Correction of Al-Tanbih
تصحيح التنبيه
Chercheur
محمد عقلة الإبراهيم
Maison d'édition
مؤسسة الرسالة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1417 AH
Lieu d'édition
بيروت
Genres
ما اتفقا عليه سهو او غلط. فما جزم به النووي إذا اختلف كلام النووي والرافعي مقدم ثم يقدم ما رجحه الرافعي. فإن اختلفا، ولم يجزما بشيء، فالمعتمد من كلامهما ما رجّحه أكثر الفقهاء، ثم ما رجّحه أعلمهم، ثم ما رجّحه أورعهم. وقال شيخنا: هذا الذي ذكر من كون المعتمد كلام الشيخين، هو ما أطبق عليه محققو المتأخرين، والذي أوصى باعتماده مشايخنا. وقال السمهوري: ما زال مشايخنا يوصوننا بالإِفتاء بما عليه الشيخان، وأن نعرض عن أكثر ما خولفنا به، وقال شيخنا ابن زياد: يجب علينا في الغالب اتباع ما رجّحه الشيخان، وإن نقل عن الأكثرين خلافه)) (١).
أما عن سبب تبّوء الشيخين الرافعي والنووي لهذه المكانة فلنستمع إلى إجابة أحد فقهاء المذهب الشافعي وهو تاج الدين السبكي، يجيب عن ذلك فيقول: لم حجرتم على العامي، ومن يفتي بالمنقول أن يتعدى ترجيح المتأخر، ومن ثم قلتم نقدم ترجيح النووي على ترجيح الرافعي لتأخر النووي، وقد يقال بل الأعلم أولى والأقدم غالباً أعلم، فهلاً نظرتم ترجيحات الشيخ أبي حامد، والقفال، والقاضي أبي الطيب، والشيخ أبي علي، والقاضي حسين، التي لم يخلق الله تعالى بعدها أفقه نفساً منها، ولا أقعد لمذهب الشافعي؟ قلت: اعلم أن المتقدمين لم يكن شوقهم إلى الترجيح في الخلاف، ولا اعتنوا ببيان الصحيح، وسبب ذلك أن العلم كان كثيراً، وكان كلَّ عند الفتيا يفتي بما يؤدي إليه نظره، وقد يُؤدي نظرهُ اليوم إلى خلاف ما أدى إليه أمس، فما كان الأمر عنده مستقراً على شيء لتضلعهم بالعلم، فمن ثم ما كان المصنّفون يلتفتون إلى تصحيحاتهم، بل يشتغلون عن الترجيح بذكر المآخذ، وفتح أبواب الاستنباط والمباحث، من غير اعتناء بما هو الأرجح، إنما كل ينظر لنفسه.
(١) إعانة الطالبين، وبهامشها فتح المعين، جـ٤ ص٢٣٣ -٢٣٤ .
45