Tawdih
التوضيح في حل عوامض التنقيح
Chercheur
زكريا عميرات
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Année de publication
1416هـ - 1996م.
Lieu d'édition
بيروت
Genres
واعلم أن المتكلمين أوردوا لتجويز ترجيح المختار أحد المتساويين المثال المشهور وهو الهارب من السبع إذا رأى طريقين متساويين فقال الحكماء القضية البديهية التي لولاها لانسد باب العلم بالصانع هو أن الرجحان بلا مرجح باطل ولا تبطل بإيراد مثال لا يدل على عدم المرجح بل غايته عدم العلم بالمرجح فأقول القضية التي تستعمل في إثبات العلم بالصانع هي أن رجحان أحد طرفي الممكن بلا مرجح محال بمعنى أن وجوده بلا موجد محال مع أنه يمكن إثبات هذا المطلوب مع الغنية عن هذه القضية بأن نقول الموجود إما أن لا يحتاج في وجوده إلى غيره أو يحتاج ولا بد من الأول قطعا للتسلسل ثم على تقدير تسليم تلك القضية وبداهتها الفاعل هو المرجح فلا يلزم وجود الممكن بلا موجد وأيضا إنما أوردوا المثال سندا للمنع فعليكم البرهان على الرجحان في المثال المذكور على أنا نقول إن وجب المرجوح في المثال المذكور فإما أن يجب بحسب نفس الأمر وهذا باطل لأن الإعتقاد الذي لا يطابق لما في نفس الأمر كاف للأفعال الاختيارية وإما أن يجب بحسب اعتقاد الفاعل وذا باطل أيضا إذ يفعل أفعالا مع عدم اعتقاد الرجحان كما في الهارب بل مع اعتقاد المرجوحية ومن أنكر هذا فقد أنكر الوجدانيات فبطل قولهم إن غايته عدم العلم بالرجحان فإن عدم علم الفاعل بالرجحان كاف في هذا الغرض فعلم أن المراد بقولنا إن الرجحان بلا مرجح باطل هو أن وجود الممكن بلا موجد محال سواء كان الموجد موجبا أو لا فالرجحان هو الوجود فقط لا أنه يصير راجحا قبل الوجود إذا عرفت هذه المقدمات فقوله يجب وجود الفعل عند وجود المرجح إن أراد بالفعل الحالة التي تكون للمتحرك في أي جزء يفرض من أجزاء المسافة فعلى تقدير القول بوجود بعض الأشياء بلا وجوب نمنع وجوب تلك الحالة فلا يلزم الجبر على أنا قد أبطلنا هذا التقدير لكن إثبات المطلوب على هذا التقدير أيضا أقرب من الاحتياط وعلى تقدير امتناع وجود الأشياء بلا وجوب الجبر منتف أيضا إما بالقول بأن اختيار الاختيار عين الاختيار فلا يلزم التسلسل على تقدير كون المرجح من العبد وإما بأنه يلزم حينئذ توقف الموجود على ما ليس بموجود ولا معدوم فالحالة المذكورة تتوقف على أمر لا موجود ولا معدوم كالإيقاع مثلا ثم هو إما أن يجب بطريق التسلسل أو بأن إيقاع الإيقاع عين الأول
Page 348