا علامتين * مهلكتين (331) . أما رداءة التنفس فلأجل تصاعد بخار رديء كثير الحراراة واليبس يؤذي الدماغ ويصل ضرره إلى القوى النفسانية، ويكون ذلك لورم يلحق الدماغ أو الحجاب. وقد قال صحة الذهن في كل مرض علامة جيدة * فدل (332) على أن اختلاط العقل علامة رديئة. وهذه العلامة مع لزوم الحمى علامتان مهلكتان، وكذلك رداءة التنفس لأجل * البخارات (333) الشديدة الحرارة واليبس فتكمل ثلاث علامات رديئة مفسدة تؤذن بقرب الموت.
52
[aphorism]
قال أبقراط: الدموع التي تجري في الحمى أو * في (334) غيرها من الأمراض إن كان ذلك عن إرادة من المريض فليس ذلك بمنكر، وإن كان عن غير إرادة فهو أردأ.
[commentary]
قال الشارح: إن كان جريان دموع العين بإرادة المريض من سبب يوجب ذلك فلا بأس به. وإن كان عن غير اختيار منه وجرت ولم يشعر بها فتلك علامة رديئة لأنه يدل على مرض قد تأذي PageVW1P044A به العضو الرئيس وهو الدماغ * فينال (335) الحواس من ذلك ضرر. واختص ذلك بالعين لأنه أذكى * الأعضاء (336) حسا * فلا (337) يتنزل منزلة غيره من PageVW0P068B الأعضاء. وقال جالينوس سبب ذلك * ضعف (338) القوة الماسكة التي في العين. وناقضه الرازي فقال لو كان ذلك من ضعف القوة الماسكة لكان ما يبرز من البدن كالعرق والبول والبراز وسيما فضول الدماغ كالمخاط ووسخ الأذن واللعاب وما شاكل * ذلك (339) فلم * يختص (340) بالعين دون سائر الأعضاء الفضول المنصبة إليها، فلو كان كما زعم جالينوس لكان ذلك في الجميع ولم يكن في العين بمفردة والسبب في ذلك كما تقدم * آفة (341) لحقت الدماغ بمشاركة العين. وقلنا العين لا تتنزل لذكاء حسها ولطافة جوهرها ولرقة فضولها * وقربها (342) من الدماغ ولأنها أقبل لسيلان الفضول من * غيرها (343) من الأعضاء وليس يلزم من ضعف العين بمشاركة الدماغ ضعف سائر * القوى (344) لقربها من الدماغ وذكاء حسها ولطافة جوهرها فلا غرو أن ينالها من الضعف ما لا ينال غيرها من القوى والأعضاء.
53
[aphorism]
قال أبقراط: من غشيت أسنانه لزوجات فحماه تكون قوية.
[commentary]
قال الشارك: اللزوجات التي تعلو * على (345) الأسنان عنوان كثرة الكيموسات في البدن وشدة عفنها فتتراقى عنها أبخرة بحسب الأخلاط المتولدة عنها. فإن كانت اللزوجات بيضاء كانت المادة بلغمية. وإن كانت صفراء كانت المادة صفراوية. وإن PageVW0P069A سوداء كانت المادة محترقة سوداوية.
54
[aphorism]
قال أبقراط: من عرض له في حمى * محرقة (346) سعال كثير يابس ثم كان تهيجه له يسيرا فإنه لا يكاد يعطش.
[commentary]
قال الشارح: الحركة تحدث الحرارة والحرارة تحلل الرطوبات. فإذا كان بإنسان حمى محرقة فعرض له سعال كثير يابس من أي نوع كان من أنواع السعال حلل بحركته الرطوبات إلى فم المعدة فكثرت البلة في المعدة فمنع العطش.
55
[aphorism]
قال أبقراط: كل حمى تكون مع ورم اللحم الرخو * الذي (347) في الحالبين وغيره مما أشبهه فهي رديئة إلا أن تكون حمى يوم.
[commentary]
قال الشارح: الأورام * التي (348) تكون في اللحيين * هي (349) من * الفضلات (350) المنحطة من الدماغ، والأورام PageVW1P044B التي تكون في الأبطين هي من الفضلات المندفعة * عن (351) نواحي القلب، والأورام التي تكون في الحالبين هي * من (352) الفضلات المندفعة من الكبد. * فإذا (353) كان معها حمى تدل على أنها فضلات رديئة خبيثة قد اندفع بعضها وبقي بعضها في البدن فأوجب حمى. فإن كانت حمى يوم لم تكن خطرة لأنها عن غير * سبب (354) الورم * فأقلعت (355) . وإن كانت دائمة كان منها ما ذكره من الخطر.
56
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان بإنسان حمى فأصابه عرق ولم تقلع عنه * الحمى (356) فتلك علامة رديئة، وذلك * أنها (357) تنذر بطول من المرض تدل على رطوبة كثيرة.
[commentary]
PageVW0P069B قال الشارح: إذا عرض العرق وما * فارقت (358) الحمى وعاودت ولم تقلع بخروج العرق، دل على أن الطبيعة قد دفعت بعض المادة ولم تقدر لكثرتها * وضعفها (359) على استيصالها وأن الباقي منها في البدن أكثر مما دفعته فتدل على امتلاء البدن من الكيموسات الرطبة اللزجة العسرة التحلل. وإذا كانت بهذه الصفة تدل على طول مدة زمان المرض وعلى رطوبات كثيرة عديمة النضج.
57
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه تشنج أو * تمدد (360) ثم عرضت له حمى انحل بها مرضه.
[commentary]
قال الشارح: تقدم * شرح (361) هذا الفصل في قوله لأن تكون الحمى بعد التشنج خير من أن يكون التشنج بعد الحمى، والتشنج هو تشنج العصب. وكذلك التمدد إلا أن التمدد هو تشنج العصب من الجانبين والتشنج من جانب واحد، فمتى حدث التشنج بعد الحمى * المحرقة (362) كان من يبس الأعصاب وذهاب الرطوبات الأصلية وكان * قتالا (363) . وأما إن حدثت الحمى بعد التشنج والتمدد وكان التشنج حدث ابتداء فيكون من زيادة الأخلاط وغلظها. وهذا هو التشنج الامتلائي. فإذا حدثت الحمى عقيبه * أنضجت (364) أخلاطه وحللتها فأوجب الصحة واندفع المرض.
58
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان بإنسان حمى محرقة * فعرض (365) له نافض انحلت * به (366) حماه.
[commentary]
PageVW0P070A قال الشارح: النافض إذا عرض في الحمى المحرقة يدل على أن الطبيعة قد نهضت * لدفع (367) المؤذي وقويت عليه ودحت به عن الأعضاء الرئيسة لأن الحمى المحرقة سببها مادة صفراوية * محرقة (368) قريبة إلى القلب. فإذا عرض النافض دفعت بالمرار وأزاحته * ودفعته (369) إلى الأعضاء الخسيسة. فإن كان PageVW1P045A إلى فوق * قذفت (370) بالقيء. وإن كان إلى أسفل دفعت إما بالبراز وإما بالبول. وإن مال إلى سطح الجلد استفرغته بالعرق فتنحل الحمى بذلك.
59
[aphorism]
قال أبقراط: الغب الخالصة أطول ما تكون تنقضي في سبعة أدوار.
[commentary]
قال الشراح: الغب الخالصة لا يخلو إما أن تكون لازمة أو دائرة. فإن كانت لازمة * فهي (371) من الأمراض الحادة جدا التي لا يتجاوز بحرانها الرابع والكثير إلى السابع. وإن كانت دائرة * فالرابع (372) عشر منها هي في مقابلة السبعة * الأيام (373) إذ هي دائرة خارج العروق فبحرانها لا يتجاوز الرابع كشر لحدتها ولطفها ورقة مادتها وحر الفصل لأنها مخصوصة بأمراض الصيف. فإذا كان الفصل * يساعد (374) وأكثر * ما (375) تحدث في سن الصبى فيعين على انقضائها السن والزمان ونضج المادة * ورقتها (376) ولطفها فلا يتجاوز بحرانها الرابع عشر. فلأجل هذا نص بقوله إذا كانت خالصة وقيد في قوله بخالصة أنها PageVW0P070B تنقضي في سبعة أدوار.
60
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه في الحمى في أذنيه صمم فجرى من منخريه دم أو استطلق انحل بذلك مرضه.
[commentary]
قال الشارح: إذا كان بإنسان حمى وعرض له صمم في أذنيه فيكون حدوث الصمم * إما (377) من ارتفاع أبخرة تتراقى إلى الرأس أو من دم * مراري (378) يتصاعد إلى الرأس ويلحج في السمع. فإذا حدث الرعاف * تحدرت (379) المادة وخرجت بالرعاف. وإن مالت إلى المعاء حدث استطلاق البطن * فتحدرت (380) التي كانت لاحجة في عصب * السمع (381) فانحل عنه الصمم بتحدر المادة عن أماكنها.
61
[aphorism]
قال أبقراط: إذا لم يكن إقلاع الحمى عن * المحموم (382) في يوم من * الأيام (383) الأفراد فمن عادتها أن * تعاوده (384) .
[commentary]
قال الشارح: قال * بلاذيوس (385) إن انقضاء الحمى في الأيام الأفراد خير من انقضائها في الأيام الأزواج. وقال: قد شهدت التجربة بأنها متى انقضت في الأيام الأزواج تعاود. وقال ابن أبي صادق: هذا من الفصول المدلسة على أبقراط، وكان الواجب أن يقول إذا لم يكون إقلاع الحمى عن المحموم في يوم من أيام البحران فمن عادتها أن تعاوده. والأيام البحارين تكون على وجهين: البحارين القمرية التي ذكرها أبقراط في الأول وهاهنا ذكر البحارين على حكم ما ذكره في العرق في قوله «العرق PageVW0P071A يحمد في المحموم إن ابتدأ في اليوم الثالث أو في PageVW1P045B الخامس (iv. 36)» فذكر أيام الأفراد في العرق وهاهنا في الحمى. والصحيح أن انقضاء الحمى المعروفة بالغب والمعروفة بالمحرقة متى انقضت في السادس عاودت، ومتى انقضت في السابع والخامس لا تعاود. وهذا الحكم لا يوثق به * فربما (386) انقضت في السادس والرابع ولم تعاود على الأكثر.
62
[aphorism]
قال أبقراط: إذا عرض اليرقان في الحمى قبل اليوم السابع فهو علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: حدوث اليرقان هو من انتشار المرة الصفراء في البدن ولا يخلو إما أن تكون معه حمى أو لا تكون. فإن كان معه حمى فهو من غلبة المرار الأصفر العفن. وإن لم يكن معه حمى كان من غلبة الأصفر وانتشاره في البدن بغير عفن. فإذا كانت الحمى * وظهر (387) اليرقان قبل السابع فهو علامة رديئة لأنه خرج لكثرته في غير يوم باحوري وذلك دليل على ضعف القوة لأنها لو كانت قوية دحت * به (388) عن البدن إما بالعرق * أو (389) بالبول * أو (390) بالإسهال. فإذا لم * تقو (391) على ذلك كثر عليها وانتشر * في (392) * عروقه (393) لكثرته وضعفها ويكون لسدة في الكبد. وقد زعم جالينوس أن ظهور اليرقان قبل السابع ليس هو * رديء (394) . وقال يكون لورم أو سدة في الكبد. * وقد (395) قسموا أصناف اليرقان إلى أصناف PageVW0P071B كثيرة فقالوا يكون من ضعف الكبد لأنها لم تميز المرة الصفراء من الدم فينصبغ الدم أو من قبل ضعف * قوة (396) المرة الناشفة أو من قبل انسداد المرارة التي هي مفرغة المرة الصفراء أو من قبل ورم يكون في الكبد أو من صلابتها فتنسد المجاري بين الكبد والمرارة. وقد يكون من قبل سوء مزاج العروق إذا أفرطت حرارتها وأسخنت * الدم (397) الذي فيها وصيرته مرة. وقد يكون على وجه استفراغ الطبيعة * المرة (398) على سبيل البحران وهو الأجود. واليرقان جنسان أحدهما من مرة * صفراء (399) أو الآخر من مرة سوداء. فالذي يظهر من المرار الأصفرعلى سبيل البحران إن * ظهر (400) قبل السابع * من (401) * ابتداء (402) حدوث الحمى فهو علامة شر لأن الذي يظهر على سبيل الذي يظهر * على (403) طريق الاندفاع إنما يكون من غليظ الثفل والثفل الغليظ قبل السابع غير * نضيج (404) * فلذلك (405) حكم بشره. وقد قيل إن اندفاع المواد * بالبحران (406) يكون على وجهين: أحدهما بروز الكيموس الذي هيج المرض مع اندفاع الفضول من مجاريها العسرة، والآخر اندفاع الكيموس في موضع من الجسد صار وجعا لازما. وقد استثنى أبقراط فقال إن ظهر اليرقان * قبل (407) السابع وكان PageVW1P046A معه إسهال فليس برديء لأن الطبيعة قد دفعت المادة الموجبة PageVW0P072A للمرض * على (408) طريقين إلى ظاهر * الجلد (409) بالرقيق وإلى المعاء بالثفل الغليظ فيكون ظهوره علامة خير.
64
[aphorism]
قال أبقراط: متى عرض اليقران في الحمى في اليوم السابع أو في التاسع أو في الرابع عشر فذلك محمود إلا أن يكون الجانب الأيمن مما دون الشراسيف صلبا، فإن كان كذلك فليس أمره بمحمود.
[commentary]
قال الشارح: ظهور اليرقان في هذه الأيام هو على طريق البحران وهو دليل على قوة الطبيعة وأنها قد استولت على المرض وفعلت الواجب وعاد استثنى. وقال «إلا أن يكون الجانب الأيمن * مما (410) دون الشراسيف صلبا» لأنه يدل على سدة حاصلة في الكبد أو ورم وهذان رديئان فيكون سبب ظهور اليرقان لأن طريقه مسدود بينه وبين وعائه * فامتزج (411) الدم * ونفذ (412) إلى جميع البدن فيكون * ظهوره (413) لا على طريق البحران.
63
[aphorism]
قال أبقراط: من كان يصيبه في حماه نافض في كل يوم فحماه تنقضي في كل يوم.
[commentary]
قال الشارح: اختلف المفسرون في * تفسير (414) هذا الفصل فمنهم من حمله على ظاهر اللفظ وقال كل حمى تبتدئ بنافض في كل يوم تفارق في ذلك اليوم وهي النائبة. وقال غيره كلام أبقراط إذا كانت حماتين واحدة لازمة والأخرى تبتدئ بنافض ثم تنقضي النائبة وتبقى اللازمة. وقال إنه أراد بذلك قولا عاما PageVW0P072B لكل حمى تأخذ بنافض يكون * انقضاؤها (415) في ذلك اليوم الذي أخذت فيه سواء كانت حمى أو حماتين. وهذا هو الوجه * الصحيح (416) .
65
[aphorism]
قال أبقراط: متى كان في الحمى التهاب شديد في المعدة وخفقان في الفؤاد فتلك علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: الأطباء يعنون بخفقان الفؤاد فم المعدة. فلو كان قوله «التهاب شديد في المعدة وخفقان في الفؤاد» فلو أراد بالخفقان فم المعدة لكان ذلك تكرارا، وإنما أراد بالخفقان ما يحدث من الأختلاج من الأخلاط * المرارية (417) إلى غلاف القلب وقربها منه. وهذا أردأ العلامات كما يحدث في الحمى المحرقة. وقيل * بل (418) أراد بالخفقان كون المرار المحترق محتبس في طبقات المعدة فيحدث بسبب ذلك اختلاج وخفقان من خوف المعدة منه. والصحيح أن الالتهاب في المعدة والخفقان في القلب. ويكون قد سخن سخونة شديدة من قرب الخلط المؤذي له فيحدث في PageVW1P046B اختلاج وخفقان. وهذا أخطر من فم المعدة. فلهذا حكم بالرداءة.
66
[aphorism]
قال أبقراط: التشنج والأوجاع العارضة في الأحشاء في الحميات الحادة علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: هذه الحمى من الحميات الرديئة التي لا تنجب منها إلا القليل. وذلك أن الحمى الشديدة الحرارة والالتهاب إذا عرض معها التشنج دل على PageVW0P073A شدة الحرارة واليبس وجفاف العصب. فإذا انضاف إلى ذلك وجع في الأحشاء، كان دالا على ورم عارض أو سدة أو خراج في الأحشاء. وهذه جميعها يتأدى ضررها إلى القلب فيؤول أمره إلى التلاف.
67
[aphorism]
قال أبقراط: التفزع والتشنج العارضان في الحمى * من (419) النوم علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: تقدم القول منه في أول المقالة * الثانية (420) «إذا كان النوم في مرض من الأمراض يحدث وجعا فذلك من علامات الموت (ii. 1)». وقال هاهنا «التفزع والتشنج العارضان في الحمى في النوم علامة رديئة». وشرح ذلك تقدم فلا حاجة إلى إعادته.
68
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان الهواء يتغير في مجاريه من البدن فذلك رديء لأنه يدل على * تشنج (421) .
[commentary]
قال الشارح: عند دخول الهواء في مجاريه في آلات التنفس إذا لم يكن * جاريا (422) على المجرى الطبيعي فهو شر لأنه يدل على شدة الحرارة واليبس وأن التهاب الحمى شديد حتى قد أثر في مجاري الهواء. وذلك بسبب تراكم الأبخرة الحارة على القلب وازدحامها وغلبتها على القلب فتحتاج الطبيعة إلى إخراجه فبسبب كثرته وحرارته يزدحم في مجاري التنفس فيخرج * مكدودا (423) وبسبب إفراط الحر واليبس * لقلة (424) الرطوبة PageVW0P073B * الغريزية (425) الأصلية ويستولى اليبس على البدن فيجف الأعصاب ويؤول أمره إلى التشنج.
69
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بوله غليظا * شبيها (426) بالغبيط يسيرا وليس بدنه ينقى من الحمى فإنه إذا بال بولا كثيرا * رقيقا (427) * انتفع (428) به، وأكثر من يبول هذا البول من كان يرسب في بوله منذ أول مرضه أو بعده بقليل سريعا ثفل.
[commentary]
قال الشراح: هذا الفصل يعلمنا فيه بأحوال * التفسرة (429) وأن أمرها يؤول إلى الخير. فقال: من كان في بدء مرضه بوله غليظا * شبيها (430) بالغبيط أي شبيه بالدم الجامد، وكان مقداره قليلا. ولم يكن بدنه ينقى من الحمى، وبعد ذلك غزر * بوله (431) ورق فيدل على أن الطبيعة قد بدأت في الإنضاج وأنضجت المواد. ومن عادة الغليظ * النجيز (432) إذا كثر ورق تكون الحرارة الغريزية قد أنضجته فحللت بالطبخ ما غلظ وكثيرت بالتحليل ما قل. وقوله «وأكثر من يول هذا البول من كان يرسب في بوله منذ أول مرضه» لأن أوائل الأمراض في الغالب تكون الأخلاط فجة غليظة نية وفي PageVW1P047A آخر المرض * تستولى (433) الطبيعة بالحرارة على إذابتها فتكثر القليل وترفق الغليظ، وبعد ذلك يتبين الثفل الراسب وهو علامة النضج.
70
[aphorism]
قال أبقراط: من بال في الحمى بولا متثورا شبيها ببول الدواب فيه صداع حاضر أو سيحدث * به (434) .
[commentary]
قال الشارح: غير خاف PageVW0P074A أن الحرارة النارية * تحلل (435) المواد الغليظة وتنضجها وترققها وتذوبها وحرارة الحمى نارية. فإذا اشتد تلهبها * أذابت (436) الكيموسات الغليظة * تفتصاعد (437) عنها أبخرة تتراقى إلى الرأس فتحدث فيه صداعا عند تراقيها. فإن كان ما عرض في زمان * تصاعدها (438) تنذر به في الاستقبال.
71
[aphorism]
قال أبقراط: من يأتيه البحران في السابع فإنه قد يظهر في بوله في الرابع غمامة حمراء وسائر العلامات تكون على هذا القياس.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول من أبقراط في البحارين إن «الرابع منذر بالسابع (ii. 25)». وقال هاهنا «من يأتيه البحران في السابع فإنه قد يظهر في بوله في الرابع غمامة حمراء»، وهذا * موكد (439) قوله «الرابع منذر بالسابع». فإذا جاء في الرابع علامة تدل على النضج، أنذرت بأن انقضاء المرض ومنتهاه في اليوم السابع. وقالوا: كان الأولى أن يقول غمامة بيضاء لأن الغمامة البيضاء أبين وأشد دلالة من الحمراء. وقالوا: لو لم يرشد إلى الحمراء لما ظن أن لها هذه القوة، ومتى ظهرت في السابع أنذر أن المنتهى في الرابع عشر، ومتى ظهرت في الحادي عشر كان البحران في السابع عشر، ومتى ظهرت في الرابع عشر كان البحران في العشرين. وقوله «وسائر العلامات تكون على هذا القياس» ما يظهر من علامات النضج سواء كان * في (440) البول أو * في (441) البراز أو في * البصاق (442) . PageVW0P074B * أما (443) في البول كالبول الرقيق إذا صار ثخينا وهذا في القوام وفي * اللون (444) كالأبيض إذا اصفر والأصفر إذا صار أترجيا، وكذلك الحال في البراز والبصاق وجميع ما يبرز من البدن.
72
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان البول ذا * مستشف (445) أبيض فهو رديء وخاصة في أصحاب الحمى التي معها ورم الدماغ.
[commentary]
قال الشارح: الأمراض لا يرجى برؤها إلا بنضج المواد، وعلامة النضج وعنوانه من التفسرة. فإذا كان البول أبيض * مستشفا (446) ، دل على غاية عدم النضج. * وإذا (447) كان في الحمى التي يتبعها ورم الدماغ، كان ذلك دل على الشر لأن المواد جميعها تطلب أعالي البدن وتتوفر الدماغ فيلحق الضرر بالقوى النفسانية * ويتألم (448) الدماغ وهو بعد القلب على * مذهب (449) أرسطو أشرف الأعضاء الرئيسة وعلى مذهب غيره أنه أشرق الأعضاء الرئيسة. وقد قالت الحكماء: متى كان العضو الرئيس سليما فالمرض سليم.
73
[aphorism]
قال أبقراط: * من (450) كانت الموضع التي فيما دون * الشراسيف (451) عالية فيها قرقرة ثم حدث * له (452) وجع في أسفل ظهره فإن بطنه يلين إلا أن تنبعث منه رياح كثيرة PageVW1P047B أو يبول بولا كثيرا وذلك في الحميات.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل يعرفنا فيه كيفية الأورام العارضة في الشراسيف مع الحمى، فقال إذا كان بإنسان حمى * فعرض (453) له ورم في شراسيفه فيكون سببه إما كيموس غليظ ينصب إليها PageVW0P075A أو خراج يظهر فيها أو رياح تحتقن فيها فتمددها وتعلو * وجساوة (454) تلحقها * فالقرقرة (455) تابعة لاجتماع الأرواح. فإذا مددتها، حدث الوجع في اسفل * الطهر (456) . فإذا بلغ الألم هذه المواضع يعظم مقداره فعند ذلك تنهض الطبيعة لدفع المؤذي وتفشيش الرياح إن كانت متولدة عنها. وإن كانت عن كيموس، * دفعتها (457) الكبد إلى المعاء بالبراز * فيلين (458) البطن من جهة المقعر. وإن كانت الرطوبة مخالطة للأرواح، حللتها الحرارة وأذابتها ودفعتها من ناحية المحدب إلى الكلى والمثانة فاستفرغتها بالبول.
74
[aphorism]
قال أبقراط: من يتوقع أن يخرج به خراج في شيء من مفاصله فقد يتخلص من ذلك الخراج ببول كثير * غليظ (459) أبيض يبوله كما قد يبتدئ في اليوم الرابع في بعض من به حمى معها إعياء، فإن رعف كان انقضاء مرضه مع ذلك سريعا جدا.
[commentary]
قال الشارح: * الذين (460) يتوقع فيهم حدوث الخراج في مفاصلهم * ينجون (461) منه بما يبرز من أبدانهم بالبول أو بالرعاف لأن وجوه الاستفراغات تكون على وجهين إما * استفراغ (462) كلي لقوة من الطبيعة في يوم باحوري وقهرها المرض فيكون الاندفاع ببعض أنواع الاستفرغات ونقاء البدن منه فيتخلصون بذلك من مرضهم * هذا (463) إذا كان البحران بحرانا تاما. وأما * إذا (464) لم يكن تاما وكان من أوساط البحارين فيدفع * بالكيموسات (465) PageVW0P075B الغليظة إلى المفاصل لسخونتها وسعتها. وهذا يكون إذا تقدمه إعياء أو كلال. فتندفع المادة إلى المفاصل بخراج فتخف على الطبيعة فتنهض لمقاومة المرض. ومن شأن الطبيعة فعل الواجب فتذوب الكيموسات بحرارة الحمى وطبخها ونضجها فتفرغها إلى ناحية الكلى والمثانة إن كان ميلها إلى أسفل * فتستفرغ (466) بالبول في مدة أطول. ويكون ابتداء * ذلك (467) في اليوم الرابع لأنه من البحارين الإنذارية في أصحاب الحميات. وإن كان ميلها إلى فوق استفرغتها بالرعاف في مدة أقصر لأن النضج أقوى والطبخ أولى بسبب حرارة الدم، ويكون ابتداؤه في اليوم الرابع لما تقدم من القول.
75
[aphorism]
قال أبقراط: من كان يبول دما أو قيحا فإن ذلك يدل على أن به قرحة في كلاه أو في مثانته.
[commentary]
قال الشارح: بول الدم والقيح يدل على قروح في الكلى أو في المثانة لأن هذه المجاري هو آلات البول فإذا فرغ منها شيء كان * دليلا (468) على الأمراض المتولدة فيها لكن ينبغي أن يفرق بين قروح الكلى وبين قروح المثانة * لوجوه (469) . PageVW1P048A الوجه الأول * والأولى (470) هو معرفة مواضع الألم من الكلى أو المثانة. وربما * يكون (471) سبب ذلك تولد حصاة يتولد فيمررها في مجاري البول وخشونتها تجرح وتنكى فيبال الدم من غير قرحة. وإن كان القيح يخرج بمفرده من غير اختلاط دم يشوبه فيكون ذلك سبب * انفجار (472) خراج PageVW0P076A إلا أنه لا يدوم خروجه بل تكون مدة * خروجه (473) يومين أو ثلاثة. وقال المفسرون: قول أبقراط «من كان يبول دما أو قيحا» أولى من قوله «قيحا» لأن الدم والقيح لا يجتمعان إلا في الكلى * والمثانة (474) ويفرق بينهما بالرائحة وبمواضع الألم وباختلاطهما. * فنقول (475) : إن كان الدم مختلطا بالبول غير متبرئ منه فالقرحة في الكليتين لأنه لا يختلط بالبول * إلا (476) لبعد الكلتين * عن (477) مخرج البول. وإن كان الدم غير مختلط * بالبول (478) فالقرحة في المثانة لقرب المثانة من مخرج البول. فهذه وجوه التفرقة بين قروح الكليتين والمثانة.
