فلما دخل الرحبة وثب عليه يحيى وإدريس ابنا عبد الله، وبدره يحيى وكان شديد الكف والذراع مجتمع القلب، فضربه على أنف البيضة فقطعه وخلص السيف إلى أنفه وشرقت عيناه بالدم، وقد ضرب خالد يحيى بسيفه فأسرع في الترس حتى وصل إلى إصبعه الوسطى والتي تليها من يده اليسرى، قال:ولما ثار الدم في عيني خالد برك وعلواه بأسيافهما حتى برد، وأخذ إدريس درعين كانتا عليه وسيفه وعمود حديد كان في منطقته، ثم جرا برجليه فطرحاه بالبلاط على باب مروان.
قال مصعب: وكان خالد متعلقا بستر من شعر يعتصم به، فإذا حمل عليه يحيى تراجع، ثم يحمل هو على يحيى فيتراجع، وقد نال كل واحد منهما من صاحبه جرحا.
ثم إن إنسانا من أهل الجزيرة كان مع الطالبيين خرج مصلتا سيفه متوجها نحو القتال، وخالد يراه ولم ير بأنه يقصده، فحمل خالد على يحيى وهو لايعلم ما يريد الجزيري، فعطف عليه الجزيري من ورائه وهو لا يشعر فضرب ساقيه فعرقبه، فنزع البيضة عن رأسه فضربه يحيى حتى قتله.
قال مصعب: وكان هذا الجزيري أشجع من كان معهم، وقطعت يداه ليلة المسايرة، ثم قتل بفخ في المعركة، ثم دخل يحيى وإدريس ومعهما أولئك المبيضة، وعبد الله بن الحسن الأفطس، فقتلوا من الجند الذين كانوا مع خالد في رحبة دار يزيد ثلاثة عشر رجلا، وانهزم الناس وتفرقوا في كل وجه، والحسين جالس محتبي ما حل حبوته.
قال: ولم يقم يومئذ سوق بالمدينة، قال: وركب إدريس في نحو من ثلاثين «رجلا» من أولئك المبيضة، قد كانت الجراح فشت فيهم للرمي الذي نالهم بالحجارة والنشاب، فداروا «ساعة» في المدينة فأشرف له رجل من بني مخزوم أو غيره من قريش فسألوه الكف عنهم وعن غشيان دورهم ومنازلهم ففعل، ورجع إلى الحسين فأخبره.
قال: وأقاموا ذلك اليوم، فلما كان الغد جاءهم عمر بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين، وإبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن حسن، وهو طبا طبا، وحسن بن محمد بن عبد الله بن حسن.
Page 425