المؤمنين ولاه الله ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيرا، فليس أهل السنة والجماعة إلا السلف الصالح وذوو العقل الراجح والواقفون عند النص من كتاب الله وسنة رسوله، مستغنين بهما عن كل هاجس وقول مخالف للكتاب والسنة مما هو عارض تائح، فهم بحبل الله معتصمون وبكلام رسوله آخذون وعليه واقفون وبالعروة الوثقى مستمسكون. والدليل على ذلك أنهم في باب أسماء الله وصفاته وسط بين أهل التعطيل الذين يلحدون في أسمائه وآياته ويعطلون حقائق ما نعت الله به نفسه حتى شبهوه بالمعدوم وبالأموات، وبين أهل التمثيل الذين يضربون له الأمثال ويشبهونه بالمخلوق. فتؤمن أهل السنة والجماعة بما وصف الله به نفسه وما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تمثيل وتكييف. وهم في باب خلقه وأمره وسط بين المكذبين بقدر الله الذين لا يؤمنون بقدرته الكاملة ومشيئته الشاملة وخلقه كل شيء، وبين المفسدين لدين الله الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة ولا عملا فيعطلون الأمر والنهي والثواب والعقاب فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء} فتؤمن أهل السنة والجماعة بأن الله على كل شيء قدير فيقدر أن يهدي العباد ويقلب قلوبهم وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. فلا يكون في ملكه ما لا يريد ولا يعجز عن انفاذ أمره، وأنه خالق كل شيء من الأعيان والصفات والحركات، ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة وعمل وأنه مختار ولا يسمونه مجبورا إذ المجبور من أكره على خلاف اختياره، والله سبحانه جعل العبد مختارا بما يفعله، فهو مختار مريد والله خالقه وخالق اختياره وهذا ليس لله نظير فان الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. وهم في باب الأسماء والأحكام والوعد والوعيد وسط بين الذين يجعلون أهل الكبائر من المسلمين مخلدين في النار ويخرجونهم من الإيمان بالكلية ويكذبون بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وبين المرجئة الذين يقولون إيمان الفاسق مثل إيمان الأنبياء. والأعمال الصالحة ليست من الدين والإيمان. ويكذبون بالعقاب بالكلية. فتؤمن أهل السنة والجماعة بأن فساق المسلمين معهم بعض الأيمان وأصله وليس معهم جميع الإيمان الواجب الذي يستوجبون به الجنة وأنهم لا يخلدون في النار بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان أو مثقال خردلة من إيمان، وان النبي صلى الله عليه وسلم ادخر شفاعته لأهل الكبائر من أمته، وهم أيضا في أصحاب رسول الله
Page 66