76
[aphorism]
قال أبقراط: من كان في بوله وهو غليظ قطع لحم صغار أو بمنزلة الشعر فذلك يخرج من كلاه.
[commentary]
قال الشارح: ذكر أبقراط القرحة التي تعم الكليتين والمثانة، وعاد بعد ذلك أفرد كل مرض في عضو يختص به، فقال «من كان في بوله وهو غليظ قطع لحم صغار أو بمنزلة الشعر فذلك يخرج من كلاه» خصص بهذا المرض حدوثه في * الكلى (479) وقال قطع اللحم الصغار والأجزاء الشعرية تختص بمرض الكلى. وقد يكون لذوبان أعضاء لحمية لأن الحرارة النارية إذا عملت في الأجزاء اللحمية جعلت ما كان منها جوهرا صلبا لقرب عهده بالانعقاد فيجف ويصلب * ويصير (480) قطع لحم صغار. والفرق بين الأول والثاني أن * ما (481) كان من نفس قرحة الكلى يكون نضيجا ولا تكون PageVW0P076B معه حمى، والذي يكون من ذوبان الأعضاء تكون معه حمى ولا يكون نضيجا. وأما ابن أبي صادق وغيره ذكروا أن الأجزاء الشعرية لا تكون من جوهر الكلى، * وإنما (482) أبقراط قال ذلك على سبيل * المجاز (483) ، والأجزاء الشعرية إنما تكون في بربخي البول، ولقربها من الكلى أطلق أبقراط والبربخين من الكلى إلى المثانة، وإنما حيث أضافها إلى الأجزاء اللحمية قال من الكلى، وإنما هي من البربخين الواصلين الكلى * والمثانة (484) .
77
[aphorism]
قال أبقراط: من خرج في بوله وهو غليظ بمنزلة النخالة فمثانته جربة .
[commentary]
قال الشارح: قد ذكرنا أن أبقراط ذكر الأمراض التي تخص عضوا * عضوا (485) فذكر المرض المختص بالكلى وانتقل إلى المرض الذي يخص المثانة فقال «متى خرج في البول الغليظ شبه النخالة PageVW1P048B دل على أن المثانة جربة» لأن الجرب قروح تحك جلد المثانة فيتناثر منها أجسام شبيهة بالنخالة كالحال في ظاهر الأجسام إذا جربت وقال يكون * من (486) تفتت الأعضاء. والفرق بينهما بنضج البول وعدم نضجه والحمى وعدم الحمى. فإذا كان في المثانة، لم تكن معه حمى. وإذا كان في الأعضاء الأصلية، كان معه حمى.
78
[aphorism]
قال أبقراط: من بال دما عبيطا من غير سبب متقدم دل * ذلك (487) على أن عرقا في كلاه قد انصدع.
[commentary]
قال الشارح: انصداع عروق * الكلى (488) يكون من ثلاثة أسباب PageVW0P077A إما من كثرة الدم فيضيق عنه وعاؤه فيخرج في البول دقيقا، وإما من انتفاح فم العرق واتساعه عما كان عليه، وإما من * إنكال (489) العرق في فمه أو غير فمه. وهذه الأحوال تكون من مساءلة المريض عن سبب حدوثه هل هو * من (490) صحة أو وثبة. فإن قال المريض إنه من شيء من هذه فهو قطع عرق. وإن لم يكن من هذه فيكون من كثرة الدم وضيق وعائه عنه والقطع * له (491) علامة أخرى وهي شدة الوجع. وخص أبقراط * هذا (492) بالكلى لأنه عضو لحمي كثير الدم والمثانة عصبابي قليل الدم فلهذا اختص بالكلى دون المثانة.
79
[aphorism]
قال أبقراط: من كان يرسب في بوله شيء شبيه بالرمل فالحصاة تتولد في مثانته.
[commentary]
قال الشارح: الحصاة تتولد في الكلى وفي * المثانة (493) ، وبينهما فرق وهو لون الرمل. فإن كان أحمر كان من الكلى لأنها عضو لحماني كثير الدم والعروق * التي (494) يتصفى فيها الدم. ومتى كان لونه رماديا كان تولده في المثانة. ويفرق بينهما بوجه آخر: إن كان الوجع * مما (495) يلي الظهر إلى المتنين كان تولده في الكلى، وإن كان مما يلي الأربيتين * والعانة (496) كان تولده في المثانة. ووجه ثالث في تولده وبعد تولده: إن كان قليلا * رقيقا (497) كان الحصاة في التكوين، وإن كان كثيرا غليظا تكونت وتفتت.
80
[aphorism]
قال أبقراط: من بال PageVW0P077B ]دما عبيطا وكان به تقطير البول وأصابه وجع في أسفل بطنه وعانته فإن ما يلي مثانته وجع.
[commentary]
قال الشارح: في هذا الفصل أبقراط بين الكلى والمثانة وفصل المثانة فيه عن الكلى فقال إن الدم العبيط * المنعقد (498) يسد فم المثانة فيرجع البول على المثانة فيمتلئ به فيحدث عند ذلك تقطير البول ووجع في المواضع التي ذكرها. وهذه المواضع تعم المثانة والكلى وبربخي البول، وإنما خصصها PageVW1P049A بالمثانة لقربها منها.
81
[aphorism]
قال أبقراط: من كان يبول دما وقيحا وقشورا وكان لبوله رائحة منكرة فذلك يدل على قرحة في مثانته.
[commentary]
قال الشارح: بول الدم والقيح يمكن أن يكون من الكلى والمثانة وبربخي البول لأن هذه يمكن أن تكون فيها قرحة، وإنما أفرد * في (499) هذه علامة لا تكون إلا في المثانة وهي الرائحة المنكرة. فهذه تخص المثانة دون سائر الأعضاء المذكورة لأن المثانة * جلدة (500) ولهذا يكون لها قشور ونتن لأن خلقها صلبة شبيه الجلد وخلقة * الكليتين (501) متخلخلة سريعة الإلقاء البول لما فيها فلهذا يجتمع بها البول * ويغفن (502) وتتغير رائحته. والكلى ليس كذلك ولا * بربخا (503) البول لأن الدم والقيح يطول مكثهما في المثانة فيكتسب * عفنا (504) بطول المكث، ومتى عفن صار له رائحة منكرة. * ولأجل (505) هذا خص المثانة دون PageVW0P078A باقي الأعضاء المذكورة.
82
[aphorism]
قال أبقراط: من خرجت به بثرة في إحليله فإنها إذا انفتحت وانفجرت انقضت علته.
[commentary]
قال الشارح: يسبق ظن أكثر الناس أنه أراد بقوله أن متى طلع في الإحليل بثرة وقيحت وانفجرت برأت العلة. ولم يرد هذا فإن هذا القول لم يكن فيه فائدة. وإنما كان مراده أنه متى خرج في الإحليل بثرة تبعها ورم وأدى ذلك إلى عسر البول. فإذا انفتحت ونضجت، زال ذلك الورم فبرئ عسر البول * بسبب (506) برء القرحة، وكان عسر البول عرضا تابعا لحصول القرحة.
83
[aphorism]
قال أبقراط: من بال في الليل بولا كثيرا دل ذلك على أن برازه يقل.
[commentary]
قال الشارح: قد بينا أن فضلة الهضوم ثلاث: أولها فضلة هضم المعدة وهو الثفل، والثاني فضلة هضم الكبد وهو البول، والثالث فضلة هضم جميع الجسد وهو العرق والتحلل الخفي من المجاري ومسام البدن. وإذا كان ذلك كذلك * فإلى (507) أيهما مالت * المادة (508) قل ما ينصب إلى الآخر. وخص ذلك بالليل لأن الهضم في * الليل (509) أكثر من هضم النهار وأنضج وأصح لانعكاس الحرارة الغريزية إلى داخل البدن لأن الليل مظنة النوم والنوم تنعكس فيه الحرارة إلى داخل البدن فيقوى PageVW0P078B الهضم وينقسم الهضوم ويبقى ميل بعض كل واحد منهما إلى * جهة (510) أكثر من الأخرى.
PARATEXT|
تمت المقالة * الرابعة (511) .
المقالة الخامسة من كتاب * الفصول (1)
1
[aphorism]
قال أبقراط: التشنج الذي * يكون (2) من الخربق من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: إذا عنى أبقراط * الخربق (3) فإنما يعني به الخربق الأبيض دون الأسود. والتشنج * نوعان (4) امتلائي واستفراغي. فهاهنا أراد به التشنج الاستفراغي دون الامتلائي، والتشنج العارض من الخربق يكون من عدة وجوه أحدها من أذية الخربق لكيموس حاد يلذع. * فيتشنج (5) فم المعدة والآخر من لذع الخربق نفسه للعصب والثالث من دفع الخربق للكيموسات وتذوبها بحرارتها، فتقل على القوة الكيموسات بكثرة الخربق. وهذا هو الامتلائي وهذا سهل البرؤ ويكون من إستفراغ الرطوبات وإستيلاء اليبس على البدن. وهذا هو التشنج الاستفراغي الذي لا برؤ له، وهو الذي عنى به أبقراط في هذا الفصل. فربما عرض عن افراط القيء كما يعرض في الهيضة وقيء المرار. فلا ينبغي أن * يهاون (6) في علاجه بل يستعمل الرطوبات والأدهان الحارة بالفعل والاستحمام بالماء العذب. PageVW0P079A
2
[aphorism]
قال أبقراط: التشنج الذي يحدث من جراحة من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: التشنج * الحادث (7) عن جراحة يكون إما بسبب إستفراغ دم كثير وإما بسبب ورم يلحق الاعضاء العصبانية ويلحق ضرره بالدماغ. فيعم جميع الجسد وينبغي أن لا * يغفل (8) عن علاج ذلك ويمرخ ما * حول (9) الجرح بالادهان الحارة بالفعل المرطبة، ويسقي مرق اللحم والدجاج المسمن والشراب الممزوج ليكثر رطوبة البدن، ويقوي القوى ويرد على البدن عوض ما تحلل منه * ويحبس (10) الحوامض والمياه الباردة كماء الثلج والجمد.
3
[aphorism]
قال أبقراط: إذا جرى من البدن دم كثير فحدث فواق أو تشنج فتلك علامة رديئة.
[commentary]
قال الشارح: هذان العارضان علامتان * التشنج (11) الاستفراغي العارض عن اليبس وفناء الرطوبات الاصلية، لكنه يرخي برده إذا تدورك بالاشياء المرطبة وأحسن فيه التدبير. ففي اصطلاح أبقراط إذا قال فتلك علامة رديئة لم يقطع فيها بالموت بل يجعلها من الحالة الوسطى، وإذا قال فتلك من علامات الموت يكون قد قطع * فيها (12) جزما.
4
[aphorism]
قال أبقاط: إذا حدث تشنج أو * الفواق (13) بعد الاستفراغ المفرط فهو علامة رديئة PageVW0P079B .
[commentary]
قال الشارح: هذه الفصول يقارب PageVW1P050A * بعضها (14) من بعض وقصاري الأمر أن كل استفراغ سواء كان دما أو اسهالا أو قيئا، وحدث عقيبه فواق وتشنج. فهو علامة وإنما كان عرضه في ذلك أن يعد أنواع الاستفراغات، ويعرف أن التشنج بعدها رديء والفواق يدل على التشنج، وهو تشنج يعرض لفم المعدة.
5
[aphorism]
قال أبقراط: إذا عرض لسكران سكات بغتة فإنه يتشنج ويموت إلا أن يحدث به حمى أو يتكلم إذا حضرت الساعة التي ينحل فيها خماره.
[commentary]
قال الشارح: أراد بالسكات إنقطاع كلامه وحسنه وحركته بغتة. فمنهم من قال عنى به الفالج، ومنهم من قال عني به السكتة. وذلك لأن * شرب (15) الشراب يضعف حرارة الغريزية ويمتلئ بطون دماغه ويضعف قواه * لأنه (16) يحملها فوق طاقتها * ويتكدر (17) حواسه * ويضعف (18) قواه النفسانية، ويمتلئ دماغه ابخرة غليظة وخصوصا، إن كان الشراب غليظ الجوهر حمرته مائلة إلى سواد، فإنه يكون كثير الغذاء * تتراقي (19) عنه أبخرة غليظة * تغمر (20) الحار الغريزي يغلظ أبخرة. فالسكات العارض عنه رديء بطي الانحلال، وأما إن كان أبيضا رقيقا صافيا، فيكون الحال ما يعرض عنه من السكات قريبا يرجى برؤه وخلاصه، فينبغي أن يعين من أي PageVW0P080A شراب يكون ليصح الحكم عليه. فإن كانت الطبيعة نهضت لمجاهدة ذلك ودفعه، فإن تكلم في الساعة التي ينحل فيها خماره * يرجى (21) خلاصه، وإن أعقب ذلك حمى كانت حرارة الحمى محللة لما عرض من ذلك كما قال آنفا لأن تكون الحمى بعد التشنج خير من أن يكون التشنج بعد الحمى. وقد قال بن أبي صادق في * ذلك (22) كلاما جيدا، قال: «الشراب بحرارته * يحلل (23) الأبخرة ويجفف الرطوبات، فهو يصلح * بكيفيته (24) ما يفسد بكميته ، فتمى لم تقو حرارة الشراب على تحليل الأبخرة وتجفيف الرطوبات ولا حرارة الحمى كان ذلك سببا مؤديا إلى الهلاك».
6
[aphorism]
قال ابقراط: من اعتراه التمدد فإنه يهلك في أربعة أيام، فإن جاوز الأربعة فإنه يبرأ.
[commentary]
قال الشارح: قالوا التمدد هو من الأمراض الحادة جدا، والمرض الحادة قد فسره بأنه الذي لا * يتجاوز (25) بحرانه الرابع. فلهذا قال إن كانت القوة لم تقدر على حله في الرابع فإنه يموت وإن كانت القوة PageVW1P050B مستظهرة على المرض، فإنها تحله في أول بحران يأتي عليه وهو اليوم الرابع، وقد فسروا الامتداد بأنه تشنج يعرض في أصل العنق إما إلى قدام وإما إلى خلف فتسد بسبب ذلك مجاري النفس. فلا يدخل على القلب النسيم البارد ولا يخرج عنه البخار الحار، فتزدحم الأبخرة PageVW0P080B الحارة على القلب وتخنقه ويؤول أمره إلى * الموت (26) .
7
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه الصرع قبل نبات الشعر في العانة فإنه يحدث له انتقال، * فأما (27) من عرض له وقد أتى عليه من السنين خمسة وعشرون سنة فإنه يموت وهو به.
[commentary]
قال الشارح: لا شك أن * سن (28) الصبى قبل نبات الشعر في العانة تكون الحرارة الغريزية فيه منغمرة بالرطوبة لأن الحار مركزة الرطب. فإن تكن الرطوبة الغريزية كثيرة * تغلب (29) الحرارة الغريزية في رطوبات البدن، فيلزم من كثرة الحرارة كثرة الرطوبة، ولهذا قال أبقراط ما كان من الأبدان في النشؤ، فالحار الغريزي فيهم على غاية ما يكون من الكثرة لكنها مع كثرتها منغمرة بالرطوبة. فإذا خرج من هذا السن إلى سن الشباب ظهرت حرارته الغريزية وصارت أحد كيفية وأقل كمية. فعند ذلك يتخلص المريض من هذا المرض وغيره لأن الصرع ههنا يكون من كيموسات غليظة لزجة متحقنة في الدماغ. فحرارة الشباب تحلها وتذيبها فإن عرض هذا المرض لمن بلغ من العمر خمسة وعشرون سنه دل على أن الكيموسات قد قهرت الحرارة الغريزية والحرارة الغريزية قد بلغت منتهاها، فلم يرج لها عند ذلك ظهورا، فيموت صاحبه به.
8
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابته ذات الجنب فلم ينق * في (30) PageVW0P081A أربعة عشر يوما فإن حاله تؤول إلى التقيح.
[commentary]
قال الشارح: ذات الجنب هو ورم يكون في الغشاء المستبطن للاضلاع وسببه دم مراري يغلب عليه المرار ويلزمه أربعة أعراض الحمى والسعال والناخس والضيق النفس والنبض المنشاري. فمتى عدم بعض هذه لم يكن المرض ذات الجنب وأكثر تولده من الدم المراري لصفاقه الغشاء المستبطن، فلا تداخل مادة غليظة وأيضا هي من الأمراض الحادة جدا ومادتها لطيفة رقيقة. فلأجل هذا حكم عليها بأن بحرانها لا يجاوز الرابع عشر تحدة مادتها ولطفها وسرعة نضجها. فإن لم ينضج وتخلص منها في الرابع PageVW1P051A عشر يؤول أمرها إلى التقيح ويجمع الورم وتقيح بعد الرابع عشر وتمتد إلى السابع وعشرين، ولهذا قال أبقراط إذا انصب دم إلى فضاء الصدر على خلاف المجري * الطبيعي (31) فلا بد من * أن (32) يتقيح لأنه لم يبق بالنفث. فيدفع المادة إلى فضاء الصدر ويتقيح كما تقدم.
9
[aphorism]
قال أبقراط: أكثر ما يكون السل في السنين التي بين ثمان عشرة سنة وبين خمسة وثلاثين سنة.
[commentary]
قال الشارح: سن النمو هو إلى ثمان عشرة سنة وسن الشباب المتناهي * للشباب (33) إلى * خمسة (34) وثلاثين سنة، وفيما بين هذين يكثر تولد السل لكثرة حركاتهم وصياحهم وثباتهم وقلة نباتهم، * فلا (35) يؤمن عليهم انصداع PageVW0P081B بعض عروق التي * في (36) الرئة * و (37) الصدر وأيضا يحدد دمهم ويتوقد ويسخن وتقل رطوباتهم وتقوي حرارتهم ومع هذا. فأكثر حدوث هذا المرض لا اراه بالسنين بل بالاستعداد، فيمن كان مزاجه مستعدا كما تقدم يعرض * لمتجنحي (38) الاكتاف الكثيرين الشعور الضيقين الصدور يسرع إليهم، وأما من كان ربع القامة كثير اللحم واسع الصدر. فهذا المرض يتعد عنه ولا يعرض له وإنما قال أبقراط إن أكثر ما يعرض في هذا السن لمن هو مستعد له.
10
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه ذات ذبحة * فتخلص (39) منها فما الفضل إلى رئته فإنه يموت في سبعة أيام فإن جاوزها آل أمره غلى التقيح.
[commentary]
قال الشارح: إذا كان الورم في عضل الحنجرة وخصوصا في داخلها يسمي ذبحة. فإذا نضج ذلك الورم وتقيح وانفجر * مال (40) إلى قصبة الرئة، فملأها وإنما كان ميله إلى الرئة من دون سائر الأعضاء لأنه الرئة دائمة التحرك للترويح عن * القلب (41) ونفض البخار الدخاني عنه وهي متخلخلة وتسخن بدوام حركاتها، فيقبل بذلك انصباب المادة إليها لكونها متخلخلة كثيرة الحركة مستقلة، * وإنما (42) حضرة الموت في سبعة أيام لأنها من الأمراض الحادة جدا التي بحرانها لا يجاوز * يجي؟؟؟ (43) أنها السابع وهذا ورم * يمنع (44) فيه خروج النفس فيحصل الاختناق. فإذا جاء بحرانه السابع ونهضت الطبيعة لمقاومة المرض PageVW0P082A في يوم السابع وهو يوم المنتهي. فلا يكاد يتجاوز ذلك * اليوم (45) الرابع، فإن كان الطبيعة القاهرة فيتخلص منها، وإن مال الفضل إلى رئته يمنع خروج النفس * فيموت (46) قبل * اليوم (47) السابع أو في السابع فإن * جاوزها (48) وقع في التقيح.
11
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان بإنسان السل * فكان (49) ما يقذفه بالسعال من البصاق منكر الرائحة إذا ألقي على الجمرة وكان شعر الرأس ينتشر فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: إنما PageVW1P051B ذكر هاتين العلامتين واستدل بها على هلاك المرض، وذلك أن نتن رائحة البصاق يدل على شدة عفن القرحة وفساد كيموساتها وتأكلها وكذلك تساقط الشعر يدل على ذهاب الرطوبات الأصلية * وشعر (50) فضلة البخار الدخاني. فإذا لم يصل إلى الأعضاء مستحقها من الغذاء انقطع البخار * الدخاني (51) وتساقط الشعر * فقرب (52) هلاك المريض.
12
[aphorism]
قال أبقراط: من تساقط شعر رأسه من أصحاب السل ثم حدث * له (53) اختلاف فإنه يموت.
[commentary]
قال الشارح: معنى هذا الفصل * كمعنى (54) الفصل الأول، ولم يزد عليه شيئا سوى الاختلاف أما تساقط الشعر فقد تقدم القول فيه وأما الاختلاف. فهو يدل على ضعف القوى الطبعيعية وانحلال القوة PageVW0P082B الكلية لأن مدة زمان المريض طويلة وقد أنهك المرض بطوله القوة وأذاب البدن وانحله وذهبت الرطوبات الأصلية وبعد ذلك جاء الاختلاف وهو علامة الموت.
13
[aphorism]
قال أبقراط: من قذف دما زبديا فقذفه إياه إنما هو من رئته.
[commentary]
قال الشارح: قد تقرر أن الرئة عضو سخيف * متخلخل (55) غير مكثف(؟) والدم الذي يخرج من الكبد إلى القلب بعد الطبخ تنشفه حرارة القلب وتسخنه وتدفعه ويحبس لطيفه وتندفع رغوته إلى الرئة زبدية. فيكون غذاء لها لرقبة وسخافتها لأن الغذاء شبيه بالمغتذي والبارز منه يكون زبديا.
14
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث بمن به السل اختلاف، دل على الموت.
[commentary]
قال الشارح: هذا افصل قد تقدم شرحه غير أنه ههنا أفرد الاختلاف عن تساقط الشعر وغرضه أن يعرف أن الاختلاف بمفرده في آخر السل دليل على هلاك المريض أو قريب منه.
15
[aphorism]
قال أبقراط: من آلت به الحال من ذات الجنب إلى تقيح فإنه إن ستنقى في أربعين يوما من اليوم الذي انفجرت في المدة فإن علته تنقضي وإن لم يسبق في هذه * المدة (56) فإن يقع في السل.
[commentary]
قال الشارح: قد تبين أن ذات الجنب ورم حادث * بالغشاء (57) المستنبط للاضلاع، فإن كانت PageVW0P083A القوة فيه قوية صحيحة صالحة انضجته وقذفته بالنفث، وإن عجزت عن ذلك يؤول أمرها إلى التقيح وحضرها في مدة أربعين * يوم (58) لأنه آخر البحارين في الأمراض الحادة. فإذا لم ينتن في آخر البحارين الحادة غلظت المواد ومالت إلى التقيح لأن * المادة (59) تعفن وتعفن الرئة وتأكلها وتوغل القرحة ويؤول أمرها إلى الهلاك.
16
[aphorism]
قال أبقراط: الحار يضر من أكثر استعماله هذه المضار PageVW1P052A يؤنث اللحم ويفتح العصب يكدر الذهن وتجلب سيلان الدم والغشى ويلحق أصحاب ذلك الموت.
[commentary]
قال الشارح: ذكر أبقراط في هذا الفصل مضار الحار وعنى به استعمال الماء الحار وما يتولد من استعماله أو مهب الهواء الحار وما يعرض من دوام هبوبه. فقال يؤنث اللحم أي يرخيه وتفتح العصب أي يرخيه أيضا ويكدر الذهن * أي (60) يبلده لإرخائه محله هو * الدماغ (61) ويجلب سيلان الدم بكثرة تحليله وأذابته، وإذا أكثر سيلان الدم تبعه الغشى وإذا كثر الغشى لزم منه وقوع * الدم (62) لانحلال القوى واستيلاء الضعف عليه.
17
[aphorism]
قال أبقراط: وأما البارد * فيحدث (63) التشنج والتمدد والاسوداد والنافض التي * تكون (64) معها حمى.
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P083B ذكر في الفصل المتقدم مضار الحار وما يعرض عنه من الأمراض، وذكر في هذا الفضل مضار البارد وما يعرض من الأمراض والضابط في هذا أن من أدمن استعمالهما عرض عنهما ما ذكره وأما في دفعة واحدة وثلاثة فلا يعرض جميع ما * ذكره (65) . فقال البارد يحدث عنه التشنج والتمدد واسوداد الأعضاء وميلها إلى الكمودة، كحال من يمشي في الثلج ونشاهد ذلك عيانا والنافض الذي تكون معه حمى وهذه * تعرض (66) لأضرارها بالعصب والاسوداد لارسال الطبيعة الدم إلى الأعضاء لاصلاحهما. فتحقن فيها وتعفن ويجذب الأعضاء منه أكثر مما يجب وسبب الاحتقان والجمود وعدم تنفس الحار الغريزي يعفن العضو وهذا يشاهد في المضروبين. فينبغي أن يشرط أو يفصد وينقص له من الدم ولا يقتصر على المحللات والنافض التي تحدث معه الحمى يكون سبب أن الأخلاط إذا لم يتروح يوجب لها عفن والعفن موجب للنافض والحمى.
18
[aphorism]
قال أبقراط: البارد ضار للعظام * والأسنان (67) والعصب والدماغ والنخاع، وأما الحار فموافق لهم نافع.
[commentary]
قال الشارح: قد تقرر أن أصل الطب مقابلة الضد بالضد ولما كانت هذه الأعضاء مزاجها يغلب عليه البرد كانت الأشياء الباردة مضرة لها لأنها تخرج أمزجتها عن الاعتدال وتزيد في برئها، فيستولي البرد عليها وحيث كان ذلك كذلك PageVW0P084A كانت الأشياء الحارة موافقة لها نافعة بسبب تعديل أمزجتها.
19
[aphorism]
قال أبقراط: كل موضع قد برد فينبغي PageVW1P052B أن يسخن إلا أن يخاف عليه انفجار الدم منه.
[commentary]
قال الشارح: قد مضى شرح هذا الحار يداوي البارد والبارد يداوي بالحار لأنه استثنى، فقال إلا أن يخاف عليه انفجار الدم * منه (68) فإن الحار يوجب، فنفجار الدم بسبب مداومته أما إذا كان غير دائم فلا يخاف منه.
20
[aphorism]
قال أبقراط: البارد لذاع للقروح ويصلب الجلد ويحدث من الوجع ما لا يكون معه تقيح ويسود ويحدث النافض * التي (69) * تكون (70) معها حمى والتشنج والتمدد.
