فقال: أتؤمنني على أن تمنعني ما تمنع منه نفسك؟ فأعطاه على ذلك العهود والمواثيق، فألقى سيفه وأقبل نحوه، فأمر بالنشابة فنزعت من عينه، وأمر بقطنة فغمست في دهن بنفسج وماء ورد ووضعت في عينه، وعصبت.
واستسقى، فأمر محمد أن يسقي سويق لوز بثلج، ثم أرسل إلى موسى بن عيسى يخبره بأمره، فقال موسى «بن عيسى»: مانقطع أمرا من دون العباس بن محمد، وكان العباس بن محمد متقدما لموسى بينه وبين محمد، فبعث إليه يستشيره في أمره، فقال العباس: لا ولاكرامة أنت أمير الجيش وليس لمحمد إمرة يعطي فيها أحدا أمانا.
ووجه بالرسالة إلى موسى مع ابنه عبد الله، فقال موسى:القول ما قال العباس يقتل ولا ينفذ له أمان.
فجاء عبد الله يركض مسرورا بذلك، فلما صار حيث يرونه استعجل، فجعل يريهم بيده أن قد أمر بقتله، وبعث العباس إلى محمد: «أن» ابعث به إلينا، فخذله وبعث به، فأمر بضرب عنقه، فلما فرغ منهم انصرف الجيش إلى مكة.
قال: وكان موسى بن جعفر عليه السلام شهد الحج ذلك العام، فأرسل إليه موسى بن عيسى ليحضر الأمر، فجاء متقلدا سيفه على بغل أو بغلة، فوقف مع موسى بن عيسى حتى انقضى أمر القوم.
قال النوفلي: قال أبي: وكان سليمان بن عبد الله بن الحسن مضعوفا، فلما انهزم من انهزم بعد أن قتل أكثر القوم انهزم، وصعد جبلا قريبا من موضع الوقعة، فلما جاء ابن أخيه الحسن بن محمد بن عبد الله إلى محمد بن سليمان في الأمان قال له: هذا ابن خالك سليمان بن عبد الله، وقد عرفت ضعفه وقد سلك هذا الجبل، وأخاف أن يلقاه من يقتله، فإن رأيت أن ترسل إليه من يؤمنه ويأتيك به.
فصاح محمد بخيله ويحكم الرجل في الجبل اذهبوا «إليه» فأعطوه الأمان، وأتوني به، فصعدوا فقتلوه وجاءوا برأسه.
Page 429