، وبطل للآية والحديث، نقول بأنها خلقت من فضله طينة آدم، إذ لا حاجة إلى دعوى المجاز، أى وخلق من جنسها زوجها، ولو اختاره أبو مسلم الأصفهانى وجعله كقوله تعالى:
والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا
[النحل: 72]، وقوله:
إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم
[آل عمران: 164]، وقوله تعالى:
لقد جاءكم رسول من أنفسكم
[التوبة: 128]، وعلمنا أن الملائكة والدواب والطير والجن قبل آدم، ولا نعلم صحة ما قيل أن قيل آدم ألف ألف آدم، ولا ما قال ابن العربى، إن قبل آدم بأربعين ألف سنة آدما غيره، وحكم زين العرب من قومنا بكفر من أثبت آدما آخر { زوجها } هى حواء فى الجنة على الصحيح، وهو قول ابن مسعود وابن عباس، وفى الدنيا عند كعب الأحبار، ووهب، وابن إسحاق، ثم دخلاها معا حملته الملائكة إلى الجنة، ولم يروا بأنها محمولة فهى تجرى { وبث } نشر { منهما رجالا كثيرا ونسآء } أكثر بدليل أن لكل رجل أن يتزوج أربعا، وبدليل المشاهدة، والمراد الذكور والإناث ولو أطفالا مجازا، أو لم يذكر الأطفال لأن السورة فى التكليف، فمن نعمته وقدرته كذلك، كيف لا يتقى ولا يشكر، وكيف يتظالم عبيده مع أنهم إخوة بخلقهم من أب وأم، وليست حواء أختا لنا، لأنها خرجت من آدم بغير طريق النبوة، ولما كانت زوجها حواء متفرعة منها، أعنى من النفس، وهى آدم صح أن يقال لمن يتفرع منهما إنهم خلقوا من نفس واحدة لأنهم منها، ومنه، وهى منه، فرجعوا إليه برجوعها إليه، وبدأ السورة بالتقوى لاشتمالها على المشاق من القتال والطهارة والصلاة وغير ذلك، مما يكون الحامل على أدائه اتقاء عذاب الآمر القادر، ومن شأن الرجال البروز، وقد برزوا وظهرت كثرتهم، فوصفهم بها دون النساء ولو كن أكثر لخفائهن الذى هو من شأنهن، وهن محرث، ومن أراد كثرة الغلة أكثر المزارع { واتقوا } أعاد لفظ اتقوا للتأكيد، وقيل الأول للعموم وهذا للعرب، وقيل الأول لغير العرب وهذا للعرب، والصحيح العموم فيهما وقيل المراد فيهما العرب، وأما غيرهم فتبع، لأن العرب هم الذين يتساءلون بالله وليس كذلك { الله الذى تسآءلون } تتساءلون، أبدلت التاء الثانية سينا ، وأدعمت { به } أى يسأل بعضكم بعضا به، فيقول افعل لوجه الله، أو لا تفعل لوجه الله فهذا سؤال بالله، كما أن قولك أسألك بالله سؤال، والتفاعل على أصله، يسألك وتسأله، أو بمعنى الثلاثى كما قرأ ابن مسعود ثلاثيا، ودلت الآية على جواز السؤال بالله، وخصته السنة بالحاجة، قال صلى الله عليه وسلم:
" من سألكم بالله، ومن سألكم بالرحم فأعطوه "
، وعن البراء أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، منها إبرار القسم أى بقضاء حاجة من سألك بالله { والأرحام } عطف على لفظ الجلالة أويقدر صلوا الأرحام، أمر باتقاء الأرحام، أى اتقوا قطع الأرحام، وهو ترك وصلها، أو اتقاؤها هو نفس وصلها، كما يستعمل تقوى الله بمعنى عدم مخالفته أى احفظوها، ولا يعطف على محل النصب هاء به، لأنه لا يجوز مررت بعمرو ووجدت زيدا، فى الفصيح على الصحيح { إن الله كان عليكم رقيبا } فيحاسبكم ولا يخفى عنه شىء، وروى أن يتيما غطفان طلب بعد بلوغه ماله من عمه فمنعه، وترافعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل قوله تعالى:
{ وءاتوا } الخطاب للأولياء والأوصياء { اليتامى } جمع يتيم، فالأصل يتائم، فأخرت الهمزة عن الميم فكانت ألفا، وذلك جمع على غير قياس، وروعى أنه كغير وصف، ألا ترى أنه لم يسمع إنسان بتيم أو طفل يتيم إلا قليلا، أوجمع يتمى كأمرى ويتمى جمع يتيم، وشملت الآية الذكور والإناث، وذلك إلحاق له بباب الآفات، فإن فتيلا فيه يجمع على فعلى، وفعلى على فعالى كأسير وأسرى وأسارى، لكن اختلفا بالفتح والضم، ووجه الإلحاق ذل اليتيم وانكساره، أو سوء أدبه إن لم يؤدب، فذلك آفة، واليتيم لغة الكبير والصغير واختصاصه بالصغير اعتبار شرعى { أموالهم } الخ، ولما سمعه العم قال: أطعنا الله، وأطعنا الرسول نعوذ بالله من الحوب الكبير، ودفع المال لليتيم فأنفقه فى سبيل الله، اى أتوهم أموالهم إذا بلغوا، لأن موجب كون ماله تحت غيره عدم بلوغه وعدم رشده، فإذ بلغ ورشد أعطى ماله لا قبل ذلك، ويسمى يتيما لكونه كان يتيما قبل، كقوله : وألقى السحرة ساجدين، ولجوار اليتيم، واليتيم هو من لا أب له من الجن والإنس بان كان له أب ومات، وما لا أم له من الدواب، وما لا أم له ولا أب من الطير، وفى الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:
Page inconnue