وعن الشافعى يقتص منه ويحد فيه ولو جنى خارجه إذا دخله، ولا يختلى خلاه، وتضاعف فيه السيئات، الواحدة بمائة، كالحسنات، الواحدة بألف وبمائة ألف، ولا يظلم فيه، ولا يخسف، ولا يمسخ فيه إلا ما قيل، إنه مسخ رجل وامرأة زنيا فى الكعبة، ولا يقحط ولا يخاف من عدو، وليس طلب الأمن تكريرا لقوله: وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا، لأن ذلك إخبار من الله، وما هنا طلب من إبراهيم، أخبرنا الله بما استجاب له فيه قبل، فلا حاجة إلى أن يقال، أراد هنا الأمن من القحط كما قال: { وارزق أهله من الثمرت } أى من أنواعها، وقد استجيب له حتى إنه يجتمع فيها فى اليوم الواحد ثمرات الفصول من الطائف.
قال ابن عباس، نقل الله بقعة من فلسطين بالشام، وقيل من الأردن، وجعلها فى الطائف، وسميت بالطائف، لأن جبريل طاف بها سبعا، ووصفها فى ذلك الموضع، توسعة لرزق الحرم، إجابة لدعائه عليه السلام: { من ءامن منهم بالله واليوم الأخر } لا جميع أهله ولو كفارا، متابعة لقوله تعالى:
لا ينال عهدى الظالمين
[البقرة: 124] فأخبره الله أن الرزق يعم الظالم، لا كالإمامة بقوله " قال " قال الله عز وجل { ومن كفر } عطف من الله على قول إبراهيم، من من، كما فى قوله { ومن ذريتي } وكما يقول الرجل، أكرم زيدا، فتقول، وابنه، أو يقدر، والرزق من كفر، بفتح الهمزة وضم القاف، وعطف على هذا المنذر بقوله: { فأمتعه قليلا } أو قل، يا إبراهيم، ومن كفر، أو ارزق من آمن ومن كفر بالفتح والضم، أو من كفر فأنا أمتعه، أو فقد أمتعه، فحذف أنا، أو قد، وإن جعلنا من موصولة مبتدأ فالفاء صلة فى خبرها بلا تقدير، والمراد تمتيعا قليلا أو زمانا قليلا، أو كلما كثر أو طال من الدنيا فقليل قاصر { ثم أضطره } الجئه بعد موته { إلى عذاب النار } لكفره، فلا يجد امتناعا عنها، وذلك بلا تحرك منه، كقوله تعالى: يوم يدعون إلى نار جهنم دعا، وقوله: يسحبون، وقوله
يؤخذ بالنواصى والأقدام
[الرحمن: 41] ويتحرك كقوله عز وجل
وسيق الذين كفروا
[الزمر: 71] { وبئس المصير } النار أو عذابها، أو الصيرورة، فإنه يصار إلى المعانى كما يصار إلى الأجسام، والمتسبب عن الفكر شيئان، الأول تقليل التمتيع، إذ قصر عن التمتيع الدنيوى، ولم يوصل بالأخروى، والثانى اضطراره إلى عذاب النار.
[2.127]
{ وإذ يرفع } المضارع لحكاية الحال الماضية كأن المخاطب حضر حين رفع { إبراهيم القواعد } الأساس، أى ينشئها، أو الجدر؛ لأن كل جزء فيها قاعدة لما فوقه، أو رفعها تعظيمها بالحد إليها من القعود، وهو الثبوت { من البيت } وليس المراد أنها كانت قصيرة وأطالها، أوقع الإطالة على القاعدة للجوار أو الحلول، لأن الجدار المجاور لها، أو الحال فيها غير مرفوع أيضا، بل يحدث سافة ثم سافة، ولا مانع من أن يراد برفع الن جعل آخرها عاليا بإكثار السافات { وإسمعيل } أخره، لأنه غلام تابع له، معين له بمناولة الحجر والطين، ومع ذلك سماه رافعا، لأن الرفع بواسطة المناولة، وذلك من عموم المجاز، وهو هنا مطلق ما به حصول الرفع، أو جمع بين الحقيقة والمجاز، أو يقدر، وإسماعيل يناوله كقوله: وزججن الحواجب والعيونا، ويضعف أن يقال، تارة بيتى إبراهيم، وتارة إسماعيل، أو بينى أحدهما موضعا منه، والآخر موضعا، ولو فى وقت واحد، قائلين { ربنا تقبل } التفعل للمبالغة بمعنى أقبل قبولا عظيما، بأن يزيد له ثوابا على القبول { منا } بناءنا وسعينا فيه { إنك أنت السميع } لدعائنا، أى العليم به، واختار لفظ السمع، لأنه فى الجملة للأصوات { العليم } بنياتنا.
Page inconnue