[commentary]
قال الشارح: قد * ذكر (71) هذا الفصل * ما (72) يحدث * البرد (73) من الضرر في الأعضاء. فقال البارد لذاع للقروح ولم يطلق لذع البرد مطلقا إلا خصص به القروح لأن البارد لا يعرض في عمق أعضاء البدن لأن الماء للطافته لا يغوص في كثافة الجلد. فلأجل هذا خص به الجروح والقروح ويصلب الجلد بسبب تكثيفه المسام ويحدث من الوجع ما لا يكون معه تقيح بسبب منعه من تحلل الأشياء التي يكون معها الوجع وتبلد الحار الغريزي ويمنع من النضج. فلأجل هذا قال ويحدث من الوجع ما لا يكون PageVW0P084B معه تقيح والاسوداد والنافض، فقد مضى شرحه في الفصل الذي قبل هذا ومع هذا يغيره (؟) إما اسوداد العضو، فبسبب ارسال الطبيعة الدم إلى العضو الذي لحقه البرد وأن العضو يجذب من الدم أكثر منن مستحقه ولا يجد له متنفسا. فيعفن ويسود العضو الذي لحقه البرد * (74) ويحدث التشنج * والنافض (75) لضرره بالعصب، ولا شك أن فعل القوى في هذه * المواضع (76) أكثر من فعل الماء للطافته ومن عادة اللطيف الغوص في عماق أعضاء البدن.
21
[aphorism]
قال أبقراط: وربما صب على من به تمدد من غير قرحة وهو شاب حسن اللحم في وسط * من (77) الصيف ماء بارد كثير فأحدث فيه انعطافا من حرارة كثيرة فكان يخلصه بتلك الحرارة.
[commentary]
قال الشارح: قول أبقراط «وربما» أراد به القليل الوقوع لأن «رب» حرف معناه القليل وقيد في قوله «من غير قرحة» لئلا * يناقض (78) قوله «البارد لذاع للقروح»، وذكر قيدين آخرين وهو شاب حسن اللحم احتراز من المهزولين وعين فصل * الصيف (79) احترازا من باقي الفصول، وذلك لئلا يجمع بين برد الماء وبرد الهواء ولئلا PageVW1P053A * يغوص (80) البرد في عمق أبدان المهزولين. وقد ذكر ابن أبي صادق في شرحه أن رجلا طالبه السلطان بمال فتعسر عليه إحضاره وكان رجلا مشلولا، فأمر بدفنه في الثلج ولم يعين PageVW0P085A الفصل. فقال: لما * خرج (81) من الثلج برئ من شله ولا شك أنه قد كان جامعا للقيود الذي ذكرها أبقراط فإن الماء البارد في الصيف في وسط الهاجرة * للشاب (82) الحسن اللحم في فصل الصيف غير مضر وأنه يعكس الحار الغريزي إلى داخل البدن.
22
[aphorism]
قال أبقراط: الحار مقيح ولكن ليس في كل قرحة، وذلك من أعظم العلامات الدلالة على الثقة والأمن، ويلين الجلد وترققه ويسكن الوجع ويكسر عادية النافض والتشنج والتمدد ويحل الثقل العارض في الرأس، وهو من أوفق الأشياء لكسر العظام وخاصة للمعرى منها ومن * العظام (83) خاصة لعظام الرأس، ولكل ما أماته البرد أو أقرحه وللقروح التي تسعي وتتأكل وللمقعدة والفرج والرحم والمثانة فالحار لأصحاب هذه العلل نافع شاف والبارد لهمم ضار قاتل.
[commentary]
قال الشارح: أما قول أبقراط الحار مقيح ولم يطلق القول لكن احترز بقوله لكن ليس في كل قرحة، وعنى الحار المعتدل * الذي (84) لا يتجاوز حرارته الاعتدال، ولا شك أن الحار نوع من * المقيح (85) وأنه سبب النضج. فلو أدمن على عضو أنضجه وقيحه لأنه متى نضج تقيح. وقالوا ينبغي أن يكون الحار مغيرا لئلا يفتح المسام ونشر الحار، فإذا كان مغريا حقن الحار الغريزي إلى داخل PageVW0P085B البدن وأنضج وليس كل ورم أو قرحة يقيحها الماء، فإن الأورام السرطانية لا يقيحها الماء الحار ولا يؤثر فيها أثرا لغلظ المواد وعسر نضجها. وقد أمر أبقراط فيما بعد بأن لا تعالج وكذلك القورح * العفنة (86) فإنها تزداد بالضماد والماء الحار عفنا بل تداوي بالأدوية الكاوية المحرقة ليقل عفنها. هذا إن دعت إليه ضرورة وكذلك الأعضاء التي تنجلب إليها المواد متى استعمل فيها الماء الحار أرخاها وجذب إليها أكثر، وكذلك الأورام الخبيثة الرديئة الاخلاط وما شاكلها. وأما الأورام التي يؤول أمرها إلى الجمع والانفجار، فإن الماء الحار من أعظم الدلالة وأمن على معالجتها به لأن برأها بكمال النضج والماء ينضجها ويسكن المهاء (؟) ويرققها ويلينها ويحلل ما اجتمع فيها وأما تسكينه * للنافض (87) . فينشر الحار الغريزي ويبسطه ويفعل PageVW1P053B عكس ما يفعله البارد، فهو ينفع التشنج التمدد لملائميته للأعصاب وينفع لعظام الرأس لقلة ما عليها من اللحم وغوص البرد فيها ولكون مزاج الدماغ بارد حله للثقل العارض في الرأس لتحلل ما اجتمع فيه من الفضول وينفع للعظام خاصة لبرد أمزجتها وقلة الدم فيها وخاصة للمعري منها * وللقروح (88) التي تسعى وتتأكل تحليل فيها ودفعه إلى ظاهر البدن ورده عن السعي من عضو إلى عضو يليه وقوله. فالحار لأصحاب PageVW0P086A هذه العلل * نافع (89) * شاف (90) والبارد لهم ضار قاتل يؤكد أن المعالجة هي مقابلة الضد بضده.
23
[aphorism]
قال أبقراط: * فأما (91) البارد فإنما ينبغي أن يستعمله في هذه المواضع أعني في المواضع * التي (92) يجري * منها (93) الدم أو هو مزمع * أن (94) يجري منه، وليس ينبغي أن يستعمل في نفس الموضع الذي يجري منها الدم لكن حولها ومن حيث يجيء وفيما كان من الأورام الحارة والتلذع مائل إلى الحمرة ولون الدم الطري لأنه إن استعمل فيما قد عتق فيه الدم سوده، وفي الورم الذي * يسمى (95) الحمرة إذا لم يكن معه قرحة لأن ما كانت معه * منه (96) * قرحة (97) فهو يضره.
[commentary]
قال الشارح: أمرنا أبقراط أن نعالج * المواضع (98) * التي (99) يجري منها الدم أو هي متوقع أن يخرج منها باستعمال الأشياء الباردة كالماء البارد نبهنا على أن يكون استعمال * ذلك (100) حوالي الموضع الذي يليه ولا يكون في نفس الموضع لأن متى استعمل في نفس الموضع * (101) أنكاه وقرحه وجلب الألم إليه، وإذا كان مما يليه برد كثف وقوي ومنع من تجلب المادة إليه وينفع ذلك ببرد وقمعه، وكذلك الأورام الحارة كما قال الرئيس: «ينبغي أن يقرب إليها في الاتبداء ما يردع ويبرد ويكثف وعنى بالتلكع المواضع التي كأنها قد كويت بالنار بحدة موادها». وقوله ولون الدم الطري لأنه إن استعمل فيما قد طال PageVW0P086B مكث الدم سوده وفي الورم الذي يسمى حمرة ينفع استعماله، إذا لم يكن معه قرحة لأن متى كان معه قرحة لذعها وجلب الألم إليها، فلهذا احترز من القرحة.
24
[aphorism]
قال أبقراط: إن الأشياء الباردة مثل الثلج والجمد ضارة للصدر مهيجة للسعال جالبة لانفجار الدم * والنزل (102) .
[commentary]
قال الشارح: لما ذكر منافع الماء الحار ومنافع الماء البارد ومضارها أراد أن يعرفها مضار الذي هو أبرد من الماء. فقال إن الثلج * والجمد (103) ضارة للصدر مهيجة للسعال جالبة لانفجار الدم PageVW1P054A * والنزل (104) . أما ضرارة الصرد فأمر محسوس أنه يضر بالأعصاب وآلات التنفس، فإذا ضر هذه الأعضاء أهاج السعال فإذا قوي تعدى ضرره إلى الصدر والرئة فحصل ذلك قيء الدم ونفثه.
25
[aphorism]
قال أبقراط: الأورام التي تكون في المفاصل والأوجاع التي تكون من غير قرحة وأوجاع أصحاب النقرس وأصحاب التشنج الحادث في المواضع العصبية وأكثر ما أشبه هذه فإنه إذا صب عليها ماء بارد كثير سكنها وأضمرها وسكن الوجع بإحداثه * من (105) الخدر، والخدر أيضا اليسير مسكن الوجع.
[commentary]
قال الشارح: إن عني أبقراط بهذه الأورام والأوجاع ما يكون * سببها (106) دم أو مرة صفراء والنقرس الحار صح ما قاله إن أطلق PageVW0P087A جميع الأورام ولم * تخصص (107) به الأورام والأوجاع الحارة لم يكن هذا الكلام منتظما، والدليل على أنه أراد به الأورام الحارة والأوجاع الحارة لأنه لم يحصر. وقال جميع الأورام وإنما قال الأورام والأوجاع وهذه قضية مهملة والمهملة في قوة القضية الجزئية، فيكون قد تقدير الكلام بعض الأورام وبعض الأوجاع وتخصص بها الحارة وقوله من غير قرحة لئلا * ناقض (108) قوله البارد لذاع للقروح، * فلأجل (109) هذا احترز ولا شك أن صب الماء البارد على الأورام والأوجاع الحارة * جيدا (110) * فإنه (111) يسكن الألم وتقوي الأعضاء ويمنع من انصباب المواد إليها ويسكن، كما قال بإحداثه الخرد والخرد مسكن للوجع كما يشاهد في ألم الأسنان والأوجاع الفادحة بإعطاء المخدرات.
26
[aphorism]
قال أبقراط: الماء الذي يسخن سريعا * ويبرد (112) سريعا فهو أخف المياه.
[commentary]
قال الشارح: لما فرغ من ذكر منافع الماء ومضاره عرفنا أي المياه أجود وأصلح، فقال ما * يسخن (113) * ويبرد (114) سريعا فهو أخف المياه للطافته يكون قابلا لما يسخنه ويبرده لأن ألطف المياه أسرعها إجابة لما يرد عليها من التبريد والتسخين ولهذا يوجد أسرع انفعالا في الهواء لأنه ألطف من الماء، فالماء إذا حلى وما ويوجبه ولم يخالطه سبب من خارج وكان صافيا نقيا طيب الرائحة حسن اللون طيب الطعم كان أسرع إجابة لما يلاقيه PageVW0P087B وكان انحداره عن المعدة سريعا وبذرقته (؟) للغذاء جيدا وهضمه * صحيحا (115) وتأثيره في البدن * صالحا (116) ، ولما كان الماء من الأمور الضرورية * التي (117) لا * تسع (118) الحمى تركها وكان لا بد للإنسان منه والحاجة إليه داعية ذكره أبقراط ونبه على الفاضل منه وأفرد له فصلا.
27
[aphorism]
قال أبقراط: من ععته شهوة إلى شرب بالليل وكان عطشه شديدا فإنه إن نام بعد ذلك فذلك محمود.
[commentary]
قال الشارح: العطش أسبابه كثيرة، فينبغي أن يذكر من ينبغي أن * يمتنع (119) من شرب الماء ومن ينبغي أن يسقي. ويذكر أسبابه على التفصيل، فيقول العطش يعتبر بالصادق منه والكاذب إن وجد عطشا شديدا نام عليه * بغير (120) شرب، فالعطش كاذب وإن لم يقدر أن ينام، فالعطش صادق هذا الفرق بينهما. فإن كان كاذبا فترك الشرب أولى وإن لم يقدر أن ينام فالشرب أولى، وأسباب العطش قد يكون من حرارة المعدة ويبسها وقد تكون من أطعمة مالحة كثيرة وقد يكون من شراب فليل المزاج وقد يكون من أطعمة * تكثر (121) في المعدة فطلب ما * بذرقها (122) والعطش على ما حدره افتقار المعدة إلى البارد الرطب وهذا هو * الذي (123) من حر المعدة ويبسها وقد أطلقوا شرب الماء في جميع أصناف العطش ومنعوه من * العطش (124) الحادث من يبس المعدة لأجل PageVW0P088A إنطفاء الحار الغريزي وعدم طبخ الغذاء.
28
[aphorism]
قال أبقراط: التكميد بالأفاويه يجلب الدم الذي يجيء من النساء، وقد كان سينتفع به في مواضع أخر كثيرة لو لا أنه يحدث في الرأس ثقلا.
[commentary]
قال الشارح: انتقل أبقراط إلى الأمراض المختصة بالنساء. فقال التكميد * بالأفوايه (125) يجلب الدم الذي يجيء من * النساء (126) وسبب احتباسه إما كدورة الدم وغلظه أو غلظ الكيموسات اللزجة أو ضيق المجاري وانضمامها، فإذا عرض من بعض هذه الأسباب تكمد بالأفاويه الحارة كالميعة وسنبل الطيب والدارصيني وأقوى منه البابونج، فالكليل الملك فإن هذه تغلي على النار وتعهد عليها قمع نحاس وتجعل عند فرج المرأة ليرق ما غلظ ويحل ما انعكس وتكدر ويوسع المجاري. فأما إن كان احتباسه عن ورم أو سدة فلا ينفعه ذلك وقوله يحدث في الرأس ثقلا لتصاعد الأبخرة إلى الدماغ وتحلل الفضلات المحقنة فيه، فيحدث الثقل في الرأس.
29
[aphorism]
قال أبقراط: المرأة الحامل إن فصدت أسقطت وخاصة إن كان طفلها قد عظم.
[commentary]
قال الشارح: فصد الحامل يوجب إسقاطها لأن الجنين يغتذي من خلاصة PageVW1P055A * دم (127) أمه لأن الدم ينقسم ثلاث أقسام: قسم منه يصير لبنا وقسم صافي خلاصة الدم يغتذي به الجنين PageVW0P088B والردي * منه (128) ينزل إلى المشيمة. فإذا فصدت الحامل نقص غذاء الجنين وأعوزه الغذاء، فيطلب الخروج * لنفسه (129) وتدفعه الطبيعة. فإن كان قد عظم فتكون حاجته إلى الغذاء الكثير أمس فيسقط من عوز الغذاء.
30
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة حاملا فاعتراها بعض الأمراض الحادة فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: المرض الحاد يؤدي إلى الهلاك. ولهذا قال إن التقدم بالقضية في الأمراض الحادة بالموت كانت أو بالبرؤ * و (130) ليس تكون على غاية الثقة لسرعة تغير احواله. والحمل فهو مرض * وقوة (131) المرأة لا تحتمل مرضا واحدا، فكيف مرضين؟ وجه أخر * وهو (132) أن المرض الحاد الواجب فيه ترك الغذاء والحامل وجنينها محتاجان إلى الغذاء. فإن أعطيت الغذاء زاد في مادة المرض اشتغلت الطبيعة به عن مقاومة المرض وإن منعت أدى إلى سقوط قوتها وإسقاط الجنين.
31
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة تتقيأ دما فانبعث طمثها انقطع عنها ذلك القيء.
[commentary]
قال الشارح: هذا بسبب انعكاس * المادة (133) وانحدارها من فوق إلى أسفل، وكان غرض أبقراط أن ينبه على إخراج الدم إذا * جاء (134) من جهة * فيقطع (135) مصبة من جهة أخرى كالفصد والحجامة وما أشبهه.
32
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P089A إذا انقطع الطمث فالرعاف محمود.
[commentary]
قال الشارح: خروج دم الطمث من المرأة ينقي بدنها ويخفف ثقلها ويؤذن بصلاح مزاجها، فإذا انقطع عنها في وقت مجيها دل على ضرر ينالها. فإذا قويت الطبيعة دفعته بالرعاف أو ما شاكله.
33
[aphorism]
قال أبقراط: المرأة الحامل إن ألج عليها استطلاق البطن لم يؤمن عليها أن تسقط.
[commentary]
قال ذالشارح: خروج الجنين يكون لثلالة أمور، أما لضعف الرحم عن إمساكه أو بسبب كثرة الاختلاف لعوز العذاء أو بسبب الزخير لما يلحق المعاء المستقيم من الضرر، وكل واحد من هذه يوجب الإسقاط.
34
[aphorism]
قال أبقراط: إذا * كان (136) بالمرأة علة الارحام أو عسر ولادها وأصابها عطاس فذلك محمود.
[commentary]
قال الشارح: العطاس حركة مزعجة من الدماغ * سببه (137) كما ذكره أبقراط إذا أسخن الدماغ ورطب، PageVW1P055B فأنحدر الهواء الذي فيه فسمع * له (138) صوت * لأن (139) خروجه في موضع ضيق، ومزاج الدماغ بارد رطب فإذا سخن مع برد مزاجه الأصلي دل على قوة الحرارة الغريزية في البدن وقوة القوة، * فلو (140) لا أن الحرارة الغريزية قد كثرت لما سخن العضو الذي مزاجه الأصلي بارد إذا كثرت الحرارة الغريزية وقويت القوة دل على اندفاع المرض. وقوم فسروا قول PageVW0P089B أبقراط * بعلة (141) الارحام اختناق الرحم وقوم فسروه بالمشيمة وعسر خروجها وقوم فسروه بانصلاب الرحم * وهذه (142) . وقد زيف قول من فسره بالمشيمة لأنه قال إذا كان بالمرأة علة الارحام وجعل المرض في عضو من أعضاء الجسد والمشيمة خارجة من أعضاء الجسد فيبقي أن يكون وهو الصحيح اختناق الرحم والعطاس شاف له بوجهين: الوجه الأول ما ذكرناه، والثاني كونه حركة مزعجة يعين على برؤ المرض.
35
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان طمث المرأة متغير اللون ولم يكن مجيئه في وقته دائما دل ذلك على أن بدنها يحتاج إلى * تنقية (143) .
[commentary]
قال الشارح: الطمث إنما يتغير من قبل زيادة * بعض (144) الأخلاط الأربعة عليه، إما السوداء وإما البلغم وإما المرار وإما غلظ الدم وكدورته. وقال * تحتبس (145) يكون خروج الدم إن كان مائلا إلى السواد مع * خضرة (146) فهو سوداء، وإن كان مائلا إلى حمرة وغلظ فهو غلظ الدم، وإن كان الغالب عليه البياض فهو البلغم، وإن كان الغالب عليه الصفرة فهو المرار الأصفر، فإن كان الغالب عليه بعض هذه الثلاثة فينقي البدن بما يخرج ذلك الخلط الغالب، وإن كان من غلظ الدم وكدورته فيعالج بالتكميد بالافاوية كما ذكره آنفا في قوله التكميد بالافاوية يجلب الدم الذي يجيء من النساء.
36
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P090A إذا كانت المرأة حاملا فضمرت ثدياها بغتة فإنها تسقط.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول آنفا أن عند تولد الجنين ينقسم دم * الطمث (147) ثلاثة أقسام: فقسم منه يصير لبنا، وقسم منه هو خلاصته ويغتذي به الجنين في بطن أمه، وقسم منه وهو ارداه يصير إلى المشيمة. فإذا ضمرت ثديا الحامل بغتة دل على خلو العروق التي في الرحم وخلو العروق التي في الثديين وغور الدم لما بينهما من الاشتراك * فيقل (148) غذاء PageVW1P056A * الجنين (149) . فإن كان كثيرا طلب * الغذاء (150) * وخرج (151) لنفسه طلبا للغذاء، وإن كان صغيرا يسقط.
37
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة حاملا * فضمر (152) أحدي ثديها * كان (153) حملها توما فإنها تسقط أحد طفليها، * وإن (154) كان الضامر هو * الثدي (155) الأيمن أسقطت الذكر، وإن كان الضامر هو الأيسر أسقطت الأنثى.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل يوخذ شرحه من الفصل الذي قبله والعلة فيه قلة الدم وعوز الجنين الغذاء وبقي * هاهنا (156) فضل زيادة إن الذكر أسخن وأجف والأنثى أبرد وأرطب. ولما كان الذكر أقوى من الأنثى كان محله في الجانب الأقوى وهو الأيمن والأنثى لضعفها في الجانب الأيسر. فيكون سقوط أحدهما بضمور الثدي الذي من ناحية هذا إذا كان الحمل توما، فإن كان الحمل بواحد وضمر الأيمن كان السقوط بذكر وإن كان الضمر PageVW0P090B من الأيسر سقطت أنثى.
38
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة ليست بحامل ولم تكن ولدت ثم كان لها لبن فطمثها قد ارتفع.
[commentary]
قال الشارح: الدم الحاصل في الثديين عند صيرورته لبنا إذا لم * يكن (157) بسبب الحمل ولاغذاء لجنين كان ذلك دليلا على ارتفاع دم الطمث في العروق المشركة بين الرحم الثديين وخلو الرحم من دم الطمث.
39
[aphorism]
قال أبقراط: إذا تعقد للمرأة في ثديها دم دل ذلك من حالها على جنون.
[commentary]
قال الشارح:يعقد الدم في الثديين له سببان: أحدهما شدة الحرارة العاقدة والثاني كدورة الدم وغلظه. فلو كان غليظا بغير كدورة لا ذابته الحرارة وإنما * انعقاده (158) بسبب كدورته ومخالطته اجزاء أرضية، ومن * أجل (159) ذلك يصلب الثدي ويجسو فيتراقي منه إلى الدماغ أبخرة حارة غليظة يوجب اختلاط الذهن وافكارا رديئة، وقد نقل عن جالينوس أن الدم المنعقد في الاثداء لا يصير * لبنا (160) لشدة الحرارة وإنما الابخرة المتصاعدة منه يوجب الجنون والذي يحصل في الأثداء متعقد دما.
40
[aphorism]
قال أبقراط: إن أحببت أن تعلم هل المرأة حامل أم لا، فأسقيها إذا أرادت النوم ماء العسل فإن أصابها مغس في بطنها فهي حامل وإن لم يصبها مغس فليسب بحامل.
[commentary]
PageVW0P091A قال الشارح: قد عرفنا أبقراط علامة بها يتعرف حال المرأة هي حبلي أم لا وقيد PageVW1P056B في ذلك قيدين. فقال تسقي المرأة عند النوم ماء العسل ممزوجا على غير عشاء وذلك لأن المرأة عند الحمل ينضم فم الرحم إنضماما شديدا بحيث لا يدخل فيه شيء البتة. وقد قال ذلك أبقراط في فصل بعد هذا إن فم الرحم من المرأة * الحامل (161) يكون منضما، فإذا أنضم أنضمت معه الأمعاء وماء العسل يتولد منه * أرواحا (162) * فيتمدد (163) * ويمدد (164) ولا تجد منفسا فيحدث المغس. والقيدين الذي قيد أحدهما قوله على غير عشاء ليلا يحدث المغس من طعام يولد رياحا فتظن أنه من قبيل العسل و ويكون من قبل الطعام * المتناول (165) . وقوله عند النوم لأن طبخ الغذاء ونضجه * يكون (166) عند النوم أكثر وأبين، وثم علامة أخرى لم يذكرها.
41
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة حبلي بذكر كان لونها حسنا، * وإذا (167) كانت حبلي بأنثى كان لونها حائلا.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول بأن الذكر * أسخن (168) مزاجا من الأنثى وإن الدم الذي يغتذي به الذكر أشد حرارة من الدم الذي يغتذي به الأنثى لان الغذاء جزؤ من المغتدي والدم الكثير الصافي يعطي اللون حسنا وأشرافا وبريقا، والدم القليل الحرارة يعطي صفرة PageVW0P091B وكمودة ويتركه حائلا متغيرا. وقيل فيه وجه آخر وهو وجه ضعيف تركه خير من ذكره قال إن المرأة تعرف الحمل بالذكر وبالأنثى، وقالوا تعرف ذلك القوابل فتبشروها بالذكر فتفرح فتزداد حسنا بانتشار الحار الغريزي في بدنها.
42
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث بالمرأة * الحبلى (169) الورم الذي يدعى الحمرة في رحمها فذلك من علامات الموت.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول إن الحمل مرض فإذا انضاف إليه مرض آخر يتساعد مرضان على القوة الحمرة فهي من الأمراض الحادة جدا وهذا كان بمفردة للحامل والجنين.
43
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حملت المرأة * وهي (170) من الهزال على حال خارجة من الطبيعة فإنها تسقط قبل أن تسمن.
[commentary]
قال الشارح: المرأة إذا كانت ناقهة من مرض، فتكون * مهزولة (171) البدن ناحلة الجسد ثم حملت فتريد الطبيعة ترد على البدن * عوض (172) ما تحلل منه في مدة المرض، فالواصل إلى البدن لا يخلو إما إن يكون مساويا لما تحلل منه أو أزيد وأنقص. فإن كان مساويا يأخذه البدن باسرة ولا يبقي للجنين غذاء تغتذي به فيسقط. PageVW1P057A وإن كان أزيد يهضم على غير الاستواء * ويبقي (173) كلا على البدن لا تنتفع به الحامل ولا جنينها، وإن كان أنقص فتهلك المرأة والجنين وتسقط قبل أن * يستكمل (174) البدن ويأخذ حقه. PageVW0P092A
44
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
45
[aphorism]
قال أبقراط: متى كانت المرأة حاملا وبدنها معتدل * تسقط (175) في الشهر الثاني والثالث بغير سبب بين فنقر الرحم منها مملوه مخاطا * ولا (176) يقدر على ضبط الطفل لنقله لكنه ينتهك منها.
[commentary]
قال الشارح: إذا كانت المرأة وبدنها على حال من الاعتدال بين السمن والقضافة * وتسقط (177) في الشهر الثاني والثالث من غير سبب يوجب الاسقاط، فيدل على أن * في (178) نقر الرحم منها كيموسات غليظة لزجة شبيه المخاط يزلق بها الجنين عند ثقله عليها فلا يقدر على إمساكه فيندفع عنها بسرعة. وفي بدئ الأمر كانت قادرة على إمساكه لأنه لم تثقلها فمسكة القوة الماسكة، فلما نقل عجزت عن إمساكه.
