السراج وابن جني إلى أن التقدير: زيد مستقر خلفك، فقدروا اسم الفاعل، وذلك لأن المفرد أصل الجملة، ولأن في تقديره تقليلًا للحذف، وذهب أبو علي الفارسي إلى أن التقدير: زيد استقر خلفك، فقدر الفعل، لأنه الأصل في العمل.
ومن النوع الثاني قوله في (باب الفاعل): وقال بعض العرب: قاما أخواك، وقاموا إخوتك، وقمن جواريك، وفي ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: أن المضمرات ملحقات وما بعدها بدل منها. الثاني: أن المظهرات مبتدآت والأفعال أخبار مقدمات، والثالث: أن الألف والواو والنون أدلة على التثنية والجمع كالتاء في قامت هند.
ولم يكن ابن الخباز - تجاه هذه الآراء المتعارضة والخلافات النحوية الحادة ليقف موقفًا سلبيًا، ويكتفي بترديد هذه الآراء وعرضها، بل كان يقتحم ميدان هذه المعارك، ويقيم من نفسه قاضيًا عادلًا، ويعرض على مخيلته القضايا النحوية، ويتولى الفصل فيها موضحًا وجهة نظره، ومبينًا سبب حكمه، ومن ذلك قوله في (باب المفعول معه): مذهب سيبويه وأكثر البصريين أنه منصوب بالفعل الذي قبله بتوسط الواو بينهما. وذهب أبو الحسن الأخفش إلى أن الأصل في قولك: قمت وزيدًا، قمت مع زيد، وأقيمت الواو مقام مع ونقل نصب مع إلى ما بعد الواو، وهذا فاسد، لأن مع ظرف وزيدًا ليس بظرف، وذهب أبو إسحاق، إلى أنه منصوب بفعل محذوف تقديره: قمت ولابست زيدًا، فعلى قول أبي إسحاق فقد ناصب المفعول معه من الكلام، وذهب الكوفيون إلى أن المفعول معه انتصب على الخلاف، قالوا: إذا قلت: استوى الماء والخشية، لم يكن العطف جائزًا، لأن الخشية لم تكن معوجة فتستوي، فلما خالفت الفاعل نصبت، ويفسد ما قالوه أن الخلاف مشترك بين الماء والخشبة، فإذا وجب نصب الخشبة لأنها مخالفة للماء، وجب نصب الماء لأنه مخالف للخشبة ولا قائل به، وقول أبي إسحاق لا ينفك من ضعف لما فيه من حذف الفعل، فبان أن المعتمد عليه مذهب سيبويه.
ويتضح من استعراض كلامه في «توجيه اللمع» أنه كان يُعنى كثيرًا بعرض آراء سيبويه، ويغلب عليه متابعة جمهور النحاة.
١١ - الإشارة إلى معاني بعض الألفاظ الغريبة:
لقد وضع ابن الخباز هذا الأمر في اعتباره حينما أقدم على شرح هذا الكتاب
1 / 50