ثم لم يزل الغلط ينتشر في الناس ويستطير، حتى وقع بهم في تصحيف المشهور من حديث النبي ﷺ، واللحن في الواضح المتداول منه، وتعمد الوقف في مواضع لا يجوز الوقوف عليها، من كتاب الله ﷿، وتغيير أشعار العرب وتصحيفها، وتصنيف كتب الفقه وغيرها ملحونة، تقرأ كذلك فلا يؤبه إلى لحنها، ولا يفطن إلى غلطها، بل إذا سمعوا الصواب أنكروه ونافروه، لطول ما ألفوا فقده، وركبوا ضده.
ولقد وقفت على كتاب بخط رجل من خاصة الناس وأفاضلهم فيه: أحب أن تشتهد لي في كذا وكذا بالشين يريد تجتهد. ورأيت بخط آخر أكبر منه وأعلى منزلة، بيت شعر على ظهر كتاب، وهو قول الشاعر:
(زوامل للأسفار لاعلم عندهم ... يجيدها إلا كعلم الأباعر)
كتبه للأصفار بالصاد، وأكثر الرواية فيه للأشعار وبعده:
(لعمرك ما يدري البعير إذا غدا ... بأحماله، أوراح، مافي الغرائر)
وكتب إليّ آخر من أهل العلم رقعة فيها: وقد عزمت على الإيتيان إليك بزيادة ياء. وشهدت يومًا رجلًا قِبَلَهُ تخصصٌ وفِقْه وحفظ للأخبار والأشعار، وقد سمع كلامًا فيه ذكر الشدق، فلما يسمعه بالدال -غير معجمة- أنكره، وتعجب من أن يجوز ذلك، وليس يجوز سواه، ثم سألني، ورغب إليّ أن
1 / 16