L'interprétation des divergences des hadiths
تأويل مختلف الحدي ث
Maison d'édition
المكتب الاسلامي
Numéro d'édition
الطبعة الثانية-مزيده ومنقحة ١٤١٩هـ
Année de publication
١٩٩٩م
Lieu d'édition
مؤسسة الإشراق
كتاب فِي الرَّد على المشبهة، وَأَن لَهُ فِي هَذَا الْكتاب عِبَارَات تدل على ميله إِلَى "عَليّ"، ونسوا أَيْضا أَن لَهُ كتابا فِي تَفْضِيل الْعَرَب، وَلَكِن كَيفَ لهَؤُلَاء المتهمين أَن يتهموا دون دَلِيل؟
فِي الْحق إِن لِابْنِ قُتَيْبَة من الْكَلَام فِي كتبه مَا يثير شَيْئا من الرِّيبَة، اقْرَأ لَهُ قَوْله فِي كِتَابه: "مُشكل الْقُرْآن" "وَكَانَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَرَضي عَنْهُم، وهم مصابيح الأَرْض وقادة الْأَنَام ومنتهى الْعلم، إِنَّمَا يقْرَأ الرجل فيهم السورتين وَالثَّلَاث والأربع، وَالْبَعْض والشطر من الْقُرْآن، إِلَّا نَفرا مِنْهُم وفقهم الله لجمعه، وَسَهل عَلَيْهِم حفظه، وَقَالَ الشّعبِيّ: توفّي أَبُو بكر وَعمر وَعلي ﵃ وَلم يجمعوا الْقُرْآن، وَقَالَ: لم يختمه أحد من الْخُلَفَاء غير عُثْمَان. وَرُوِيَ عَن شريك عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد أَنه قَالَ: سَمِعت الشّعبِيّ يحلف بِاللَّه ﷿: لقد دخل عَليّ حفرته وَمَا حفظ الْقُرْآن"١.
تظن أَن هَذَا من كَلَام ابْن قُتَيْبَة هُوَ الَّذِي أثار تِلْكَ الثائرة حوله، فانبرى لَهُ من انبرى يَتَّهِمُونَهُ. اسْمَع لأبي الْحُسَيْن أَحْمد بن فَارس "ت٣٩٥هـ" يَقُول فِي كِتَابه -الصَّحَابِيّ- تعقيبًا على هَذَا الَّذِي ذكره ابْن قُتَيْبَة:
"وَابْن قُتَيْبَة يُطلق إطلاقات مُنكرَة، ويروي أَشْيَاء مشنعة، كَالَّذي رَوَاهُ عَن الشّعبِيّ أَن أَبَا بكر وَعمر وعليًّا توفوا وَلم يجمعوا الْقُرْآن، وَأَن عليًّا دخل حفرته وَمَا حفظ الْقُرْآن، وَهَذَا كَلَام شنيع جدًّا"٢.
وَابْن قُتَيْبَة الَّذِي ينْقل هَذَا رَاوِيا، يذكر غَيره مدافعًا عَن أهل الْبَيْت، مِمَّا يعبر عَن رَأْيه ومعتقده، وَفرق بَين أَن يزل الْعَالم وَهُوَ يروي لينصف التَّارِيخ، وَبَين أَن يزل وَهُوَ يفصح عَمَّا يعْتَقد، فَابْن قُتَيْبَة إِن زل فَلم يزل مُعْتَقدًا.
اسْمَع إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُول فِي كِتَابه: "الرَّد على الْجَهْمِية": "وَجعلُوا ابْنه الْحُسَيْن ﵇ خارجيًا شاقًا لعصا الْمُسلمين حَلَال الدَّم. وسووا بَينه فِي الْفضل وَبَين أهل الشورى ... فَإِن قَالَ قَائِل: أَخُو رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَليّ،
_________
١، ٢ من كِتَابه الرَّد على الْجَهْمِية والمشبهة "ص٤٧".
1 / 32