Tawil des problèmes du Coran

Ibn Qutaybah d. 276 AH
150

Tawil des problèmes du Coran

تأويل مشكل القرآن

Chercheur

إبراهيم شمس الدين

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Lieu d'édition

بيروت - لبنان

ينكرك ويكفرك: ألم أبوّئك منزلا وأنت طريد؟ أفتنكر هذا؟ و: ألم أحملك وأنت راجل؟ ألم أحج بك وأنت صرورة؟ أفتنكر هذا؟. ومثل ذلك تكرار فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: ١٥، ١٧، ٢٢، ٣٢، ٤٠، ٥١] في سورة (اقتربت الساعة) أي: هل من معتبر ومتّعظ؟. وأما تكرار المعنى بلفظين مختلفين، فلإشباع المعنى والاتساع في الألفاظ. وذلك كقول القائل: آمرك بالوفاء، وأنهاك عن الغدر. والأمر بالوفاء هو النّهي عن الغدر. و: آمركم بالتّواصل، وأنهاكم عن التّقاطع. والأمر بالتواصل هو النهي عن التّقاطع. وكقوله سبحانه: فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) [الرحمن: ٦٨] . والنخل والرّمان من الفاكهة، فأفردهما عن الجملة التي أدخلهما فيها، لفضلهما وحسن موقعهما. وقوله سبحانه: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى [البقرة: ٢٣٨] وهي منها، فأفردها بالذّكر ترغيبا فيها، وتشديدا لأمرها، كما تقول: إيتني كل يوم، ويوم الجمعة خاصّة. وقال سبحانه: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ [الزخرف: ٨٠] والنّجوى هو السر. وقد يجوز أن يكون أراد بالسرّ: ما أسرّوه في أنفسهم، وبالنّجوى: ما تسارّوا به. وقال ذو الرّمة «١»: لمياء في شفتيها حوّة لعس ... وفي اللّثات وفي أنيابها شنب واللّعس هو: حوّة، فكرّر لما اختلف اللفظان. ويمكن أن يكون لما ذكر الحوّة، خشي أن يتوهّم السامع سوادا قبيحا، فبيّن أنه لعس، واللعس يستحسن في الشّفاه. وأمّا الزيادة في التوكيد فكقوله سبحانه: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [آل عمران: ١٦٧] لأن الرجل قد يقول بالمجاز: كلمت فلانا، وإنما كان ذلك كتابا أو إشارة على لسان غيره، فأعلمنا أنهم يقولون بألسنتهم.

(١) البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه ص ٣٢، والخصائص ٣/ ٢٩١، والدرر ٦/ ٥٦، ولسان العرب (شنب)، (لعس)، (حوا)، والمقاصد النحوية ٤/ ٢٠٣، وهمع الهوامع ٢/ ١٢٦، وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٤٣٨.

1 / 152