124

حتى تضع ما فى بطنها وهو أن حاملا للعلم من غير من يريد أن يفيده لا ينبغى للمفيد أن يفيده ذلك حتى يضع عنده علم ما أفاده من غيره فما رضيه من ذلك سوغه إياه وما أنكره رده عليه وأبان له وجه الحق والصواب فيه فإن لم يفعل ذلك وفاتحه من غير أن يستبرئ ما عنده كان آثما مخطئا كما يكون واطئ المرأة الحامل من غيره آثما حتى تضع ما فى بطنها وتطهر من نفاسها وواطئ الأمة كذلك قبل أن يستبرئ بها.

ويتلو ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم استبرئ الأمة إذا وطئها الرجل حيضة، تأويل ذلك فى الباطن أن الحيض كما تقدم القول فى تأويله مثله مثل الفساد يدخل على المستجيب فى أمر دينه ومعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الظاهر أن استبرئ الأمة إذا وطئها الرجل حيضة أنه إذا وطئ الرجل أمة له ثم أراد بيعها لم ينبغ له أن يبيعها حتى تحيض وتطهر فيكون بيعه إياها وهى طاهر فى طهر لم يطأها فيه جائزا ومثل ذلك ينبغى لمن أراد من المفيدين أن يصرف أمر مستفيد منه إلى غيره ممن يفيده أن يمتحنه قبل صرفه إليه فما كان فيه من فساد أصلحه وقومه وما أحاله أو زاد فيه أو نقص منه مما كان قد ألقاه إليه بين له ذلك وأوقفه عليه وذلك مثل الطهارة من الحيض للأمة التى يريد بيعها من كان وطئها فى الظاهر فإذا طهر المستجيب من كل ما أحاله أو اقترفه دفعه المفيد بعد ذلك إلى من يريد دفعه إليه من المفيد من غيره من غير أن يفاتحه بعد ذلك بشيء من العلم لئلا يكون لا يعيه كما يجب أو يحيله عن معناه فيحتاج أيضا إلى امتحانه فيه.

ويتلو ذلك ما جاء عن الصادق صلى الله عليه وسلم من قوله من اشترى جارية من امرأة فله أن يطأها إن شاء يعنى قبل أن يستبرئها قال وإنما يستبرئ المشترى حذرا من أن يكون البائع باع منه الأمة المبيعة وهى غير مستبرأة أو تكون حاملا من غيره فينسب الولد إليه قال وذلك حسن والاستبراء حيضة تجزى البائع والمشترى يعنى إذا كان البائع مأمونا وذكر المشترى أنه قد استبرأها وتأويل ذلك أن مثل مشترى الأمة من امرأة مثل من صار إليه مستجيب لم يكن وجد مفيدا فى الحقيقة فلجأ إلى مؤمن غير مطلق وكان يأخذ عنه ويقتدى به فى ظاهر أمر دينه وآدابه وورعه وعفافه، فمثل ذلك المؤمن غير المطلق مثل المرأة لأنه مستفيد ممن هو فوقه غير مفيد فى الحقيقة

Page 170