Taysir des objectifs dans les transmissions d'Abu Talib
تيسير المطالب في أمالي أبي طالب
Genres
حدثنا عوانة بن الحكم، قال: حدثنا من حضر خطبة علي عليه السلام التي تسمى الغراء خطب بها في مسجد الكوفة فكان مما حفظ منه بعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن قال: الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد، ولا تحويه المشاهد، ولا تراه النواظر، ولا تحجبه السواتر، الذي علا بكل مكرمة، وبان بكل فضيلة، وجل عن شبه الخليقة، وتنزه عن الأفعال القبيحة، وصدق في ميعاده، وارتفع عن ظلم عباده، وقام بالقسط في خلقه، وعدل عليهم في حكمه، وأحسن إليهم في قسمه، ولا إله إلا هو الواحد القهار العزيز الجبار، الذي لم يتناه في الأوهام بتحديد، ولم يتمثل في العقول بتصوير، ولم تنله مقاييس المقدرين، ولا استخرجته نتائج الأوهام، ولا أدركته تصاريف الاعتبار، فأوجدته سبحانه محدودا، ولا شخصا مشهودا، ولا وقتته الأوقات فتجري عليه الأزمان والغايات، ولم يسبقه حال فيجري عليه الزوال، فسبحانه من عظيم عظم أمره، ومن كبير كبر قدره، ليس بذي كبر امتدت عليه النهايات فكبرته تجسيدا، ولا بذي عظم التحقت به الغايات فعظمته تجسيما، علا عن التجسيم والتجسيد والتصوير والتحديد علوا كبيرا، شواهده بذلك قائلة، وأحكامه فيه فاصلة، قد هجمت العقول عليها بدلالتها، فظهر لديها تبيان حكمتها حتى جلت عن المرتابين التهم وكشفت عنهم الظلم.
* قال السيد الإمام أبو طالب الحسني رضوان الله تعالى عليه معنى قوله عليه السلام: لا تدركه الشواهد: أنه تعالى لا يدرك من طريق المشاهدة، وأصل الشاهد بالحقوق مأخوذ من المشاهدة، ولهذا يقال: عرفت هذا الأمر من شاهد الحال.
وقوله: لم يتناه في الأوهام بتحديد: معناه إنما يقع في الأوهام من صفات المحدودين فالله مخالف له ومنزه عنه؛ لأنه ليس بمحدود.
وقوله عليه السلام: لم تنله مقاييس المقدرين، معناه أن تقدير من يقدر فيه بقياسه أنه مشبه بخلقه وموصوف بالتحديد والتمثيل، فقياسه فاسد باطل لا يثبت به ما قدره.
وقوله عليه السلام: (ولا أدركته تصاريف الاعتبار فأوجدته سبحانه محدودا)، معناه أن من يعتبر صفاته بصفات المخلوقين، فاعتباره فاسد؛ لأن الاعتبار الصحيح لا يثبته محدودا مشبها بخلقه، بل شواهده تقضي بخلافه كما، قال عليه السلام.
Page 333