121

يسعى فى إفادة ما فاته من الحكمة بعد إقلاعه عما اقترفه، فافهموا معشر المؤمنين ما تعبدكم الله به ظاهرا وباطنا فإن ذلك مرتبط بعضه ببعض يشهد كل شيء منه لصاحبه ويطابقه ويوافقه فما وجب فى الظاهر وجب كذلك مثله ونظيره فى الباطن لا يجزى إقامة أحدهما دون الآخر ولا يحل فى الظاهر ما حرم فى الباطن ولا فى الباطن ما حرم فى الظاهر وإياكم أن يستميلكم عن ذلك تحريف المحرفين ولا شبهات الشياطين فإن الله عز وجل يقول:@QUR04 «وذروا ظاهر الإثم وباطنه» وقال:@QUR010 «قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن» وقال:@QUR05 «وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة» وأعظم نعمة ما تعبد العباد به من إقامة دينه الذي أوجب لهم النعيم المقيم بإقامته جعلكم الله ممن يرعى ذلك حق رعايته ويقيمه كنه إقامته، وصلى الله على محمد نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى الأئمة من ذريته وسلم تسليما، حسبنا الله ونعم الوكيل.

المجلس الثالث من الجزء الثالث: [فى ذكر الاستبراء]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا يبلغ الحمد وإن أخلصه وواصله العبد حق نعمة من نعمائه عليه فيقصيها مع قول الله تعالى:@QUR06 «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها» وصلى الله على المصطفين من عباده الطاهرين من محمد نبيه والأئمة من ذريته الصادقين.

ثم إن الذي يتلو ما قد سمعتموه من باطن ظاهر الدين يلقى ما جاء فى المحيض.

فمنه ما جاء عن الصادق صلى الله عليه وسلم أن علامة الطهر من الحيض أن تستدل الحائض قطنة يعنى فى فرجها فلا يعلق بها شيء يعنى من الدم إذا أخرجتها وتخرج نقية وهذا هو الحكم فى علم زوال الحيض عن الحائض واعتباره فى الظاهر وتأويل ذلك فى الباطن أن الحائض مثلها فى الباطن كما تقدم القول فيما سمعتموه مثل المستجيب يحدث حدثا فى دينه أنها بما يجب عليه من التوبة من ذلك والإخلاص فيه. واستدخال الحائض القطنة أو ما هو مثلها من الخرق وغيرها عند انقطاع الدم عنها لتختبر بذلك انقطاعه مثله فى الباطن أن يمتحن المقلع عما وقع فيه من الخطيئة نفسه بعد الإقلاع عنها والتوبة منها بسماع ما دخل الشك عليه لسماعه وعارضته الشبهة ووقع فى الخطيئة من أجله فإن رأى ذلك لم يثبت عنده ولا أقبل عليه قلبه فقد تم له أمره وانقطع ما دخل من الفساد عليه عنه وإن مالت إلى شيء من ذلك همته

Page 167