46
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة على حال خارجة عن الطبيعة من السمن فلم تحبل فإن الغشاء الباطن من غشائي البطن الذي * يسمى (179) الثرب يزحم فم الرحم منها وليس تحبل دون أن تهزل.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل شرحه فيه ظاهر. قال * الإمرأة (180) المفرطة في العبالة التي جسمها مملوؤ من الشحم واللحم لا تحبل إن لم يضمر بدنها لأن الثرب يزحم فم الرحم * منها (181) ، وأيضا إن كثرة الشحم وسمن الافخاذ لا يترك الاحليل يصل إلى موضع يزرق المني إليه فلا تقع * المني (182) في مستقرة PageVW0P092B فلم يتولد عند ذلك الجنين. ووجه آخر وهو أن الغذاء الوارد على البدن لم يفضل عند بعد أخذ الأعضاء غذائها وكفاتها لن يعضل عنه غذاء الجنين يتولد ويقل الخرج من الهضم الأول بل الدخل يكون على مقدار الخرج.
47
[aphorism]
قال أبقراط: متى تقيح الرحم حيث يستبطن الورك وجب ضرورة أن يحتاج إلى الفتل.
[commentary]
قال الشارح: عرض أبقراط أن يعرفنا أن هذا المرض ليس له دواء سوى الفتل لأن الورم إذا تقيح حتى يستبطن * الورك (183) لا يخلو * تقيح (184) إن ينفجر إلى داخل أو إلى خارج وكلامهما لا يصلان إليه إلا بالفتل، وكان عرضه أن يزيل طمع من يظن أن له علاجا غير هذا.
48
[aphorism]
قال أبقراط: ما كان من الأطفال ذكرا فأحرى أن يكون تولده في الجانب الأيمن، وما كان أنثى ففي الجانب الأيسر.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدر أن الذكر أسخن مزاجا من الأنثى والأنثى أبرد مزاجا من الذكر وإن الجانب PageVW1P057B الأيمن أسخن من الجانب الأيسر لمجاورته للكبد، وإن الدم المنبعث إلى الجانب الأيمن يأتي من الأجوف الشريان والشريان من الشريان الممتد على الصلب. فيكون الدم والروح * الصائران (185) منهما أنقى وأسخن والجانب الأيسر ليس كذلك، والعرق والشريان اللذان يأتيان إلى الجانب الأيسر PageVW0P093A يتشعبان من العرق والشريان الصائران إلى الكلية اليسرى، فلذلك هي أبرد وأرطب. وقد ذكروا أنه ربما وقع المني من الخصوة اليمني في الجانب الأيسر فيكون مؤنثا وربما وقع من الخصوة اليسري في الجانب الأيمن فيكون مذكرا، إلا أنهما يكون ناقصان عن الذكورية والانوثية * فلا (186) تكون خلفهما تماما فيميل الذكر منهما إلى الانوثية ويميل منهما الأنثى إلى الذكورية وقد شوهد مثل ذلك كثيرا.
49
[aphorism]
قال أبقراط: إذا أردت أن تسقط المشيمة فأدخل في الأنف دواء معطسا وأمسك المنخرين والفم.
[commentary]
قال الشارح: حركة العطاس حركة مزعجة فعند استنشاق الانسان الهواء وحبس النفس ومسك المنخرين والفم يتحبس النفس ويضغط * بقوة (187) الضغط، واحتباس النفس يقوي القوة الدافعة بازدحام النفس وقوة الضغط يندفع المشيمة، وهذه خروجها يكون بعد خروج الولد ويسمى اللاحقة. فإن بقيت ولم يخرج آل أمر الحامل إلى الهلاك فلهذا * عرفنا (188) أبقراط حيلة في خروجها.
50
[aphorism]
قال أبقراط: إذا أردت أن تحبس طمث المرأة فألق عند كل واحد من ثديها ممجمة من أعظم ما يكون.
[commentary]
قال الشارح: إذا كثر طمث المرأة وزاد PageVW0P093B في خروجه ودفقه وأردنا قطعه تجتذب المادة من أسفل إلى فوق بوضع المحاجم بين الثديين لما بين والثديين * والرحم (189) * من (190) المشاركة وأمر أن يكون المحجمة من أعظم ما يكون ليقوي الجذب ويكون جذبا عنيفا فينقطع بذلك الدم.
51
[aphorism]
قال أبقراط: إن فم الرحم من المرأة الحامل يكون منضما.
[commentary]
قال الشارح: عند وقوع الزرع في الرحم يشتمل عليه بكليته من جميع النواحي * اشتمالا (191) * بحيث (192) لا يمكن أن يدخل فيه رأس ميل لتستقر المني في موضعه وتتصرف فيه القوة المولدة والقوة الغاذية النامية والمصورة لطفا من البارئ جل جلالة لتقع التكون ولا يبطل الوجود. فإذا جائت القابلة ورأت فم الرحم منضما من غير ورم جاسي ولا سدة عرفت أن المرأة حامل وهذه العلامة في تصحيح الحبل خير من أعطائها ماء العسل PageVW1P058A * في (193) الفصل المتقدم.
52
[aphorism]
قال أبقراط: إذا جرى اللبن من * ثدي (194) الحبلي دل * ذلك (195) على ضعف من طفلها، ومتى كان الثديان مكتنزين دل * ذلك (196) على أن الطفل أصح.
[commentary]
قال الشارح: هذه علامة يستدل بها على قوة الجنين وضعفه لأن متى سال اللبن من ثدي المرأة الحامل دل على أن الجنين * لم (197) يأخذ من الغذاء * كافية (198) فيوفر اللبن على الثديين PageVW0P094A ويسيل منها. فلو كان الجنين قويا لأخذ * من (199) الغذاء ما لا يفضل عنه منه شيء اللهم إلا أن يكون دم الحامل كثيرا غريزا فيأخذ الطفل منه كفايته ويفضل ذلك بعد كفايته.
53
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان حال المرأة يؤول إلى أن تسقط، فإن ثديها تضمران. فإن كان الأمر على خلاف ذلك، أعني إن * كان (200) ثديانها صلبين، فإنه يصيبها وجع في الثديين * أو (201) في العينين * أو (202) * في (203) * الركبين (204) ولا تسقط.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول منه في الفصل المتقدم أنه متى ضمر الثديان دل على الإسقاط، * وههنا (205) ذكر ذلك لكن بوجه آخر زيادة على ذلك. فأخبر أن ضمور الثدي ينذر بإسقاط الولد كما يقدم، * وههنا (206) ذكره على وجه * آخر (207) ابتاع السقط ضمر الثديين، وذكر أنه لم تضمر الثديان قبل * (208) السقط فلا بد من أن تضمر إذا أسقطت فصار ضمور الثديين قبل الإسقاط منذر * بالإسقاط (209) ، وبعده يتبع الإسقاط فذكر ذلك تحقيقا وإن ضمور الثديين يكون قبل الإسقاط وبعده للمشاركة التي بين الرحم والثديين. وكما * ذكر (210) * سقوط (211) الجنين يكون من سببين: أحدهما من قلة الدم فيعوز الجنين الغذاء فيطلب الخروج كما ذكر آنفا، والسبب الآخر من أسباب توجب السقط كصيحة أو وثبة أو خوف PageVW0P094B أو شم رائحة، وهذان لا بد لهما من ضمور الثديين. وقوله فإن كان الأمر على خلاف ذلك، يعني لم يضمر أو كانا صلبين، فإنه يدل على كثرة الدم، هذا إن كانت الصلابة خارجة عن المجرى الطبيعي، فإن كثرة الدم تدفعه الطبيعة إلى المواضع التي عددها، فإن كان دفعها إلى فوق كان وجع في العين، وإن كان إلى أسفل كان الوجع في الوركين والركبتين، وإن * كان (212) في الوسط كان في الثديين ولا يقع الإسقاط.
54
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان فم الرحم صلبا * فيجب (213) ضرورة أن يكون منضما.
[commentary]
قال الشارح: أسباب الإنضمام يكون * إما (214) لشدة القوة الماسكة، وإما لضعف القوة * الدافعة (215) ، وإما لغلبة * البرد (216) ، وإما لغلبة القبض، وإما لغلبة اليبس، وإما لسبب تضاغط يعرض في PageVW1P058B ذلك الموضع مثل ما يعرض الوتاق بالشد، وإما لأفة تدخل على شكل العضو، وإما لورم يحدث فيه، وهذه لا يكون معها حبل. وينبغي أن يعالج بما يسخن ويرطب هذا إذا كان الانضمام من برد ويبس حتى يرد إلى مزاجه الطبيعي، وإن كان * من (217) خراج أو ورم فإذا نضج الورم * أو (218) تقيح الخراج زال ذلك الانضمام، وأما انضمامه من غير صلابة فإنه ينعكسان كما قيل طردا * وعكسا. (219)
55
[aphorism]
قال أبقراط: إذا عرضت PageVW0P095A الحمى لإمرأة حامل وسخنت سخونة قوية من غير سبب ظاهر فإن ولادتها تكون بعسر وخطر أو تسقط فتكون على خطر.
[commentary]
قال الشارح: قد قيل فيما سلف إن الحمى * والحمل (220) مرضان يتعاقبان على البدن، فإن كان ذلك * من (221) سبب ظاهر هانت العلة لعلمنا بالسبب الموجب لها، * فإن (222) كان من غير سبب ظاهر فيكون إما من فساد الكيموسات التي في * داخل (223) البدن أو كثرتها، وكلاهما لا يتمكن من علاجهما بسبب الحمل فيكون حينئذ الولادة والإسقاط فيهما مخطرين غاية الخطر.
56
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث بعد سيلان الطمث تشنج أو غشي * فذلك (224) رديء."
[commentary]
قال الشارح: كثرة سيلان الطمث وطول زمان مدته يسمي نزفا فهذا إذا صار نزفا وكثر مجيء الدم فبسبب كثرة خروجه يضعف الروح * الحيواني (225) ويكثر تحلله فيتبعه الغشي، وبسبب نقص الرطوبة يستولي اليبس على البدن فحدث التشنج. وهذان مهلكان من أردى العلامات.
57
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان الطمث أزيد مما ينبغي عرضت من ذلك أمراض، وإذا لم ينحدر * الطمث (226) * حدث (227) من ذلك أمراض من قبل الرحم.
[commentary]
قال الشارح: الطمث لا يخلو من أن يكون خروجه أزيد مما ينبغي أو ينقطع ولا ينحدر، فإن كان أزيد مما ينبغي عرضت PageVW0P095B من ذلك أمراض تعم البدن. وزيادة الطمث تكون من أسباب كثيرة، إما من رقة الدم وسخونته، وإما من انفتاح أفواه العروق، * وإما (228) من سوء مزاج يعم البدن. فيحصل للبدن بسبب خروج الدم أن يستولي عليه البرد * واليبس (229) وينقص الحار الغريزي، وهذه تتبعها أمراض مخصوصة وارتفاع الطمث يعرض عنه أمراض تخص الرحم دون البدن، وأسباب ارتفاعه نعينها كما عينا كثرة سيلانه ويكون من * أسباب (230) إما لسدة أو لورم أو غلظ الدم وكدورته أو لبرده. وبرده يكون من مخالطته خلطا * باردا (231) * فيسيء (232) مزاجه في نفسه. وأي هذه وجز فإنه يحدث في الرحم آفات PageVW1P059A إما * ورما (233) حارا أو صلابة أو * سرطانا (234) . فإذا حدثت هذه الأمراض واستحكمت لحق ضررها بالبدن وعم الجميع فلهذا قال حدثت من ذلك أمراض من قبل الرحم.
58
[aphorism]
قال أبقراط: إذا عرض في طرف البدن أو في الرحم تبع ذلك تقطير البول، وكذلك إذا تقيحت الكلى تبع ذلك تقطير البول، وإذا حدث في الكبد ورم تبع ذلك فواق.
[commentary]
قال الشارح: أسباب تقطير البول معروفة معدودة لأنه يكون من حرارة عظيمة يلذع لذعا متابعا ويكون من قبل انسداد فم المثانة ويكون من برد يعرض من خارج. ولم يقصد أبقراط شيئا من هذه الأسباب لأنها أسباب معروفة PageVW0P096A مشهورة، وإنما أراد أن يذكر شيئا آخر أراد به الورم الضاغط المانع من خروج البول بسبب * سده (235) لفم المثانة فيتسدها إذا كان في طرف الدبر. وإن كان في الرحم دفع السدم الورم إلى المثانة فضغط مجري البول فحصل التقطير. وإن قيحت الكلى اندفع منها بعض القيح فأحد مجري المثانة. وإن كانت أزيد مما يجب حبست البول بالكلية، وأما الفواق التابع لورم الكبد فيكون لسببين: أحدهما ورم * يثقل (236) الكبد * ويضغط (237) المعدة فضاق النفس وهاج الفواق، والسبب الآخر * كما (238) قالوا * خريع؟؟؟ (239) الثقل المجتمع فيورم الكبد ويصعد إلى رأس المعدة فينال ضرره المري وبلذعه وقبضه * فهاج (240) الفواق.
59
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كانت المرأة لا تحبل فأردت أن تعلم هل تحبل أم لا فغطها بثياب ثم تحر تبخر تحتها فإن رأيت * أن (241) رائحة البخور تنفذ في بدنها حتى تصل إلى منخريها * وفمها (242) فأعلم أنه ليس سبب تعذر الحمل من قبلها.
[commentary]
قال الشارح: هذه العلامة عرفنا بها أبقراط هل منع * الحمل (243) من المرأة أو من الرجل، وقال في فصل يأتي بعد هذا متى كان رحم المرأة باردا متكاثفا لم تحبل، ومتى كان أيضا رطبا * جدا (244) لم يحبل لأن رطوبته تغمر المني وتخمده وتطفيه، ومتى كان أيضا أجف مما ينبغي أو كان PageVW0P096B حارا محرقا تحبل لأن المني يعدم * الغذاء (245) فيفسد، ومتى كان مزاج الرحم معتدلا بين الحالين كانت المرأة كثيرة الولد. فقال متى أردت أن تعلم هل عدم الحبل من المرأة فبخر تحتها وغطها تغطية لايخرج من رائحة البخور شيء أصلا فإن وصلت رائحة البخور ونفذت في جميع بدنها حتى تصل إلى منخريها وفمها، فأعلم أنه ليس سبب تعذر الحمل PageVW1P059B من قبلها، وذلك أنه لو كان الرحم باردا متكاثفا لما نفذت رائحة البخور إلى الفم والمنخرين، ولو كان رطبا جدا أيضا لما نفذت رائحة * البخور (246) لأن الرطوبة تسدد المنافذ بغلظها ولزوجتها، ولو كان يابسا شديدا الجفاف لما نفذت * أيضا (247) لأن * اليبس (248) يجمع ويلزم ويكثف، ولو كان حارا محترقا لافتنذ رائحة البخور وغيرها فدل على أن مزاجه معتدل، وإذا كان معتدلا كانت المرأة كثيرة الولد كما تقدم وليكن صورة * التبخير (249) بقمع وليكن البخوران كالكندي والميعة لتنفذ رائحتها سريعا، ولو كان في الرحم ورم أو * سدة (250) لما نفذت رائحة البخور، فنفوذ البخور علامة تدل على أن المرأة ليس بعاقر.
60
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان طمث المرأة * الحامل (251) يجري في أوقاته فليس يمكن أن يكون طفلها صحيحا.
[commentary]
قال الشارح: إذا كان الطمث يجري من المرأة الحامل في أوقاتها المعتادة فيدل على أمرين: أحدهما * مرض (252) الجنين وأنه ليس بصحيح، وذلك لانه لا يتناول من PageVW0P097A الغذاء ما يكفيه لأفة حدثت به فيفضل عنه الدم فيخرج في اوقاته ويدل على صحة مزاج الحامل وكثرة دمها فيأخذ الجنين مستحقه من الغذاء ويفضل عنه فيخرج بالطمث.
61
[aphorism]
قال أبقراط: إذا لم * يجر (253) طمث المرأة في أوقاته ولم * يحدث (254) بها قشعريرة ولا حمى ولكن عرض لها كرب وغثي وخبث نفس فأعلم أنها قد علقت.
[commentary]
قال الشارح: قد بنه أبقراط في هذا الفصل على حمل الإمرأة، فقال علامة تستدل بها على الحمل وعدمه، فقال * إذا (255) لم * يجر (256) طمث المرأة في أوقاته وعرض لها غثي وكرب وخبث * نفس (257) من غير مرض نالها فذلك دليل على حملها، والرحم أمر يعرض للحامل في مبتدأ حملها من الشهر الثاني إلى الثالث، وسببه بخارات * تصاعد (258) إلى الفم من المعدة لأجل احتباس الطمث."
62
[aphorism]
قال أبقراط: متى كان رحم المرأة باردا متكانفا لم تحبل، ومتى كان أيضا رطبا جدا لم تحبل، لأن رطوبته تغمر المني وتخمده وتطفئه. ومتى كان * أيضا (259) أجف مما ينبغي أو كان حارا محرقا لم تحبل لأن المني يعدم الغذاء فيفسد. ومتى كان مزاج الرحم معتدلا بين الحالتين كانت المرأة كثيرة الولد.
[commentary]
قال الشارح: كانت العادة من * زمان (260) أفلاطن أن * يعتبروا (261) أحوال النساء وأحوال * الرجال (262) لينظروا في * سبب (263) العاقر والعقم * (264) ويزوجون PageVW0P097B الكثيرين الولادة للرجال PageVW1P060A * الكثيرين (265) الولد والعاقر * للعقم (266) ، وكان عرضهم بذلك بقاء النسل لأجل الملوك وحفظ دولهم. فلما جاء أبقراط ذكر أسباب منع الحبل في المرأة وأسباب العقم للرجل ليحذون في ذلك حذوة/حذوه الاسباب الموجبة في العاقر هي الأسباب الموجبة أيضا في * العقم (267) للرجل. وذكر ذلك فقال إن الرحم إذا كان مزاجها * يابسا (268) يفسد ما يرد عليها من مادة البذر ولا تولد فيها شيء هذا إذا * كانت (269) خارجة عن الاعتدال خروجا كثيرا. فإن المرأة إذا كانت عاقرا بسبب برد مزاج الرحم بردا * مفرطا (270) كان متكاثفا وكانت العروق التي في الرحم ضيقة جدا عادمة للحرارة الغريزية، فلا يجري فيها شيء يغتذيه * ويمتنع (271) الجنين من الغذاء. وإن جري فيها شيء فيكون نزرا قليلا لا يقوم بغذاء الجنين لضيقها وتكاثفها وصلابتها. وإذا كانت العروق التي هذه حالها بهذه * صفة (272) كان الدم الجاري فيها قريبا إلى المائية رقيقا جدا * باردا (273) ، فإذا وقع مني الرجل في رحم هذه حاله برده وأخمده، ومتى كان رطبا جدا فإن رطوبته تغمر المني وتخمده وتطفئه وتبطل القوة التوليدية فيه كما يعرض للأرض النزة إذا أوقع فيها البذار. ومتى كان يابسا كان حاله كحال البذر الذي يقع في الأرض السبخة التي لا تزكوا فيها البذر. ومتى كان حارا محرقا كان حاله كحال البذر الذي يقع في الأرض الشديدة الحرارة، ولهذا لاي يزرع في فصل الصيف وخاصة عند PageVW0P098A طلوع النجم المعروف بالشعري العبور لشدة الحرارة ولا عند * طلوعها (274) . وهذه الأسباب في العاقر هي الأسباب في * العقم (275) . فإن المني متى كان أحر مما ينبغي مفرط الحرارة كان منزلة الشيء المحرق شديد الجفاف، وإن كان المني مفرط البرودة كان عادما للنضج الكامل فلا ينجب. وكذلك متى كان مفرط الرطوبة لم يتمكن فيه أن يتولد عند وقوعه في الرحم. وبالجملة فأسباب العقر والعقم البرد المفرط المجاوز للاعتدال، ولهذا صارت البغلة لا تولد لبرد مزاجها، وربما أقتنت ذلك من الحمار المواقع لها. وقالوا إن البغلة لا تعيش في البلاد الشمالية الموغلة في الشمال، وربما يعيش الذكر لأنه يسخن مزاجا منها.
63
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
64
[aphorism]
قال أبقراط: اللبن لأصحاب الصداع رديء وهو ايضا للمحمومين رديء ولمن كانت المواضع التي دون الشراسيف منه مشرفة وفيها قراقر ولمن به عطش ولمن الغالب على برازه المرار ولمن هو في حمى حادة ولمن اختلف دما كثيرا، وينفع أصحاب السل PageVW1P060B إذا لم تكن بهم حمى شديدة جدا ولأصحاب الحمى الطويلة الضعيفة إذا لم يكن معها شيء مما تقدمنا بوصفه وكانت أبدانهم تذوب على غير ما توجبه العلة.
[commentary]
قال الشارح: اللبن مختلف الأجزاء فيه مائية وجنية ودكية مما يضر به لأصحاب الصداع فأنه سريع الاستحالة إلى أي خلظ صادف في المعدة، وأما مضرته المحمومين PageVW0P098B فلكثرة استحالته وعفنه، وأما لمن كانت المواضع التي دون الشراسيف منه مشرفة وفيها قراقر، * فإن (276) ذلك يكون من احتقان ريح فيها واللبن يزيد في الأرواح وأضراره لمن به عطش لسرعة استحالته إلى المرار. وكذلك لمن الغابل على * برازه (277) المرار ولمن هو في حمى حادة أيضا لسرعة استحالته وانقلابه إلى الكيموس المولد لها ولمن اختلف دما كثيرا لأن صاحب الاختلاف تضعف قوته، فإذا سقي اللبن استحال إلى خلط صفراوي مولد * للمرار (278) فيكثر ويسحج. * (279) وإذا كان اللبن في الأصحاء في الأبدان * الذي (280) لا يذم من صحتها شيء رديء، فبالحرى أن يكون في الأبدان المسقامة رديء، ولمن به هذه الأمراض وأما نفعه لأصحاب السل فإنه متق للقرحة جال لها مرطب للأبدان مقلل لليبوسة.
65
[aphorism]
قال أبقراط: من حدثت به قرحة وأصابه بسببها انتفاخ فليس يكاد يصيبه تشنج ولا جنون، فإن غاب ذلك الانتفاخ دفعة ثم كانت القرحة من خلف عرض له * تشنج (281) أو تمدد، وإن كانت القرحة من قدام عرض له * جنون (282) أو وجع حاد فى الجنب أو تقيح أو اختلاف دم إن كان ذلك الانتفاخ أحمر.
[commentary]
قال الشارح: غرض أبقراط أن يعرفنا أن * القروح (283) متى تبعها ورم، فليس يكاد أن يكون معها تشنج ولا * جنون (284) PageVW0P099A لأن الورم يكون من كيموس ينصب، فإذا اندفع إلى ظاهر * الجسد (285) مع الحدة نقي الباطن، فإن غاب ذلك الورم بغتة لا يخلو إما أن كان الورم من خلف أو من قدام فإن كان الورم من خلف عرض له تشنج أو تمدد لكنه لحق بالعصب، فشنجه أو مدده وإن كانت من قدام أحدث الجنون ووجع الجنب ووجع الجنب مرضا حادا. فإذا دام قيح وإن مال إلى ناحية البطن أحدث اختلاف الدم وخصوصا، إن كان الانفتاخ أحمر لأنه يكون عن مواد حادة. وقد أخذوا على أبقراط في قوله وإن كان الورم من قدام وغاب دفعة لميله لحق القلب، فإذا مال ذهب العقل من القلب كان كلاما غير * منتظم (286) ولم يرد به إلا ميله من قدام لحق الدماغ لأن العقل في الدماغ لأن فيه القوى النفسانية. فنقول * إذا (287) غاب الورم من قدام دفعة اندفع إلى بعض الأعضاء الرئيسة، فإن مال نحو * الدماغ (288) حدث ذهاب العقل وإن مال إلى الصدر حدث وجع الجنب. فإذا دام * تقيح (289) وإن مال إلى المعاء حدث أختلاف الدم خصوصا إن كان الورم أحمر لأنه يكون عن * دم (290) PageVW1P061A حاد.
66
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدثت PageVW0P099B خراجات عظيمة خبيثة ثم لم يظهر معها ورم فالبلية عظيمة.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل عكس الفصل * المتقدم (291) لأن الأول قال يظهر فيه ورم وهذا قال لا يظهر فيه ورم، وأراد بذلك أن المادة إذا لم تظهر مع الخراج يكون قد مالت إلى داخل البدن وأعفاجه وربما مالت إلى بعض الأعضاء الرئيسية، فيكون من ذلك ضرر عظيم خصوصا إذا كانت المادة خبيثة.
67
[aphorism]
قال أبقراط: الأورام الرخوة محمودة واللينة مذمومة.
[commentary]
قال الشارح: هذه علامة يفرق بها بين الأورام الجيدة والرديئة. فإن الأورام الصلبة رديئة لأن سببها مواد غليظة رديئة عسرة التحلل بطيئة النضج تطول مدة زمانها، وهي التي عني بقوله النيئة والرخيوة هي اللينة التي لا تدافع اليد بالجس وسببها مواد سهلة التحلل سريعة النضج.
68
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه وجع في مؤخر رأسه فقطع له العرق الذي في جبهته انتفع بقطعه.
[commentary]
قال الشارح: متى كانت المادة قد انقطع مصبها فلتؤخد من نفس العضو ومتى لم ينقطع مصبها تؤخذ من موضع يخالف للعضو. فإذا كان الوجع في مؤخر الراس تقبل المادة إلى قدام ويفصد العرق الذي في الجبهة ويجذبها إلى قدام فينتفع بذلك.
69
[aphorism]
قال أبقراط: إن النافض أكثر ما يبتدئ في النساء من أسفل الصلب PageVW0P100A ثم يتراقي في الظهر إلى الرأس وهي أيضا في الرجال تبتدئ من خلف أكثر مما تبتذئ من * قدام (292) مثل ما * قد (293) يبتدئ من الساعدين والفخذين، والجلد أيضا في مقدم البدن متخلخل ويدل على ذلك الشعر.
[commentary]
قال أبقراط: النافض رعدة تلحق الإنسان من أسفل صلبه بشدة برد ظهره * لحلول (294) النخاع فيه ثم يتراقي إلى الرأس عند اشتداده هذا في النساء لبرد أمزجتهن ولأن ظهورهن أبرد من ظهور الرجال، وفي الرجال يبتدئ من خلف في الأكثر لأن مؤخر الرجال أبرد من مقدمهم والدليل كثرة الشعر في مقدمه وقلته في مؤخره ويبتدئ من الساعدين والفخذين لبردهما والدليل عليه ظهور الشعر في الحار واختفائه في البارد.
70
[aphorism]
قال أبقراط: من اعترته الربع فليس يكاد يعتريه التشنج، وإن اعترته التشنج قبل الربع ثم حدث الربع سكن التشنج.
[commentary]
قال الشارح: الربع يكون من عفونة الخلط السوداوي أو من احتراق بعض الأخلاط وانقلابها إلى السوداء. والتشنج يكون من خلط غليظ بلغمي لزج يرسخ في الأعصاب. فإذا PageVW1P061B حدث * حمى (295) * الربع (296) استولي اليبس على بدنه وأضعفته وانهكه، فلم يبق فيه خلط غليظ يوجب PageVW0P100B التشنج، وإن اعتراه التشنج قبل حدوث حمى الربع سكن التشنج لأن حمى الربع بعفنها يحدث النافض وبحرارتها تحل الخلط البلغمي. فإذا وردت حلت التشنج بما تحدثه من الحرارة العفينة وهذا التشنج الذي عناه أبقراط هو التشنج الامتلائي.
