الفصل الثاني: ابن الخباز عصره ونشأته
عاش ابن الخباز أحمد بن الحسين بين القرنين السادس والسابع الهجريين.
الحالة السياسية في عصره:
ضعفت الدولة العباسية الثانية ضعفًا شديدًا أدى إلى انفصال كثير من ولاياتها عنها، واستقلالها استقلالًا تامًا، مما كان له أكبر الأثر في تمزق أواصر هذه الدولة وانفراط عقدها، وكان من نتائج ذلك أن عاشت هذه الدولة في بؤرة من الفساد الداخلي والنزاع الخارجي، فكان ولاة الأقاليم في نزاع مستمر، واحتكاك دائم، حيث كان كل منهم يود أن يفوز - بطريقة أو بأخرى - بأكبر عدد من الألوية والقطاعات ليسيطر عليها ويتولى مقاليد أمورها.
الحالة الاجتماعية في عصره:
بالنظر إلى المجتمع الإسلامي في القرن السابع الهجري نجده قد تألف من عناصر بشرية متباينة الأشكال والألوان مختلفة الأجناس، والطباع، فقد كان منهم العربي، والفارسي، والتركي، والأرمني، بالإضافة إلى طائفة الرقيق.
وكان الناس في هذا العصر يكونون طبقتين: طبقة الخاصة، وطبقة العامة.
أما طبقة الخاصة: فكانت تضم الخليفة وأهله ورجال دولته، ورجال البيوتات، وتضم كذلك توابع الخاصة من الجند والأعوان، والموالي والخدم.
أما طبقة العامة وهم السواد الأعظم من الأمة: فكانت تشمل الزراع، والصناع، والعيارين، والشطار واللصوص، والمخنثين، والصعاليك، وغيرهم ممن لا يحصى.
وكان المجتمع الإسلامي حيننذاك غير قاصر على المسلمين، بل كان يضم بجانبهم المسيحيين واليهود، وكانوا يؤدون شعائرهم الدينية في حرية تامة، لأن التسامح الديني كان صفة غالبة على المسلمين، فكانوا يعاملون غيرهم من أهل، الديانات الأخرى معاملة حسنة، وأكثر من ذلك كانوا يتيحون لهم فرص العمل في أجهزة الدولة المختلفة.
وكان المسلمون وأهل الذمة يرتعون في بحبوحة من العيش في ظل المحبة والمعاملة الطيبة، ولكن هذه الحالة لم تدم طويلًا فقد عصفت بها أعاصير التعصب الممقوت الذي
1 / 17