ﷺ فيما أمره به، وفيما نهاه عنه، وكان مما جاء به تحريم هذه الأفعال والأقوال المنكرة التي تقدم ذكرها: بل «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول ما يسخط ربنا» .
فإذا سمع المصاب ذلك، فأطاع وانقاد، حصلت له السعادة الأبدية باتباعه الرسول في أقواله وأفعاله، لقوله تعالى: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا..
﴾ الآية.
فصل - فيما يفعله الإنسان إذا أحس بدنو أجله
والذي ينبغي أولًا، لمن غاب على الظن أنه يصاب بالموت في مرضه، أن يعامل بأحسن المعاملات، بما ينفعه في قبره ويوم معاده، فيذكره الآخرة، ويأمره بالوصية والتوبة، ويلقنه شهادة أن لا إله إلا الله، لتكون آخر كلامه.
ويكون قبل ذلك قد نهى من لطم الخدود وشق الثياب وتمزيقها، ونتف الشعر، ورفع الصوت بالندب والنياحة، وغير ذلك من قول وفعل منكر، ويكون مع ذلك، في هذه الحالة، رجاؤه بالله أكثر من خوفه، وهو كثير الحمد والاسترجاع والرضا عن الله ﷿.
وقد روى ابن أبي الدنيا بإسناده، «عن محمد بن مسلمة، قال: بلغني أن رجلًا جاء إلى رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، أوصني ولا تكثر علي، قال: لا تتهم الله ﷿ في شيء قضاه لك» .
وروى أيضًا بإسناده، «قال لعائشة ﵂: ما كان أكثر كلام رسول الله ﷺ في بيته إذا خلا؟ قالت: كان أكثر كلامه إذا خلا في بيته: ما يقضى من أمر يكن» .
فهذا رسول رب العالمين يقول هذه المقالة، وهو أعرف الخلق، وأعلمهم بالله، فإذا وطن العبد نفسه على أن ما يقضي من أمر يكن لا محالة، فإتعاب النفس والبدن في ما لا يجدي شيئًا ليس من حصافة العقل، ويعلم أن الدنيا موضوعة على الكدر، فالبناء إلى نقض، والجميع إلى تفريق، ومن رام بقاء ما لا يبقى كان
1 / 54