71
[aphorism]
قال أبقراط: من كان جلده متمددا قحلا صلبا فهو يموت من غير عرق، ومن كان جلده رخوا متخلخلا فهو يموت مع عرق.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل فيه علامة من يموت بعرق وبغير عرق. * فمن (297) كان جلده متمددا قحلا صلبا ثخينا فإن العرق لا يخرج منه فيموت بغير عرق. ومن كان جلده رخوا سخيفا متخلخلا، فهو يموت بعرق لسعة مسامه وافتاحها ورقة مواده ونضجها.
72
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به اليرقان فليس تكاد تتولد فيه الرياح.
[commentary]
قال الشارح: الرياح تكون من رطوبات تتحلل وتنفس واليرقان هو انتشار الخلط الصفراوي في * البدن (298) وغزارته، فتمتلئ به المرارة وتعود على الكبد، * فتصفي (299) لونها وتقلبه من الحمرة إلى الصفرة وتغير طعمه وتقلبه من الحلاوة إلى المرارة. ولهذا قال لا تكاد تتولد فيه الرياح لأن الخلط الصفراوي يذيب الأرواح ويفششها PageVW0P101A وتحللها بشدة حرارته فلا تترك الأرواح تتولد ولا تترك لها بقاء ولا طول لبث.
PARATEXT|
تمت المقالة الخامسة وهي أحد وسبعون * فصلا (300) .
Page inconnue
بسم الله الرحمن الرحيم
[المقالة السادسة]
1
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا حدث الجشاء الحامض في العلة التي يقال لها زلق الأمعاء بعد تطاولها ولم يكن كان قبل ذلك فهي علامة محمودة."
[commentary]
قال الشارح : "زلق الأمعاء هو أن يخرج ما يتناوله الإنسان كما أكله ولم يتغير ويحدث من أسباب كثيرة قد عددناها في أول الشرح ولم يكن للطعام في المعدة طول لبث لسرعة خروجه للذعة لفم المعدة. فإذا حصل الجشاء الحامض دل على طول مكث الطعام فيها فيندر ببرئ. وأما حموضته فلما نال المعدة من الضعف يمكث ويعجز عن هضمه فيتغير، وهذا مندر بالبرئ من علة زلق الامعاء."
2
[aphorism]
قال أبقراط:"من كان في منخريه بالطبع رطوبة أزيد وكان منيه أرق فإن صحته أقرب إلى السقم ومن كان الأمر فيه على ضد ذلك فإنه أصح بدنا."
[commentary]
قال الشارح: "اليبس أشد وثاقا وتمكنا من الرطوبة. * ودليله (1) قول أبقراط في الفصل المتقدم وبالجملة قلة المطر أصح من كثرة المطر PageVW0P101B وأقل موتا. فإذا كان المنخران بهما رطوبة أزيد وكان المني أرق دل ذلك على ضعف الدماغ، ومتى ضعف الدماغ ضعف جميع الجسد لأن الأطباء يسمون الدماغ سقف الجسد * ومنهم (2) من سماه صومعة الحواس وجماعة منهم أجمعوا * الرأي (3) أنه العضو الرئيس الذي * يشار (4) إليه بخلاف القلب ولم يخالفهم في * هذا (5) الاعتقاد سوى كبير الفلاسفة ارسطاطاليس، فإنه جعله القلب. ومتى كان العضو الرئيس سليما فالجسد جميعه سليم ومتى كان سقيما كان الجسد جميعه سقيما. ومتى كان المنخران قليلي الرطوبة والمني غزير منعقد غير رقيق دل على صحة الدماغ وسلامته ويتبعه سلامة الجسد * جميعة (6) ."
3
[aphorism]
قال أبقراط: "الامتناع من الطعام في إختلاف الدم المزمن دليل رديء وهو مع الحمى أردى."
[commentary]
قال الشارح: "الإختلاف الكثير ما * يحدث (7) من المرار الصفراوي * أو (8) حدة الدم. فإذا طال قرح المعدة والأمعاء وانهك القوة وأضعف البدن. فإذا عرض مع ذلك حمى كان أكثر ردأة وأشد فإن الحمى يبس الرطوبات الأصلية بحرارتها ويبسها وكذلك الاختلاف. فإذا فنيت الرطوبة الأصلية واستولى الضعف وانحطت القوة ويتبع ذلك التحليل وبطلت الشهوة وبطلانها دليل على ضعف الكبد والمعدة والقوى PageVW0P102A الطبيعية فهذه علائم يتبعها الموت وألله * أعلم (9) ."
4
[aphorism]
قال أبقراط: "ما كان من القروح ينتثر ويتساقط ما حوله فهو خبيث."
[commentary]
قال الشارح: "متى تناثر ما حول القرحة وتساقط من الشعر دل على ردأه ما تحتها من الدم الفاسد وحدثه ولدعه وتقريحه وحر وقد وسوء مزاج القرحة في نفسها؟ PageVW1P064 ويؤول أمر ذلك في الأكثر إلى الأكل فإن القرحة لا تجيب إلى الإندمال لردأة ما تحتها من الدم الفساد وكلما جرى إليها زاد في تقريحها وأبعد اندمالها فوغلت في * عمق (10) البدن وعسر برؤها وصارت أكلة وهذا شر خبيث * رديء (11) ."
5
[aphorism]
قال أبقراط: "ينبغي أن يتفقد من الأوجاع العارضة في الإضلاع ومقدم الصدر وسائر الاعضاء عظم اختلاف * فيها (12) ."
[commentary]
قال الشارح: "أسباب الوجع ينبغي أن تنظر فيها من عظم حجم الورم الحادث في العضو وصغره. فإنه إن أخذ من العضو مقدار أكثر كان الوجع أعظم. وإن أخذ منه مقدارا أصغر كان الوجع أنقص وتختبر ذلك أيضا من نفس العضو الحادث. فإنه إن كان في عضو رئيس كان الوجع مخطرا لشرف نفس العضو. وإن كان في عضوا عصبانيا كان الألم قادحا، وإن كان في جوهر اللحم كان متفرقا, وإن كان في PageVW0P102B الصفاق كان الألم الحادث عنه فاحشا. وينضر أيضا في الكيموس المولد للوجع، فإن كان صفراويا كان حادا لذاعا، وإن كان عن دم تضرب عليه العروق،وإن كان من بلغم كان يحس فيه بالنقل، وإن كان عن سوداء كان يحس * فيه (13) بتكسر العظام. فلأجل ذلك قال أبقراط أنه متى لم يعرف الوجع والخلط المولد له لا يعرف كيف إزالته."
6
[aphorism]
قال أبقراط: "العلل التي تكون في الكلى والمثانة يعسر برؤها في المشائخ."
[commentary]
قال الشارح: "الجروح والقروح التي تعرض في الكلى والمثانة تكون عسرة البرئ وخصوصا في المتكهلين والمشائخ لأن التحامهما تحتاج إلا سكون ويبس قليل وهذان العضوان يغرقهما البول ولا يزال جاريا فيهما. أما المثانة فهو عضو عصباني قليل الدم جلد ضعيف فإذا أحصل فيه * قرح (14) أو جرح لا يسرع إليه الإندمال والكلى، وإن كان عضوا لحمانيا فإن القرحة والجرح لا تكون في نفسهما بل في صفاقا تها. وإذا اجتمع برد السن مع برد المثانة وصفاق الكليين عسر برؤهما واندمالهما."
7
[aphorism]
قال أبقراط: "ما كان من الأوجاع التي تعرض في البطن أعلى موضعا فهو أخف وما كان منها ليس كذلك فهو أشد."
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P103A "عنى بالأوجاع الخراجات في البدن فما كان منها في خارج * الجسد (15) ظاهرا فهو سهل البرئ لأن المادة قد خرجت من أعماق البدن إلى ظاهره، فبقى الباطن منها وما كان منها موغلا في داخل البدن فهو أعسر برؤا * لأن (16) المادة في اعماق البدن والطبيعة عاجزة عن دفعها إلى ظاهر البدن."
8
[aphorism]
قال أبقراط: "ما يعرض من القروح في أبدان أصحاب الاستسقاء ليس يسهل برؤه."
[commentary]
قال الشارح: "لا شك أن أبدان المستسقين كثيرة الرطوبة الغريبة لضعف الحرارة الغريزية فيهم لأن الاستسقاء كما قيل لا يخلوا. أما إن يكون للحرارة الغريزية التي بها يتم الهضم لا يخلوا ذعفها من أن يكون * إما (17) مفرطا و إما يسيرا وإما متوسطا. فالمفرط تحدث عنه الحمى واليسير الطبلى والمتوسط الزقي. فإذا أقلت الحرارة الغريزية كثرت الرطوبة الغريبة. فإذا * خالطها (18) مواد مالحة حدث عنها قروح، والقروح يحتاج في اندمالها إلى تجفيف قوي وأبدان المستقيين كثيرة الرطوبة لا يترك القروح تندمل لكثرة رطوباتها."
9
[aphorism]
قال أبقراط: "البثور العراض لا تكاد تكون معها حكة."
[commentary]
قال الشارح: "عنى بالبثور * العراضة (19) التي موادها ليست بحادة وقوله العارضة عنى بها التي * ليست (20) غائرة PageVW0P103B ولا عميقة بل المنبسطة العريضة، وهذه إذا كانت بهذه الصفة تكون موادها ليست مالحة ولا حريقة ولا حادة صفراوية ولا يكاد يكون معها حكة."
10
[aphorism]
قال بقراط: "من كان صداع ووجع شديد في رأسه فانحدر من منخريه أو من أذنيه قيح أو ماء فإن مرضه ينحل بذلك."
[commentary]
قال الشارح: "صاحب الصداع إذا كان سببه مواد محتقنة في الدماغ ونضجت وقويت الطبيعة على دفعها وقاحت دفعتها إلى المنخرين أو إلى الأذنين ونقي الدماغ منها فبرأ الوجع."
11
[aphorism]
قال أبقراط: "أصحاب الوسواس السوداوي وأصحاب السرسام إذا حدث بهم البواسير كان ذلك دليلا محمودا فيهم."
[commentary]
قال الشارح: "الوسواس السوداوي سببه احتراق الدم ولهذا قال أبقراط فقد يعرض في الربيع الوسواس السوداوي لأن الربيع يولد الدم . فإذا كان دما غليظا عكرا على حسب مزاج المتولد فيه والسرسام أيضا فيولده من الدم لأنه ورم حار حادث في الدماغ. فإن كان الدم لطيفا رقيقا كان منه السرسام، فإن كان غليظا كما يقدم كان منه الوسواس. فإذا قويت الطبيعة أرسلت * نيل (21) الفضلة الدموية من اعالي البدن إلى أسافله فقل تصاعد الأبخرة؟ المتصاعدة عنها PageVW0P104A وبرأ المرضان بسبب اندفاع المادة."
12
[aphorism]
قال أبقراط: "من عولج من بواسير من منة حتى يبرأ ثم لم يترك منها واحدة فلا يؤمن عليه أن يحدث به استسقاء أو سل."
[commentary]
قال الشارح: "متى قطعت البواسير ولم يترك منها واحدة عادت المادة على الكبد وتوفرت عليها وسددت عروقها وغمرت الحرارة الغريزية إلى فيها وأضعفتها فحدث من ذلك * الاستسقاء (22) كانت الكبد قوية دفعت بالمادة عنها إلى الرئه. ودم البواسير يكون دما رديئا غليظا محترقا فينكي عروق الرئه ويصدعها فيحدث فيها قرحة وهو السل. فينبغي أن يترك واحدة ليؤمن بذلك حدوث هذين المرضين وخصوصا إن كان له بذلك عادة."
13
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا أعترى * انسانا (23) فواق ثم حدث به عطاس سكن فواقه."
[commentary]
قال الشارح: "الفواق حركة تشنجية تعرض في المعدة وهو من أسباب كثيرة تكون من ريح تلدع فم المعدة أو من خلط حاد ينصب إليها أو من استفراغ أو من امتلاء. وهذا النوع هو الذي عنى به أبقراط، فإن العطاس كما ذكر يكون من الرأس إذا أسخن الدماغ فانحدر * الهواء (24) فيه فحلل تلك الرطوبات المنصبة في فم المعدة وأراحها عن المعدة فسكن الفواق * بانحدارها (25) عنها."
14
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا كان بإنسان استسقاء PageVW0P104B فجرى الماء منه في عروقه إلى بطنه كان بذلك انقضاء مرضه."
[commentary]
قال الشارح: "الاستسقاء يكون سببه ضعف الكبد وسوء مزاجها وضعف الحار الغريزي أيضا فيقل الدم المتولد فيها ويكثر الماء لما ذكرنا من السببين وهما ضعف القوة المغيرة التي في الكبد فلا يقدر على نضج الغذاء فيقل الدم ويكثر المائية ويضعف الحار الغريزي. فإذا أكثر الماء وقل الدم * فإن (26) قويت الطبيعة ودفعت بالمائية في العروق إلى البطن إما من قوتها أو من * سبب (27) أدويت تحلل المائية ويخرجها فيكون ذلك سببا لانقضاء * المرض (28) وبرؤه وجريان الماء لا يكون بالرشح بل يجري الماء منه في عروقه المعروفة بالماء ساريقا إلى المعاء ويندفع في بربخي البول كما ذكر."
15
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا كان بإنسان اختلاف قد طال فحدث به قيء من تلقى نفسه انقطع بذلك اختلافه."
[commentary]
قال الشارح: "هذا دليل على أنعكاس المادة وإن الطبيعة قد مالت بها من الأسافل إلى الأعالي إلا ضد الجهة إلتي كانت مائلة إليها لأن ذلك الإختلاف يكون من رطوبات المعدة وسببها ضعف القوة الهاضمة. فإذا ميلتها الطبيعة إلى ضد الجهة انقطع ذلك الإختلاف."
16
[aphorism]
قال أبقراط: "من اعترته ذات الجنب أو ذات الرئة فحدث به اختلاف فذلك رديء."
[commentary]
قال الشارح: "لا شك ولا خفا PageVW0P105A أن المرض الواحد إذا أدام بالمريض أنهك قواه أضعفها وأضر بالبدن غاية الضرر. فإذا انضاف إلى المرض الاول مرض ثان خافا على القوة وأعجز الطبيعة عن دفع أحدهما. فإذا انضاف إليهما ثالث وأعجزوا * القوة (29) غاية العجز. وإذا بوا؟ البدن وأنهكوا القوى وخصوصا الاختلاف في أخر المرض فإنه يدل على ضعف القوة والهضم وعجز القوى الطبيعية وانهزام القوة على ما في البدن وذوبان الاعضاء الأصلية وضعف الحار الغريزي واضمحلاله."
17
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا كان بإنسان رمد فاعتراه اختلاف فذلك محمود."
[commentary]
قال الشارح: "السبب في ذلك ميل المادة وانجذابها من أعالي البدن إلى أسافله وقوة الطبيعة على دفعها وإخراجها ونفيها عن البدن."
18
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا حدث في المثانة خرق أو في الدماغ أو في القلب أو في * الكلى (30) أو في بعض الأمعاء الدقاق أو في المعدة أو في * الكبد (31) أو في الحجاب فذلك قتال."
[commentary]
قال الشارح: "بين أن الدماغ والقلب أشرف الأعضاء الرئيسية وإن مادة الحياة من القلب ومادة الحس والحركة من الدماغ فمتى لحقهما أفة هلك البدن. وأما المثانة فهي جسم عصباني قليل الدم فإذا أحدث فيه خرق بطلت آلات البول ودخل الضرر على البدن وكذلك الكلى. وأما المعدة والكبد PageVW0P105B فهما آلات الغذاء فإذا حدث فيهما خرق بطل وصول الغذاء إلى جميع الأعضاء وعدم طبخ الغذاء ونضجه وهذه أمور تلحق البدن منها الثلاف ويؤول أمره إلى الهلاك."
19
[aphorism]
قال أبقراط: "متى انقطع عظم أو غضروف أو الموضع الرقيق من لحم اللحي أو القلفة لم ينبت ولم يلتحم."
[commentary]
قال الشارح: "كلما كان تولده من المني إذا ذهب لا يعود وكلما كان تولده من الدم إذا أذهب يعود. فهذه الأعضاء المعدودة تولدها من المني فلأجل هذا لا يرجى لها عود، وقد قيل إلا في الأسنان وشهد به التفات. وقالوا تعود إذا كان السن قريب العهد بالمني. وأما العظم إذا كسر فلا يعود كما كان وإنما يصير موضعه شيء شبيه * به (32) الدشبذ."
20
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا انصب دم إلى فضاء الصدر على خلاف الأمر الطبيعي فلا بد من أن يتقيح."
[commentary]
قال الشارح: "انصاب الدم على خلاف الأمر الطبيعي يؤول إلى التقيح بسبب أن الدم إذا كان فاسدا وأنصب إلى موضع مجوف فإذا رام الحار الغريزي اصلاحة بالنضج عارضه الحار الغريب عن أصلاحة ومنعه. وقد قيل أن أبقراط عنى بقوله على خلاف الأمر الطبيعي عن الدم نفسه وقال غيره عنى به الفضاء وقال غيره يحتمل أن يكون عنى به نفس الإنصباب إلى التجاويف. فإن ليس من عادة الدم أن ينصب في PageVW0P106A الأعضاء التي لها تجاويف كالمعدة والأمعاء والكلى والمثانة والأرحام فأنه متى انصب إلى هذه التجاويف يفسد من غير نضج لعدم الترويح وضعف الحار الغريزي وحقنه والدم فمنهما خرج عن وعايه الذي هو فيه يفسد بوجوه عدة إما بالتقيح وإما بالتحجر وإما بالانقلابة إلى السوداء وإما بعفنه."
21
[aphorism]
قال أبقراط: "من أصابه جنون فحدث به اتساع العروق التي * تعرف (33) بالدوالي والبواسير انحل عنه جنونه."
[commentary]
قال الشارح: "الجنون على الأكثر يكون من * احتراق (34) المرة السوداء واحتراق الدم واحتداده. فإذا حدث ذلك نهضت الطبيعة لها ومنه ونفيه عن البدن ودحت بها من الأعضاء الرئيسية إلى الأعضاء الخسيسة وأحدرت به من أعالي البدن إلى أسافله فبرأ بسبب انحداره وسيلانه وخروجه عن * البدن (35) ."
22
[aphorism]
قال أبقراط: "الأوجاع التي تنحدر من الظهر إلى المرفقين يحلها فصد العرق."
[commentary]
قال الشراح: "إن كان البدن ممتلئا ومالت المادة من الظهر إلى المرفق فينبغي أن يفصد من الجانب المخالف إن كانت المادة في الإنصباب. وإن كان قد وقف مصبها فينبغي أن يجتذب من نفس العضو هذا إن لم تكن المادة بلغمية. وقوله الاوجاع منع أن تكون المادة * البلغمية (36) PageVW0P106B لأن الوجع قليل ما يحدث مع المادة البلغمية لأن الاستفراغ يجب أن يكون من الناحية التي مالت المادة إليها لأن النفع الحاصل من الإستفراغ ربما تقع بطريق المشاركة."
23
[aphorism]
قال أبقراط: "من دام به التفزع وخبث النفس زمانا طويلا * فعلته (37) سوداوية."
[commentary]
قال الشارح: "قد قال أبقراط ما كان من اختلاط العقل مع ضحك فهو أسلم وما كان منه مع هم وحزن فهو أشد خطرا، والمرض السوداوي * يعرض (38) لصاحب من الاعراض التفزع وسوء الفكرة وخبث النفس كما يعرض من الاستيجاس وعدم الانس لمن يدوم سكناه في الظلمة، والمراض الاستدلال على اسبابها يكون بالأعراض الصادرة عنها."
24
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
25
[aphorism]
قال أبقراط: "أنتقال الورم الذي يدعى الحمرة من داخل إلى خارج فهو حمحود, وأما انتقاله من خارج إلى داخل فليس محمود."
[commentary]
قال الشارح: "ظهور الألام من اعماق البدن إلى خارجه دليل على قوة الطبيعة ودفعها عن البدن ونقى الباطن, وإن الطبيعة قد دحت بها من العضاء الرئيسة إلى الاعضاء الخسيسة. وأما انتقالها من خارج إلى داخل فهو دليل شر لرداءة المادة وعجز من الطبيعة."
26
[aphorism]
قال أبقراط: "من عرضت له في حمى حرقة رعشة فإن اختلاط ذهنه يحلها عنه."
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P107A "هذه الأمراض يتبع كل مرض منها مرض, فقوله في الحمى يتبعها رعشة ويتبع الرعشة اختلاط الذهن الحمى المحرقة سببها مرة محترقة قريبة إلى القلب. فإذا دامت تراقت انحوتها؟ الرديئة إلا الدماغ بسبب المشاركة فحدثت الرعشة. فإذا حصل بعد ذلك اختلاط العقل سكن الرعشة تسكينا غير مبرء لها ولكن لما تصاعدت المرة إلى الرأس أحدثت الرعشة وحصل من ذلك استعال استضربه الدماغ فسكن الرعشة لما لحق الرأس من الضر وربما تبع ذلك هلاك وموت."
27
[aphorism]
قال أبقراط: "من كوى أو بط من المتقيحين أو المستقيين فجرى منه من المدة أو من الماء شيء كثير دفعة فإنه يهلك لا محالة."
[commentary]
قال الشارح: "الدم الذي يغذو الأعضاء يتقلب في المستسقيين إلا المائية, وفي المتقيحين إلى الصديدية.فإذا بط المستسقي وكوى المتقيح وخرج منهما القيح والمائية دفعة واحدة عدمت أعضاء البدن الغذاء الواصل إليها فحدث الهلاك ووقع الموت سريعا ولعدم الأعضاء الأرواح الحالت فيها ولحق الضرر بالقوى النفسانية ويهرب الحار الغريزي لقلته."
28
[aphorism]
قال أبقراط: "الخصيان لا يعرض لهم النقرس ولا الصلع."
[commentary]
قال الشارح: "هذان المرضان لا يعرضان للخصيان لكثرة رطوباتهم PageVW0P107B وامتناعهم من الجماع. وقد ذكر جالينوس أنه شاهد في زمانه خصيا وبه مرض النقرس وهو صادق فيما ذكره. وأما أبقراط فإنه لم ينطق بباطل ولا يقول إلا ما يعود عليه ويستنل إليه. فإن كان قد وقع في زمن جالينوس خصى به مرض النقرس فيكون لأحد أمرين، إما حدث عن نخمة لأن الخدم * مأكولهم (39) ومزاجهم يميل إلى الرطوبة وطبخ الغذاء فيهم غير نضيج فيحصل لهم النقرس بهذا الطريق، وإما أن يكون حصل لهم بطريق أخذه على السكر من شرب الخمر من قبل جذب الفضول بالحرارة إلى المفاصل. هذا على ما ذكره جالينوس. وأما قول أبقراط أن النقرس لا يصيب الخصيان فلا شك أن الخدم في زمن أبقراط كانوا أكثرين اللعب والرياضة فما كان يتولد في أبدانهم شيء من الفضول، وكانت الفضول تتحلل بكثرة حركاتهم فلا يعرض لهم نقرس ومن أجل أن مجاري أجسادهم واسعة والفضول يتفرغ منها. وأما الصلع فلا يعرض لهم لأن الصلع يكون من يبس يحرق أصول الشعر والخصيان فهم كثيرون الرطوبة فهم بعداء عن ذلك اليبس."
29
[aphorism]
قال أبقراط: "المرأة لا يصيبها النقرس إلا أن ينقطع طمثها."
[commentary]
قال الشارح: "النقرس يحدث من امتلاء الأبدان من الفضول وللنساء دم الطمث في كل شهر يستفرغ منهم فتنقي أبدانهم. فإذا انقطع مجية عادت الفضول يتوفر على أبدانهم ويكثر فيهم PageVW0P108A الامتلاء وينصب الفضلات إلى مفاصلهم فيعرض من ذلك النقرس وشبهه * من (40) أوجاع المفاصل."
30
[aphorism]
قال أبقراط: "الغلام لا يصيبه النقرس من قبل أن يبتدي في مباضعة النساء."
[commentary]
قال الشارح: "الغلمان لكثرة حركاتهم وجودة هضمهم وتركهم الجماع لا يصيبهم النقرس لأن الحرارة الغريزية توفره على أبدانهم وهم كثيرون الرياضة واللعب ولا يبقي في أبدانهم فضلات يتولد منها نقرس. فإذا حصلت لهم المباضعة مع النساء نقصت حرارتهم وكثر مأكولهم لأجل بدل ما يتحلل وضعف هضمهم بسبب نقص الحرارة. فكثرت الفضول في أبدانهم فدفعتها الطبيعة من أعالي البدن إلى الأسافل فحدث بهم النقرس."
31
[aphorism]
قال أبقراط: "أوجاع العينين يحلها شرب الشراب الصرف أو الحمام أو التكميد أو فصد العرق أو شرب الدواء."
[commentary]
قال الشارح: "ذكر أبقراط أوجاع العينين وذكر شفائها مجملا غير مفصل وللمضرين أن يعينوا كل دواء لكل مرض فيقول أن فصد العرق لا يكون في الأمراض البلغمية. وقال جالينوس بل يكون في الرمد الحادث عن عكر الدم الغليظ المحرق وفي الرمد الدموي خاصة وشرب الشراب الصرف يكون في الرمد الحادث عن البلغم الغليظ اللزج العديم النضج والحمام يكون PageVW0P108B في * أخر (41) الرمد البلغمي والحادث عن الدم الغليظ ليحلل الفضلات وينضجها. والتكميد في الرمد البلغمي ويكون حارا يابسا وفي الرمد الحادث عن الدم الغليظ العكر ويكون التكميد حارا رطبا. وشرب الشراب يكون في الرمد الحادث عن المرار وعن البلغمي. وأعترض على أبقراط في هذا الفصل لأنه قال أوجاع العينين مطلقا وذكر في علاجها شرب الشراب الصرف وهو يزيد في مادة الدم. فإذا كان الرمد دمويا ينبغي أن لا * يطلق (42) له شرب الشراب الصرف والجواب عنه * أنه (43) قال أوجاع العين وهذه قضية مهملة والمهملة في قوة الجزئة فكان اللفظ بعض أوجاع العين يحلها شرب الشراب الصرف والحمام إلى أخره."
32
[aphorism]
قال أبقراط: "اللثغ يعتريهم خاصة اختلاف طويل."
