117

L'Effet Lotus

تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي

Genres

قال بهدوء: «أمر في غاية البساطة: تعملين على التخلص من الصورة، وأنا سألتزم الصمت.»

جفل كلاهما حين سمعا طقطقة فرع شجرة جاف. أمسكها تيد وسحبها خلف شجرة. كانت أصابعه تضغط بشدة على ساعدها، في حين أمسك الهاتف المحمول في اليد الأخرى. كان يوهانيس يركض على الممشى الموجود بالغابة، فتنفست فاندا الصعداء. «وماذا يا ترى تريد تعويضه بهذا السلوك الأحمق؟ هل هي حماستك لمعتقداتك تدفعك للتبشير بها؟ هل تريدني أن أبدل معتقداتي لأعتنق البحث في الحقول والغابات والمروج؟» «أنت لا ترين سوى ذاتك، مثلك مثل أولئك الأمريكيين الذين ينفقون مبالغ ضخمة لبحث جزيئات ضئيلة، ولهذا أيضا أنت لا تفهمين أي شيء.» صمت قليلا واسترق السمع، وحين لم يسمعا صوت خطوات أخرى واصل حديثه قائلا: «ليس الهدف أننا نريد أن نعد القطط في زنجبار كما في تلك الرواية، وإنما الهدف هو إعادة التحكم في الأمور الوجودية، في الشروط الأساسية التي تحدد الموت والحياة.»

ظلت فاندا تحدق في إبهامه، لكنها لم تجرؤ أن تهز يده، لم تكن تثق تماما في التغير الفجائي للموضوع. عن أي أمريكيين يتحدث؟ «لا بد أن نعرض أنفسنا لقوى الطبيعة. لا أعني بذلك الجولات المتطرفة على الأنهار المتجمدة، أو عبر عوالم الصحاري أو الأدغال بهدف زيادة نسبة ضخ الإندروفينات، إنما أعني الحياة البسيطة. كوخ في غابة بمنأى عن المدنية. لقد قدم ثورو مثالا على ذلك.» «من؟» «هنري ديفيد ثورو، وهو كاتب أمريكي ونحن نرجع إلى كتاباته. كتابنا الملهم اسمه «والدن»، لكننا لم نكن أول من يستلهم من أفكاره، لذلك نسمي أنفسنا «والدن أربعة».»

واصلت صياحها: «لستم إلا مجموعة من الفوضويين. أنتم حتى لم توفقوا في العثور على عنواني الحالي. الصدفة وحدها هي التي أوصلتني للقائمة التي كان سنايدر ينوي أن يرسلها لي أنا أيضا. كيف تريدون إصلاح العالم بهذه الاستعدادات المنقوصة؟» «رغم كل شيء ما زلنا على دراية بكل ما يحدث.» «هكذا إذن؟»

قال: «الأمريكيون يحومون حول المكان، يطلقون الرصاص على نحو أعمى، يتبعون منهج المحاولة والخطأ، لكن سرعان ما سيتمكنون من الإيقاع بالفريسة. إنها مسألة وقت ليس إلا وستعرف الحكومة الأمريكية أنكم تفحصون مادة إن بي 2701، تلك المادة التي أعلنت الحكومة أنها سر من أسرار الدولة، والحكومة تجمع الحجج الضرورية من أجل استعادة المادة التي وزعتها مصانع الأسلحة مؤخرا بسخاء بالغ.» ضحك ثم أكمل قوله: «وهي مسألة بسيطة للغاية بالنظر لحجم الجزيئات، لكن عليهم أن يسارعوا قبل أن يستحوذ الاقتصاد الخاص على براءات اختراعهم. فقط أتساءل: أي حكومة بوسعها أن تعترف علنا أن الإمكانية الحربية الكامنة في مادة ما أحب إليها مما تحوي من نفع للبشرية؟»

أدركت فاندا أن هذا هو السبب الذي دفع بيتر سنايدر لأن يكتب لها من عنوان متخف، لقد كان يريد أن يحميها. جاء صوت تيد الصبياني يخترق أذنها ثانية: «نحن لم نأخذ البيانات. وإن كانت لدينا لم نكن لنخبر بها أحدا، فالأمر جد خطير.» ارتعدت فرائص فاندا، كانت أصابع تيد ما زالت تضغط على ساعدها بقوة، لدرجة أن الخدر بدأ ينتشر في يدها اليسرى. ضيقت عينيها وتفرست في ملامحه سريعا، فنظر إلى الناحية الأخرى.

سألته بحذر: «هل علينا أن نعرف بعضنا؟» هز رأسه نافيا وقال: «الأفضل لا.» تركها وأمسك بالهاتف المحمول على أذنه ثم ناولها إياه، أتاها صوت زابينة المألوف وكأنه يخترق طبقات من الحشو ليصل إليها. ترى ماذا سمعت صديقتها؟ حين تلفتت فاندا حولها رأت ذيل معطف يختفي وهو ينحدر مع المنحنى الهابط. لقد ولى تيد هاربا. كان باستطاعتها أن ترسل يوهانيس وراءه، لكنها تساءلت: وما جدوى ذلك؟ كانت قد اقتنعت في غضون ذلك أن مايك لم يكن الرجل الذي يبحثون عنه، لكن ترى لمن كانت السيارة التي رآها في الجراج الكائن أمام المعهد؟ صعدت إلى البرج على طريق الغابة خائرة القوى متجمدة الأوصال، لاقتها زابينة ولم تطرح أية أسئلة. استراحت فاندا عندما سمعت أن تيد لم يعد الاتصال بينهما فعلا إلا في نهاية لقائه بها، وأمام المدفأة المتقدة في مقهى البرج أخذت الصديقة تدلك يدها إلى أن عاد فيها الإحساس، لكن ظلت خمس بقع زرقاء تبرقش ساعدها، كما ظل ضغط أصابعه يزعجها حتى اليوم التالي.

الفصل الثالث والأربعون

إحباط

أثناء الليل عاودها الحلم ثانية: هي في منزل والديها، تعرف أنه أسفل بالقبو. تغلق سريعا الباب المفضي لسلم القبو، تدير المفتاح، فيصدر القفل القديم صوت طقطقة متشكيا، وتسمع الباب ينفتح وهو يطلق صوت صرير. فجأة يغمر الضوء المكان. في المطبخ نافذة لا تزال مفتوحة، فتغلق باب البيت بالمفتاح وتسرع نحو النافذة. وهناك تجده جالسا في إطار النافذة، فيقفز ليقع أمامها منفرج الساقين، إنه حديث السن متهدج الأنفاس يقول: «لا أريد سوى أن أظل عندكم.» كانت نبرة الرجاء في صوته واضحة.

Page inconnue