260

Taysir Bi Sharh

التيسير بشرح الجامع الصغير

Maison d'édition

مكتبة الإمام الشافعي

Édition

الثالثة

Année de publication

١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م

Lieu d'édition

الرياض

لَا بِخُصُوص السَّبَب فَيدْخل فِي ذَلِك الْعَالم الَّذِي يَأْمر النَّاس وينهاهم وَلَا يعْمل بِعِلْمِهِ وَلِهَذَا قَالَ بَعضهم وَمثل ذَلِك الْعَالم الْفَاسِق أَو الإِمَام الجائر (طب عَن عَمْرو بن النُّعْمَان بن مقرن) الْمُزنِيّ والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ
(أَن الله تَعَالَى ليبتلي الْمُؤمن) أَي يختبره ويمتحنه (وَمَا يَبْتَلِيه إِلَّا لكرامته عَلَيْهِ) لِأَن للابتلاء فَوَائِد وَحكما مِنْهَا مَا لَا يظْهر إِلَّا فِي الْآخِرَة وَمِنْهَا مَا ظهر بالاستقراء كالنظر إِلَى قهر الربوبية وَالرُّجُوع إِلَى ذل الْعُبُودِيَّة وَأَنه لَيْسَ لأحد مفرّ من الْقَضَاء وَلَا محيد عَن الْقدر وَخرج بِالْمُؤمنِ الْكَافِر فابتلاؤه إِنَّمَا هُوَ تَعْجِيل للعذاب فِي حَقه وَقَالَ بعض الْعلمَاء وابتلاء الْمُؤمن لَا يُعْطي مقَاما وَلَا يرقى أحدا وَإِنَّمَا ذَلِك بِالصبرِ وَالرِّضَا (الْحَاكِم) أَبُو أَحْمد (فِي) كتاب (الكنى) بِضَم الْكَاف (عَن أبي فَاطِمَة الضمرِي) الْمصْرِيّ
(أنّ الله تَعَالَى ليتعاهد عَبده الْمُؤمن) أَي المصدّق بِلِسَانِهِ وَقَلبه (بالبلاء) فَيصب عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا الْبلَاء صبا ليصبّ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة الْأجر صبا (كَمَا يتَعَاهَد الْوَالِد وَلَده بِالْخَيرِ) فيسلبه محبوبه العاجل الشاغل عَنهُ ليصرف وَجهه إِلَيْهِ ويحمله المكاره ليهرب مِنْهُ إِلَيْهِ وَيقبل بكليته عَلَيْهِ (وَأَن الله ليحمي عَبده الْمُؤمن من الدُّنْيَا) أَي يمنعهُ مِنْهَا ويقيه أَن يتلوث بدنسها (كَمَا يحمي الْمَرِيض أَهله الطَّعَام) لِئَلَّا يزِيد مَرضه بتناوله (هَب وَابْن عَسَاكِر عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان وَفِيه الْيَمَان بن الْمُغيرَة ضَعَّفُوهُ
(أَن الله تَعَالَى ليحمي عَبده الْمُؤمن من الدُّنْيَا) أَي يحفظه من مَالهَا ومناصبها ويبعده عَن ذَلِك (وَهُوَ يُحِبهُ كَمَا تحمون مريضكم الطَّعَام وَالشرَاب تخافون عَلَيْهِ) أَي لكونكم تخافون عَلَيْهِ من تنَاول مَا يُؤْذِيه مِنْهُمَا (حم عَن مَحْمُود بن لبيد ك عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(أَن الله تَعَالَى ليرْفَع) لفظ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ بِالدَّال لَا بالراء وأكد بِاللَّامِ لبعد مَا ذكر عَن الأفهام وَكَذَا يُقَال فِيمَا قبله وَبعده (بِالْمُسلمِ الصَّالح عَن مائَة أهل بَيت من جِيرَانه الْبلَاء) تَمَامه وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لفسدت الأَرْض فَيدْفَع بالذاكر مِنْهُم عَن الغافلين وبالمصلي عَن غير الْمُصَلِّين وبالصائم عَن غير الصائمين كهمج وذباب اجْتَمعْنَ على مزبلة وكناسة فَعمد رجل إِلَى مكنسة كنسه بهَا وَيظْهر أَن الْمِائَة للتكثير لَا للتحديد وَأخذ مِنْهُ فضل مُلَازمَة الصُّوفِيَّة للزوايا والربط وَفضل مجاورتهم والقرب مِنْهُم (طب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ وَغَيره
(أَن الله تَعَالَى ليرضى عَن العَبْد أَن يَأْكُل) أَي لِأَن يَأْكُل (الْأكلَة) بِفَتْح الْهمزَة المرّة الْوَاحِدَة من الْأكل وَقيل بِالضَّمِّ وَهِي اللُّقْمَة (أَو يشرب الشربة فيحمد الله عَلَيْهَا) عبر بالمرة إشعارا بِأَن الْأكل وَالشرب يسْتَحق الْحَمد عَلَيْهِ وَإِن قل وَهَذَا تنويه عَظِيم بمقام الشُّكْر (حم م ت ن عَن أنس) بن مَالك
(أَن الله تَعَالَى ليسأل العَبْد يَوْم الْقِيَامَة) عَن كل شَيْء (حَتَّى يسْأَله مَا مَنعك إِذْ) أَي حِين (رَأَيْت مُنْكرا أَن تنكره) فَمن رأى مُكَلّفا يفعل إِثْمًا أَو يُوقع بمحذور مُحْتَرما وَلم يُنكر عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَة فَهُوَ مسؤل مطَالب (فَإِذا لقن الله العَبْد حجَّته) هِيَ الدَّلِيل والبرهان (قَالَ يَا رب رجوتك) أَي أملت عفوك (وَفرقت) أَي خفت (من النَّاس) أَي من أذاهم وَهَذَا فِيمَن خيف سطوته وَلم يُمكن دَفعه وَإِلَّا فَلَا يقبل الله معذرته بذلك (حم م حب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ
(أَن الله تَعَالَى ليضحك) يَعْنِي يدر رَحمته ويجزل مثوبته فَالْمُرَاد بضحكه لَازمه (إِلَى ثَلَاثَة) من النَّاس (الصَّفّ فِي الصَّلَاة) أَي الْجَمَاعَة المصنفون فِي الصَّلَاة على سمت وَاحِد (وَالرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان الَّذِي (يُصَلِّي فِي جَوف اللَّيْل) أَي يتهجد فِيهِ (وَالرجل)
قَوْله بمحذور مُحْتَرما الظَّاهِر الْعَكْس

1 / 261