La Repentance, l'oeuvre d'une vie
التوبة وظيفة العمر
Genres
كل من يهوى وإن عالت به رتبة الملك لمن يهوى تبع(269)
وقيل:
تولع بالعشق حتى عشق
فلما استقل به لم يطق
رأى لجة ظنها موجة
فلما تمكن منها غرق
ولما رأى أدمعا تستهل
وأبصر أحشاءه تحترق
تمنى الإفاقة من سكره
فلم يستطعها ولم يستفق(270)
و_الانحراف في مفهوم الحب والعشق: فمن أعظم أسباب العشق الانحراف في مفهومه؛ حيث يظن أن لا عشق ولا حب إلا ذاك الذي يعمي صاحبه، ويجعله سادرا في غيه، لا يكاد يفيق من سكره.
فيرى أولئك أن الحب هو ذاك فحسب، وأن من وقع فيه نال فضيلة الحب من رقة، وظرف، ولطافة، وكرم ونحو ذلك.
ومن لم يعشق ويحب ذلك الحب فهو جامد الطبع، متبلد الإحساس، خال من العواطف، متجرد من الفضائل، كما قال قائلهم:
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى
فكن حجرا من جامد الصخر جلمدا(271)
وكما قال الآخر:
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى
فأنت وعير في الفلاة سواء(272)
وكما قال الآخر:
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى
فمالك في طيب الحياة نصيب(273)
ولا ريب أن المتجرد من عواطف الحب بليد الطبع، قاسي القلب، متجرد من أسمى الفضائل.
ولكن حصر الحب والعشق في زاوية حب الصور المحرمة_جهل وانحراف؛ ذلك أن مفهوم الحب أوسع، ودائرته أعم، وصوره أشمل .
وما عشق الصور المحرمة إلا زاوية ضيقة من زوايا الحب، بل هي أضيقها، وأضرها؛ فلقد غاب عن هؤلاء أن هذا العشق نقطة في بحر الحب، وغاب عنهم حب الوالدين، وحب الأولاد، وحب المساكين، وحب الزوجة، وحب الفضائل، والمكارم، وحب المعالي والمروءات، وحب الطهر، والعفة، والشجاعة، وحب الصداقة، وغاب عنهم حب اللذات العقلية وهي أرقى وأسمى وألذ من اللذات الجسدية، وألذها لذة العلم، وما يتفرع عنه.
بل لقد غاب عنهم أعظم الحب، وأشرفه، وأنفعه، وأجمله، وأجله، وأكمله، وأبهاه، وهو حب الله_عز وجل_فهو أصل المحاب المحمودة، بل وكل محبة محمودة إنما هي متفرعة عن ذلك.
Page 99