208

Taysir Tafsir

تيسير التفسير

Genres

[البقرة: 174، النساء: 10]، وقولهم، فلان أكل فى بطنه، أى ملأه، وإذ قلنا يطلق القول على الاعتقاد أيضا حقيقة فذكره لذلك أيضا، وإلا فقوله، ما ليس فى قلوبهم ظاهر فى أن القول بالأفواه،ولو لم يذكر { والله أعلم } منكم { بما يكتمون } وصح التفضيل مع أن علم الله غير علم المخلوق اعتبارا لجامع مطلق عدم الجهل، فإن الله جل وعلا لا يجهل، والمسلمون لم يجهلوا بعض أحوال المنافقين، لكن علم الله أعم، إذ علم أحوال المنافقين كلها، وعلمها تفصيلا وإجمالا، والذين يكتمون هو النفاق، وطعنهم فى الإسلام إذا خلوا.

[3.168]

{ الذين قالوا } نعت الذين، أو بدل منه، أو بدل من ضمير أفواههم أو قلوبهم، أو من واو يكتمون، أو ذم الذين، أو هم الذين { لإخوانهم } فى شأن إخوانهم، أو لأجل إخوانهم، أو خاطبوا إخوانهم، وعلى هذا فقوله، لو أطاعونا التفات، أى لو أطعتمونا ما قتلتم، والإخوة إخوة النسب أو البلد، وهم شهداء أحد المخلصون، أو إخوة دين النفاق، فإن من من مات فى أحد من هو منافق { وقعدوا } فى المدينة عن الجهاد، عطف على نالوا،أو حال بلا تقدير قد، أوهم، أو بتقدير أحدهما، وذلك فى الماضى المثبت { لو أطاعونآ } فى القعود فى المدينة عن الخروج للجهاد، أو المراد بالقعود الانخزال عن القتال بعد الخروج كما مر أن ابن أبى انخزل بثلاثمائة، فتبعهم أبو جابر يدعوهم للرجوع إلى النبى صلى الله عليه وسلم وحزب الله عز وجل { ما قتلوا } كما لم نقتل، إذ لم نخرج { قل } لهم { فادرءوا } أى إذا اعتبرتم ذلك فادرأوا، أى ادفعوا { عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين } فى أن الموت ينجى منه القعود، فإنه إذا جاءكم لم تقدروا على رده، ومن قدر الله موته فى موضع لم يجد ألا يخرج إليه، ومن قدر موته فى موضعه لم يجد أن يموت فى غيره، فيدركه فى موضعه، وروى أنه أنزل بهم الموت فمات نحو سبعين، عدد من قتل فى أحد، بلا خروج ولا قتال، لإظهار كذبهم وجميع ما فى العالم لا يقع إلا بإذن الله على سبب وعلى غير سبب فكما يكون عدم الخروج سببا للنجاة يكون سببا للموت.

[3.169]

{ ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله } من شهداء أحد وكذا مثلهم { أموأتا } نزلت فى شهداء بدر وأحد، وإن تأخرت الآية عن أحد ففيهما، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو كل من يصلح له،أو لمن قالوا: لو أطاعونا، ورجحوا أنها نزلت فى شهداء أحد، وأما شهداء بدر فنزل فيهم:

ولا تقولوا لمن يقتل فى سبيل الله..

[البقرة: 154] الآية، لما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم بأرواحهم فى أجواف طير خضر فى قناديل ذهب، معلقة تحت العرش، قالوا: من يبلغ عنا إخواننا أننا أحياء فى الجنة ليرغبوا فى الجهاد، فقال الله عز وجل: أنا أبلغهم عنكم فأنزل، { ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا } ، قال جابر بن عبد الله: قتل أبى قى أحد عن بنات وديون، فقال صلى الله عليه وسلم بعدما رأى أنكسارى وأخبرته، أحياه الله، وقال: يا عبد الله، سلنى ما شئت: فقال: أعدنى للدنيا فأقتل فيها ثانيا فقال: يا عبدى، قضيت ألا أعيد إلى الدنيا من مات، وكلم الله الشهداء من وراء حجاب، أى بواسطة الملائكة، وكلم أباك كفاحا، أى خلق الله له كلاما حيث شاء فسمعه، قال: فمن يبلغ ما أنا فيه من الكرامة، قال: أنا، فأنزل الآية، وروى ابن إسحق عن أنس أنها فى أهل بئر معونة رضى الله عنهم، وأنه أنزل الله عز وجل فيهم قرآنا يتلى، أبلغوا عنا قومنا، أنا قد لقينا ربنا فرضى عنا، ورضينا عنه، ثم نسخ { بل أحيآء } هم أحياء { عند ربهم } لا أموات عنده، أى حيوا عنده، أو ثابتون عنده، أو ذوو زلفى عنده، فالقرب قرب تكريم، أو يتعلق بقوله { يرزقون } من ثمار الجنة ولحمها وسائر طعامها، كما يرزقون منها ذلك إذا بعثوا ودخلوها، وكما يعذب الكفار قبل يوم القيامة وبعد البعث يعرضون عليها غدوا وعشيا، أغرقوا فأدخلوها نارا، أو تعجيل الرحمة لأهلها أحق من تعجيل العذاب لأهله، فليس كما قيل يرزقون إذا دخلوها يوم القيامة، بل من الآن، فقيل: تتنعم أرواحهم فى أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتسرح فى الجنة حيث شاءت، وتأوى إلى قناديل من ذهب تحت العرش، جاء الحديث بذلك، فقد يفسر به فقط ما ذكر فى الآية، وإذا جاء يوم البعث ردت إلى نفس أجسادها فى الدنيا، بأن يجمع نفس ما تلف من الأجساد، وهكذا شأن البعث، ولا تقل بجسد غير هذا فتزل، ثم إنه قد يصل الجسد نفسه إلى داخل الجنة فتكون فيه الروح، وقد يوصل إليه الخير من الجنة إلى قبره وهو حى وماتفتت، فالتنعم بالروح فقط، ولو كان المراد بالحياة مطلق السعادة كما يقال فلان حى ولو مات، وفى الجاهل ميت ولو حى، كما قيل، أو لقرب وقت البعث والجنة، أو تحققهما، لم يقل يرزقون فهذا مناف للآية والأحاديث ودعوى أن يرزقون وما بعده ترشيح تكلف لو ادعاها مدع، والجملة خبر آخر مع أحياء، أو نعت لأحياء، أو حال من ضمير أحياء، أو من الضمير فى عند إذا جعلنا عند متعلقا بمحذوف خبر، أو حال، أو نعت.

[3.170]

{ فرحين بمآ ءاتآهم الله من فضله } من شرف السعادة والشهادة، وخير الجنة، ومن للابتداء، أو للبيان، أو للسببية أو للتبعيض، وفرحين حال من واو يرزقون، أو من المستتر فى أحياء، أو فى عند { ويستبشرون } يرزقون ويستبشرون، أو فرحين ويستبشرون كقوله تعالى:

صافات ويقبضن

Page inconnue