Taysir Bi Sharh
التيسير بشرح الجامع الصغير
Maison d'édition
مكتبة الإمام الشافعي
Numéro d'édition
الثالثة
Année de publication
١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م
Lieu d'édition
الرياض
من لقِيت من أمّتي) أمّة الْإِجَابَة سَوَاء عَرفته أم لم تعرفه (تكْثر حَسَنَاتك) بِقدر إكثارك السَّلَام على من لَقيته مِنْهُم فَمن كثر كثر لَهُ وَمن قلل قلل لَهُ (هَب عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف وَالَّذِي وقفت عَلَيْهِ فِي الشّعب عَن أنس
(أَكثر من) قَول (لَا حول) أَي تَحْويل للْعَبد عَن الْمعْصِيَة (وَلَا قوّة) لَهُ على الطَّاعَة (إِلَّا بِاللَّه) أَي باقداره وتوفيقه (فَإِنَّهَا) أَي الحوقلة (من كنز الْجنَّة) أَي لقائلها ثَوَاب نَفِيس مدخر فِي الْجنَّة فَهُوَ كالكنز فِي كَونه نفيسا مدخرا لاحتوائها على التَّوْحِيد الْخَفي (ع طب حب عَن أبي أَيُّوب) الْأنْصَارِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح
(أَكثر ذكر الْمَوْت) فِي كل حَال وَعند نَحْو الضحك وَالْعجب آكِد (فَإِن ذكره يسليك عَمَّا سواهُ) لِأَن من تَأمل أنّ عِظَامه تصير بالية وأعضاءه متمزقة هان عَلَيْهِ مَا فَاتَهُ من اللَّذَّات العاجلة وأهمه مَا عَلَيْهِ من طلب الآجلة (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي ذكر الْمَوْت عَن سُفْيَان) الثَّوْريّ (عَن شُرَيْح) بِضَم الْمُعْجَمَة القَاضِي (مُرْسلا) تابعيّ كَبِير ولاه عمر قَضَاء الْكُوفَة
(أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات) بِالْمُعْجَمَةِ قَاطع أما بِمُهْملَة فَمَعْنَاه مزيل الشَّيْء من أَصله قَالَ السُّهيْلي وَالرِّوَايَة بِالْمُعْجَمَةِ (الْمَوْت) بجرّه عطف بَيَان وبرفعه خبر مُبْتَدأ وبنصبه بِتَقْدِير أَعنِي وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أزْجر عَن الْمعْصِيَة وأدعى إِلَى الطَّاعَة فإكثار ذكره سنة مُؤَكدَة ولمريض أكد (ت ن ٥ حل عَن ابْن عمر) أَمِير الْمُؤمنِينَ (ك هَب عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي (طس حل هَب عَن أنس) بن مَالك بأسانيد بَعْضهَا حسن وَبَعضهَا صَحِيح
(أَكْثرُوا ذكر الله حَتَّى يَقُولُوا) يَعْنِي الْمُنَافِقين إِن مكثر الذّكر (مَجْنُون) فَلَا تلتفتوا لقَولهم النَّاشِئ عَن مرض قُلُوبهم لعظم فَائِدَة ذكر الله وَرَأس الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله كَمَا فِي الْأَذْكَار وَفِيه ندب إدامة الذّكر فَإِن لِسَانه ذكر بِقَلْبِه وَمَا وَقع لبَعْضهِم من تخبط عقله واضطراب جِسْمه فِي الْخلْوَة فَهُوَ من عدم الْإِخْلَاص أما مَعَ الصدْق وَالْإِخْلَاص فَلَا يكون ذَلِك لِأَنَّهُ فِي حمايتهما (حم ع حب ك هَب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ صَححهُ الْحَاكِم وَاقْتصر ابْن حجر على تحسينه
(أَكْثرُوا ذكر الله حَتَّى يَقُول المُنَافِقُونَ أَنكُمْ مراؤن) وَفِي رِوَايَة تراؤن أَي إِلَى أَن يَقُولُوا أَن إكْثَاركُمْ لذكره إِنَّمَا هُوَ رِيَاء وَسُمْعَة لَا إخلاص يَعْنِي أَكْثرُوا ذكره وَلَا تَدعُوهُ وَإِن رموكم بذلك (ص حم فِي) كتاب (الزّهْد) الْكَبِير (هَب عَن أبي الجوزاء) بِفَتْح الْجِيم (مُرْسلا) واسْمه أَوْس بن عبد الله الربعِي تَابِعِيّ كَبِير
(أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات) أَي نغصوا بِذكرِهِ لذاتكم حَتَّى يَنْقَطِع ركونكم إِلَيْهَا فتقبلوا على الله (فَإِنَّهُ) أَي الْإِكْثَار مِنْهُ (لَا يكون فِي كثير) من الأمل وَالدُّنْيَا (الأقلله) أَي صيره قَلِيلا (وَلَا فِي قَلِيل) من الْعَمَل (إِلَّا أجز لَهُ) أَي صيره جَلِيلًا عَظِيما فَإِنَّهُ إِذا قرب من نَفسه مَوته وتذكر حَال إخوانه وأقرانه الَّذين درجوا أثمر لَهُ ذَلِك قَالَ الغزاليّ والإكثار من ذكره عَظِيم النَّفْع وَلذَلِك عظم الشَّرْع ثَوَاب ذكره إِذْ بِهِ ينقص حبّ الدُّنْيَا وتنقطع علاقَة الْقلب عَنْهَا وبغض الدُّنْيَا رَأس كل حَسَنَة كَمَا أَن حبها رَأس كل خَطِيئَة (هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لحسنه
(أَكْثرُوا ذكر هاذم) بِمُعْجَمَة قَاطع وبمهملة مزيل قَالَ فِي الرَّوْض وَلَيْسَ بِمُرَاد هُنَا (اللَّذَّات الْمَوْت فَإِنَّهُ لم يذكرهُ أحد فِي ضيق من الْعَيْش إِلَّا وَسعه عَلَيْهِ وَلَا ذكره فِي سَعَة إِلَّا ضيقها عَلَيْهِ) قَالَ العسكري لَو فكر البلغاء فِي هَذَا اللَّفْظ لعملوا أنّ الْمُصْطَفى أوفى بِهَذَا الْقَلِيل على كل مَا قيل فِي الْمَوْت نظما ونثرا قَالَ الْغَزالِيّ وللعارف فِي ذكره فَائِدَتَانِ النفرة عَن الدُّنْيَا وَالثَّانيَِة الشوق إِلَى لِقَاء
1 / 201