[commentary]
قال الشارح: "ينبغي لنا أن نفسر اللثغ * أولا (44) , فتقول اللثغ هو الذي لا يفصح بالراء كما قيل ولا الطاء لأن الأفصاح بالطاء لا ينطق به حتى يبسط اللسان إلى الأسنان. وحرف الراء أيضا لا يفصح به بانبساط اللسان وانعطانه إلى داخل. فإن الرطوبة تغلب على اللسان فترخيه وتمنعه من أن يمتد فيفصح بهما فلذلك قال أبقراط أن الإختلاف يحدث * بهم (45) من كثرة الرطوبة المتولدة في معدهم. وإذا حدث بهم ذلك * (46) * وكان (47) في ذلك المزاج الرطوبة غالبة على السنتهم ومعدهم ممتلية * فيها (48) فيطول بذلك اختلافهم."
33
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P109A "أصحاب الجشاء الحامض لا يكاد يصيبهم ذات الجنب."
[commentary]
قال الشارح: "الجشاء الحامض يكون من التخمة ومن كثرة لبث الطعام في المعدة وضعف الطبخ والنضج وضعف الهضم وذات الجنب تكون من خلط صفراوي أو دم مختلط بها أو من اجتماعهما، وقل ما يحدث عن البلغم والسوداء وضعف الطبخ والنضج لا يجتمع مع وجود الصفراء والدم. فيقول الجشاء الحامض يكون من غلبة البلغم والسوداء وضعف الهضم وبرد المزاج وعدم الطبخ وذات الجنب يكون من الصفراء والدم وهذه اضداد لا يمكن اجتماعهما."
34
[aphorism]
قال أبقراط: "الصلع لا يعرض لهم من العروق التي تتسع التي تعرف بالدوالي كثير * شيء (49) ومن حدث * به (50) من الصلع الدوالي عاد شعر رأسه."
[commentary]
قال الشارح: "الصلع لا يخلو من أن يكون في أول الحلقة أو يحدث * فإن (51) كان أصليا فإنه لا يتغير وإن كان محدثا فمتى حدث * بهم (52) الدوالي الكبار انجذبت المادة إلى أسافل البدن فعاد شعر الرأس لأن ذهاب الشعر يكون من مادة مالحة تحرق منابت الشعر. فإذا انجذبت إلى أسافل البدن انقطع تصاعد * الأبخرة (53) عن * أعاليه (54) . وقد قال الرازي إذا كانت المادة المحدثة للصلع * مواد (55) بلغمية محرقة حريفة وكانت الدوالي من أخلاط غليظة سوداوية فكيف يعود الشعر والمادة المنحدرة إلى أسافل البدن من غير المادة PageVW0P109B الموجبة للمرض. وقد قال أبقراط في صدر الكتاب إن كان ما يستفرغ من البدن عند استطلاق البطن والقىء الذين يكنونان طوعا لك من النوع الذي ينبغي أن ينقي منه * البدن (56) نفع ذلك وسهل احتماله. وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد والجواب أن الطبيعة تفعل الواجب. فإذا قويت على دفع الخلط ونفيه من أعالي البدن إلى أسافله، فبالواجب أن تدفع المادة الموجبة للمرض فتسبب قويتها دفعت الموجب للمرض وغيره."
35
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا حدث بصاحب الاستسقاء سعال كان دليل رديئا."
[commentary]
قال الشارح: "هذا رديء لوجهين أحدهما أن المائية قد كثرت في البطن حتى زاحمت * الحجاب (57) وتعدي الضرر إلى قصبة الرئه فحدث السعال لهما لحق معه ضيق نفس بوصول المائية إلى قصبة * الرئه (58) . والوجه الثاني أن أوعية البطن تتمدد ويكثر فيها التمدد بسبب امتلائها من الماء كالزق المهملوما. فإذا حدث بهم السعال لا يؤمن بسبب قوة الحركة إن يقطع بعض الأوعية والرباطات فيودي إلى الهلاك."
36
[aphorism]
قال أبقراط: * "فعل (59) العرق يحل عسر البول وينبغي أن يقطع العروق الداخلة."
[commentary]
قال الشارح: "عسر البول يكون من أسباب كثيرة: من سدة تعرض في المجري ومن خراج PageVW0P110A ومن ورم ومن خلط غليظ لزج. وفصد العرق في الأكثر واجب لأنه استفراغ كلى ينفع من الخراج والورم إن كان ذلك دمويا فذلك ظاهر. وإن كان غير دموي فإنه ينقص * المادة (60) . ويمنع سيلانها ويفتح المجاري بتنقيص * المادة (61) وعنى بقوله العروق الداخلة من الجانب الانسى ومن تحت الركبة * لأخذه (62) من الموضع القريب."
37
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا ظهر الورم في الحلقوم في من اعترته الذبحة كان ذلك دليل محمودا."
[commentary]
قال الشارح: "الذبحة ورم حادث في الحلق وقيل في عضل الحنجرة. فإذا قويت الطبيعة عليه دفعت به إلى خارج وانفتح الحلق وأمن من الخناق. وقد قال أبقراط فيما يقدم انتقال * الدم (63) الذي يدعى الحمرة من خارج إلى داخل ليس هو محمود, وأما انتقال من داخل إلى خارج فهو * محمود (64) ."
38
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا حدث بإنسان سرطان خفي فالأصلح * له (65) أن لا يعالج, فإنه إن عولج هلك وإن لم يعالج بقي زمانا طويلا."
[commentary]
قال الشارح: "عنى بالخفي الغائر في داخل البدن الذي لم يكن ظاهرا. فإن كان ظاهرا في بعض الأعضاء لم يسمي خفيا وقد قيل عنى بالخفي الذي لم يتقرح والذي قد ابتدأ يظهر. وقد ذكر جالينوس أن قوما راموا علاج السرطان بالكى فما ازداد صاحبه إلا تعذيبا وقد ورد PageVW0P110B الإجماع بأن لا يعالج السرطان لا إن كان خفيا ولا ظاهرا بشيء من أنواع العلاج إلا إذا غاية التقريح بأن ينقي البدن ويحمي عن المأكل الردئة ولا تعرض به.فإن علاجه لا يطمع فيه. وإنما سمى سرطان لأنه يتشكل بشكل السرطان وسببه ورم سوداوي رديء خبيث."
39
[aphorism]
قال أبقراط: "التشنج يكون من الامتلاء ومن الاستفراغ ولذلك الفواق."
[commentary]
قال الشارح: "التشنج نوعان امتلائي واستفراغي، فالامتلائي يكون من خلط بارد غليظ لزج والاستفراغي من جفاف الأعصاب ويبسها وقلة الرطوبة. والفواق أيضا تشنج يعرض للمعدة امتلائي واستفراغي والفرق بينهما أن الشنج يعم البدن والفواق يخص المعدة."
40
[aphorism]
قال أبقراط: "من عرض له وجع فيما دون الشراسيف من غير ورم ثم حدث به حمى حلت ذلك الوجع عنه."
[commentary]
قال الشارح: "الوجع العارض فيما دون الشراسيف من غير ظهور ورم يكون إما من خلط غليظ بلغمي أو لريح نافخة. فإذا حدث بصاحبه حمى حللت الريح وفششتها وأذابت الخلط الغليظ ولطفته سوى كان بلغميا أو سوداويا أو دما غليظا، وهذا الذي عنى به أبقراط."
41
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا كان موضع من البدن قد تقيح * وليس (66) يبين تقيحه فإنما لم يبين من قبل غلظ المادة أو الموضع."
[commentary]
PageVW0P111A قال الشارح: "القيح الخافي في البدن الذي لا يبين نضجه. قال يكون من سببين إما من غلظ القيح وإما من غلظ العضو الحادث فيه كأسافل الرجلين. ودليل أخر يتبين به القيح قول أبقراط في وقت تولد المدة قد يعرض الوجع والحمى أكثر ما يعرضان بعد تولدهما فهذين العرضين يتبين القيح وحدوثه."
42
[aphorism]
_ * missing (67)
[commentary]
missing
43
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا أصاب المطحول اختلاف دم فطال به حدث به استسقاء أو زلق الامعاء وهلك."
[commentary]
قال الشارح: "عنى المطحول من الجساوة والصلابة في طحاله. وإذا عرض له اختلاف الدم إن كان ذلك الإختلاف عن قوة الطبيعة ودفعها بالخلط العكر السوداوي من الطحال كان ذلك سببا لبرؤه ولم يرد أبقراط هذا وإنما قيد في قوله ودام به احترازا من هذا لأن دوام الاختلاف يوجب البرد، ومتى برد المزاج برد مزاج الكبد وآل أمره إلى الاستسقاء ودوام الاختلاف يكثرة همره وانصبابه يوهم المعاء وينهكها ويحدث في سطحها بثور فيوجب بذلك زلق المعاء، فيتعاقب على البدن ثلاثة أمراض دوام الإختلاف والإستسقاء وزلق الأمعاء وهذه أسباب موجبه للهلاك."
44
[aphorism]
قال أبقراط: "من حدث به من تقطير PageVW0P111B البول القولنج المعروف بايلاوس فإنه يهلك في سبعة أيام إلا أن يحدث به حمى فيجري منه بول كثير."
[commentary]
قال الشارح: "تقطير البول له أسباب غير واحدة، وإنما أراد به هاهنا ما يكون عن خلط خام غير نضيج يرسخ في المعاء الدقاق ويسد منافذ مجري الرجيع فيطول مكثه في المعاء الدقاق فيحصل منه التواء بعضها على بعض فيحدث القولنج المعروف بايلاوس فيبرد البراز راجعا إلى فوق فيهلك في سبعة أيام لأنها بجران الأمراض الحادة ومدتها لا تجاوز السبعة الأيام لأنها نصف الاربعة عشر يوما. فإذا حدث بعد ذلك حمى انضجت الخام ولطفته وإذا بثه وأرسلته إلى الكلى والمثانة فبرأ ببول دافق كثير."
45
[aphorism]
قال ابقرأط: "إذا مضى بالقرحة حول أول مدة أطول من ذلك وجب ضرورة أن يتبين منها عظم، وإن يكون موضع الأثر بعد اندمالها غائرا."
[commentary]
قال الشارح: "إذا مضى على * القرحة (68) التي في العضو حول أو أكثر من حول فإن اللحم الذي يليها يسعى إليها بسبب جريان ما يجري من الصديد من المواد الحادة المنصبة إليها التأكل والعفن فيذهب اللحم ويغور الموضع وينكشف العظم ويكون قد حصل بسبب طول زمان القرحة سوء مزاج يلحق البدن وفساد يلحق العظم في نفسه أو لرطبات * فيه (69) سائلة والفرق بينهما إنما كان من فساد يلحق العظم PageVW0P112A اندمال القرحة ونقصها بسبب دوام سيلان الصديد. وأما الذي عن سيلان الرطوبات الرديئة وسوء مزاج يلحق العضو فلا يندمل بل لا يزال طريا والعظم الذي فسد إن كان الفساد في جميع اجزائه يرمي اللحم ويخرج العظم خيفة لا يسري الفساد إلى ما يليه من العظام الباقية، وإن كان الفساد في جزء منه فيحل ذلك الموضع ويكشف عنه اللحم والادوية الآكلة ثم يعطي ما ينبت اللحم ويبقي الموضع غائرا."
46
[aphorism]
قال أبقراط: "من أصابه حدبة من ربو أو سعال من قبل أن ينبت الشعر فإنه يهلك."
[commentary]
قال الشارح: "الحدبة الحادثة من الربو والسعال فيامن لا لحق سن الحلم يدل على رطوبات كثيرة وضعت من الحرارة الغريزية وضعت القوى الطبيعية وانسداد حزن الفقار وتقصعها والتوائها بسبب عدم الحرارة الغريزية وقلة النضج وعدم الطبخ. فإذا استولى التقصع على الحزن و انجذبت الحزن إلى قدام زاحمت الرئه والقلب. فإن آل ذلك إلى الجمع وتقيح كان أسرع إلى الهلاك. وإن كان في أعالي الحزن كان قريبا إلى الدماغ فينال الضرر والعضو الرئيس فيكون أسرع إلى الهلاك. وإن كان الورم لا يؤول لصلابة إلى الجمع * ولا (70) القيح ربما عاش صاحبه زمانا طويلا. وإن آل إلى التقيح وكان في موضع ذي خطر كان ما يحدثه من ضيق النفس والسعال شديدا بسبب انحناء الإضلاع PageVW0P112B إلى قدام والمزاحمة فضاء الصدر ولما يلحق الرئه من الضرر ويتعدي إلى القلب بسبب ضعف يلحق الرئه."
47
[aphorism]
قال أبقراط: "من احتاج إلى الفصد أو شرب الدواء فينبغي أن يسقي الدواء أو يفصد في الربيع."
[commentary]
قال الشارح: "الفصد استفراغ يجب في فصل الربيع لأن كل فصل يولد بطبعه والربيع يولد الدم فيجب استفراغه والصفراء يجب اتستفراغها في غالب الأوقات وأكثرها لحدتها واستفراغ الخلطين الغليظين يجب استفراغهما ايضا في فصل الربيع لأن فصل الشتاء تكون الأخلاط فيه جامدة وفي الربيع تنحل. فإن لم يستفرغا إنما عافي فصل الصيف وانصبا إلى الأعضاء الرئيسية فيجب استفراغهما وهذا الإستفراغ يكون في الأصحاء ويسمي هذا التدبير التقدم بالحفظ * الصحة (71) ."
48
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا حدث بالمطحول اختلاف دم فهو محمود."
[commentary]
قال الشارح: "تقدم شرح هذا في الفصل المتقدم إلا أن الفرق بين هذين الفصلين إنه قال إن دام الإختلاف فهو رديء وإن لم يدم فيكون خروجه على سبيل البحران وقوة الطبيعة وهو محمود."
49
[aphorism]
قال أبقراط: "ما كان من الأمراض من طريق النقرس وكان معه ورم حار فإن ورمه يسكن في أربعين يوما."
[commentary]
قال الشارح: "أوجاع المفاصل سببها انحدار الفضلات إلى المفاصل PageVW0P113A ولبثها فيها زمانا أطول وانقضائها على قدر لطف المادة وغلظها وقوة الحرارة الغريزية وضعفها ومعاونة السن والفصل والتدبير والنقرس انحصار الفضلات غليظة في منافذ ضيقة تنحدر إلى مفصل القدمين أو أفضية المفاصل. وإذا امتلأت المفاصل تمددت الرباطات فمنه ما يكون عن مادة لطيفة تنحل في مدة أقل ومنه ما يكون عن مادة غليظة تعسر نضجها ويطول لبثها وانحصارها في العضو والورم العارض معه لا ينحل أقل من مدة أربعين يوما كما ذكر أبقراط لأنه منتهي الأمراض الحادة وأول الأمراض المزمنة. فإذا كان في المادة غلظ لا ينحل أقل من هذا المدة."
50
[aphorism]
قال أبقراط: "من حدث به في دماغه قطع فلا بد أن يحدث به حمى وقيء مرار."
[commentary]
قال الشارح: "لأجل المشاركة التي بين المعدة والدماغ. فإذا نال الدماغ قطع حصل ألم شديد فبسبب قوة الألم يتعدي الضرر إلى المعدة فيحدث القيء وخص به المرار للطافته ورقته وسرعة هيجانه."
51
[aphorism]
قال أبقراط: "من حدث به وهو صحيح وجع بغتة في رأسه ثم أسكت على المكان وعرض له غظيظ فإنه يهلك في سبعة أيام إن لم يحدث به حمى."
[commentary]
قال الشارح: "لا شك أن السكات تقدم القول فيه أنه مرض عسر البرء. فإذا أصاب الصحيح في * رأسه (72) بغتة دل على * أنه (73) قد نالت الدماغ PageVW0P113B ثم حصل له سكات عقيب الوجع المولم انقطع الصوت وعم الوجع جميع أجزاء الرأس وضعفت الحرارة الغريزية عن حله لكونه بلغم غليظ لزج أو ريح غليظة وحكم بهلاك المريض إلى مدة سبعة أيام لقوة المرض وكونه في عضو ويبس فلا جاوز السبعة أيام لأن انقضاء هذه الأمراض لا يتعدي هذه المدة لما سلف من القول فإن أعقب ذلك حرارة حمى حللت ولطفت وادابت تلك الأخلاط الغليظة كما تقدم القول منه لأن يكون الحمى بعد التشنج خير من أن يكون التشنج بعد الحمى."
52
[aphorism]
قال أبقراط: "قد ينبغي أن يتفقد باطن العين في وقت النوم فإن يبين شيء من بياض العين والجفن وطبق وليس ذلك بعقب اختلاف ولا شرب دواء فتلك علامة رديئة مهلكة جدا."
[commentary]
قال الشارح: "ينبغي للطبيب أن يتعاهد حال المريض الذي هذا حاله ويدقق السؤال في ذلك فإن كان المريض له بذلك عادة في حال الصحة فلا يصح هذا الحكم. وأبقراط إنما حكم على من لم يكن له بذلك عادة فقال ينبغي أن يتفقد باطن العين في وقت النوم. فإن يبين شيء من بياض العين ورام المريض أطباق أجفانه وعجز عن ذلك ولم يكن بعقب إختلاف ولا شرب دواء كان ذلك سببا موديا إلى الهلاك لأنه يدل على استيلاء اليبس على البدن وعدم الرطوبة الاصلية PageVW0P114A وقد قيل أن مثل هذا العارض يعرض للإنسان عند اللذة التي يجدها عند فراغه من الجماع لأن الروح ينحل فيها كثيرا فيسترخي القوى * ويذهب (74) جالينوس ورأيه أنه قال يعرض مثل هذا في الأمراض الحادة بسبب اليبس.فإن الأعضاء تجف في هذه الأمراض ويصير بمثابة الجلد المدبوغ. وخطأه الرازي في هذا القول فقال إن هذا العارض يعرض عند النوم لكثير من الناس ويعود إلى حاله الطبيعي. ولو كان من اليبس لما أمكن عوده. والجواب عن جالينوس أنه لم يقل ذلك بسبب استيلاء اليبس لكن قال عضل الأجفان لما كانت قريبة من الدماغ حصل لها الجفاف يسيرا عندما يلحق الدماغ من الحر شيء يسير سيما واليبس مستولى على الأجفان إلا أن ذلك اليبس لا يكون استيلاؤه مستحكما فهو لذلك يزول سريعا ولذلك يعرض لمن خاف عليه الدواء المسهل ولاصحاب الهيضة ولمن يستفرغ استفراغا كثيرا وحال الفم * في (75) الإنطباق وحال العين عند النوم شيء واحد لأنه يدل على ضعف القوة. وإن عضلة الصدغ المطبقة للفك قريبة الوضع من الدماغ للمشاركة في روح العصب."
53
[aphorism]
قال أبقراط: "ما كان من اختلاط العقل مع ضحك فهو أسلم وما PageVW0P114B كان منه مع هم وحزن فهو أشد خطرا."
[commentary]
قال الشارح: "اختلاط العقل إذا كان مع ضحك دل على أنه من دم غليظ والدم حار رطب فبرطوبته يبسط النفس ويسدها ويوجب ضحكا مع رعونة كحال السكران. واختلاط العقل مع هم وحزن يدل على أن سببه خلط سوداوي محترق وأردى الأخلاط ما كان محترقا سوداء عن سوداء وأسلمها ما كان عن احتراق البلغم وأردى هذه الأنواع وأعظمها خطرا ما كان عن حد ويبس لذاع ناري وهو الذي يكون معه أقدام وجرأة * وتقحم (76) على المهالك وهذا نكايته بالدماغ شديدة. وقد قيل أن الطحال هو من آلات الضحك * بالعرض (77) لأنه يصفي الدم من الخلط السوداوي فيخلص الدم حارا رطبا. فالحاصل من هذا الكلام أن اختلاط العقل مع الجرأة والأقدام يكون عن احتراق المرار والذي يكون مع ضحك كحال السكران هو من الدم والذي هو مع سكون وبلادة وقلة أقدام هو من البلغم والذي هو مع حزن وكابة وهم هو من السوداء."
54
[aphorism]
قال أبقراط: "نفس البكاء في الأمراض الحادة دليل رديء."
[commentary]
قال الشارح: "أراد نفس البكاء ما يعرض من انقطاع * النفس (78) عندما يتقبض الصدر ويكون دخول الهوى أو خروجه في مرتين كالحال عند بكاء الصبى وسببه في الأمراض PageVW0P115A الحادة إما ضعف من عضل الصدر تابع لضعف القوة وإما صلابة من آلات التنفس وإما التهاب من القلب الشديد جدا، وذلك أن القوة الضعيفة إذا أعجزت عن تبسط الصدر يقدر الحاجة وقفت كالمستريح من تعبه. والآلة الصلبة لا تواتي القوة التي تبسطها مقف في الإنبساط فسدا أو سبب الصلابة اليبس في هذا الموضع هذا الذي ذكره ابن أبي صادق. وفي غير الأمراض الحادة قد يكون بردا وتمددا من ورم القلب إذا التهب جدا حقن القوة حتى تقع الإنبساط طلبا لإخراج الأبخرة الدخانية بالإنقباض. والذي أقول في هذا هو أن الأمراض الحادة إذا كان سببها خلط محترق متقلب إلى سوداء ولدهما وحزنا * وغما (79) وسوء فكرة، فإذا حصلت هذه الألام ازدحمت الأبخرة الحارة على القلب وانقبض الصدر عن الإنبساط وآلاته فحصل مع الإنقباض وتراكم الأبخرة الحارة على القلب فاستوحش النفس وتألم القلب وتعذي إليهما الضرر فوقع شيء شبيه بالكابة والحزن أوجب البكاء لحدة الأخلاط وتراكم الأبخرة ا لصاعدة منها إلى الدماغ."
55
[aphorism]
قال أبقراط: "علل النقرس تتحرك في الربيع وفي الخريف على الأمر الأكس."
[commentary]
قال الشارح: "الربيع يذيب الأخلاط ويخرج الأخلاط من أعماق الجسد إلى ظاهره وتتحرك الأخلاط PageVW0P115B ويهيج والخريف تنحل فيه الأخلاط لأن أوائله من حساب الصيف وكان الصيف أولى بتحليل الأخلاط من الخريف إلا أن حر الصيف يمنع الأخلاط ويخرجها بالعرق إلى ظاهر الجلد يتفتح المسام، فلا يترك في داخل البدن شيئا. فإذا يبقي الغليظ منها أعقب عللا في الخريف بسبب جمودها وبرده ويبسه وانحصار الفضلات في الأعضاء ويحوجها في المنافذ الضيقة."
56
[aphorism]
قال أبقراط: "الأمراض السوداوية يخاف * منها (80) أن تؤول إلى السكتة أو إلى الفالج أو إلى التشنج أو إلى الجنون أو إلى العمى."
[commentary]
قال الشارح: "الأمراض السوداوية هي أردأ الأمراض لغلظها ولزوجتها فإذا دامت وطال مدة زمانها اندفعت لأعلى سبيل القضاء بالفرج، ولكن على سبيل أمور رديئة إن اندفعت إلى الأعين كان منها العمى، وإن مالت إلى الدماغ وحصلت في بطونه عرض منها السكتة، وإن ألمت بالأعصاب * حدث (81) الفالج. * ولذلك (82) يحدث جميع الأمراض الرديئة. وإنما اقتصر أبقراط على هذه الأمراض كونها تخص الأعضاء الرئيسة وقد ذكروا أن كثيرا كان يعتريهم الصرع فبرؤوا منه بجنون أصابهم، وكثير ممن كان بهم جنون فيبرؤوا بصرع أصابهم والأمراض السوداوية يتقلب إلى أشد منها. والرازي قال رأينا من كان به المرض السوداوي والسرطان ولم يؤول أمره إلى PageVW0P116A الأمراض التي ذكرها أبقراط وعينها ولا يلتفت إلى قول الرازي وينبغي التمسك بما أشار إليه أبقراط."
57
[aphorism]
قال أبقراط: "والسكتة والفالج يحدثان خاصة بمن كان سنه فيما بين الأربعين سنة إلى الستين."
[commentary]
قال الشارح: "إنما خص أبقراط بهذين المرضين وهما السكتة والفالج لأصحاب الأسنان التي من الأربعين سنة إلى الستين لأن سن الأربعين هو أول سن الكهول وأخر سن الشباب. وأصحاب هذا السن يكثر فيهم السوداء الإحتراق دما بهم المتخلفة عن سن الشباب وحرارتهم تضعف فلا يقدر على إذابة البلغم. وإذا لم يذيب البلغم وينصب من عضو إلى عضو لا يكون منه فالج ولا سكتة. وأما سن المشائخ فيستولى اليبس عليهم، فإن الحيوان كلما كان أسن كان دماغه أبيس ولم يبق من الأسنان أكثر استعدادا لهذين المرضين من سن الكهول لغلبة ا لسوداء على امزجتهم. والمشايخ وإن كانوا أجف الأسنان من الأعضاء الأصلية فإنهم أرطب الناس برطوبة فضلية."
58
[aphorism]
قال أبقراط: "إذا بدأ الثرب يخرج فهو لا محالة يعفن."
[commentary]
قال الشارح: "تفسر الثرب أولا فيقول إن الثرب غشاء ينبسط على المعدة وما دونها متى ظهر منه شيء في الخراجات وبرز إلى ظاهر وبقي مكشوفا غير مستور برد و متى برد وأعيد إلى موضعه يعفن لكونه برد وأعيد PageVW0P116B إلى موضع حار، فلم يعد إلى مزاجه الذي كان عليه. ولهذا يقطعها الأطباء إذا بدأ يظهر منه الأكثر إن كان زمان ظهوره قصيرا * جدا (83) ."
59
[aphorism]
قال أبقراط: "من كان به وجع عرق النساء فكان وركه يتخلع ثم يعود فإنه قد حدث فيه رطوبة مخاطية."
[commentary]
قال الشارح: "إذا حصل في نقرة المفصل رطوبة مخاطية زلقت العضو عن موضعه فأخرجته، وبعد خروجه وزواله يعود سريعا لأن الرطب كما قيل سهل القبول سهل الترك وما يقع الاستعصاء إلا في اليبس، وأما الرطب فلا."
60
[aphorism]
قال أبقراط: "من أعتراه وجع في الورك مزمن فكان وركه ينخلع فإن رجله كلها يضمر ويعوج إن لم يكوى."
[commentary]
قال الشارح: "متى حصل في مفصل الورك خلع بسبب رطوبة بلغمية مخاطية مزلقة فإنه يعرض في الرجل عرج. فإذا لم تعد إلى موضعها على طول الزمان وينقضي كما يعرض لسائر الأعضاء إذا عدمت حركتها الطبيعية * ثم (84) تضم تجاويفه لأن * العروق (85) التي هو مصب الغذاء إلى الرجلين تفسد بالتوائها فيعدم الرجل الغذاء الاتي إليها إلا إذا كوى الموضع. فإن تلك ا لرطوبة تزول بحرارة الكى ويفني ويشتد رخاوة الجلد في الموضع الذي كان يمنعه عن تنقلة." PageV00P00 0
المقالة السابعة من كتاب الفصول
1
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P117A برد الأطراف في الأمراض الحادة دليل رديء.
