Tawdih
التوضيح في حل عوامض التنقيح
Chercheur
زكريا عميرات
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Année de publication
1416هـ - 1996م.
Lieu d'édition
بيروت
Genres
ولا بد للقضاء من وجوب الأصل فيكون نفس الوجوب ثابتا ويكون سببه أي سبب نفس الوجوب شيئا غير الخطاب وهو الوقت لما ذكرنا من عدم الخطاب لأنه لا شيء غير الوقت والخطاب يصلح للسببية فالسببية منحصرة فيهما إما لهذا أو للإجماع فيلزم من نفي أحدهما ثبوت الآخر ثم اعلم أن بعض العلماء لا يدركون الفرق بين نفس الوجوب ووجوب الأداء ويقولون إن الوجوب لا ينصرف إلا إلى الفعل وهو الأداء فبالضرورة يكون نفس الوجوب هي نفس وجوب الأداء فلا يبقى فرق بينهما ولله در من أبدع الفرق بينهما وما أدق نظره وما أمتن حكمته وتحقيق ذلك أنه لما كان الوقت سببا لوجوب الصلاة كان معناه أنه لما حضر وقت شريف كان لازما أن يوجد فيه هيئة مخصوصة وضعت لعبادة الله تعالى وهي الصلاة فلزوم وجود تلك الهيئة عقيب السبب هو نفس الوجوب ثم الأداء هو إيقاع تلك الهيئة فوجوب الأداء هو لزوم إيقاع تلك الهيئة وذلك مبني على الأول لأن السبب أوجب وجود تلك الهيئة لمناسبة بينهما فإن المراد بالسبب الداعي ثم بواسطة هذا الوجوب يجب إيقاع تلك الهيئة فالوجوب الأول يتعلق بالصلاة وهي الهيئة والثاني بأدائها حتى لو كان السبب بذاته داعيا إلى نفس الإيقاع لا إلى الهيئة الحاصلة بالإيقاع فلزوم ذلك الإيقاع يكون نفس الوجوب فإذا تصوره العقل لازم الوقوع لا بد له من إيقاع فلزم إيقاع الإيقاع هو وجوب الأداء وقد يوجد نفس الوجوب بدون الوجوب الأداء كما في المريض والمسافر فإن لزوم وجود الحالة التي هي الصوم حاصل لأن ذلك اللزوم باعتبار أن السبب داع إليه والمحل وهو المكلف صالح لهذا فلو لم يحصل ذلك اللزوم لما كان السبب سببا لكن لا يجب إيقاعه مع أنه يجوز أن يكون واقعا إذا وجد البيع بثمن غير معين والبيع مبادلة المال بالمال وقد ملك المشتري المبيع فلا بد أن يملك البائع مالا على المشتري تحقيقا للمبادلة فهذا نفس الوجوب ثم لزوم أداء المال الواجب فرع على الأول فهو وجوب الأداء فلما ذكر أن الوقت سبب لنفس الوجوب أراد أن يبين أن السبب ليس كل الوقت بل بعضه فقال ثم إذا كان الوقت سببا وليس ذلك كله أي السبب ليس كل الوقت لأنه إن كان الكل سببا لا يخلو إما أن تجب الصلاة في الوقت أو بعده فإن وجبت في الوقت يلزم التقدم على السبب لأنه إن كان الكل سببا فما لم ينقض كل الوقت لا يوجد السبب إن وجبت بعد الوقت لزم الأداء بعد الوقت وكل منهما باطل فلا يكون الكل سببا وهذا معنى قوله لأنه إن وجبت في الوقت تقدم الأداء على السبب وإن لم تجب فيه تأخر الأداء عن الوقت فالبعض سبب ولا يتعين الأول بدليل الوجوب على من صار أهلا في الآخر إجماعا ولا الآخر وإلا لما صح التقديم عليه فالجزء الذي اتصل به الأداء سبب فهذا الجزء إن كان كاملا يجب الأداء كاملا فإذا اعترض عليه الفساد بطلوع الشمس يفسد وإن كان ناقصا كوقت الأحمر يجب كذلك فإذا اعترض عليه الفساد بالغروب لا يفسد لتحقق الملاءمة بين الواجب والمؤدى لأنه وجب ناقصا وقد أدى كما وجب بخلاف الفصل الأول لأنه شرع في الوقت الكامل لأن ما قبل طلوع الشمس وقت كامل لا نقصان فيه قطعا فوجب عليه كاملا فإذا فسد الوقت بالطلوع يكون مؤديا كما وجب لأن النهي عن الصلاة في هذه الأوقات باعتبار أن عبدة الشمس يعبدونها في هذه الأوقات فالعبادة في هذه الأوقات مشابهة لعبادة الشمس فلهذا ورد النهي وعبادة الشمس إنما هي بعد الطلوع وقبل الغروب فقبل الطلوع وقت كامل ولا كذلك قبل الغروب
Page 388