[الحج: 39] فأول آية نزلت فى الإذن بالقتال نزلت قبل هذه، وهى مثلها فى أنه، يقاتلون من يقاتلهم ونسخ المفهوم بناء على أنه حكم شرعى، ومعنى يقاتلونكم تتوقعون منهم القتال، بأن أخذوا فى أهبته { ولا تعتدوا } تجاوزوا ما حد لكم بابتداء القتال، أو بقتل من لا يقاتل كالنساء والصبيان والرهبان والشيوخ والمعاهد وكل من كف يده، وبالقتال بلا دعوة والمثلة { إن الله لا يحب المعتدين } عموما وهو لعموم السلب والمعنى لا أحد منهم يحب الله له الخير.
[2.191]
{ واقتلوهم حيث تقفتموهم } أخذتموهم وظفرتم بهم، أو أدركتموهم قادرين عليهم، ولو لم يبتدئوكم بالقتال، لا عند المسجد الحرام فحتى يبدأوكم، كره المسلمون القتال فى الشهر الحرام والبلد الحرام فأباحه الله لهم به { وأخرجوهم من حيث أخرجوكم } موضع الإخراج، وهو مكة، وسمي التسبب فى الإخراج إخراجا لأن أهل مكة ضيقوا على المسلمين بالضرب والحبس، وإرادة ذلك وإرادة التقل والمنع عن دين الله فخرجوا لذلك، وكذا فى قوله
من قريتك التى أخرجتك
[محمد: 13] أى أخرجك أهلها، على حذف مضاف، أو أسند الإخراج إليها لحلولهم فيها، ثم إن الإخراج منهم أيضا مجاز، وقد أخرجهم المسلمون يوم الفتح، وقتلوا من قتلوا، أحلت ساعة من نهار، وكان فيها قتل لبعضهم، وبعد الساعة أمروا بالإخراج، أمرهم الله بقتل من أمكن وإخراج من لم يقتل بحسب الإمكان { والفتنة } الامتحان بالبلية أو نفس البلية، إذ من شأنها أن يمتحن بها أو أن يعامل معاملة الامتحان بها، وذلك كالإخراج من الوطن:
لقتل بحد السيف أهون موقعا
على النفس من قتل بحد فراق
والحمل على الشرك ولا سيما فى الحرم، فإن الإشراك فتنة للباقى عليه ولغيره، وكالصد عن دين الله، وعن المسجد الحرام، وكنفس الإشراك، فإنه يؤدى إلى الظلم والفساد وإشراك الإنسان أشد علي مضرة فى الدنيا والآخرة من القتل، ولا تتركوا قتلهم للبلد الحرام والشهر الحرام فإن شركهم فيها أقبح، إن ظهر لكم أن القتل فيها قبيح كما قال { أشد من القتل } لاستمرار ضرر الإخراج ونحوه من المضار كمداومة الضرب والشتم، ولا يخفى أن شركهم أعظم من القتل لهم فى الحرم والإحرام، أو القتل لهم فيه الذى استعظموه من المسلمين وأعظم من قلتهم المسلمين مطلقا { ولا تقتلوهم } أى لا تقاتلوا المشركين ابتداء وصيغة التفاعل لكون البد يتتبع قتالا، والمعنى لا تقتلوهم { عند المسجد الحرام } أى فى الحرم { حتى يقتلوكم } يبتدئوكم بالقتال { فيه } أى فى المسجد الحرام، أى فى الحرم، وذلك أن عند لموضع الحضور وسائر الحرم حاضر للكعبة منه، ولكم قتالهم فى غير الحرم ولو لم يبدأوكم { فإن قتلوكم } فيه بدأوكم بهيئة القتل وقع القتال أم لم يقع { فاقتلوهم } فيه، وفى غير اقصدوا قتلهم وعالجوه، ولو أبى عليهم كلهم، ولم يقل فقاتلوهم كما هو مقتضى الظاهر مبالغة ووعدا لهم بالنصر، ونسخ تحريم القتال إلا إن بدأوا به بقوله تعالى
وقتلوهم حتى لا تكون فتنة
[البقرة: 193] وبقوله تعالى { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } على قول بتأخير نزولة عن قوله تعالى { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام } وبقوله تعالى
Page inconnue