[commentary]
قال الشارح: برد الأطراف في الأمراض الحادة كاليدين والرجلين دليل سوء، قالوا وسبب ذلك يكون عن ورم حاصل في الأعضاء الباطنة فيجذب الدم إليه كاجتذاب المحجمة للدم. وأما في الأمراض لالمزمنة فليس بدليل سوء زحصول برد الأطراف من نقصان الدم انجذابه إلى داخل ويلهب الباطن بسبب ميل الدم إليه التهابا يؤذي بصاحبه إلى الهلاك بحيث أن صاحبه لا يقدر على وقوع شيء من ثوبه عليه، وقد قيل إن برد الأطراف في الأمراض الحادة قد يكون بعدم أشياء؟ الحار الغريزي في البدن وضعفه وهذا يفرق بينه وبين الورم بأن لا يلتهب معه الباطن والورم يكون معه التهاب في الباطن وقد عنى أبقراط أسباب برد الأطراف عن الوجع الشديد فقال برد الأطراف يكون من أسباب عدة أولها الورم العظم في الأحشاء ويكون عن ضعف الحار الغريزي وانطفائه أو الغمر الحار الغريزي بسبب كثرة المادة عليها سيما إن كانت المادة باردة وقد يكون لوجع فادح في المعدة ينقص بسبب شدته الحار الغريزي ويتبعه الدم فيخلو الرأس والأطراف من الدم وهذه كلها أسباب رديئة.
2
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P117B إذا كان في العظم علة وكان لون اللحم عنها كمدا فذلك دليل رديء.
[commentary]
قال الشارح: متى كان لون اللحم الذي يلي العظم كمدا كان دليلا على عفونة نالت العظم فيجري من العظم صديد عفن يسود لون اللحم ويكون له رائحة منكرة ويكون ذلك الصديد اكالا خيثا رديئا فيحتاج في العلاج إلى الكي والدواء الحاد وقل ما ينجو منه ويسعى سعيا سريعا، وربما آل ذلك إلى قطع العضو ومتى لم يكن في العظم عفونة يعتد بها لم يكن اللحم الذي يليه كمدا فلأجل هذا قيد؟ بالعفونة اسوداد اللحم الذي يلي العظم.
3
[aphorism]
قال أبقراط: حدوث الفواق وحمرة العين بعد القيء دليل رديء.
[commentary]
قال الشارح: كثيرا ما يتبع؟ هذه الأعراض تشنج لأن القيء استفراغ من المعدة فإذا عرض بعد القيء فواق وحمرة العين دل على آفة لحقت الدماغ والمعدة. أما المعدة فبسبب كثرة القيء يحصل لها تشنج والفواق تشنج يعرض في المعدة ويكون سببه خلط مراري لذاع فإذا تبعه احمرار العينين تعدي الضرر إلى الدماغ ونالته الآفة وذلك دليل رديء.
4
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث بعد العرق إقشعرار فليس ذلك بدليل محمود.
[commentary]
قال الشارح: العشريرة بعد العرق تدل على أحد أمرين PageVW0P118A إما على غفن في داخل البدن وإما على استفراغ اللطيف وبقاء الكشف، وإن ال\طبيعة عاجزة عن إنضاج ما يخلف من المادة بعد العرق وضعف الحار الغريزي وقصوره عن إنضاجها، وهذا إن كان عن ضعف الطبيعة في الغاية تبعه الهلاك، وإن كان عن ضعف يسار تبعه طول المرض.
5
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث بعد الجنون اختلاف دم أو استسقاء أو حيرة فذلك دليل محمود.
[commentary]
قال الشارح: إن كان هذا الفصل قول أبقراط فيحتاج إلى أن يمحل؟ في شرحه، وإن كان كما قيل من الفصول المدلسة فيترك؟ شرحه أولى لا شك أن نقل العلة القوية المحظرة إلى علة أقل خطرا فهو محمود، وقد قال إن الجنون آفة يلحق الدماغ وهو عضو رئيس شريف فإذا اننحطت منه المواد ونزلت إلى أسافل البدن إن وقفت مبالكبد كان منه الاستسقاء وخطره أقل من خطر الجنون لأن الجنون يمتنع عن المأكل والمشرب فيعسر علاجه والمستسقى بمثل ما يؤمر به، وإن نزل إلى الأمعاء وحدث الاختلاف فذلك دليل خير، وإن كان حيرة ونقى كالمبهوت فهو خير من الجرأة والعبث والأقدام على المخاوف والمهلكات ومن الخيرة يصفو الذهن وينحط المرض.
6
[aphorism]
قال أبقراط: PageVW0P118B ذهاب الشهوة في المرض المزمن والبراز الصرف دليل رديء.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول منه في الأول أن صحة الذهن وصدق الشهوة في كل مرض علامة جيدة وضدهما علامة رديئة وههنا قيد، وقال ذهاب الشهوة في المرض المزمن. أما ذهاب الشهوة في المرض الحاد فليس برديء لأن الأخلاط تكون هائجة والمعدة ممتلئة منها ومدة زمان المرض قصرة فلا يعتبر بذهاب الشهوة. وأمأ في الأمراض المزمنة فإن مدة زمان المرض طويلة وقد ضعفت ونقص الحار الغريزي، فإذا ذهبن الشهوة في آخر المرض دل على ضعف آلات الغذاء وهما المعدة والكبد وضعف القوى الطبيعية الخادمة ونقصان الحار الغريزي وهذه جميعها رديئة. وأمأ البراز الصرف فقد قال جالينوس إنه الذي لا يخالطه مائية لكنه من جنس المرار إما الأصفر أو الأحمر أو الكراثي؟ أو الزنجاري أو السوداوي وهذا دليل على أن الحرارة قد أفنت (الرطوبة : شا) مائية البدن وذلك دليل رديء وقدد قال أبقراط في غير هذا الفصل الامتناع من الطعام في اختلاف الدم المزمن دليل رديء.
7
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث من كثرة الشرب إقشعرار واختلاط ذهن فذلك دليل رديء.
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P119A حدوث اختلاط الذهن من كثرة شرب الشراب يدل على امتلاء بطون الدماغ، وإن الضرر قد لحق بالقوى النفسانية فأضر بها غاية الضرر وعلى أن الحار الغريزي قد قارب الانطفاء بالغمر وأنه قد أحسن بالغمر كحال السراج إذا غمرها الزيت؟ الكثير وهذا دليل يؤدي إلى الهلاك.
8
[aphorism]
قال أبقراط: إذا انفجر خراج إلى داخل حدث من ذلك سقوط قوة وقيء وذبول نفس.
[commentary]
قال الشارح: انفجار الأورام إلى ظاهر خير من انفجارها إلى باطن لأن انفجارها إلى داخل لا يخلو من أن يكون ما يخرج منه إما إلى المعدة أو إلى المعاء أو إلى الصدر، فإن كان إلىالمعدة حدث القيء والغثى، وإن كان إلى الصدر حدث التقيح والسعال والنفث والغشي والعثى، وإن كان إلى المعاء تبعه الاختلاف، وهذه الاستفراغات جميعها يتبعها الغشي وسقوط القو’ وذبول النفس.
9
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث عن سيلان الدم اختلاط ذهن أو تشنج فذلك دليل رديء.
[commentary]
قال الشارح: اختلاط الذهن بعد الاستفراغ دليل رديء لأنه يدل على ضعف الدماغ ويكون أيضا من احتداد المرة وارتفاعها إلى الدماغ ونقص الرطوبة الغريزية، والفرق أن اختلاط الذهن من ضعف الدماغ يكون عند استيلاء الضعف على القوة ولا يكون PageVW0P119B شديدا والاختلاط الذي من احتداد المرة وتوقدها وارتفاعها يكون قويا شديدا ويكون قبل السقوط والتشنج ويكون من جفاف الأعضاء الأصلية والأعضاء واستيلاء اليبس عليهما، فإن كان أبقراط أراد الاجتماع منهما فهو مهلك لا برء له، وإن أراد به انفراد أحدهما دون الآخر فهو علامة رديئة.
10
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث في القولنج المستعاذ منه قيء وفواق واختلاط ذهن وتشنج فذلك دليل رديء.
[commentary]
قال الشارح: المرض الواحد يضعف البدن وينهكه فكيف إذا ترادف عليه أربعة أمراض مختلفة غير أن المرض الأصلي في هذا الباب هو القولنج المستعاذ منه وهو يسد طريق البراز عن العادة الطبيعية فيطول لبثه في المعاء فتنهض؟ الطبيعة إلى دفعه وخروجه عنها فتجد الطريق مسدودا فتدفعه إلى فوق فيعرض معه القيء والفواق بسبب خروج الرجيع من فوق وذلك يقع عند اشتداد العلة ومقاربة الهلاك. وأمأ اختلاط الذهن والتشنج فسببه المشاركة التي بين المعدة والدماغ وتهعدي الضرر إلى الدماغ.
11
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث عن ذات الجنب ذات الرئة فذلك دليل رديء.
[commentary]
قال الشارح: الانتقال من مرض إلى مرض يوهي القوى ويضعف البدن هذا إن كان من مرض PageVW0P120A إلى مرض مثله أو أهون منه فكيف إذا انتقل من مرض سهل إلى ما هو أشد خطرا منه، وذلك أن انتقال ذات الجنب إلى ذات الرئة يكون على كوجهين ‘ما لكثرة المادة وإما لتقيحها، فإن كان من كثرة المادة بحيث لا يسعها؟ الأضلاع فيفصل عنها ويسيل إلى الرئة وهذا الوجع لا ينعكس يعني أنه ينتقل من ذات الرئة إلى ذات الجنب لأن كذات الرئة لا يخلو من أن يكون مادتها يسيرة أو كثيرة، فإن كانت كثيرة خنقت وغمرت الحار الغريزي، وإن كانت يسيرة دفعتها الطبيعة بالنفث، وإن كان انتقال ذات الجنب إلى ذات الرئة عاى وجه النضج لا على وجه كثرة المادة فيكون ذلك على سبيل أن المدة تولد في انفجار ذات مالجنب سوء مزاج في الرئة يتبعه ورم فوجب ذات الرئة.
12
[aphorism]
قال أبقراط: وعن ذات الرئة السرسام.
[commentary]
قال الشارح: حدوث السرسام عن ذات الرئة يكون من كيموس حاد مراري لذاع يتراقى إلى الدماغ فيحدث السرسام بامتلاء أوعية الدماغ من بخار الفضل الحاد المتراقى إلى الدماغ، فإن اجتمعا كليهما في زمن واحد فهو شر، وإن كان الثاني حدث بعد برء الأول فهو رديء لأن كمرض ذات الرئة أضعف وأنهك القوى واستولى عند انقضائه مرض PageVW0P120B أخر اعقبه وذلك أيضا رديء.
13
[aphorism]
قال أبقراط: وعن الاحتراق الشديد التشنج والتمدد.
[commentary]
قال الشارح: حدوث التشنج والتمدد عن أي احتراق حدث كان رديئا سواء كان ذلك من التهاب حرارة الحمى وشدة توقدها أو من ملاقاة حد السمائم أو من تدبير محرق أو من حرق نار وما أشبهه لأن ذلك يدل عاة ذهاب الرطوبات وجفاف الأعصاب وقد ذكر ابن أبي صادق وليس هو بصحيح أن الاحتراق يجلب المادة الغليظة ويجذبها بما يهيج من الوجع والمادة فيحدث ورما وذلك الورم يحدث التشنج والتمدد الامتلائين ويكون خطرهما أقل من خطر الأول وهذا وجه تركه خير من ذكره.
14
[aphorism]
قال أبقراط: وعن الضربة على الرأس البهتة واختلاط الذهن رديء.
[commentary]
قال الشارح: إذا حدث عن الضربة الواقعة بالرأس بهتة واختلاط ذهن فهو أردأ ما يكون لأن الضربة قد لحقت نفس الدماغ ووصلت إليه وتعدي الضرر إلى القوى النسفانية المدبرة فاختلاط العقل لما نال الدماغ من الآفة، وإن كانت الضربة لم تلحق الدماغ ووقعت بالصفاق وعروقه كان ذلك (فا مع صح) أيضا شرا؟ إلا أنه أقل خطرا من الأول والبهتة هو أن يبقى الإنسان على حاله باهتا وهو نوع من اختلاط العقل.
15
[aphorism]
قال أسبقراط: PageVW0P121A وعن نفث الدم نفث المدة.
[commentary]
قال الشارح: قد قال أبقراط فيما سلف متى انصب دم إلى فضاء على خلاف الأمر الطبيعي فلا بد أن يتقيح، وقال هنا وعن نفث الدم نفث المدة ولا شك أن الدم المنفوث لا ينفث وهو دم صحيح وإن/ا إذا احتد وتوقد وفسد إما في نفسه أو لما يخالطه من مرار أو بلغم مالح وطال لبثه في زوايا الرئة وهي جرم سخيف متخلخل وذلك الدم المتوقد الخريف يأكلها؟ ويجردها ويتقيح وينفث بعد؟ الدم المدة ويؤول الأمر بعد ذلك إلى السل.
16
[aphorism]
قال أبقراط: وعن نفث المدة السل والسيلان فإذا احتبس البصاق مات صاحب العلة.
[commentary]
قال الشارح: قد تقدم القول إن الدم الرديء الفاسد إذا انصب إلى الرئة أكلها وقرحها فأحدث بها قرحة الرئة وهو المعروف بالسل والسيلان فعنى به أحد سببين؟ وهو العرض الواقع في أواخر السل وهو إما انتشار؟ الشعر وإما إسهال يقع عند قرب الموت. وأما ما ذكره عن احتباس البصاق فهو امتلاء الرئة من الفضل الرديء وعجز الطبيعة عن دفعه وذلك واقع في أواخر العلة فيموت منه المحسفين؟ العاجزين عن إخراج الفضل.
17
[aphorism]
قال أبقراط: وعن ورم الكبد الفواق.
[commentary]
قال الشارح: ورم الكبد يتبعه الفواق لسببين أحدهما PageVW0P121B أن الورم في الكبد يعظم ويضعط المعدة فيضم؟ المعدة فيصيق؟ على الأرواح مسالكها فيرتفع إلى المعدة ويهيج فواقا، والسبب الآخر أنذ بين المعدة والكبد مشاركة من جهة العصب لأن أصل مبتدأهما واحد وهذا الورم لأن ما يكون من المرار فيتراقى منه بخار لذاع يلذع المعدة فيهيج فواقا ةوهذا يتبعه شر من جهة أن الكبد عضو رئيس وأن ورمها مخطر؟ رديء.
18
[aphorism]
قال أبقراط: وعن السهر التشنج واختلاط الذهن.
[commentary]
قال الشارح: غير خاف أن إفراط السهر سبب موجب لإحداث اليبس وإذا استولى اليبس على مزاج الدماغ والبدن أذهب الرطوبات وجفف الأعصاب وهذا هو سبب حدوث التشنج وهو التشنج الاستفراغي بعينه، وإذا تحكم اليبس في الدماغ ونقصت الرطوبات حدث اختلاط الذهن وتبع ذلك خوف وحدر.
19
[aphorism]
قال أبقراط: وعن انكشاف العظم الورم الذي يدعى الحمرة.
[commentary]
قال الشارح: إذا حدث قرحة وانكسف العظم معها تبع ذلك جمى حادة بسبب شدة الوجع وهيجان حرارة لاذعة لأن شدة الوجع تهيج المرار وتوقد الدم وهذا سبب حدوث الحمرة في العضو وهو رديء.
20
[aphorism]
قال أأبقراط: وعن الورم الذي يدعى الحمرة العفونة والتقيح.
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P122A أعقب الفصل الأول بهذا الفصل فقال انكشاف العظم تبعه ورم الحمرة وورم الحمرة تتبعه العفونة والتقيح، ولا شك أن الورم المعروف بالحمرة مواده المرار المحترق والدم المتوقد، وهذان إذا طال لبثها في العضو عفنا وإذا عفنا حصل التقيح وإذا دام التقيح في اللحم نال الضرر العظم ولحقه العفن ويؤول أمر ذلك إلى أسباب موجبة في الرداءة يخاف منها.
21
[aphorism]
قال أبقراط: وعن الضربان الشديد في العروق؟ انفجار الدم.
[commentary]
قال الشارح: الضربان الشديد في القروح سبب موجب لسيلان المواد إلى العضو المأووف وىىك؟ المواد أخلاط حادة لذاعة ينكى؟ القروح وإذا سالت المواد إلى القروح وامتلأت ضاق وعاها ففجرت القرحة واسترفت؟ الموضع الرقيق منها وسال منها دم أكثر.
22
[aphorism]
قال أبقراط: وعن الوجع المزمن فيما يلي المعدة التقيح.
[commentary]
قال الشارح: الوجع المزمن القرب إلى المعدة يكون سببه أخلاط غليظة عسرة النضج ولم يرد بالوجع في هذا المكان الشربان وإنما أراد المرض الحادث المتعادم الذي قد طال مدة بقائة في العضو وهذا الوجع إذا طال لثبه أثرت الحرارة فيه الإنضاج وآل مرة إلى التقيح لأن الورم إما أن ينحل أو يصلب أو يتقيح وهذا الموضع الحرارة فيه ظاهرة فينضجه فيتقيح.
23
[aphorism]
قال أأبقراط: PageVW0P122B وعن البراز الصرف اختلاف الدم.
[commentary]
قال الشارح: البراز الصرف العديم المائية وهو من أحد المرارين والمرار إذا دام سيللانه سحج وجرد وأنكى المعاء وقرحها فأوجب سيلان الدم واختلافه.
24
[aphorism]
قال أأبقراط: وعن قطع العظم اختلاط الذهن إن نال الخالي.
[commentary]
قال الشارح: إذا حدث اختلاط الذهن عن قطع العظم المعروف بقحف الرأس وتعدى الضرر إلى الموضع الخالي وهو السطح الداخل تحت قحف الرأس فلحق الغشاء، وإذا لحق الغشاء لحق نفس الدماغ فاختلاط الذهن وذلك شر.
25
[aphorism]
قال أبقراط: التشنج من شرب الدواء مميت.
[commentary]
قال الشارح: إذا شرب الإنسان دواء الاستفراغ وخرجت الأخلاط وخاف الدواء على البدن حتى أذهب برطوباته واستولى اليبس وجفت الأعصاب وحصل التشنج عقيب الاستفراغ كان ذلك سببا موجبا احدوث الموت سريعا.
26
[aphorism]
قال أبقراط: برد الأطراف عن الوجع الشديد فيما يلي المعدة رديء.
[commentary]
قال الشارح: برد الأطراف في الأمراض الحادة يكون عن أسباب كثيرة، وذلك أنه يكون عن ورم في الأحشاء وعن هرب الحار الغريزي وعن عدم انتشاره بما يغمره من المواد. وأما في هذا الموضع فهو لألم فادح ينقص؟ سببه؟ الحار الغريزي وينقص انتشاره وتبعه الدم فتخلو الأطراف PageVW0P123A منها وتبرد كاليدين والرجلين وما شاكلهما.
27
[aphorism]
قال أأبقراط: إذا حدث بالحامل زحير كان سببا لأن تسقط.
[commentary]
قال الشارح: الزحير حركة مستكرة؟ إما قرحة حاذبة؟ بالمعاء المستقيم أو مواد حادة لذاعة تنصب إليه وكلاهما مؤذيان للرحم لقربه منه والزحير حركة مستكرهة؟ متواترة ينال البدن منها أذي وخاصة للرحم فتضعف الروابط بسبب تواتر الحركة ويقع الإسقاط.
28
[aphorism]
قال أبقراط: إذا انقطع شيء من العظم أو من الغضروف لم يلتحم .
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل قد تقدم تفسيره في الفصل الأول وهو قوله متى انقطع عظم أو غضروف أو عصبه أو الموضع الرقيق من لحم اللحي لم ينبت ولم يلتحم فلا حاجة إلى نكرار؟ ذلك وإعادته.
29
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث بمن غلب عليه البلغم الأبيض اختلاف قوي انحل به عنه مرضه.
[commentary]
قال الشارح: قالوا أراد بقوله البلغم الأبيض الاستسقاء هكذى كان يعرض هذا المرض بهذا الاسم في لغة اليونان وظاهر الحال الاستسقاء إذا حدث بصاحبه اختلاف قوي يذهب المائية؟ هذا إن كان (حدث: مع صح ها) الاختلاف عن قوة من الطبيعة وقهرها المرض. وأما إن كان عن انحلال القوة فيتبعه الموت والفرق بينهما أن الاستسقاء التابع لضعف القوة وانحلالها (يتبعه سعال: تا مع صح) لقول PageVW0P123B أبقراط إذا حدث بصاحب الاستسقاء سعال فليس يرجي.
30
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به اختلاف فكان ما يختلف زبديا فقد يكون سبب اختلافه شيء ينحدر من رأسه.
[commentary]
قال الشارح: الاختلاف إذا كان زبديا يكون من رطوبة تخالطها ريح كما تقدم فيما سلف ويكون أيضا من المعدة، وقالوا أيضا يكون من الرئة فلم خصص أبقراط الرأس من دون الرئة والمعدة وقالوا يفرق بينهم فإن كان مع الاختلاف وجع في الرأس كان الاختلاف منه، وإن لم يكن معه وجع فهو من أحد العضوين الآخرين، والجواب عن أبقراط في تخصيص هذا الاختلاف بالدماغ لأن الدماغ مزاجه بارد رطب ويغتذي بالبارد الرطب فتكون رطوباته كثيرة وتخالطها رياح وتكون نسافة اختلاط الريح بالرطوبات بعيدة فتشتبك؟ الرطوبة بالريح المتولدة في الدماغ بالهواء المسس؟ بهذا السبب خصص الدماغ من دون العضوين الآخرين.
31
[aphorism]
قال أبقراط: من كانت به حمى وكان يرسب في بوله ثفل شبيه بالسويق الجريش فذلك يدل على أن مرضه يطول.
[commentary]
قال الشارح: الثفل الشبيه بالسويق الجويش هو عن مادة غليظة عسرة النضج فحرارة الحمى تنضجها على طول المدى؟ فبسبب بطء نضجها يطول زمان انقضائها وهذا النقل هو المعروف PageVW0P124A بالدشيشي؟، وقيل إن صاحبه يهلك سريعا إن كان عن تفتت؟ الأعضاء الأصلية ويكون لون الثفل أبيض وربما دل على انخلال اللحم ونقتته؟، ولون هذا الثفل يكون أحمر ويدل على بلغم قد أحرقته الحرارة وجففته ويكون لونه وماديا وهذه الأسباب جميعها تدل على فعل الطبيعة فيها وإنضاجها في مدة أطول.
32
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان الغالب على الثفل الذي فى البول المرار وكان أعلاه رقيقا دل على أن المرض حاد.
[commentary]
قال الشارح: المرار إذا كان غالبا على الثفل في البول وكان أعلاه رقيقا جدا كان ذلك دليلا على أن المرض يكون حادا لأن المرار إذا لم تقيد تقيد آخر يراد به المرار الأصفر دون الأسود ومتى كانت المرة الصفراء غالبة في الثفل دل على حدة المرض للطفها وهيجانها وأخذها في التعفن والفساد، وقوله وكان أعلاه رقيقا جدا فرقة البول يدل على عدم النضج وجالينوس انكر رقة البول وعدم نضجه مع حدة المرض لأن المرض الحاد يكون أخلاطه ناضجة وهذا قد أخبر فيه بعدم النضج مع حدة المرض، وقال إن قويا فهموا من قوله وكان أعلاه رقيقا أراد به زمان المرض فإنه إذا كان في ابتدائه رقيقا ثم غلبت عليه المرة الصفراء أنضجته فصار المرض حادا وهذا فيه تأويلات غير صحيحة ونقل ابن أبي PageVW0P124B صادق عن حنين أنه قال أراد بالرقة في الأعلى الانخراط في الشكل لأن الثفل إذا كان نيا كان ثقيلا غليظا مسطح الأعلى وإذا كان نضيجا كان مقيب؟ الأعلى وقد يكتسب في معرفة مقدمة المعرفة بأشكال أعالي الثفل وأسافله، وقد قيل إن الثفل المتعلق إذا كان مائل الأهداب؟ إلى فوق دل على طول االمرض وإذا كان مائل الأهداب إلى أسفل كان دليلا على حصول البرء عاجلا لأن الأول يدل على تولد الرياح والثاني على انفشاشها وتحللها.
33
[aphorism]
قال أبقراط: من كان بوله متشتتا دل على أن في بدنه اضطراب قوي.
[commentary]
قال الشارح: إذا كان البول متشتتا دل على اختلاف أجزائه إلى مائية وأجزاء أخر متفرقة فيه وإذا رسبت تلك الأجزاء كانت أثفالا؟ شبيهة بالنخالة وذلك دليل على انحلال السطح الظاهر من الأعضاء الأصلية والاضطراب الذي قاله أبقراط عنى به بين الطبيعة والمرض لأن الطبيعة إن كانت مستولية على المرض كانت أجزاؤه متساوية وحيث كانت متشتتة كان دليلا على أن المرض مستوليا على الطبيعة.
34
[aphorism]
قال أبقراط: من كان فوق بوله عبب دل على أن علته في الكلى فأنذر منها بطول.
[commentary]
قال الشارح: العبب هو PageVW0P125A النفاخات التي تعلو البول ويكون من تولد أرواح غليظة نية فجه وذلك دليل أنها من الكلى لأنه يمكن أن يأتي؟ خام؟ من موضع آخر عن الكلى فينحل ويهيج نفاخات في الثفل فيقول إنه إن أفرغت تلك النفاخات وكان في الكليتين وجع فهو دليل على مرض يكون في الكليتين وإن لم يكن فيها وجع فالنفاخات من خام تحللأ من كوضع آخر وهذا يدل على بطء النضج.
35
[aphorism]
قال أبقراط: ومن رأى فوق بوله دسما دل ذلك على أن في كلاه علة حادة.
[commentary]
قال الشارح: البول الذي يعلوه شيء شبيه بالدسم يدل على ذوبان شحم الكليتين أو ذوبان شحم السحين؟ من سائر الأعضاء أو ذوبان شحم سائر البدن أو الدسم الذي في جواهر الأعضاء وبعد ذلك تأخذ الأعضاء في النقت؟، وقد فرقوا بين ذوبان شحم الكليتين وبين غيرها من الأعضاء (والفرق: شا) أن الذوبان الكلوي يكون كثيرا لكثرة الشحم فيها ويخرج دفعة لقربه من المخرج وهذا هو الذي عناه أبقراط فيوجب مستمزل؟ في البول لقلة تحوجه؟ مع المائية. فأما دسم الأعضاء الأخر فيجرج قليلا ويخرج شيء بعد شيء ويخلط بالمائية وقد اعترض الرازي على جالينوس وقال كان من سبيله أن يبين؟ أن شحم الكلى وهو فوق الكلى كيف يخالط البول فإن كان يغوص فكيف PageVW0P125B ذلك والشيء الذائب إنما يسيل إلى أسهل المواضع فكيف لا يسيل إلى خارج.
