Tatimmat al-Masabih

Ali Ibn Bilal d. 450 AH
163

Tatimmat al-Masabih

تتمة المصابيح

Genres

وكان رضي الله عنه يقاسي منكم الأمرين، وتصيبه منكم المحن المتواترة، وتعاملونه بأقبح المعاملة، وتقابلونه على جميع أفعاله معكم وإحسانه إليكم وعفوه عن ذنوبكم بالإساءة إليه والخروج عليه فصبر من ذميم أفعالكم وقبيح معاملاتكم على ما لايصبر عليه إلا من امتحن الله قلبه بالتقوى، ونوره باليقين والهدى، ما قصر ولا وني من دعائكم إلى رشدكم، وإلى طاعة ربكم، ولاسئم من نصحكم والشفقة عليكم، ولا ترك تقويم المتئود منكم، ولا بخل بما حوته يده عليكم، ومواساتكم بنفسه وماله، لم يتعلق عليه أحد منكم بمظلمة، ولا ادعى عليه أحد عدولا عن الحق، وميلا إلى الهوى، ومحاباة لولد وذي قربى، بل كان يعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم قد جعلهما نصب عينيه، لا يفارقهما ولا يزايلهما، ولا يدع العمل بهما، فأفعالكم التي تفعلون، وسيرتكم التي بها تسيرون، وطرقكم التي فيها تسلكون لا نحمدها ولانأمن من الله عز وجل العقوبة على مقارتكم عليها، ومداجاتكم فيها، وأنتم إلى الباطل تميلون، وعن الحق تفرون، وفي معاصي الله تسارعون، ولولا إيثار طاعة الله والائتمار لأمره والوقوف عند ما حد من حكمه، لكان ما عرضتم علي منه من طلب الدنيا وإرادة من اتبع الهوى، هيهات لا أزول عن أمر الله شبرا، ولا أفارق حكمه فترا حتى ألحق بالله على بصيرة، وألقاه جل وعز بعزيمة صادقة، فإن تقبلوا إلى طاعة الله وتنقادوا لأمر الله وتصبروا على حكمه فيما ساءكم وسركم، وأعطاكم وأخذ منكم، كنتم من الفائزين، وعند خالقكم من المقربين، فاتقوا الله وارجعوا باللوم على أنفسكم وتوبوا إلى الله رب العالمين، وقوموا له قانتين، ولأوليائه موالين، ولأعدائه معادين، ولأهل معصيته منابذين، ولمن خالف أمره مهاجرين، ولآثار رسوله متبعين، وللمعصية والفسوق تاركين، وبالمعروف آمرين، وعن المنكر ناهين، وللأئمة الصالحين من أهل بيت رسول الله مطيعين، واعلموا ?إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون?[النحل:128].

Page 533