[ نفخ الارواح ] (1) أبو جعفر - رحمه الله - في قوله تعالى: (ونفخت فيه من روحي) (2) فقال: هي روح مخلوقة أضافها إلى نفسه كما أضاف البيت إلى نفسه وإن كان خلقا له.
---
= لم تكن زينتها، ولا هي بدعا في العربية، بل هي سنة البلغاء من كل الامم، فللجميع تعابير شكوى من يد الزمان حيث لا يد للزمان ولا جسد، ولهم الشكوى من يد المنون وليس بذي يد. وقال الشاعر الجاهلي: (وإذا المنية أنشبت اظفارها)... إلخ، وأنى للمنايا من أكف أو أظافير، فهل يحمل المجسم كل هذه الكلم على حقائقها اللغوية المحسوسة، أم يختار فيها وفي أمثالها ما نرجحه في آية: (لما خلقت بيدي) (ص: 75) ؟ وإذا جاز المجاز في القران ولو مبدئيا فلنا على تأويل اليد في خصوص هذه الاية شاهدان منها عليها، أحدهما: جملة (غلت أيديهم) فان أيدي اليهود المحسوسة لم تغل بأغلال محسوسة، وإنما ذلك منه كناية عن خزي وعار لحقا بهم ، وثانيهما: جملة (ينفق (برحمته) كيف يشاء) فانه دليل إرادة النعمة من كلمة اليد - كما اختاره الشيخ المفيد وغيره. وفي القرآن شاهد ثالث في (سورة الاسرى: 29): (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط)... إلخ، فان مغلة اليد فيها كناية عن الشخ والتقتير، وبسطها كناية عن التبذير والسرف في الصرف أو العطاء، والقرآن يفسر بعضه بعضا. ش. (1) الاعتقادات ص 23. (2) قوله تعالى: (ونفخت فيه من روحي) (الحجر: 29) لا يسع الناس حتى المجسمة المشبهة والظاهرية أن يجمدوا على ألفاظ (نفخت فيه من روحي) دون أن يتاولوا المجاز فيها، لان النفخ الشائع بالهواء إن جوزوه على الالات أو من الالات فلن يجوزه على الروح أو من الروح أحد حتى الحشوي الجهول، وإذا تعذرت الحقيقة فأنسب المجازات اثخاذ النفخ استعارة عن الحركة=
--- [ 32 ]
Page 31