Le Tawhid d'Ibn Manda
التوحيد لابن منده
Enquêteur
علي بن محمد بن ناصر الفقيهي
Maison d'édition
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وصَوّرتْها مكتبة العلوم والحكم
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠٥ - ١٤١٣ هـ
Lieu d'édition
المدينة المنورة
١٠٦ - ذكر معرفة صفات الله ﷿ التي وصف بها نفسه وأنزل بها كتابه وَأَخْبَرَ بِهَا الرَّسُولُ ﷺ عَلَى سَبِيلِ الوَصْفِ لِرَبِّهِ ﷿ مُبَيِّنًا ذَلِكَ لأمَّتِهِ نقول وَبِالله التَّوْفِيقُ:
إِنَّ الأَخْبَارَ فِي صِفَاتِ الله ﷿ جَاءَتْ مُتَوَاتِرَةً عَنْ نَبِيِّ الله ﷺ مُوَافِقَةً لِكِتَابِ الله ﷿ نَقَلَهَا الخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنِ مِنْ لدُنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِلَى عَصْرِنَا هَذَا عَلَى سَبِيلِ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ لِلَّهِ ﷿ وَالمَعْرِفَةِ وَالإِيمَانِ بِهِ وَالتَّسْلِيمِ لِمَا أَخْبَرَ اللهُ ﷿ بِهِ فِي تَنْزِيلِهِ وَبَيَّنَهُ الرَّسُولُ ﷺ عَنْ كِتَابِهِ، مَعَ اجْتِنَابِ التَّأْوِيلِ وَالجُحُودِ وَتَرْكِ التَّمْثِيلِ وَالتَّكَيِيفِ، وَأَنَّهُ ﷿ أَزَلِيٌّ بِصِفَاتِهِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ الرَّسُولُ ﷺ غَيْرَ زَائِلَةٍ عَنْهُ وَلا كَائِنَةٍ دُونَهُ، فَمَنْ جَحَدَ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ كَانَ بِذَلِكَ جَاحِدًا، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ لمْ تَكُنْ، ثُمَّ كَانَتْ عَلَى أَيِّ مَعَنْى تَأَوَّلَهُ دَخَلَ فِي حُكْمِ التَّشْبِيهِ، وَالصِّفَاتُ الَّتِي هِيَ مُحْدَثَةٌ فِي المَخْلُوقِ زَائِلَةٌ بِفَنَائِهِ غَيْرَ بَاقِيَةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الله تَعَالَى امْتَدَحَ نَفْسَهُ بِصِفَاتِهِ تَعَالَى، وَدَعَا عِبَادِهِ إِلَى مَدْحِهِ بِذَلِكَ، وَصَدَّقَ بِهِ المُصْطَفَى ﷺ، وَبَيَّنَ مُرَادَ الله ﷿ فِيمَا أَظْهَرَ لِعِبَادِهِ مِنْ ذِكْرِ نَفْسِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَفْهُومًا عِنْدَ العَرَبِ غَيْرَ مُحَتَاجٍ إِلَى تَأْوِيَلَهَا، فَقَالَ ﷿: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: قَالَ اللهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ: إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ بَيَانًا لِقَوْلِهِ: إِنَّ الله كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ، إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي، فَبَيَّنَ مُرَادَ الله فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَبَيَّنَ أَنَّ نَفْسَهُ قَدِيمٌ غَيْرُ فَانٍ بِفَنَاءِ الخَلْقِ، وَأَنَّ ذَاتَهُ لا تُوصَفُ إِلاَّ بِمَا وَصَفَ، وَوَصَفَهُ النَّبِيُّ ﷺ لأنَّ المُجَاوِزَ وَصْفَهُمَا يُوجِبُ المُمَاثَلَةَ، وَالتَّمَثُّلُ وَالتَّشْبِيهُ لا يَكُونُ إِلاَّ بِالتَّحْقِيقِ وَلا يَكُونُ بِاتِّفَاقِ الأَسْمَاءِ، وَإِنَّمَا وَافَقَ اسْمُ النَّفْسِ اسْمَ نَفْسِ الإِنْسَانِ الَّذِي سَمَّاهُ اللهُ نَفْسًا مَنْفُوسَةً، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَسْمَاءِ الَّتِي سَمَّى بِهَا خَلْقَهُ إِنَّمَا هِيَ مُسْتَعَارَةٌ لِخَلْقِهِ مَنَحَهَا عِبَادَهُ لِلْمَعْرِفَةِ.
3 / 7