36
[aphorism]
قال أبقراط: من كانت به علة في كلاه وعرضت له هذه الأعراض التي تقدم ذكرها وحدث به وجع في صلبه فإنه إن كان ذلك الوجع في المواضع الخارجة فتوقع خراجا يخرج به من خارج، وإن كان ذلك الوجع في المواضع الداخلة فأحرى أن تكون الدبيلة من داخل.
[commentary]
قال الشارح: إذا حدث في الكلى مرض وعرض له بعض ما ذكره من الأعراض المتقدمة ومع ذلك وجع في الصلب فلا يخلو ذلك الوجع إما أن يكون ميله إلى خارج أو إلى داخل، فإن كان ميله إلى خارج كان في العضل الخارج وإن كان ميله إلى داخل كان الوجع حاديا؟ في المني؟ وهبا؟ حدث الخراج في نفس الكلى ويفرق بين الخارج في العضل الداخل وبين الكلى أن وجع (الكلى: ها مع صح) أكثر غورا وتلزمهه في أوائله حمى ساكنة غير مخلطة غير لازمة لنوبة معلومة مع قشعريرة ويكون الإحساس عند الأسلقاء شيء ثقيل؟ كأن÷ معلق من فطنة أكثر. وأمأ وجع المىن؟ فهو أقل غورا وأشد ضربانا ولا يقدر صاحبه على الانحناء.
37
[aphorism]
قال أبقراط: الدم الذي يتقيأ من غير حمى سليم وينبغي أن يعالج صاحبه بالأشياء القابضة والدم الذي يتقيأ مع حمى رديء.
[commentary]
قال الشارح: قيء الدم مرض PageVW0P126A والحمى مرض واجتماع مرضين أشد خطرا من مرض واحد فقيء الدم يكون من انفتاح عرق أو قرحة فيعالج بالأشياء القابضة فيلحم القرحة ويلحم دم العرق فيسهل برؤه والقيء مع الحمى رديء لما تقدم من اجتماع مرضين على البدن وثانيه أن الحمى دليل على ورم والقرحة دليل على التقيح والورم يحتاج إلى نضج وتحليل والقرحة تحتاج إلى اندمال وهذا احتاج بين ضدين.
38
[aphorism]
قال أبقراط: النزلة التي تنحدر إلى الجوف الأعلى تنضج في عشرين يوما.
[commentary]
قال الشارح: الجوف الأعلى عنى به ما يحويه الصدر ويشتمل؟ عليه والنزلة المنحدرة من الرأس إلى قصبة الرئة إلى الرئة وقطع بعشرين يوما لكون العشرون هو يوم البحران اليوم والعشرين ولا الثاني والعشرين كما يوجد في بعض النسخ وهو خطاء.
39
[aphorism]
قال أبقراط: من بال دما عبيطا وكان به تقطير البول وأصابه وجع في نواحي الشرج والعانة دل ذلك على أن ما يلي مثانته وجع.
[commentary]
قال الشارح: قد مضى شرح هذا الفصل بعينه في المقالة الرابعة فلا حاجة إلى إعادته وتكراره.
40
[aphorism]
قال أبقراط(G: 126a, line 14-127a, line 2; W: 74b, line 8-75a, line 1): متى عدم اللسان بغتة قوته أو استرخى عضو من الأعضاء فالعلة سوداوية.
[commentary]
قال الشارح: قيل إنه عنى بعدم قوة PageVW0P126B اللسان بطلان حسه وحركته كما * يحدث (1) في الفالج. وجالينوس قال إن مبنى * الحيرة (2) في هذا الفصل لأن إذا عدم اللسان قوته يكون عن السوداء * ويمكن (3) أن يكون عن البلغم فتخصيص أبقراط هذا يطبع * السوداء (4) من دون البلغم لأي سبب هو، وإنما قال بغتة لأن الاسترخاء قد يحدث قليلا بعد * قليل (5) بسبب * الورم (6) الذي يصلب وسبب سوء المزاج الذي يستولى قليلا قليلا وغير خاف أن الروح الحساس إذا خالطه * البخار (7) الغليظ السوداوي امتنع من النفوذ في آلات * التنفس (8) فيعرض الحصر والاسترخاء بغتة. وقد حكى روفس أنه * شاهد (9) رجلا به ماليخووليا وكان لا يحس بالألم ولا بالوجع ولا بالجوع ولا بالعطش قال فأحميت حديدة في النار طال * زمانها (10) ووضعتها على ساعده وهو يقول * شيء (11) رديء ثم بعد الجهد * لما (12) أحس برائحة حريق جسمه والسوداء * لغلظها (13) والأرضية * التي (14) فيها تصلب العضو وتفعل فيه جسأة حسب ما تكون في الورم المعروف بسقروس * فتمنع (15) مسالك الروح النفساني من أن * يغيرها (16) الروح. وأما البلغم فيفعل * بلين (17) * ورخاوته (18) وفرط رطوبته حسب ما يفعله في الأورام الرخوة * من (19) سهولة الانغمار * فيه (20) فلا * يمنع (21) الجسم الروحي من النفوذ فيه. وقد حكى ابن أبي صادق عن شمعون في كتابه في باب الصرع أنه قال إذا كان مع الصرع ارتعاش واضطراب PageVW0P127A كان بلغميا لأنه لا يمكن في البلغم أن يمنع جميع مجرى الروح PageVW1P075A في العصب. * وأما (22) من صرع فاستسقط أعضاؤه كلها فإنه من السوداء.
41
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدث التشنج بسبب استفراغ (أو: فا مع صح) عسى أو قيء أو فواق فليس ذلك بدليل محمود.
[commentary]
قال الشارح: كل تشنج يكون عقيب؟ استفراغ فهو مهلك بسبب استيلاء اليبس على البدن وجفاف الأعصاب وجفاف الأعضاء الأصلية.
42
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابته حمى ليست من مرار فصب على رأسه ماء حار كثير أنقضت بذلك حماه.
[commentary]
قال الشارح: إن عنى أبقراط جميع أنواع الحميات العفية؟ والوبائية؟ فهذا غير صحيح، وإن عنى به اليومية كالحال في ما يحدث عن الهم والغم والتعب؟ فهذا صحيح. وأما الحميات العفيية؟ فأردأ ما لها صب الماء الحار لا يحلل الأخلاط ويحلل النضيج ويجلب على البدن آفة فلهذا قال وقد؟ ليست من مرار أي لا يكون عن فادة؟ وأراد اليومية والتبعية؟ ولم يرد بصب الماء على الرأس وإن/ا أراد به الاستحمام وإن/ا العرض؟ والعادة إذا رام الإنسان الاستحمام بذلك الرأس فلهذا عنى به الرأس والواجب أن حمى الروح بوافقها؟ الاستحمام ليحلل الأبخرة الحارة وينفش؟ حرارة حمى الروح.
43
[aphorism]
قال أبقراط: المرأة لا تكون ذات يمينين.
[commentary]
قال الشارح: PageVW0P127B إن أبقراط لم يرد بقوله ذات يمينين أن يكون الفعل باليسرى أقوى من الفعل باليد اليمنى وهذا هو الأعسر المعروف وهو تشوية في الخلقة، وإنما يراد به المساوية في فعلهما أن يكون فعل اليد اليسرى كفعل اليمنى وهذا لا يكون في النساء لنقص حرارتهم من أصل الخلقة ويمكن أن يكون في الرجال لتوفر الحرارة فيهم، وقد ذكر قوم أن موضع ذات يمينين ذات فرجين فإن الرجل يكون له فرج الرجل ويتبعه فرج الامرأة فيكون ذات فرجين ولا يمكن أن يكون مع فرج المرأة فرج الرجل النقصان حرارتها فإن الرجل يكون له ذكر ويميل مزاجه إلى البردم والرطوبة فيحدث له فرج امرأة وهو انحناث؟ والمرأة لا يكوا لها مع فرج ذكر لنقصان حرارتها.
44
[aphorism]
قال أبقراط: من كوي من المتقيحين فخرجت منه مدة نقية بيضاء فإنه يسلم، فإن خرجت مدة حمائية منتنة؟ فإنه يهلك.
[commentary]
قال الشارح: هذا الفصل ذكر فيه علامة من يسلم من المتقيحين ومن يهلك منهم فقال علامة الذي؟ تسلم منهم أن تكون مدة المتولدة فيه نقية بيضاء لأن العفن لا يكون مستوليا عليها ولا يكون لها مع ذلك رائحة كريهة وإنما المدة الحمائية المنتنة فلما يسوقها؟ من العفن ويستولي عليها وهذا يكون في الذي يكون القرحة في صدفهم؟ ولا يتبغي أن يكوي من يكون PageVW0P128A فيحمم حمائي كريه الرائحة لأن ذلك لا يجدي؟ عليه نفعا فتركه أولى وأحرى.
45
[aphorism]
قال أبقراط: من كانت في كبده مدة فكوي فخرجت منه مدة نقية بيضاء فإنه يسلم وذلك أن تلك المدة فيه في غشاء، فإن خرج منه شيء شبيه بثفل الزيت فإنه يهلك.
[commentary]
قال الشارح: وهذه العلامة التي ذكرها في هذا الفصل يختص بالكبد دون غيرها من الأعضاء والفصل الأول كان مختصا بالقيح المتولد في الصدر فقال من كان في كبده قيح فكوي يخرج قيحه أبيضا نيا؟ كان دليلا على أن قيحه في الصفات وهو الغشاء وإن كان القيح زيتيا كما ألزمون فإنه يهلك لأن ذلك القيح يكون قد وصل إلى نفس الكبد وكان ذلك شببا مؤديا إلى الهلاك لكون العضو الرئيس قد نالته الآفة.
46
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
47
[aphorism]
قال أبقراط: إذا حدثت بصاحب الاستسقاء سعال فليس يرجى.
[commentary]
قال الشارح: تقدم شرح هذا الفصل في المقالة السادسة ولا حاجة إلى تكاراره.
48
[aphorism]
قال أبقراط: تقطير البول وعسره يحلهما شرب الشراب والفصد وينبغي أن يقطع (فا: ىقع: نص) العروق الداخلة.
[commentary]
قال الشارح: نقل بلاذيوس في شرح هذا الفصل أن أبقراط لم يرد بتقطير البول وعسره جميع أصناف التقطير ولا جميع عسر البول بل ما كان عن انسداد (تا مع صح: اىراد: نص) خلط فج (حينئذ؟) خام أو حصول ورم PageVW0P128B في المجاري فما كان منه عن انسداد خلط خام يعالج بالشراب الصرف سقيا وما كان عن ورم فيعالج بالفصد، وعنى بالعروق الداخلة الصافن في القدم والأكحل والإبطي من اليد لأنهما يستفرغان ما في أسافل البدن. وقال ابن أبي صادق إذا كان التقطير والعسر من حدة البول نفع فيهما الفصد ولم يعين على الدم أو الصفراء فإن كان عن الدم فقوله صحيح. وأما عن الصفراء فليس بصحيح والدم نافع لمن كان بدنه ممتلئا من الدم، فإذا فصد خرج الخلط الموجب للمرض. وأما عسر البول فمتى كان عن برد أو ريح غليظة أو سوء مزاج بارد فشرب الشراب نافع له.
49
[aphorism]
قال أبقراط: إذا ظهر الورم والحمرة في الحلقوم فيمن اعترته الذبحة كان ذلك دليلا محمودا (لأن المرض يكون قد مال إلى خارج: ناقص).
[commentary]
قال الشارح: هذا يكون لميل المادة من داخل إلى خارج لأن كل مادة يظهر من داخل البدن إلى خارجه فهو دليل على قوة الطبيعة ودفعها بالمادة من أعماق؟ البدن إلى خارجه، وهذا أسلم في جميع الأمراض لأنه دليل على نضج المادة وقو’ الطبيعة.
50
[aphorism]
قال أبقراط: من أصابه في دماغه العلة التي يقال لها سقالوس فإنه يهلك في ثلاثة أيام فإن جاوزها فإنه يبرأ.
[commentary]
قال الشارح: إنما خص أبقراط هذه العلة وهي سقاقيلوس PageVW0P129A برؤها بعد ثلاثة أيام إن جاورها لأنه ذكر آنفا أن المرض إذا كان في غاية الحدة يتقدم اليوم الثالث على الرابع بحدة المرض، وقال هذا العضو شريف غائة الشرف والمرض حاد غاية الحدة فلشرف العضو وسرعة الآفة النازلة به لا يلحق الرابع وهو أول البحارين؟ القمرية، وقد قال فيها مضى أن من البحران قد يصعب مرضه في الليلة التي قبل نوبة الحمى التي يأتي فيها البحران ثم في الليلة التي بعدها يكون أكثر ذلك أخف وحيث كان العضو شريفا والمرض في غاية الحدة وكانت صعوبة البحران تأتي في الليلة التي قبل البحران وأول البحارين في الأمراض الحادة الرابع حكم أنه إذا لم يهلك في الثالث بنحو من مرضه، وقال متى لحق الفساد وهو العفن نفس الدماغ كان مهلكا من ابتدائه إلى اليوم الثالث منه لما تقدم ذكره فإن جاوز الثلاث أيام برئ، والله أعلم.
51
[aphorism]
قال أبقراط: العطاس يكون من الرأس إذا سخن الدماغ ورطب الموضع الخالي الذي في الرأس فانحدر الهواء الذي فيه فسمع له صوت لأن نفوذه وخروجه يكون في موضع ضيق.
[commentary]
قال الشارح: حكم أبقراط بأن العطاس الحادث من الدماغ يكون إذا سخن الدماغ ورطب الموضع الخالي منه فتوهم هذا الفصل أن لا يكون عطاس إلا من الدماغ PageVW0P129B بعد حصول سخونته ورطوبته المواضع الخالية منه، وقد يشاهد في العيان أن من أدخل في أنفه ريشة أوشا؟ يناسبه؟ حصل له عطاس، وإنما أراد أبقراط العطاس الطبيعي وهذا عطاس غير طبيعي والعطاس سببه رطوبات حادة لذاعة تلذع آلات الشم فيهيج؟ عطاس؟، ولا شك أن خروج الهواء المنحدر في المنافد الضيقة يوجب قعقعة وصويا؟ قويا فالعطاس الطبيعي يكون كما ذكر من الرأس والذي يكون غير طبيعي يكون من رطوبات حادة لذاعة تهيج عطاسا بسبب لذعها لآلات الشم فيحصل من ذلك كما يحصل من النفخ في أنبوب يستخرج ما فيه والعطاس على الاطلاق هو امتلاء الرئة من استبساق؟ الهواء والدماغ فيندفع ما في الرئة دفعة بانقباض الصدر ويندفع ما في الدماغ، فلما تقدم من قوله إذا رطب المواضع الخالية التي في الرأس وانحدر الهواء من الرأس وانحلال الرطوبات وصدورها؟ إنما يكون لنهوض؟ الحار الغريزي وتحليله الرطوبات وتلطيفها، وعنى بقوله المواضع الخالية بطون الدماغ فإذا انحدر الهواء في مجاري الأنف والحىاسىم؟ وخفلإ ثقل الرأس بصوت قوى وقعقعة ظاهرة.
52
[aphorism]
قال أبقراط: من كان به وجع شديد في كبده فحدثت به حمى حلت PageVW0P130A ذلك الوجع عنه.
[commentary]
قال الشارح: أوجاع الكبد (الذي: ها مع صح) عناها أبقراط في هذا الموضع يمكن أن يكون من ريح غليظة ويمكن أن يكون من بلغم غليظ فج؟ وكلاهما تحلهما حرارة الحمى لأن حرارة الحمى تنضج البلغم الغليظ ويحلل الريح، ولم يعن به الوجع الذي يكون من ورم (لأن الورم: ها مع صح) تتبعه الحمى، وقد ذكر الوجع الذي تكون معه حمى فيعين؟ أن يكون من السمين المذكورين.
53
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
54
[aphorism]
قال أبقراط: من تحيز فيه بلغم فيما بين المعدة والحجاب فأحدث به وجعا إذ كان لا منفذ له ولا إلى واحد من الفضائين فإن ذلك البلغم إذا جرى في العروق إلى المثانة انحلت عنه علته.
[commentary]
قال الشارح: ينبغي أن يفهم من * لفظ (23) هذا الفصل ما بين المعدة والحجاب الفضاء الذي هو دون الحجاب في جوف الغشاء وأن البلغم إذا كان في هذا الموضع تدفعه الطبيعة إلى العروق وأنها إذا كانت قوية لم يعجزها طريق تسلك فيه، وقال * بلاذيوس (24) إن اجتمع بين الصفاق والمراق بلغم غليظ هيج وجعا لأنه لا يستطيع أن يصل إلى الأمعاء * فيبرد (25) ومن شدة الوجع لا بد وأن يتبع صاحبه حرارة والحرارة تذيب البلغم وترققه وترسله إلى الكليتين والمثانة فيخرج بالبول. هذا لفظ * بلاذيوس (26) والصحيح من هذين PageVW0P130B ما يذكر بعد هذا، وقد * نقل (27) عن * مالينوس (28) أنه قال لو كان بلغم بين المعدة والحجاب لم يمكن أن يدخل إلى العروق كما تدخل المائية الرقيقة في أصحاب الاستسقاء. قال ومراد أبقراط في هذا القول أن يكون البلغم فيما بين * جرم (29) الحجاب الخالص الذي هو لحم وبين أعلى الغشاء الممدود على البطن، وجالينوس يقول الأولى أن يفهم من قوله عما بين المعدة والحجاب الفضاء الذي هو دون الحجاب في جوف الغشاء المسمى * قارطين (30) وأن البلغم في هذا الموضع تدفعه الطبيعة إلى العروق، ومتى كانت قوية لم يعجزها دفعه إلى طريق تنفذه فيه للشيء الذي تريد دفعه ونفيه عن البدن، ولو كان غليظا والطريق ضيق فإنها تدفعه في الوصول التي بين الأعضاء، ولو كانت المنافذ صلبة كالعظام لم يعسر عليها تنفيذه * ولذلك (31) تدفع المادة عن فضاء الصدر بالسعال وتدفع الدم من الجلد وهو * صحيح (32) في المواضع التي انكسر فيها * عظم (33) ، وذلك بأن تلطفه قليلا قليلا وتدفعه، وقد قال الرازي أن جالينوس لم يطلب في الموضع منفذا برنجيا أي واسعا بل يرى أن البلغم ينفذ * إلى (34) العروق على طريق الرشح، وقد صرح أبقراط في قوله * إذا (35) كان لا منفذ له إلى أحد الفضائين وهما فضاء الصدر وفضاء البطن وإذا وقف البلغم في PageVW0P131A ذلك الموضع أحدث وجعا بالتمديد فإن دخل منه في الأجوف الصاعد إلى الحجاب صار منه إلى المثانة وكان مصيره إليه بطريق الرشح على ما رآه جالينوس، وقال ابن أبي صادق * اللائق (36) بفص أبقراط أن يندفع البلغم إلى جوف الصفاق ويصير منه إلى المثانة على ما قيل في ذلك PageVW1P076B من قبل وقوله لا منفذ له ولا إلى أحد الفضائين فإنه عنى بالمنفذ منفذا لم يكن معهودا والمنفذ من الصفاق إلى الكبد ليس بمعهود إلا في الأجنة؟ كما قيل.
55
[aphorism]
قال أبقراط: من امتلأت؟ كبده ماء ثم انفجر ذلك الماء إلى الغشاء الباطن امتلأ بطنه ماء ومات.
[commentary]
قال الشارح : قد ذكر أن أكباد؟ الحيوانات إذا شففت؟ توجد في أغشيتها نفاخات كثيرة من الماء، وذلك دليل على أن الكبد يسرع إليها أكثر من سائر الأعضاء نفاخات وتلك النفاخات تتولد في أغشية الكبد فيحدث من ذلك ما ذكر من اجتماع المائية وإذا انفجر إلى خارج بالمنفذ الذي يدخله العرق الصائر انصب إلى الفضاء الذي تحت؟ الحجاب وحدث الاستسقاء لأن في هذا الفضاء بعينه يجتمع الماء في المستسقئين، وقد قيل إن هذا الفضاء هو الذي فوق الثرب وتحت قارطين، وينبغي أن يفهم من قوله الغشاء الباطن أي موضع الغشاء الباطن وهو الذي يليه والغشاء PageVW0P131B الباطن على الحقيقة هو الثرب، وقد قيل إن÷ لا ينبغي أن يحزم؟ في صاحب هذه العلة بالموت فإن بعض أحاد؟ المستسقين قد يسلم ولا يكون الحكم يجزم الموت واجبا.
56
[aphorism]
قال أبقراط: القلق والتثاوب والقشعريرة يبرئها شرب الشراب إذا مزج واحد سواء بواحد سواء.
[commentary]
قال الشارح: هذه الأعراض المعدود الموصوفة التي ذكرها ينبغي أن يختص بالأصحاء لا المرضى فإن (من :تا) كان مريضا أو به عرض ينذر؟ بمرض كحدوث العفن قبل الحمى أكثر ما يهيج عن عفن البلغم وحرارة الشراب تحل العفن الكائن من البلغم. وأما قول أبقراط سواء:؟ بواحد سواء فليكن نصف من الشراب ونصف من الماء لتكون حرارة الشراب مستولية على حل الخلط البلغمي العفن، ومتى كان الماء أكثر من الشراب فجج؟ وفقص النضج وبرد الحرارة ولنرجع إلى الكلام الأول لم ينبغي أن يختص الأصحاء بهذه دون المرضى فإن هذه تحدث في الأصحاء لسببين أحدهما بدني والآخر نفساني. أما البدني فمتى وجد في فم المعدة رطوبة مؤذية غير؟ كسره؟ في فضائها بل مداخله بجرمها عرض لصاحبها القلق؟ وهو أن يحل؟ الحال التي هو عليها وشتهي؟ الانتقال منها إلى جهة أخرى. وأما التثاوب؟ فلمأ يعرض في عضل الفكين من فضلة؟ يكون من جنس الريح لذلك إذا كانت المادة في عضل الفكين واليدين والرجلين عرض لصاحبها المطي والقشعريرة PageVW0P132A من رطوبة يسيرة تنصب إلى تحت الجلد وهذه جميعها يسفيها؟ القوى ؟ من شرب الشراب لأنه ينضج ويهضم ويعدل ويزيد الحرارة الغريزية، وقد قال الرازي إن القيء في هذه العوارض أولى من سقي الشراب وخطأ جالينوس في ذلك، وقد أخذ على الرازي فيما قاله وخطئ فيه لأن القيء يخرج ما هو مصبوب في تجاويف المعدة ولا يخرج ما هو في جرمها وبين طبقاتها. وأما ما يتعلق بالأمور النفسانية كالوحدة وسوء الفكر فإن الإنسان إذا كثر فكره وطل بهاره؟ أجمع فيه يعرض القلق والتكسل والتمطي؟ والتثاوب ولا يزول ذلك عنه إلا بإزالة الوحدة وموانسه؟ من يانس؟ به أو يركن؟ إليه ويعتمد عليه أو يتناول أقداح من شراب ريحاني فيرتل؟ ذلك من الأمور البدنية والنفسانية وهذا يكون في الأصحاء دون المرضى.
57
[aphorism]
missing
[commentary]
missing
58
[aphorism]
قال أبقراط: من تزعزع دماغه فإنه يصيبه؟ من؟ وقته سكتة.
[commentary]
قال الشارح: تزعزع الدماغ حركة شديدة خارجة عن المجرى الطبيعي يعرض للدماغ من سقطة يسقطها الإنسان من موضع عال على رأسه أو من ضربة تقطع في الرأس، وربما يعرض للنحاع؟ حتى تضطرب مواضع بالىف؟ الفقارات؟ ويكاد يعرض للعصب الذي يلبث؟ منه ينهتك؟ إلا أن الذي ينال الدماغ (من الوهي والتحرك أكثر مما يناله: ها مع صح) بحسب ما له من الفضاء الذي ليس يوجد ميله؟ للتخاع؟ ويعرض PageVW0P132B للقوى النفسانية أن ينفض؟ بتأديها؟ بتلك الحركة والأشراف على الخطر ويعرض لبعض الأعصاب أن تتمد> تمددا شديدا وللبعض أن ينهتك؟ ويبعرض لكمون؟ القوى الدماغية وسكونها عن التصرفات أن يبقى الإنسان عادم للحس والحركة والصوت فإن لم ينهتك شيء من الأعصاب رحي لصاحبه السلامة هذا ما ذكره ابن أبي صادق والوجه الصحيح في ذلك أن الدماغ هو من أشرف الأعضاء الرئيسة وهو سراج الجسد، فإذا حل به آفة نالت جميع البدن كما قال حنين هو أصل ومبدأ لجميع الأعصاب وأن الحس والحركة إلى جميع البدن منه وأصله، فإذا حلت به الآفة العظيمة كان منها السكتة أو الفالج. وأما كون تزعزه يوجب السكتة فلأن البخارات؟ المتصاعدة من الكيموس الغليظ اللزج الذي يملئ بطون الدماغ ويضطرب ولا تجد متنفسا فتحول في الدماغ ومزاجه بارد رطب كما يقرر ليس به من الحرارة ما نفش البخارات المتصاعدة ولا يحلها؟ فيتزعزع الدماغ فيبطل؟ الكلام والحس والحركة.
59
[aphorism]
قال أبقراط: من كان لحمه رطبا فينبغي أن يجوع فإن الجوع يجفف الأبدان.
[commentary]
هذا القول قول عام كلي وهو أصل الطب فلأجل هذا ختم به الكتاب. وهذا الفصل يمكن أن PageVW0P133A يكون للأصحاء ويمكن للمرضى. أما الأصحاء فإن المزاج الأصلي إذا مال إلى ناحية الرطوبة بحيث يعود إلى مزاجه الأصلي، وإن كان في المرضى فهو أصل للطب يقابل الضد بالضد يداوي الرطب باليابس، وقد عورض؟ هذا بأن قيل كان ينبغي للحيوانات المتجحرة العادمة للغذاء في الشتاء الجفاف والذبول قلنا هذه إن/ا لا يعرض لها هذا لأن المحللأ من البدن هو الحرارة الداخلة. وأمأ الحرارة الخارجة وهذه الحيوانات المتجحرة عادمة الحرارتين المحللأة فلذلك صار لا ىعون؟ لها التحلل إلا المقدار النزر الذي لا يعتد به وذلك القدر المتحللأ لا يؤثر فيها أكثر من الضعف الذيب ينالها في فصل الشتاء إلى تعود إلى عدادها؟ في فصل الربيع فيعود إلى حالها وهذا يشاهد بالعيان.
Page inconnue