له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، حي موجود لم يزل ولا يزال. ومتصف سبحانه بالعلم. فهو تعالى عالم بعلم واحد قديم باق ذاتي محيط بكل معلوم كلي أو جزئي على ما هو عليه فلا يتجدد علمه تعالى بتجدد المعلومات ولا يتعدد بتعددها. ليس بضروري ولا كسبي، ولا نظري، ولا استدلالي، ومتصف بالقدرة، فهو على كل شيء قدير، وقدرته واحدة وجودية قديمة باقية ذاتية متعلقة بكل ممكن، فلم يوجد شيء إلا بها لأن الفعل صفة والله قادر عليه لا يمنعه منه مانع. وقد خلق المخلوقات فوجدت بالفعل الذي هو الخلق بقدرة الله تعالى. والقدرة على خلق المخلوق هي القدرة على الفعل. قال تعالى: {أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى} وقوله: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} وقوله: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} وقوله تعالى: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} الآية ونحو ذلك مما فيه وصف الله بالقدرة على الأفعال المتناولة للمفعولات، وفيه بيان أن الخلق ليس هو المخلوق، لأن نفس خلقه السموات والأرض غير السموات والأرض، ومتصف سبحانه بسائر صفات الكمال والجلال فهو تعالى مريد إرادة واحدة ذاتية قديمة باقية متعلقة بكل ممكن. وهو تعالى حي بحياة واحدة وجودية قديمة ذاتية. وهو تعالى سميع وبصير بسمع وبصر قديمين ذاتيين وجوديين متعلقين بكل مسموع ومبصر. وهو تعالى قائل ومتكلم بكلام قديم ذاتي وجودي غير مخلوق ولا محدث ولا حادث بلا تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف يسمعه منه أهل الجنة في الجنة إذا دخلوها. والمراد بقوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} من جهة النزول لأنهم لم يسمعوه قبل إنزاله قط ولا يشبه كلام المخلوقين، أو المراد بالذكر المحدث تذكير النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يذاكرهم قبل أن ينبأ، ونسبته إلى الله تعالى لأن المذاكرة من النبي صلى الله عليه وسلم لهم كانت بأمره تعالى، ومنزه تعالى عن سمات أي علامات النقص، فهو تعالى لا تحله الحوادث ولا يحل في حادث ولا ينحصر فيه. فمن اعتقد أو قال أن الله بذاته في كل مكان أو في مكان فكافر، بل يجب الجزم بأنه تعالى بائن من خلقه مستو على عرشه من غير تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل، فالله تعالى كان ولا مكان، ثم خلق المكان، وهو تعالى كما كان قبل خلق المكان، ولا يعرف بالحواس ولا يقاس بالناس، ولا مدخل في ذاته وصفاته وأفعاله للقياس، لم يتخذ صاحبة ولا والدا، فهو الغني عن كل شيء، ولا يستغني عنه شيء، ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء، فمن شبهه
Page 69