363

Facilitation du Très Miséricordieux dans l'explication du Livre de l'Unicité

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

Chercheur

زهير الشاويش

Maison d'édition

المكتب الاسلامي،بيروت

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

Lieu d'édition

دمشق

يشير إلى أن الأول إنما جرب بقضاء الله وقدره، فكذلك الثاني وما بعده. وروى الإمام أحمد والترمذي عن ابن مسعود مرفوعًا: "لا يعدي شيء قالها ثلاثًا. فقال الأعرابي: يا رسول الله، النقبة من الجرب تكون بمشفر البعير أو بذنبه في الإبل العظيمة فتجرب كلها. فقال رسول الله ﷺ فمن أجرب الأول؟ لا عدوى، ولا هامة، ولا صفر، خلق الله كل نفس وكتب حياتها ومصابها ورزقها"، فأخبر ﵇ أن ذلك كله بقضاء الله وقدره كما دل عليه قوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ ١.
وأما أمره بالفرار من المجذوم، ونهيه عن إيراد الممرض على المصح، وعن الدخول إلى موضع الطاعون، فإنه من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى، وجعلها أسبابًا للهلاك والأذى، والعبد مأمور باتقاء أسباب الشر إذا كان في عافية، فكما أنه يؤمر أن لا يلقي نفسه في الماء أو في النار أو تحت الهدم أو نحو ذلك مما جرت العادة بأنه يهلك ويؤذي، فكذلك اجتناب مقاربة المريض كالمجذوم، وقدوم بلد الطاعون، فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف، والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها لا خالق غيره ولا مقدر غيره.
وأما إذا قوي التوكل على الله، والإيمان بقضائه وقدره فقويت النفس على مباشرة بعض هذه الأسباب اعتمادًا على الله ورجاء منه أن لا يحصل به ضرر ففي هذه الحال تجوز مباشرة ذلك لا سيما إذا كانت فيه مصلحة عامة أو خاصة وعلى هذا يحمل الحديث الذي رواه أبو داود والترمذي: "أن النبي ﷺ أخذ بيد مجذوم فأدخلها معه في القصعة ثم قال: كل باسم الله، ثقة بالله، وتوكلا عليه" ٢. وقد أخذ

١ سورة الحديد آية: ٢٢.
٢ الدارمي: المقدمة (٦٤٩) .

1 / 365