161

Tawdih

التوضيح في حل عوامض التنقيح

Chercheur

زكريا عميرات

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Année de publication

1416هـ - 1996م.

Lieu d'édition

بيروت

وإلا أي وإن لم يتوقف على الشرع كان واجبا عقلا فيكون حسنا عقلا لأن الواجب العقلي ما يحمد على فعله ويذم على تركه عقلا والحسن العقلي ما يحمد على فعله عقلا فالواجب العقلي أخص من الحسن العقلي وكذلك نقول في امتثال أوامره إنه إما واجب عقلا إلخ هذا الدليل لإثبات العقلي صريحا وقوله وأيضا وجوب تصديق النبي عليه السلام موقوف على حرمة الكذب فهي إن ثبتت شرعا يلزم الدور وإن ثبتت عقلا يلزم قبحها عقلا هذا يدل على القبح العقلي صريحا وكل منهما يدل على الآخر التزاما لأنه إذا كان الشيء واجبا عقلا يكون تركه قبيحا عقلا وإن كان الشيء حراما عقلا فتركه يكون واجبا فيكون حسنا عقلا ثم عند المعتزلة العقل حاكم بالحسن والقبح موجب للعلم بهما وعندنا الحاكم بهما هو الله تعالى والعقل آلة للعلم بهما فيخلق الله العلم عقيب نظر العقل نظرا صحيحا لما أثبتنا الحسن والقبح العقليين وفي هذا القدر لا خلاف بيننا وبين المعتزلة أردنا أن نذكر بعد ذلك الخلاف بيننا وبينهم وذلك في أمرين أحدهما أن العقل عندهم حاكم مطلق بالحسن والقبح على الله تعالى وعلى العباد أما على الله فلأن الأصلح للعباد واجب على الله بالعقل فيكون تركه حراما على الله والحكم بالوجوب والحرمة يكون حكما بالحسن والقبح ضرورة وأما على العباد فلأن العقل عندهم يوجب الأفعال عليهم ويبيحها ويحرمها من غير أن يحكم الله فيها بشيء من ذلك وعندنا الحاكم بالحسن والقبح هو الله وهو متعال عن أن يحكم عليه غيره وعن أن يجب عليه شيء وهو خالق أفعال العباد على ما مر جاعل بعضها حسنا وبعضها قبيحا وله في كل قضية كلية أو جزئية حكم معين وقضاء مبين وإحاطة بظواهرها وبواطنها وقد وضع فيها ما وضع من خير أو شر ومن نفع أو ضر ومن حسن أو قبح وثانيهما أن العقل عندهم موجب للعلم بالحسن والقبيح بطريق التوليد بأن يولد العقل العلم بالنتيجة عقيب النظر الصحيح وعندنا العقل آلة لمعرفة بعض من ذلك إذ كثير مما يحكم الله بحسنه أو قبحه لم يطلع العقل على شيء منه بل معرفته موقوفة على تبليغ الرسل لكن البعض منه قد أوقف الله العقل عليه على أنه غير مولد للعلم بل أجرى عادته أنه خلق بعضه من غير كسب وبعضه بعد الكسب أي ترتيب العقل المقدمات المعلومة ترتيبا صحيحا على ما مر أنه ليس لنا قدرة إيجاد الموجودات وترتيب الموجودات ليس بإيجاد والمأمور به في صفة الحسن نوعان حسن لمعنى في نفسه وحسن لمعنى في غيره لما ثبت أن الحسن والقبح يعرفان عقلا علم أنهما ليسا بمجرد الأمر والنهي بل إنما يحسن الفعل أو يقبح إما لعينه أو لشيء آخر ثم ذلك الشيء حسن لعينه أو قبيح لعينه قطعا للتسلسل وهو إما أن يكون جزء ذلك الفعل أو خارجا عنه والجزء إما صادق على الكل كالعبادة تصدق على الصلاة والصلاة عبادة مع خصوصية فالعادة جزؤها أو لم تصدق كالأجزاء الخارجية كالسجود لا يصدق على الصلاة والحسن لمعنى في نفسه يعم الحسن لعينه والحسن لجزئه ويجب أن يعلم أن الحسن باعتبار الجزء إنما يكون حسنا إذا كان جميع أجزائه حسنا بمعنى أنه لا يكون جزء واحد منه قبيحا لعينه إذ لو كان لا يكون المجموع حسنا ثم الخارج إما أن يكون صادقا على ذلك الفعل نحو الجهاد إعلاء كلمة الله تعالى فالجهاد حسن لكونه إعلاء والإعلاء خارج عن مفهوم الجهاد وإما أن لا يكون صادقا كالوضوء حسن للصلاة والصلاة لا تصدق على الوضوء فثبت أن الحسن ينقسم إلى هذه الأقسام وكذا القبيح لكن أمثلة هذا ستأتي في فصل النهي إن شاء الله تعالى وإنما أطلق الحسن لمعنى في نفسه على الحسن لعينه إما اصطلاحا ولا مشاحة في الاصطلاحات أو لأن الحسن لعينه هو الفعل المطلق كالعبادة مثلا وهو لا يوجد في ضمن جزئياته إلا الموجودة وبحثنا في تلك الجزئيات المعلوم وجودها حسا وهي لا تكون إلا حسنة لمعنى في نفسها أو حسنة لغيرها والفرق بين الجزء الصادق وبين الخارج الصادق أن ما يكون مفهوم الفعل متوقفا عليه فهو الجزء وما ليس كذلك فهو الخارج كالصلاة مثلا فإن مفهومها الشرعي إنما هو عبادة مخصوصة بالخصوصيات المعلومة فمفهومها متوقف على العبادة وأما الجهاد فمفهومه القتل والضرب والنهب مع الكفار وليس إعلاء كلمة الله تعالى داخلا في هذا المفهوم بل يلزم ذلك في الخارج فيكون لازما لا جزءا وهذا هو الفرق المشهور بين الذاتي والعرضي إذا عرفت هذا علمت بطلان قول من أنكر كون الفعل حسنا أو قبيحا لذاته بأن قال قد يختلف حسن الفعل وقبحه باعتبار الإضافة فلا يكون حسنا لذاته أو قبيحا لذاته لأن الاختلاف بالإضافة لا يدل على ما ذكر لأن الإضافة داخلة في ذات ذلك الفعل لأن الفعل من الأعراض النسبية والأعراض النسبية تتقوم بالنسب والإضافات فالإضافات المختلفة فصول مقومة لها فقولنا شكر المنعم حسن لذاته معناه أن الشكر المضاف إلى المنعم حسن لا أن ذات الشكر من غير إضافة حسن

أما الأول فإما أن لا يقبل سقوط التكليف كالتصديق وإما أن يقبل كالإقرار باللسان يسقط حال الإكراه والتصديق هو الأصل والإقرار ملحق به لأنه دال عليه فإن الإنسان مركب من الروح والجسد فلا تتم صفة إلا بأن تظهر من الباطن إلى الظاهر بالكلام الذي هو أدل على الباطن ولا كذلك سائر الأفعال إنما قال هذا للفرق بين الإقرار وعمل الأركان فإن الإقرار نجعله داخلا في الإيمان ولا نجعل عمل الأركان داخلا فيه واعلم أن المنقول من علمائنا رحمهم الله تعالى في هذه المسألة قولان أحدهما أن الإيمان هو التصديق وإنما الإقرار لإجراء الأحكام الدنيوية عليه والثاني أن الإيمان هو التصديق والإقرار معا

Page 359